الكرد يعيدون احياء احقاد الحرب الاهلية في مراكز الاقتراع
نتائج الانتخابات التي تشير الى صراع ماض بين الاحزاب الكردية تؤثر على الناخبين مرة اخرى.
الكرد يعيدون احياء احقاد الحرب الاهلية في مراكز الاقتراع
نتائج الانتخابات التي تشير الى صراع ماض بين الاحزاب الكردية تؤثر على الناخبين مرة اخرى.
سكن شبح الماضي ذاكرة خليل محمد في يوم الانتخابات.
حيث قاتل المحارب الكردي في صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني ( الكوريللا) ، ابان الحرب الكردية الاهلية في العراق. كان ، وقتها، خارج اربيل عندما قام الحزب الخصم ، الحزب الكردستاني الديمقراطي، والمدعوم من قبل الجيش العراقي ، بطرد الاتحاد الوطني خارج منطقة مايعرف اليوم بعاصمة الاقليم، مقسمين كردستان العراق بذلك الى قسمين.
انتهت سنوات الحرب الاهلية الكردية الاربع في العام 1998، ملقية بظلالها الثقيلة على محمد والاخرين والذين يقولون بانهم حملوا ذكرياتهما لمريرة معهم الى صناديق الاقتراع في الاسبوع الماضي.
يقول محمد القاطن في منطقة طق طق الغنية بالنفط " قام مقاتلي الحزب الديمقراطي ( الكوريللا) بقتل اصدقائي واقربائي. لقد كانوا يطاردوننا ويعمدون الى تجويعنا".
" عندما عدت بذاكرتي وتذكرت هذه الايام لم استطع التصويت لصالح ( رئيس اقليم كردستان) مسعود بارزاني لانه رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني".
ادت الحرب الاهلية الى تقسيم اقليم كردستان مناطق يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني واخرى تحت سيطرة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، حيث تقع الضواحي في وسط وغرب محافظة اربيل بالاضافة الى دهوك تحت سيطرة الحزب الديمقراطي. اما محافظة السليمانية ، اكبر محافظات الاقليم ، اصبحت معقلا للاتحاد الوطني.
بعد ادرتهما لحكومتين منفصليتين لسنوات عديدة، اصبح الطرفان حلفاء سياسيين ، واسسوا حكومة واحدة في اربيل في عام 2006 في محاولة منهما لمحو الحدود التي فصلت المحافظات في السابق. الا ان التحزبية والاقليمية اللتين تفاقمتا بفعل الحرب الاهلية لم تزل واضحة ، فضلا عن التوترات التي مازالت قائمة.
تشير النتائج الاولية لانتخابات الاسبوع الماضي في الاقليم الى فوز الرئيس مسعود بارزاني بنسبة 70% من عدد الاصوات. غير انه واجه تحديا غير مسبوق من قبل كمال ميراودلي ، احد المرشحين المستقلين الاقوياء والذي يستقر في المملكة المتحدة كمفكر، والذي حظي بتاييد ودعم قويين في محافظة السليمانية.
من جهة اخرى فقد حظيت مجموعة منشقة من حزب الاتحاد الوطني تعرف باسم ، التغيير، بمكاسب كبيرة في السباق البرلماني في السليمانية ، على عكس كل من محافظات دهوك واربيل التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي حيث كان تقدم الحزب قليلا هناك. هذا وبينما تدعي قائمة التغيير بسرقة اصواتها في المناطق العائدة للحزب الديمقراطي ، فان مسؤولي التحالف يقرون بان القائمة حظيت باقل دعم في دهوك ، معقل الحزب الديمقراطي الكردستاني.
تعبر قائمة التغيير عن رغبتها في كسر طوق السيطرة للحزبين، الا الحزبين يعتقدان بان الشعب الكردي يتلقى افضل الرعاية والخدمات تحت رايتيهما. واشاروا في معرض حديثهم قدرتهم على تجاوز مخلفات الحرب الاهلية.
يقود عدد من اعضاء حزب الاتحاد الوطني الكردستاني السابقين حزب التغيير الذي يتراسه ناوشيروان مصطفى ، احد مؤسسي حزب الاتحاد الوطني الكردستاني مع الرئيس جلال طالباني في العام 1975.
خدم مصطفى في صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني كقائد سياسي، غير ان دوره ابان الحرب الاهلية مازال غير واضح. حيث غادر البلاد متوجها الى اوروبا اثناء فترة الصراع، بسبب وجود خلافات داخل الحسب حسبما قيل انذاك.
وكاحد الاعضاء المؤسسين للاتحاد الوطني الكردستاني والذي لم يترك الحزب رسميا قط، فقد انتقد مصطفى لدوره في خلق المشاكل التي يحاول اصلاحها الان.اما حزبي الوطني والديمقراطي ، واللذان يقودان حكومة الاقليم، فيعاب عليهم التقصير في تقديم الخدمات والسماح باستشراء الفساد والمحسوبية منذ عقود.
ينتقد احد مقاتلي الحزب الديمقراطي في اربيل ، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه، حزبي الديمقراطي والوطني قائلا بانه فقد ايمانه فيهما كليهما ابان الحرب الاهلية.
" لقد انتهى القتال الان" . " الا ان الحرب الاهلية ماتزال داخل كل عضو من اعضاء الحزبين. فالناس لاتصوت لصالح الاخر بل ضد الاخر. ان مسالة عودة الحرب الاهلية هي مسالة وقت ليس الا".
