زيارة بايدن تخفق في تهدئة التوترات الناجمة عن الانسحاب الامريكي المرتقب
جهود نائب الرئيس الامريكي المضنية لتهدئة مخاوف العراقيين قبيل الانسحاب العسكري الامريكي
زيارة بايدن تخفق في تهدئة التوترات الناجمة عن الانسحاب الامريكي المرتقب
جهود نائب الرئيس الامريكي المضنية لتهدئة مخاوف العراقيين قبيل الانسحاب العسكري الامريكي
عبير محمد- العراق (تقرير الازمة العراقية رقم. 344، 8 تموز 2010)
يبدو ان نائب الرئيس الامريكي جوزيف بايدن قد فشل، خلال زيارته المفاجئة لبغداد الاسبوع الماضي، في تهدئة التوتر بين العراق والولايات المتحدة، أو كسر الجمود السياسي الذي تعاني منه البلاد.
وجاءت الزيارة عقب تعرض واشنطن للانتقادات من وسائل الاعلام والساسة العراقيين الذين يشعرون بان الادارة الامريكية تهمل مسؤوليتها تجاه العراق بعد تعاظم مشاركتها في افغانستان.
ويقول المنتقدون بان ادراة الرئيس باراك اوباما تعطي الاولوية لتعهدها بسحب 40 ألف عنصر من القوات القتالية من العراق بحلول نهاية شهر آب المقبل، وذلك على حساب الضرر الذي سيلحق بالعلاقات الثنائية الطويلة الامد بين البلدين.
وهناك مخاوف من ان غياب الوجود الامني الامريكي سيؤدي الى اغراق البلاد مرة اخرى في دوامة العنف الطائفي، كما وانها ستبقى تعاني الفساد وشللاً في العملية السياسية. فعمليات اطلاق النار والانفجارات تتكرر يومياً، وكبرهان على ذلك سقط وابل من قذائف الهاون على المنطقة الخضراء بعد عدة ساعات فقط من وصول بايدن الى العاصمة بغداد.
ويخشى البعض من استغلال الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب الامريكي من قبل الدول المجاورة التي تحاول الاستفادة من الثروة النفطية الهائلة للبلاد، او من جماعات متمردة ذات ارتباطات اقليمية ومحاولاتها تجنيد العراقيين المحبطين من الاوضاع.
وعلى الرغم من ان 50 الف عنصر امريكي غير قتالي سيبقى في العراق حتى نهاية عام 2011، إلا ان المخاوف تنتاب المسؤوليين الحكوميين والمحليين من ان انسحاب القوات الامريكية والخبراء، سيجعل من الحكومة العراقية أقل قدرة في مجال توفير الخدمات الاساسية للمواطنين.
ويقول المحلل السياسي والكاتب الصحفي ابراهيم الصميدعي في بغداد " استراتيجية اوباما نحو العراق غير عادلة" ويضيف "يجب عليه ان يكون مهتماً بالتزامات بلاده تجاه العراق، وان لايدير ظهره ويغادر العراق بشكل غير مدروس. فهو سيترك هذه البلاد وشعبها في خضم حمامات دم محتملة. فعلى الولايات المتحدة التزام اخلاقي هنا".
وخلال خطاب ألقاه بمناسبة عيد الاستقلال الامريكي في مقر سفارة بلاده ببغداد، كان بايدن سريعاً في اعادة طمأنة المسؤوليين العراقيين بالالتزام الامريكي "في 31 آب سنغير من مهمتنا العسكرية عبر التقرب منكم أكثر وليس الابتعاد عنكم".
"سوف لن يختفي التزامنا تجاهكم في 31 آب، بل سيصبح هذا الالتزام أكثر قوة. وفي حين تستمرون في نهوضكم وبناء ديمقراطيتكم سنكون هناك معكم اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وفي مجالي العلوم والتربية ".
وقد أمضى بايدن ثلاث ايام في لقاءات مع المسؤولين والاقوياء من أصحاب القرار في محاولة لتليين مواقف الكتل السياسية المعارضة لكي تطرح خلافاتها جانباً من أجل تشكيل حكومة ائتلافية بعد 4 أشهر من الانتخابات البرلمانية.
وكان الهدف المعلن من الاحتلال الامريكي للعراق هو بناء ديمقراطية فاعلة، والآن يريد بعض الساسة في البلاد ان تفي واشنطن بذلك.
