صحفيون يستنكرون الاعلام المنحاز في العراق
يقولون بان تسيس الصحافة في البلاد يقوض استقلاليتها
صحفيون يستنكرون الاعلام المنحاز في العراق
يقولون بان تسيس الصحافة في البلاد يقوض استقلاليتها
عبير محمد (تقرير الازمة العراقية رقم. 361، 6 كانون الاول- ديسمبر 2010)
حذر صحفيون من ان تعاظم الطبيعة الحزبية في الاعلام العراقي يعمل على قمع تغطية اعلامية عادلة ونزيهة للقضايا السياسية في البلاد.
ويقولون بان السياسيين في البلاد باتوا يدركون قوة وسائل الاعلام، وهم يسعون الى السيطرة عليها، من خلال وضع القيود على الصحافة المتوازنة والمهنية.
"لا توجد مؤسسة اعلامية مستقلة في العراق. لا يمكنني ان أشير الى اي قناة تلفزيونية او صحيفة واقول "هذه القناة او الصحيفة مستقلة". فجميعها ينتمي اما الى حزب سياسي او ديني" يقول هادي جلو مرعي، مدير مرصد الحريات الصحفية JFOفي بغداد، وهو مؤسسة مستقلة تعنى بالدفاع عن حقوق الاعلام، وشريك لمعهد صحافة الحرب والسلام.
ومع ظهور الخلافات السياسية في الوسائل الاعلامية الحزبية المتنافسة، يقول مراسلون ومحررون محليون بان مؤسساتهم الاعلامية تفرض قوانين مشددة على التغطية، دون ادنى اعتبار للالتزام الاخلاقي للصحفيين بالحيادية.
ومع ان الكثير من وكالات الاخبار المحلية مرتبطة او ممولة من قبل الاحزاب السياسية، يقول المراقبون بان هناك ثقافة سائدة حيث ان الاعلام المرتبط بجماعة معينة يقدم تناولاً ايجابياً لقادتها بينما ينتقد خصومها.
ويشعر بعض كبار الصحفيين والخبراء الاعلاميين بان الصحافة العراقية لن تكون في مستوى المعايير المهنية ما لم ينبثق اعلام مستقل حقيقي.
ويقول صحفيون بان المشكلة تفاقمت خصوصاً خلال الحملة الانتخابية لهذا العام، واثناء شهور المفاوضات التي أعقبتها. "يدعم كل مؤسسة اخبارية، باستثناء بعض المؤسسات الاخبارية الدولية، حزباً او سياسياً بعينه" يقول علي رمضان، المراسل في قناة الرشيد الفضائية، وهي أحدى القنوات التلفزيونية المحلية ذات خبرة.
" أظهر اداء الاعلام المحلي خلال انتخابات السابع من آذار الماضي والفترة التي أعقبتها، بان الصحافة ليست أكثر من أداة في يد الأحزاب السياسية العراقية للحصول على المناصب التي يريدونها، اذ كان معظم وسائل الاعلام المحلية تذيع اوتنشر شائعات نيابة عن مناصريها السياسيين".
ويقول المصور التلفزيوني وسام، الذي عرفنا باسمه الأول فقط خوفاً من فقدانه لوظيفته، بانه على الرغم من ان الدستورالعراقي يكفل الاعلام الحر، إلا ان هذا لا يعني ان المبدأ قد خضع للتطبيق.
"يجب ان تكون اصوات الشعب في وسائل الاعلام المحلية هي التي تحمل السياسيين المسؤولية، وتقوم بتصحيح العملية السياسية، لكن ما نراه هنا -في العراق- هو ان الاعلام ينطق بلسان الاحزاب السياسية وهو اداة لخداع الشعب" يقول وسام.
ويقول عدد من الصحفيين بان سوق العمل والمشاكل المالية تملي عليهم ان يلتزموا بنوعيات محددة من التغطية الاعلامية والتي يطلبها اصحاب العمل.
"حين استلم راتبي من اي رجل، فحينها لن اكون قادرة على القول بانه على خطأ" تقول اسراء علي، التي تعمل كمراسلة لأحدى محطات الراديو المحلية في بغداد.
وأوضح أحد المراسلين العراقيين، الذي رفض الكشف عن اسمه او اسم المؤسسة التي يعمل فيها، تفاصيل الطريقة التي يتم بها صياغة سياسة العمل في مكتبه. "كان محررنا يجبرنا على كتابة مواضيع ضد أحد الاحزاب السياسية" يقول الصحفي. " وحين كنت أعد موضوعاً ما كان يأمرني بمقابلة أشخاص يلقون باللائمة على هذا الحزب، وليس نشر آراء الناس الذين يؤيدونه".
ويكافح صحفيون آخرون من أجل الحفاظ على موضوعيتهم، بالرغم من الظروف السياسية التي تملي عليهم ماهية وكيفية كتابة تقاريرهم عن الاحداث.
"على الرغم من انني اعمل في مؤسسة اعلامية غير مستقلة سياسياً، فأنا أبذل مابوسعي لكي أكون غير منحازة الى اي حزب سياسي" تقول نسرين علي، التي تعمل مراسلة تلفزيونية في قناة الفرات الفضائية التي يمولها المجلس الاعلى الاسلامي في العراق.
"اذا قمت بعملي بشكل مهني، وهو نقل الاخبار، فعندها لا أزعج مؤسستي أو آخرين. وهكذا أستطيع ان احافظ على التوازن بين الحزب الذي يدعم مؤسستي وبقية الاحزاب السياسية".
ويقول مراسل صحيفة نيويورك تايمز، خالد علي، بان تسيس الاعلام ينبع من فهم السياسيين المتزايد للنفوذ الذي يمكن ان يمارسه الاعلام.
"يهتم السياسيون في الوقت الحاضر بالاعلام لانهم خبروا قوته. لقد تعلموا من الانتخابات السابقة بان الاعلام هو وسيلتهم الوحيدة للوصول الى المجتمع، وبانه طريقتهم الوحيدة للفوز بقلوب الناس". قال علي.
لكن السياسيين يميلون الى التعاون فقط مع وسائل الاعلام التي يعرفون بانها تؤيدهم او تتعاطف معهم.
"وهذا امر بسيط، اذ يكون بعض السياسيين لطفاء مع مؤسساتهم الاعلامية، وغلظاء مع مؤسسات اخرى" تقول نسرين علي من قناة الفرات الفضائية. " وقد يكون من الصعب الحصول على المعلومات التي نريدها. فقد رفض أعضاء من حزب معين، ولا أحبذ الكشف هنا عن الاسماء، التحدث الي او لقناتي في الوقت الذي كان لديهم خلاف مع الحزب الذي يدعم مؤسستي".
"وانا القي باللائمة على الصحفيين الذين يمارسون الانحياز في تقاريرهم. واذا كان جميع الصحفيين حياديين وغير منحازين آنذاك سيتعلم الساسة معاملتهم بتساوٍ".
وترى هبة السوداني التي تعمل كمراسلة في راديو جمهورية العراق الذي تديره الجكومة، بان الاعلام ما زال يملك السلطة في احداث التغيير وابلاغ الناس المعلومات.
" الصحفي أقوى من السياسي" تقول السوداني، " واذا أدينا عملنا بطريقة مهنية فاننا سنرغم المسؤليين على الامتثال لقوانينا، وليس علينا ان نلعب بحسب قوانينهم".
عبير محمد محررة الاخبار المحلية في معهد صحافة الحرب والسلام في بغداد.