البقاء في ايران
لا يجد مئات الالآف من العراقيين الذين فروا من البعثيين في العراق إلا القليل مما لديهم لكي يعودوا، حتى لو كانت الحياة صعبة في ايران.
البقاء في ايران
لا يجد مئات الالآف من العراقيين الذين فروا من البعثيين في العراق إلا القليل مما لديهم لكي يعودوا، حتى لو كانت الحياة صعبة في ايران.
يعيش رحيم محمد اللامي في معسكر تحت ادارة فيلق بدر الذي تشكل من المهاجرين العراقيين بدعم ايراني.
وتعد ثكنات المعسكر بمثابة السكن الوحيد الذي يستطيع اللامي ان يوفره لنفسه بالراتب الذي يدفعه له الفيلق والبالغ (600) ألف تومان بما يعادل (100) دولار أمريكي شهرياً.
ان الخدمة في القيلق هي العمل الوحيد المتاح امام اللامي منذ ان جاء الى هنا كأسير قبل (20) سنة، لأن القوانين الايرانية تمنعه من القيام بأي عمل.
وما يزال اللامي وهو في الثانية والأربعين من عمره ويسكن في غرف المعسكر لا يجد المكان الملائم لإقامة أسرة. ويقول "أشعر باني عديم الفائدة في المجتمع."
وكان سقوط صدام حسين يعني ان اللامي قد أصبح حراً في العودة الى العراق, إلا انه على الرغم من كل شيء، اختار الحياة في ايران على العودة الى وطنه الذي يعج بالمخاطر.
وقال لمندوب معهد صحافة الحرب والسلام "لقد عشت في ايران بسلام لمدة عشرين عاماً، وقد اعتدت على العيش هنا بأمان، بلا تفجيرات ولا اختطاف ولا قتل."
ان حالة اللامي مشابهة لحالة عشرات الآلاف من العراقيين الآخرين الذين يعيشون الآن كلاجئين في ايران. ومع انهم يواجهون تقييدات قانونية في مجال العمل والعيش بشكل طبيعي، فانهم يعتقدون بعدم وجود شيء لديهم هناك في العراق.
اضافة الى العمل في فيلق بدر، فقد وجد البعض منهم عملاً كباعة متجولين في الشوارع، فيما يقوم آخرون بتدريس اللغة العربية او يديرون أعمالاً صغيرة مسجلة باسماء شركائهم من الايرانيين.
أما كريم حسن هاشم اللاجيء السياسي والطالب السابق في كلية الشريعة البالغ من العمر (35) سنة فقد استطاع ان يلتحق بمعهد ديني ايراني، ومع منحته الدراسية والأجور التي يتقاضاها من المقالاات التي ينشرها في الصحف العربية، استطاع ان يكسب راتباً صغيراً، لكنه ما يزال غير كاف لكي يعينه على الزواج.
وقال "بعد أربع سنوات (من وصوله الى ايران) أجرت بيتاً متواضعاً، إلا ان مسألة الزواج لما تحسم بعد. لذلك تخليت عن الزواج وقنعت بحياة العزوبية دون ان أفكر بالغد."
ولعل أسوأ حالة للعراقيين تتجسد باللاجئين الذين رحلهتم الحكومة العراقية خلال حملتها التي جردت الشيعة العراقيين من التبعية الايرانية من جنسيتهم وأملاكهم. وهم ليس مثل الذين وصلوا بعدهم كأسرى الحرب او اللاجئين. هؤلاء الناس لا يملكون خيار الالتحاق بفيلق بدر الذي يؤمن لهم في الأقل السكن والراتب الصغير وخدمات بسيطة مثل الخدمات الصحية.
وقال محمد كاظم الموسوي وعمره (65) سنة والذي فقد بيته ومزرعته في ريف العراق الجنوبي عندما أجبرته الحكومة على مغادرة العراق عام 1979 "كنت تاجراً كبيراً"، ويضيف انه الآن يعيش مع زوجنه وبناته الخمسة في غرفة واحدة وينفق من دخل ابنته التي استطاعت اكتساب الجنسية الايرانية.
ومع ذلك يقول انه لا يرغب في العودة الى الوطن "ليس لدي ما أفعله في العراق ماداموا قد صادروا أملاكي."
ويقول المسؤولون الايرانيون ان من الصعوبة بمكان أمام الايرانيين الحصول على أعمال، فما بالك بمئات الآلاف من اللاجئين في وسطهم.
وقال مصطفى كاهريزي وهو موظف عمره (36) سنة في دائرة اللاجئين الحكومية الايرانية "ان ايران تعاني من مشكلة البطالة، كما ان منظمات المساعدات الدولية لا تقدم المساعدات الى ايران من أجل مساعدة اللاجئين، بينما يوجد في ايران أكثر من مليون لاجئ أفغاني اضافة الى (100) ألف لاجئ عراقي تقريباً. اذن، كيف يمكن لايران ان تقدم المساعدة الى مثل هذا العدد الكبير؟"
*حسين علي ـ قم/ايران