الاحتجاجات العراقية تفشل في ترك بصمة
بعد مرور عام كامل، وخروج الحشود الغاضبة، لم تتحقق الا القليل من المطالب.
الاحتجاجات العراقية تفشل في ترك بصمة
بعد مرور عام كامل، وخروج الحشود الغاضبة، لم تتحقق الا القليل من المطالب.
بعد مرور عام كامل على انطلاق الاحتجاجات في العراق حول نقص الخدمات وقلة فرص العمل، يشتكي المتظاهرون بعدم استجابة الحكومة لاي من مطالبهم.
بضع عشرات من المحتجين فقط احيوا ذكرى انطلاق اولى الاحتجاجات العراقية في ساحة التحرير في الخامس و العشرين من شباط هذا العام، حيث فاقت اعداد القوات الامنية العراقية اعداد الحشود بشكل كبير.
خرج الالاف من العراقيين، مستلهمين قوتهم من وحي الثورات في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، الى ساحة التحرير ببغداد يوم 25 من شباط عام 2011، مطالبين بتوفير فرص عمل وتحسين الخدمات.
في ذلك الحين كان المحتجون – واغلبهم من الناشطين الشباب ومشتركي الشبكات الاجتماعية- يأملون بدفع السلطات للاستجابة لمطالبهم.
في البداية ، كانت هناك مؤشرات بأن الامور تجري حسب ماتشتهي السفن. فقد امهل رئيس الوزراء نوري المالكي وزراءه مدة 100 يوم للاستجابة للمطالب من حيث تحسين الخدمات وتوفير فرص عمل اكبر للشباب العراقي.
بعد مرور عام كامل على ذلك، لم تحدث غير القليل من التطورات.
يقول كاظم المقدادي ، استاذ الاعلام ومحلل من بغداد: " للاسف، فشلت الاحتجاجات العراقية في احداث تغيير. انه لمن العار ان تفشل النظاهرات في بلد يفترض بان يكون ديمقراطيا،" وواصل المقدادي حديثه: "في العام الماضي، كنا نتزود بالكهرباء لمدة ثلاث ساعات يوميا. والان وبعد مرور عام على الاحتجاجات، مازلت احصل على نفس الكمية."
بالنسبة لعلي الموسوي ،مستشار الحكومة الاعلامي، فان هؤلاء المحتجين لايمثلون الشعب العراقي برمته.
"انهم مجموعة صغيرة من الناس يتضاءل عددهم اسبوعا بعد اسبوع. فهم لايمثلون الشعب العراقي،" واضاف الموسوي بان لدى الحكومة برامج من شأنها معالجة الاولويات الرئيسية.
اما بالنسبة لحيدر حمزوز، احد المدونين المعروفين ومن المراقبين الرئيسيين في الاحتجاجات الاسبوعية، فان حقيقة استمرار خروج المحتجين تعد نجاحا بحد ذاته.
"بالرغم من عدم نيلهم ماكانوا يحلمون به، الا انهم استمروا بالاحتجاج وبالحضور كل اسبوع، وهذا بحد ذاته انجاز جيد."
كما قال حمزوز الذي تعرض للضرب مرتين في العام الماضي خلال مظاهرات ساحة التحرير ببغداد، بان الحضور الضئيل للمحتجين ماهو الا نتيجة للاجراءات الامنية المشددة التي تتبناها الحكومة.
وتساءل حمزوز: " كيف يمكن لهذه الاعداد من الناس ان لاتتضاءل عندما يحاط بضع عشرات من المدنيين باكثر من 1000 عنصر من القوات الامنية المسلحة؟" ومضى حمزوز بتساؤلاته " انه منظر مرعب بالنسبة للمواطن البسيط."
في صباح كل يوم جمعة، تغلق ساحة التحرير امام حركة المركبات وتقيد حركة المشاة لتقتصر على مدخل واحد فقط، حيث يتم فرض اجراءات امنية مشددة في المنطقة.
من جانبه اصر الموسوي بان السبب الوحيد لنشر هذه القوات الامنية هو لحماية المواطنين من المفخخات والاعتداءات الارهابية.
غير ان الحكومة العراقية واجهت انتقادا بسبب ادارتها للاحتجاجات.
هذا وقد ذكرت هيومان رايتس ووتش، وهي منظمة عالمية لحقوق الانسان ومقرها نيويورك في تقريرها لعام 2012، بانه خلال الاحتجاجات العارمة التي اجتاحت العراق في 25 شباط الماضي، قتلت القوات الامنية مالايقل عن 12 محتجا واصابت اكثر من 100 في عموم ارجاء البلاد. اما في بغداد، فقد قامت القوات بضرب الصحفيين والمتظاهرين العزل ، ودمروا كاميرات التصوير وصادروا بطاقات الذاكرة.
تم اعتقال هادي المهدي، وهو صحفي اذاعي معروف –حينها- بأنتقاده للفساد الحكومي والظلم الاجتماعي، بعد مشاركته في الاحتجاجات في بغداد، حيث قامت القوات الامنية بعصب عينيه وضربه ضربا مبرحا مع ثلاثة من الصحفيين.
وفي 8 من ايلول الماضي، قام مسلحون مجهولون باطلاق الرصاص على المهدي ليرديه قتيلا في منزله ببغداد. يذكر ان المهدي كان قد تلقى سابقا مكالمات تلفونية ورسائل نصية تحذره من العودة الى ساحة التحرير. ( اقرأ مقالة بغداد تصادر نقد الخطاب الحر.)
و كانت ززارة الداخلية قد وعدت بفتح تحقيق بمقتل المهدي، غير انه لم يتم ادانة اي احد بذلك لحد الان.
ونفى الموسوي الادعاءات القائلة ان القيود التي فرضتها الحكومة كانت هي السبب وراء تضاؤل اعداد المتظاهرين ,معللا ان ذلك يعود الى فشل منظمي الاحتجاجات بتحشيد الجماهير .
وعلق بالقول: " لقد فشل المنظمون بجذب واقناع الشعب العراقي بالانضمام الى الحشود- انه خطأهم،" واضاف "فلماذا اذا يلقون باللوم على الحكومة؟"
بالنسبة لاخرين فان محتجي ساحة التحرير يفتقرون الى حسن القيادة، القضية المشتركة، والخبرة الكافية.
عن ذلك علق احد المدونين ويطلق على نفسه محمد العراقي: " كان هناك مجموعتين من ضمن هذه الحشود، يقفون في نفس البقعة رافعين شعارات عن المعتقلين. نادت احدى هذه المجموعات باطلاق سراحهم، بينما طالبت الاخرى باعدامهم."
يعتقد الباحث الاجتماعي عبد الخالق الشمري بان العراقين لم يخرجوا في احتجاجات حاشدة وذلك لانهم يدركون انها لن تجدي نفعا.
واعرب بقوله : " العراقيون لايؤمنون بأنفسهم ولا بقدرتهم على خلق تغيير،" وواصل حديثه "علمت اميركا العراقيين باأن الاخرين يحدثون التغيير ، وليس هم."
اما حمزوز فانه يعتقد بان العراقيين قادرين على ادارة مستقبلهم بالتغلب على حاجز الخوف المتراكم منذ العقود الماضية.
" انه احد الدروس التي علمها المحتجون لشعبهم في العراق."
عبير محمد- محررالعراق في معهد صحافة الحرب والسلام.