نزاعات الملكية تغذي التوتر في كركوك
المالكين الاكراد والمستوطنين العرب يبحثون عن طرق ودية لحل المشاكل
نزاعات الملكية تغذي التوتر في كركوك
المالكين الاكراد والمستوطنين العرب يبحثون عن طرق ودية لحل المشاكل
قبل سنتين مضتا، استقر رعد محمد, الذي كان في حينها موظف مدني في جنوب العراق،في مدينة كركوك الشمالية, بعد ان قرأ اعلاناً في دائرة التسجيل العراقي المحلية يعرض داراً مساحتها (400) متر مربع للايجار من الدولة.
وأخذ رعد تلك الدار على الرغم من ان أرضيتها لم تكن كاملة, والجدران الداخليةغير مطلية, والجدار الأمامي على وشك الانهيار.
ولذلك أنفق رعد (1,5) مليون دينار لترميم الدار, وعاش فيها منذ خريف 2002 وحتى صيف عام 2003.
وبعد ذلك جاء مالك البيت الأصلي يطرق باب الدار. ومثل العديد من سكان كركوك الكورد, فان الأخ صباح قد اعتبر أثناء النظام السابق منتهكاً للقوانين.
وقال صباح انه اتهم باقامة علاقات مع حكومة ايران, وأجبر على الهرب من كركوك, ثم صودرت أملاكه.
ان الخلاف بين رعد وصباح هو واحد من العديد من النزاعات القائمة في شمال العراق, حيث طرد عشرات الآلاف من الكرد والتركمان وغيرهم من غير العرب أثناء حملة التعريب التي نفذها نظام البعث.
وكان الهدف هو تغيير التوازن العرقي في المدينة الغنية بالنفط, وذلك بجلب العرب, العديد منهم من شيعة الجنوب المعدمين, لاحتلال منازل السكان المطرودين المصادرة.
ولم يجر حل الخلافات الناجمة بصورة ودية دائماً.
وبعد حرب السنة الماضية، هربت آلاف العوائل العربية نحو الجنوب، وادعى بعضها ان اللاجئين الكرد العائدين ومقاتلي البيشمركة قد طردوهم.
وقد دان الزعماء الكورد هذا العمل.
وتغذي الخلافات في قضايا الملكية هذه التوترات العرقية في كركوك التي يعدها العديد من الكرد جزءاً من كردستان الفيدرالية وهو ادعاء يرفضه الكثير من العرب والتركمان في المدينة.
وتتعرض كركوك للتمزق بعمليات الاغتيال والتفجيرات وأعمال العنف الأخرى منذ سقوط النظام.
ومع ذلك فان أصحاب العقارات الكرد والساكنين العرب الى جانب المسؤولين في التحالف وفي الحكومة العراقية، يبحثون عن أساليب ودية لحل هذه النزاعات.
والأخ (الكاكه) صباح وهو شيخ قليل الكلام يعتمر لفافة الرأس الكردية التقليدية والشروال العريض .. ورعد محمد وافقا على وضع القضية أمام أعضاء عشيرتيهما للتحكيم.
وبعد اسبوع من الاجتماعات، قرر المحكمون تسليم البيت الى صباح شرط ان يقوم بتعويض رعد بمبلغ (1,5) مليون دينار الذي أنفقه على الترميم.
وقال صباح "لقد دفعت (1,5) مليون دينار الى رعد كتعويض لكي أرضيه ولكي يستطيع شراء بيت آخر له".
ووافق رعد بتردد قائلاً "انا وافقت لأني رغبت في انهاء المشكلة بيني وبين الأخ صباح".
ومع ذلك، أضاف رعد "لقد أصابني اليأس، فقد أنفقت الكثير من المال وأهلكت نفسي في ترميم هذا البيت".
ويبذل الموظفون الحكوميون الجهود لوضع نظام مناسب لحل مثل هذه الخلافات.
وقال عباس حسين علوان، عضو مجلس ادارة هيئة دعاوى الملكية العراقية "نحن نحاول ان نؤمن حقوق الجميع". وقال ان الهيئة تقوم بجمع الوثائق التي تظهر ملكية البيوت في المنطقة من أجل حل الخلافات.
وقال، اضافة الى ذلك، فان حكومة اقليم كردستان تقوم هي الأخرى بجمع الأموال لتعويض العرب الذين يتخلون عن بيوتهم الى أصحابها الكرد العائدين.
وقال ان حكومة كردستان تدفع (3,5) آلاف دولار للشخص الذي يحتل بيتاً مصادراً، والذي كان قد اشتراه او استأجره من الحكومة العراقية السابقة، على ان لا يكون لمحتل الدار أية روابط مع حزب البعث.
وبينما تجمع الهيئة الوثائق، فان عشرات المئات من الكرد اللاجئين ما يزالون يعيشون في في ظروف مزرية داخل معسكرات اللاجئين في منطقة الحكم الذاتي او في التجمعات السكانية غير المشروعة في كركوك.
ومع ان التحكيم العشائري يمكن ان يحل الكثير من النزاعات، فان المالكين الكرد السابقين يلجأون في بعض الحالات الى أساليب أقل ودية.
ويقول مدير شرطة كركوك ان بعض الرجال الكرد الأقوياء أصبحوا مختصين الآن في اخلاء العوائل العربية من البيوت الكردية.
ويقول رجال الشرطة انهم اعتقلوا مؤخراً أحد أكثر الرجال الأقوياء شراسة، ولكن لم يكن ممكناً ابقاءه رهن الاعتقال طويلاً بسبب علاقاته السياسية.
وقال العميد سامي يوسف، مدير مركز شرطة "رحيم أوا" في كركوك "لقد كان مدعوماً بشخصيات ذات نفوذ". إلا ان بعض ضباط الشرطة يتعاطفون مع الكرد الذين يلجأون لمثل هذه الأساليب غير الودية.
وقال ملازم مركز شرطة "رحيم أوا" في كركوك انهم "مضطرون" لتأجير الرجال الأقوياء لأنه "لا يوجد قانون يضمن حقوقهم ولا حكومة لتعوضهم أو تعيد اليهم أملاكهم المغتصبة".
*محمد فوزي ـ بغداد