الحرب غير المقدسة في كربلاء

الشخص الذي نصب نفسه اية الله مع جيشه الخاص يمثل التشظي السياسي للمدن الشيعية الرئيسة وعدم قدرة الحكومة على اخضاع مثل اولئك الاشخاص.

الحرب غير المقدسة في كربلاء

الشخص الذي نصب نفسه اية الله مع جيشه الخاص يمثل التشظي السياسي للمدن الشيعية الرئيسة وعدم قدرة الحكومة على اخضاع مثل اولئك الاشخاص.

Wednesday, 15 August, 2007
2003، تحولت المدن المقدسة في كربلاء والنجف بين ليلة وضحاها الى مركز للامال والمخاوف الكبيرة في وقت واحد.



كانت الغالبية الشيعية مضطهدة ايام صدام حيث كانت معتقداتهم السياسية والدينية مسلوبة و مسحوقة وكان رجال الدين تحت سيطرة الدولة بشكل قوي. ولكن مع وصول التحالف الذي قادته امريكا، عادت مركزية المؤسسة الدينية في المدينتين. وصارت النجف وكربلاء هما المدينتان اللتان تكسبان الحرب من اجل الفوز بعقول وقلوب الشيعة – على الاقل كان ذلك ما تطمح به واشنطن، والذي تخاف منه ايران ويتمناه الكثير من العراقيين.



بدت الفكرة العامة ان يكون هناك نظام مركزي يتكون بين شيعة العراق ويمارس السيطرة على كل المقدسات والحوزات – الكليات والمعاهد الشيعية الدينية.



لكن تلك الامال اثبتت خطأها. فلا قوة تملك السيطرة على النجف وكربلاء، لا رجال الدين المتأثرين بايران ولا العلماء من رجال الدين العراقيين. بل على العكس صار هناك نوع من الاضطراب لان مختلف الاطراف تناضل من اجل السيطرة على السلطة. تتصارع قوى جيش المهدي التابعة لمقتدى الصدر وميليشيا بدر التابعة الى اية الله محمد باقر الحكيم واتباع اية الله السيستاني فيما بينها من اجل احداث التاثير المطلوب .



ووسط هذه الفوضى، برز قائدا شيعيا جديدا لم يتوقعه احد، ويشكل الان تهديدا حقيقيا لدور القانون في معظم المراكز الشيعية الدينية المهمة، انه من رجال الدين الذين فرضوا انفسهم والذين ربطوا قوة الميليشيا المسلحة بنية المقاصد المخلصة.



من افضل الشخصيات الشيعية التي شق طريقه منذ 2003 هو مقتدى الصدر الذي صنع له اسما رغم ماينقصه من مؤهلات دينية كالتي كان يتمتع بها والده اية الله العظمى محمد صادق الصدر الذي اغتاله نظام صدام عام 1999 . استطاع مقتدي ان يخلق له اتباعا باسناد من جيش المهدي التابع له وببلاغته النارية المعروف بها.



وهناك ايضا فرقد القزويني الذي اسس حوزة خاصة به بعد ان تم طرده من حوزة النجف. القائد الاخر الذي اظهر نفسه متحديا لسلطة القانون في كربلاء هو ضياء عبد الزهرة الغراوي الذي تزعم جماعة اطلق عليها اسم جند السماء، وقد قتل مع 300 من اتباعه من قبل القوات الامريكية والعراقية قرب النجف نهاية كانون الثاني.



الاكثر قوة بين ايات الله الجدد في كربلاء هو السيد محمود حسن الصرخي. حيث ليس هناك افضل منه من يمثل تفكك النظام والمؤسسات في القلاع الشيعية.



يعتبره الكثير من اهالي كربلاء تهديدا للامن والاستقرار في المحافظة، ويتهمونه بالوقوف وراء اغتيال الكثير من العلماء الشيعة ورجال الدين الذين انتقدوه.



ورغم الادعاءات والاتهامات الموجهة ضده، فان قوات الامن عاجزة – البعض يقول غير راغبة – عن احتجازه ووضع حد لنشاطاته.



لم يكن حسن معروفا قبل 2003، الا انه تبوأ مكانة معتبرة. لقد ترأس حوزة الصادق في كربلاء التي تضم اكثر من 500 طالبا، ويقود حزب الولاء السياسي، ويرأس بين 15.000 الى 20.000 من اتباعه المنتشرين في مختلف المحافظات الجنوبية من العراق، اضافة الى الميليشيا المسلحة.



كثيرا ما يتصادم اتباعه مع قوات الامن العراقية ومع مؤيدي ايات الله الاخرين.



في اب من العام الماضي، قتل سبعة اشخاص حين حاول الجيش العراقي مداهمة مكتبه ، لكن المحاولة توقفت بعد ان امتد العنف الى المدن المجاورة. رغم انه مطلوب من قبل الامريكان والحكومة، وانه غير مرغوب به من قبل الاحزاب الشيعية الاخرى، الا ان احدا لم يجرأ على المساس به او بالميليشيا التابعة له.



