لعبة الدومينو السياسية

ما يزال المشهد العراقي ما فبل الانتخابات يتشكل في تحالفات قوية لما تتبلور بعد

لعبة الدومينو السياسية

ما يزال المشهد العراقي ما فبل الانتخابات يتشكل في تحالفات قوية لما تتبلور بعد

Tuesday, 22 February, 2005

لقد بدأت الملامح الأساسية للتحالفات السياسية الممكنة في الظهور قبل انتخابات العراق في كانون الثاني، مع ان الأحزاب تبدو مترددة في الالتزام بأي شيء في هذه المرحلة.


وقد تم حتى الآن تسجيل (150) حزباً وتجمعاً للمشاركة في انتخاب مجلس وطني انتقالي ستكون مهمته الرئيسة وضع الدستور الدائم الذي سيعرض بدوره على الاستفتاء عند نهاية السنة المقبلة.


ويبدو ان المرشحين الشيعة منقسمون في مجموعتين رئيستين: تضم الأولى حزبي الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق، مع عدد من الأحزاب المشاركة في الحكومة المؤقتة الحالية التي اتفقت على قضايا كافية لتشكيل قائمة واحدة في الانتخابات.


أما ممثلي السيستاني، فانهم، ومنذ صدور اعلانه عن الانتخابات، أخذوا يؤكدون في المساجد الشيعية في أرجاء البلاد على أهمية الانتخابات. وعلى الرغم من هذا، فان الأمين العام لحزب الدعوة ـ نائب الرئيس العراقي ـ ابراهيم الجعفري، عبر عن شكوكه فيما اذا كانت الانتخابات المقبلة ستعقد بنزاهة. وحزب الدعوة هو أيضاً جزء من التجمع الشيعي الآخر الذي شكل من (13) حزباً من بينها حزب المؤتمر الوطني العراقي برئاسة ولد البنتاغون المدلل سابقاً أحمد الجلبي وحزب الدعوة الاسلامية (وهو غير حزب الدعوة) الذي يمثله عز الدين البراك والشيخ عبد الكريم الماهود، وكلاهما عضوان سابقان في مجلس الحكم المنحل.


وفيما يبدو ان شيعة العراق يدعمون الانتخابات على نطاق واسع، فان ثمة أصوات منشقة. وفي هذا الاتجاه، قال جواد البولاني المتحدث باسم المجلس السياسي الشيعي المتنفذ انه يعتقد ان الآلية التي جرى اختيارها للانتخابات لا تحقق العدالة، والعملية بأكملها تجري لتناسب الجدول الزمني الأمريكي وليس العراقي.


وقال "ان الناخبين سيجبرون على التصويت على قائمة واحدة تغطي العراق من الشمال الى الجنوب. وهذا ضد الديمقراطية ويحرم العراقيين من حقهم في اختيار ممثليهم الحقيقيين. انها خطوة متعجلة فرضها الأمريكان."


ولكن، وعلى وفق ما يذكره الجعفري، فان العملية الانتخابية تتناسب مع الوضع الحالي في العراق.


أما رجل الدين الشيعي المثير للجدل مقتدى الصدر والذي اختلف مرات عديدة مع المراجع الشيعية القائمة، فقد أعلن مؤخراً أيضاً نيته لتسمية مرشحين في الانتخابات. ومع ان جماعته لم تصدر بيانات أخرى، فان المراقبين يعتقدون انه حريص على استقطاب الجماعات السياسية المعارضة، التي لم تتعاون مع الاحتلال الأمريكي وليست طرفاً في الحكومة المؤقتة.


ان تلك الأحزاب الصغيرة، بالمقابل، تسعى للاستفادة مما تتصوره الدعم الشامل الذي يتمتع به رجل الدين مقتدى الصدر البالغ من العمر (31) سنة في صفوف فقراء العراق.


لكن ثمة أصوات منشقة هنا أيضاً، ومن أبرزها الشيخ محمود الحسني، الشخصية المرموقة في التيار الصدري، والذي أصدر بياناً وزع في المدن الشيعية، يحرم فيه أية مشاركة في الانتخابات. وقد يكون لدى الحسني سبباً جيداً يدفعه لاتخاذ هذا الموقف الشخصي ضد الانتخابات، فهو في الحقيقة مطلوب من التحالف الذي أصدر بحقه مذكرة توقيف منذ (6) أشهر.


وعلى صعيد الشمال، فان الأحزاب الكردية التي ستتنافس بشكل عفوي في انتخاباتهم الاقليمية الخاصة بهم، يظهر انها قد قررت ان تكون ممثلة في قائمة واحدة في الانتخابات الوطنية.


وسيكون على رأس القائمة الحزبان الرئيسان في المنطقة: الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني اللذين مثلا بشكل جيد في الحكومة المؤقتة.


ويعتقد المراقبون ان القائمة الكردية سيجري توسيعها في النهاية لتشمل الأحزاب العلمانية الأخرى مثل الحزب الشيوعي العراقي، والتجمع الوطني بقيادة المرشح السابق لرئاسة الجمهورية عدنان الباججي، والحزب الوطني الديمراطي الذي ير أسه نصير الجادرجي، والحركة الاشتراكية العربية بقيادة عبد الاله النصراوي.


أما ما سيحدث للسنة العرب العراقيين: القوميون والاسلاميون المتطرفون المتحصنون في المثلث السني، فتلك قصة أخرى.


في الوقت الحاضر، فان الجماعات السنية تدعو لمقاطعة الانتخابات، وهذا يشكل بصورة عامة رد فعل على العمليات العسكرية المستمرة في الفلوجة.


ان أكثر المنظمات السنية نفوذاً في العراق، هي هيئة علماء المسلمين التي أعلنت ان موقفها من الانتخابات سيعتمد على نتيجة مؤتمر شرم الشيخ حيث يناقش زعماء العالم موضوع العراق.


والحزب الاسلامي العراقي السني، الذي يعد امتداداً للاخوان المسلمين، فقد انسحب من الحكومة الحالية احتجاجاً على الهجمات التي تقودها الولايات المتحدة على الفلوجة.


لكن عضو الحزب الوحيد في الحكومة، وزير الصناعة حاجم الحسني رفض الاستقالة من منصبه قائلاً ان مستقبل العراق أهم من قضية منفردة.


وعن مقدار الشوط الذي يمكن لقيادة البلاد ان تقطعه، فان رئيس الوزراء أياد علاوي، عضو حزب الوفاق الوطني العراقي يعد مرشحاً قوياً ليبقى كرئيس للحكومة بعد الانتخابات. ولا مناص أمامه سوى ان يقوم بالعمل الشاق ليقود تحالفاً لحركات وطنية ودينية غير متناسقة، اضافة الى مجموعة متناثرة من المرشحين المستقلين، مثل رجل الدين الشيعي المعتدل حسين الصدر الذي نال اعجاب الأمريكان، وتأييد الشيعة المستقلين.


وفي المناخ الحالي الغامض، فان الكثير يمكن ان يتغير على امتداد الشهرين المقبلين، قبل ان تجري الانتخابات فعلاً.


ومع المزيد من العمليات العسكرية المقبلة، فما على العراقيين سوى ان ينتظروا الى ان تنجلي الأمور قبل ان يتبينوا طريقهم عبر منظر سياسي ما زال في طور التكوين.


*علي الياسي ـ متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام


Iraqi Kurdistan, Iraq
Frontline Updates
Support local journalists