بغداد تصادر حرية نقد الخطاب الحر
جماعات حقوق الانسان غير مقتنعة باداء الحكومة لحماية حرية التعبير واراء الجماعات.
بغداد تصادر حرية نقد الخطاب الحر
جماعات حقوق الانسان غير مقتنعة باداء الحكومة لحماية حرية التعبير واراء الجماعات.
استنكرت الحكومة العراقية الاداعاءات الصادرة من منظمات حقوق الانسان بشأن تردي حرية التعبير عن الرأى من سىء الى اسوء، وبان الشرطة لاتكفل هذا الحق الا للتجمعات العامة.
في تقريرها لعام 2012، صرحت منظمة هيومان رايتس واتش لحقوق الانسان ومقرها نيويورك بان الاوضاع في العراق " بقيت سيئة للغاية، ولاسيما بالنسبة للصحفيين والناشطين." اما بالنسبة لمؤسسة مراسلون بلا حدود والتي تعنى بالدفاع عن حقوق الصحافة، فقد تراجع مؤشر حرية الصحافة في العراق لديها في تقريرها الاخير ليحتل العراق المركز 152 من اصل 179 دولة، وبذلك تراجع عن مرتبته السابقة حيث كان في المركز 130.
اما بالنسبة لمنطقة العفو الدولية، فقد اتهمت العراق ايضا بفشله في حماية الصحافة.
استنكرت بغداد جميع الاتهامات واصفة ايها بالغير دقيقة واللاعادلة.
حيث قال علي الموسوي، المستشار الاعلامي للحكومة العراقية: " ان مثل هذه التقارير غير صحيحة وغير حيادية."
واوضح الموسوي ان الاصوات المعارضة للحكومة تظهر بصورة مستمرة في وسائل الاعلام.
"يظهرون على القنوات الفضائية ومحطات التلفاز، ولاينتقدون الحكومة فحسب بل يوجهون انتقادات لاذعة ضدها، و يصل كلامهم احيانا حد الشتم" وواصل الحديث " يتظاهر المحتجون كل اسبوع. يتمتع العراقيون الان بمساحة اكبر من الحرية".
بينما دحض محمد شياع السوداني، وزير حقوق الانسان في العراق ، هذه الاتهامات مصرحا للمراسلين بان التقارير يجب ان تستند الى "مصادر دقيقة".
وواصل الموسوي القول: " يتمتع العراقيون بحرية اكثر من اي بلد عربي اخر،" واضاف "لدينا حرية مفرطة عن الحد، وليس حرية مقيدة، مما يؤدي الى خلق حالة من الفوضى."
بحسب مراسلون بلا حدود رغم التحسن الذي شهده العراق لبضع سنوات، فقد تراجع تصنيفه في حرية الصحافة هذا العام ليعود الى ماكان عليه في عام 2008 نظرا لزيادة حالات قتل الصحفيين.
بحسب تقرير المنظمة "شكل مقتل هادي المهدي في الثامن من ايلول نقطة انعطافة واضحة في هذا المجال."
هذا وقد تم اغتيال هادي المهدي، وهو صحفي اذاعي مشهور،كان غالبا ماينتقد فساد الحكومة وغياب العدالة الاجتماعية، على يد مجهولين في الثامن من ايلول في منزله ببغداد.
وقد صرحت الحكومة انذاك بان مقتله كان بدافع اجرامي ولا علاقة له بعمله كصحفي.
بالرغم من ازدهار الصحافة عقب سقوط نظام صدام حسين منذ تسعة سنوات، فان لجنة حماية الصحفيين ومقرها نيويورك تقول : " بقي العراق في عام 2011 واحدا من اكثر البلدان خطورة في العالم بالنسبة للعمل الصحفي، فقد قتلت الجماعات المسلحة والمجهولة مالايقل عن 5 صحفيين واعلامي واحد."
كما شملت هجمات العام الماضي وبالتحديد في العشرين من شباط اعتداءا على محطة ناليا للاذاعة والتلفزيون الخاصة في المنطقة الكردية، عندما هاجم العشرات من الملثمين المحطة ليقتلوا احد حراس الامن ويضرموا النار في المبنى.
وفي الثالث والعشرين من شباط، داهمت قوات الامن العراقية مرصد الحريات الصحفية، والذي يعنى بحرية الصحافة ومقره بغداد، و تم مصادرة اجهزة الكومبيوتر الخاصة بالمرصد وبعض التجهيزات الاخرى ليتركوه في حالة فوضى عارمة.