ويقول حامد المطلك، القيادي في كتلة العراقية التي فازت في انتخابات السابع من آذار الفائت بفارق ضئيل " كان يُطلق على الامريكيين في العراق تسمية (بناة الديمقراطية)، ولهذا يجب عليهم ان يبقوا ويكونوا حراس الديمقراطية".
ويضيف المطلك " لقد أسقطوا النظام السابق وجلبوا الديمقراطية الى هذه البلاد، ولهذا فعليهم مسؤولية حماية الديمقراطية. ينبغي عليهم فعل أفضل مابوسعهم ليبرهنوا على ان سبب مجيئهم الى العراق كان بناء الديمقراطية. وبامكانهم فعل ذللك من خلال الدفع باتجاه تطبيق نتائج الانتخابات على ارض الواقع".
ويرى الخبراء بان حقيقة عدم حدوث انفراجات كبيرة في الجمود السياسي خلال فترة زيارة بايدن تمثل شهادة بليغة على تعقيدات السياسة العراقية وتصورات عن تراجع نفوذ واشنطن في العراق.
ومع بقاء الحال على ماهو عليه، يواجه ائتلاف العراقية، وهي كتلة يهين عليها العرب السنة ويتزعمها رئيس الوزراء الاسبق أياد علاوي وكانت في مقدمة الفائزين في الانتخابات، تحدياً كبيراً من عملية اندماج الائتلافين الشيعين الذين ينقصهما الآن 4 مقاعد فقط للحصول الاغلبية البرلمانية البالغة 163 مقعدا ليصبحا قادرين على تشكيل الحكومة الجديدة.
واثار الخلاف حول مطالبة رئيس الورزاء الحالي نوري المالكي بولاية ثانية شكوكا حول مدى قوة التحالف الشيعي بين دولة القانون بزعامة المالكي والتحالف الوطني العراقي.
والتقى بايدن بعلاوي والمالكي، كل على الانفراد، كما واجتمع مع رئيس الجمهورية جلال الطالباني وزعيم التحالف الوطني عمار الحكيم. لكنه لم يلتق مع ممثلي رجل الدين المتشدد والمناهض للاحتلال الامريكي في العراق، مقتدى الصدر بالرغم من فوز الصدريين الذين باتوا يعرفون بصانعي الملوك في الحكومة المقبلة بـ 40 مقعدا في الانتخابات الاخيرة.
ويقول القيادي في التيار الصدري، أمير الكناني" يأتي التدخل الامريكي في السياسة العراقية سعياً وراء مصالحهم وليس مصالح العراق" ويضيف " تريد امريكا ان يكون العراق تجربة ناجحة، لكنهم يريدون ان يعود الفضل لهم في هذا النجاح. ولهذا السبب فان الولايات المتحدة ستدعم الكتل الموالية لها وتحرض الكتل الاخرى الواحدة ضد الاخرى".
ويتابع الكناني " المالكي هو الاقرب من الامريكيين أكثر من التحالف الوطني العراقي، لان التحالف يتضمن الصدريين. ونتيجة لذلك، تحاول الولايات المتحدة اقناع دولة القانون بالتحالف مع العراقية. مشكلة بايدن هي ان كلا من علاوي والمالكي يريدان منصب رئيس الوزراء. وكان يحاول اقناع احدهما بالتخلي عن هذا المطلب".
كما ونأى بايدن بنفسه عن تأييد أية كتلة سياسية، موضحا وبشكل لا لبس فيه بانه لابد من تمثيل جميع الفصائل السياسية في الحكومة المقبلة.
فقد قال بايدن في خطابه في الرابع من تموز " ينبغي على الجميع ان يلعب دوراً مؤثراً في الحكومة الجديدة من أجل انجاحها. والتمس منكم انهاء ما بدأتموه ... وعندما تتألف الحكومة المقبلة ، فانها سشكل علامة استثنائية رائعة على انتقال سلمي لسلطة تشمل جميع العراقيين، وربما لأول مرة في تاريخهم".
بينما كان آخرون أقل تفاؤلاً حول نتائج حلحلة الجمود السياسي الذي لا يبدو ان نهايته قريبة.
ويهذا الصدد يقول خالد الاسدي، وهو قيادي في ائتلاف دولة القانون " من المستحيل التكهن بموعد لتشكيل الحكومة المقبلة". واضاف " من المحتمل ان تتشكل في غضون ايام، لكنها على الارجح ستستغرق أشهراً. لا أحد يمكنه التكهن. هذا هو العراق حيث كل شيء ممكن".
عبير محمد كبيرة المحررين المحليين في معهد صحافة الحرب والسلام من بغداد.