لايؤيد المتحدث مصطفى ايضا حيث يقول " ان ناوشيروان هو احد اعضاء الحزب الوطني ايضا. نحتاج الى قائد حيادي ليؤسس حزبا جديدا- وليس قائد سابق. فناوشيروان هو واحد منهم ايضا".
يقول سعدي احمد بيرة ، احد القادة المخضرمين في صفوف الاتحاد الوطني، بان الاحباطات مع الحكومة والاحزاب تقوض الدعم الذي يتمتع به بارزاني في السليمانية اكثر من العداء الديمقراطي – الوطني القديم.
كما يقول بيرة بان قادة الاحزاب المخضرمين تجاوزوا الخلافات بين احزابهم الا ان الانقسامات " لم تزل موجودة" بين الاعضاء الصغار من كلا الحزبين.
فل الموالون للحزب الديمقراطي في السليمانية الى كل من اربيل ودهوك ابان الحرب الاهلية، في حين عاد الموالون لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني الى السليمانية. كان العديد منهم قد اخرجوا من منازلهم في محافظاتهم الاصلية غير انهم عادوا اليها بعد انتهاء الحرب.
كما انقسمت العائلات كذلك ، حيث كان البعص منها يرفض الزيجات لاشخاص ذوي انتماء حزبي مختلف عنهم.
يؤكد بيرة ان الموالين للحزب الديمقراطي او الوطني مازالوا يواجهون تمييزا في معاقل احدهم الاخر، بالرغم ان هذا الامر لاياخذ حيزا كبيرا الان. يقول بيرة ان هذا الارث قابل للتغيير في حال تمتع الاكراد بخدمات افضل ومعيشة احسن- وهما النقطتان الرئيسيتان التي يركز عليها كل مرشح اثناء حملته الانتخابية.
كان نجاح قائمة التغيير في الانتخابات ضربة موجهة الى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ، بوجود العديدين ممن يتسالون الان عن احتمال نشوء منافسة جديدة بين الحزب الديمقراطي وقائمة التغيير.
هذا وبينما يحاول قادة الاقليم وضع خلافاتهم اثناء الحرب الاهلية جانبا ، مفضلين مواجهة بعضهم البعض الان علىا لساحةا لسياسية، يعتقد البعض بانهم لم يألوا جهدا لتحقيق المصالحة بين المواطنين الكرد العاديين والذين عانوا الامرين خلال الصراع.
عن ذلك يقول اسوس هردي ، المدير العام لجريدة اويني المستقلة " لم يتم بذل جهود كبيرة مع المواطنين" ويواصل " ان اولئك الذين فقدوا ابنائهم وبناتهم او نهبت بيوتهم لم يتصالحوا بعد. وقد انعكس ذلك جليا في الانتخابات".
كما يوضح هردي بان الاعتداءات التي اعقبت الانتخابات على مكاتب حزب التغيير في اربيل ومكاتب الحزب الاسلامي الكردستاني ، احد الاحزاب الاسلامية المعتدلة ، اظهرت " ان عقلية الحرب الاهلية مازالت تسيطر على الفرد الكردي".
هذا وقد عزى رئيس وزراء اقليم كردستان ، نيجرفان بارزاني، سبب العنف الى وجود بعض الافراد الفوضويين من مؤيدي قائمة كردستاني ، مبددا بذلك كل الاداعاءات القائلة بان الحزب الديمقراطي الكردستاني يقف وراء هذه الاعتداءات.
غير ان هردي يجادل القول بان الشعب يحاول تجاوز هذه الانقسامات التي خلقت ابان الحرب الاهلية بالتدريج.
فعلى سبيل المثال ، يقول هردي، بان عددا لاباس به من الناخبين تجاوزوا كل الانتماءات الاقليمية والحزبية التقليدية من خلال مساندتهم لقائمة التغيير في معقل الحزب الديمقراطي الكردستاني في اربيل او عبر التصويت لصالح بارزاني في محافظة السليمانية الواقعة تحت سيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني.
كما يعتقد هردي بان ساسة البلاد يمكنهم فعل المزيد لخدمة المنطقة باكملها وليس فقط دوائرهم الانتخابية. فعلى بارزاني ان يظهر بانه يمثل جميع الاكراد، بضمنهم هؤلاء الذين ينتمون لاحزاب اخرى ممن لم يصوتوا لصالحه.
يوافق خليل ، الذي يعمل معلما في منطقة طق طق الراي، بالقول " اتمنى ان يتخذوا خطوات جادة لتقديم الخدمات لنا" ويواصل " وان لايعيدوا حقبة التسعينات".
اما عبد الكريم اسعد ، صاحب سيارة اجرة واحد المؤيدين المتحمسين للحزب الديمقراطي فقد قال بان على الاكراد ان " يتجاوزوا جشعهم وان يتحدوا كامة واحدة ، وان (لاينقسموا) بين القبائل والطوائف".
ثم اضاف " الا انني اعتقد بانهم لن يتغيروا . فالاكراد هم الاكراد".
شورش خالد ، احد الصحفيين المتدربين في معهد صحافة الحرب والسلام في السليمانية. ناباز جلال هو احد الصحفيين المتدربين في المعهد من اربيل
ترجمة : فرح علي