تحول جديد في قضية زيارة اسرائيل
قد لا يواجه السياسي المطرود المحاكمة بسبب رحلته "غير القانونية" الى اسرائيل بعد طرد القاضي الذي وجه الاتهام اليه
تحول جديد في قضية زيارة اسرائيل
قد لا يواجه السياسي المطرود المحاكمة بسبب رحلته "غير القانونية" الى اسرائيل بعد طرد القاضي الذي وجه الاتهام اليه
ان قضية السياسي العراقي مثال الآلوسي الذي طرد من حزبه ويواجه حالياً اتهامات جنائية بعد زيارة غير مسموح بها الى اسرائيل، اتخذت منحى آخر هذا الأسبوع عندما تم طرد القاضي الذي كان وراء اثارة القضية ضده.
ان الآلوسي، الذي كان سابقاً أحد الأعضاء الكبار في حزب أحمد الجلبي: المؤتمر الوطني العراقي، قد صدرت بحقه مذكرة توقيف من قاض عراقي رفيع المستوى هو زهير المالكي، وذلك بعد عودته من مؤتمر دولي ضد الارهاب عقد في تل أبيب الشهر الماضي. والتهمة هي القيام بزيارة "دولة عدوة" على الرغم من ان القانون المؤقت النافذ حالياً لا يعرف اسرائيل كدولة معادية، إلا ان نصاً في لوائح قانون صدام حسين يعرفها على هذا النحو.
وقبل الزيارة، قاد الآلوسي حملة اصطياد لأعضاء نظام صدام من خلال منصبه كرئيس للهيئة الوطنية لاجتثاث البعث.
وجاءت زيارته بعد المصافحة المثيرة للجدل لرئيس الوزراء أياد علاوي مع وزير الخارجية الاسرائيلي سيلفان شالوم أثناء اجتماع في الأمم المتحدة في نيويورك في بداية أيلول، مما أدى الى اثارة القلق في البلاد من احتمال قيام الحكومة بمحاولة وضع نهاية للعداوة الطويلة بين اسرائيل والعراق ـ وهذا افتراض نفته السلطات بشدة.
وقامت وسائل الاعلام العراقية بادانة الزيارة على نطاق واسع، في حين سعت الحكومة الى ابعاد نفسها من قرار الآلوسي بالسفر لحضور المؤتمر. وقال رئيس الوزراء ان الآلوسي لم يكن يمثل الحكومة على الاطلاق.
وكان الآلوسي قد ذكر النقطة نفسها في مقابلة مع صحيفة اسرائيلية نشرت أثناء وجوده في تل أبيب لحضور المؤتمر، قائلاً انه قام بالزيارة بشكل مستقل وانه لا يمثل الحكومة ولا الحزب الذي ينتمي اليه.
وقال في المقابلة الصحفية "فكرت مليون مرة قبل الاقدام على الزيارة الى "تل أبيب". كنت أعرف ان اني سأتعرض الى هجوم اعلامي، واني سأدان حتى اني قد أتسلم تهديدات بالموت.
لكني فخور باني أعمل في العلن ولا أعتقد ان أولئك الذين قاموا بزيارات سرية بمقدورهم ان يفعلوا مثلما فعلت أنا".
وعلى الرغم من الضجيج الذي سببته مشاركته في المؤتمر، قال الآلوسي لاحقاً انه شعر بان المسألة تستحق ما قام به "نحن نتعامل مع الأمن القومي للعراق، واسرائيل هي أكبر حليف لأمريكا في المنطقة لذلك كيف يمكن ان نفوز مع أمريكا والعالم الديمقراطي في حين ما نزال نرفض وجود اسرائيل".
ووصف الانتقادات التي وجهت الى زيارته بانها "ضعيفة ومنطق غوغاء".
وقال الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر الوطني العراقي حيدر الموسوي ان قرار طرد الآلوسي قد اتخذ لأنه قام بالزيارة دون التشاور مع قيادة الحزب.
في حين يزعم الآلوسي، الذي يقول انه استقال من الحزب، انه تشاور تقريباً مع كل عضو في اللجنة القيادية مسبقاً وانه استقبل مستويات متنوعة من المساندة لزيارته.
وبعد توجيه الاتهامات الجنائية ضده أجرى الآلوسي مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط" اليومية التي ذكر فيها انه يعتقد ان حياته تصبح في خطر ادا ما أودع الاعتقال، وان أصدقاءه قد حذروه فعلاً ونصحوه بالهرب من البلاد، ولكن، مع ذلك يعتقد المحللون في الداخل انهم يشكون بوجود أي خطر حقيقي على حياته.