بالرغم من قانون الصحافة الجديد الذي تم اقراره العام الماضي والذي يهدف الى حماية حقوق الاعلاميين وتعويضهم عن الاصابات اثناء اداء الواجب، يؤكد النقاد بان القانون لم يضمن حماية كافية للصحفيين.
كما اتهم تقرير منظمة هيومان رايتس واتش كلا من الحكومة الفدرالية في العراق والسلطات في اقليم كردستان بقمع حرية الراي العام.
وذكرت المنظمة في التقرير الذي اوردته بانه عندما خرج العراقيون في تظاهرات جابت الشوارع للمطالبة بتحسين الخدمات " استخدمت القوات الامنية والعصابات العنف والتهديدات كرد على ذلك."
وقعت التظاهرات في العراق في شباط من عام 2011، بالتزامن مع ثورات الربيع العربي التي اكتسحت البلدان العربية. على العكس من مطالب المتظاهرين في البلدان الاخرى الذين دعوا رؤوسائهم للتنحي، فقد طالب العراقيون في تظاهراتهم بتحسين الخدمات ووضع حد للفساد.
و على الرغم من ذلك، ، فقد قتلت القوات الامنية خلال التظاهرات التي عمت ارجاء البلاد في الخامس والعشرين من شباط من العام الماضي ، على سبيل المثال، مالايقل عن 12 متظاهرا في ارجاء البلاد واصابت اكثر من 100، بحسب منظمة هيومان رايتس واتش لحقوق الانسان.
وفي تقرير سابق لمعهد صحافة الحرب والسلام، فقد افاد متظاهرون بانهم قد تعرضوا للترهيب والضرب. ( اقرأ مقالة : اتحاد جديد لحماية المدونين العراقيين.)
كما افاد حيدر حمزوز، احد المدونين العراقيين المعروفين، لمعهد صحافة الحرب والسلام بانه تعرض للضرب مرتين خلال العام الماضي اثناء حضوره التظاهرات التي عمت ساحة التحرير ببغداد.
وقال حمزوز بانه كان ينشر تفاصيل اعتداءات القوات الامنية على المتظاهرين بصورة مباشرة على موقع توتر للتواصل الاجتماعي في تظاهرة وقعت في شهر نيسان عندما قام بضعة رجال بالهجوم عليه وضربه ضربا مبرحا قبل ان يسرقوا جهاز الجوال الذي كان يستخدمه.
تعرض حمزوز للضرب مرة ثانية في تظاهرة حاشدة اخرى في شهر حزيران، عندما حاول المعتدون اخد هاتفه الجوال مرة اخرى غير انه تم ايقافهم من قبل متظاهرين اخرين.
نفى المسؤولون الحكوميون قيام السلطات بحملة ضد المتظاهرين، مجادلين بالقول ان السلطات الامنية، في الواقع، انتشرت لحماية المتظاهرين.
حيث علق الموسوي عن ذلك بقوله: " يقوم المتظاهرون بالتظاهر في ساحة التحرير كل اسبوع، وتقوم الحكومة بارسال قواتها الى هناك كل اسبوع لحمايتهم،" وواصل "لم يتم احتجاز اي صحفي من قبل الحكومة."
رحب دعاة حرية وسائل الاعلام بالتقارير التي اطلقتها المنظمات الدولية، قائلين بانها لفتت انتباه الراي العام للانتهاكات التي ترتكب لكي يتم معالجتها بصورة صحيحة.
في اطار ذلك علق هادي جلو مرعي، رئيس مرصد الحريات الصحفية، بالقول "نتمنى لو ان الحكومة اظهرت رد فعل مختلف بخصوص هذه التقارير- كأن تقول على سبيل المثال بانها ستاخذ هذه التقارير بنظر الاعتبار وستعمل على تجنب الانتهاكات التي تم الاشارة اليها،" وواصل الحديث "مثل هذه الانتقادات هي بمثابة اشارة تحذير لنا عن الاخطاء التي قد نرتكبها، حيث تساعدنا على تجنبها في مسيرتنا لبناء عراق جديد."
خالد وليد، صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام في العراق. عبير محمد، محررة المعهد، ساهمت في اعداد هذا التقرير.