وفي المقابلة التي نشرت أوئل هذا الشهر، عبر الآلوسي عن غضبه من الطريقة التي عومل فيها، متهماً المخابرات وحنى رفاقه السابقين في حزب المؤتمر الوطني العراقي بالتآمر لتلفيق التهم ضده، وحذر من انه لو وضع في قفص الاتهام، فانه سيكشف عن "كل شيء".
وقال "سأوضح كيف يتم صنع القرارات السياسية وكيف عقدت القيادة سلسلة من التحالفات مع ايران، مدعياً وجود ارتباطات للمؤتمر الوطني مع الجماعات الموالية لايران العاملة داخل العراق.
وادعى السياسي أيضاً ان شخصيات هامة قد قامت فعلاً بزيارات سرية الى اسرائيل. ومع انه رفض ان يشخص اياً منهم بالاسم لكنه لمح بقوة الى ان الثلاثي القيادي في حزب المؤتمر الوطني العراقي: أحمد الجلبي ونبيل الموسوي وحيدر الموسوي هم الذين قاموا بمثل هذه الزيارات السرية.
وفي تصريح خاص بمعهد صحافة الحرب والسلام قال الآلوسي ان الحكومة والقضاء العراقيين سيحرجان نفسيهما اذا ما عاقباه لزيارته لاسرائيل، موضحاً بانه سيتعين عليهما بعد ذلك ان يتعاملا مع عشرات الآلاف من العراقيين الذين زاروا ايران، والتي تعد، في ظل غياب اتفاقية سلام موقعة بعد حرب 1980 ـ 1988 في حالة حرب مع العراق.
وعلق قائلاً "ان أحزاب المعارضة في سنوات نضالها ضد الرئيس السابق صدام حسين ونظامه لم تكن تهدف فقط الى اطاحة صدام من السلطة، ولكن أيضاً من أجل السماح للعراقيين بالعيش بسلام مع جيرانهم."
وحتى اولئك الذين يؤيدون بهدوء اقامة علاقة فاعلة مع اسرائيل يرون ان رحلة الآلوسي العلنية سابقة لأوانها, وقد طرحت السؤال المتفجر عن الصراع الطويل بين البلدين في وقت يسود فيه الاضطراب الكبير في المؤسسة السياسية العراقية.
مع ذلك، يتوقع بعض المحللين السياسيين انه في ضوء تنحية القاضي المالكي فان القضية ضد الآلوسي قد لا ترفع أبداً أمام أية محكمة.
والمالكي، خريج جديد من كلية القانون، عمل كمترجم لدى رئيس ادارة سلطة التحالف المؤقتة السابقة، بول بريمر، الذي منحه ترقية بعد فترة ليشغل منصب رئيس القضاء التحقيقي في محكمة الجرائم المركزية. وكسب المالكي من خلال ذلك المنصب الشهرة وذلك بتوجيهه الاتهامات الى العديد من الساسة العراقيين بما في ذلك اثنين من الوزراء. وكانت التهم تمتد من الاختلاس الى القتل، وشمل ذلك أحمد الجلبي رئيس حزب المؤتمر الوطني العراقي وابن أخيه سالم، الذي كان يترأس المحكمة الخاصة التي شكلت لمحاكمة صدام، ووزير الداخلية فلاح النقيب ومدير المخابرات محمد الشهواني وقائد حزب الله العراقي عبد الكريم المحمداوي.
ان مذكرة التوقيف التي اصدرها المالكي ضد أحمد الجلبي في آب التي تتهمه بحيازة عملة عراقية مزورة قد أسقطت بعد تدخل الحكومة في القضية.
ويقف وزير العدل مع وجهة النظر التي تقول بان المالكي قد تجاوز القانون، وقد هدد الوزير بالاستقالة اذا لم يتصرف مجلس الوزراء لوضح حد للقاضي. وتحركت الحكومة هذا الأسبوع وصرفت المالكي من الخدمة.
ان تنحيته التي يرى معظم المحللين انها جزء من الصراع المستمر بين الكتل السياسية الرئيسة في العراق، يمكن ان تفتح الطريق بهدوء لاسقاط التهم الموجهة الى الآلوسي، وأما اذا كان هذا سيؤدي الى تجديد الدوافع لبناء روابط مع اسرائيل فهو أمر ما يزال غير واضح تماماً.
*علي الياسري ـ صحفي من العراق