تكون ردة فعل اتباعه سيئة وعنيفة عند انتقاد قائدهم. في برنامج بثه التلفزيون الايراني في حزيران 2006، تعرض رجل الدين الشيخ علي الكوراني الى ادعاءات الصرخي في كونه "مرجعا" دينيا – له حق الفتوى في امور المسلمين الشيعة – وبكونه ممثلا للامام المهدي المنتظر وهو الامام الثاني عشر لدى الشيعة الذي يعتقد الشيعة بظهوره يوما ما كما المسيح. قام اتباع الصرخي بالتظاهرات في مختلف المحافظات العراقية وهاجموا القنصلية الايرانية في كربلاء وحطموا زجاج النوافذ وانزلوا العلم الايراني.



متبعا الاسلوب الجديد لرجال الدين الذين ظهروا على الساحة، لم يتبع الصرخي اسلوب التدرج المتبع لدى الشيعة واعلن نفسه "اية الله" وهو عنوان يحصل عليه الدارسون المجتهدون في الحوزات العلمية. وليس ذلك فقط،، فقد اعلن نفسه اكثر فهما من بقية ايات الله .



الاقرب الى الصواب في سيرته الرسمية التي كتبها احد تلامذته هي حصوله على لقب "سيد" كونه من سلالة الامام علي وهي نسب مقدس لدى المسلمين الشيعة.



ولد الصرخي في مدينة الحرية ببغداد عام 1963 وتخرج من كلية الهندسة في جامعة بغداد عام 1987 ودخل الحوزة في النجف عام 1994 حين كان يرأسها محمد صادق الصدر. يقول اصدقائه ان اية الله العظمى طلب منه الانضمام الى مجموعة العلماء المتقدمين، بينما يؤكد اخرون انه لم يكمل دراساته .



مهما تكن حقيقة مؤهلاته الدينية، فقد اعلن الصرخي نفسه "اية الله" و "مرجعا" سيستمر مؤيديه من اتباع تعليماته لاربع سنين قادمة. وقد طرده الصدر من الحوزة عام 1998.



قبل سقوط نظام صدام، كان الصرخي مسجونا في سجن ابي غريب.



ينكر كاظم العبادي ، المتخصص في حياة واعمال اية الله الصدر، الصرخي.



وقال لمعهد صحافة الحرب والسلام " الصرخي رجل محتال. لقد ناقشته لمدة ساعتين في مكتبه في النجف بعد 2003، الا انه لم يجب على اسئلتي الدينية".



يناقش كتاب الصرخي المعنون " الفكر المتين" افكار خمسة من العلماء الشيعة ويستنتج ان لديه فهما افضل منهم في شؤؤون المعتقد ولهذا فهو يتخطاهم في المنزلة.



بقية القادة من رجال الدين ينكرون الصرخي مثل ما فعل العبادي. لم يعلق اي من المراجع على كتابه او يعقب على ارائه لاعتقادهم انه لا يستحق الرد عليه.



قال كفاح وهاب مدير مدرسة العزة الدينية في كربلاء واحد اتباع السيستاني " الصرخي ليس من الثقاة والسيد السيستاني لم يرد عليه لانه ارفع من ان يرد على مثل هذا الرجل المنحرف".



قد يكون هناك تعاطف قليل مع الصرخي من قبل المؤسسة الدينية، الا ان ذلك لم يوقفه من كسب اعداد كبيرة من الاتباع وخاصة بين اوساط الشباب.



يعتقد البعض انه ممثلا للامام المهدي الذي طال انتظاره.



يقول احمد السيد ممثل مكتب الصرخي في كربلاء ان معظم اتباعه هم من جماعة جيش المهدي السابقين, ويضيف انهم انفصلوا عن مجموعة رجل الدين الشاب مقتدى الصدر " لاننا غير سعداء باتباع القائد مقتدى الذي لا يشكل مرجعا، ونفضل اتباع مفكر وقائد مثل السيد الحسني الصرخي".



ليس واضحا من يمول حركة الصرخي. رغم ان احمد السيد يصر على ان مصدر التمويل الرئيس هو التبرعات التي يقوم بها عدد من الاتباع، الا ان البعض يشك في وقوف ايران او سوريا وراء ذلك.



رغم ادعاء اتباع الصرخي كونه ضد ايران التي لها حضور في العراق، الا ان طبيعة العلاقة مع طهران بقيت غير واضحة. ترجمت افكار الصرخي الى الفارسية وصارت تدرس في المركز الديني في قم.



اواخر عام 2006، اخبر الصرخي اتباعه ان الوجود الامريكي يمثل تهديدا لايران التي كان تدخلها في العراق مقصودا لايصال رسالة الى الامريكان من كونها على دراية من احتمال توجيه ضربة امريكية اليها.



قد يكون ذلك احد افرازات الاوضاع في العراق ان يعلن الصرخي نفسه اية الله، وان تبتعد بقية الجماعات الشيعية الرئيسية عنه، وان تصدرمذكرة اعتقال ضده، الا ان كل ذلك لم يمنع صعوده اللامع.



يرى احمد جعفر الاستاذ في مركز البحوث التابع لجامعة بغداد ان عدم الخوف من العقوبة قد شجع اشخاصا مثل الصرخي ليكونوا دليلا على فشل الحكم في العراق.



واضاف " ان اختفاء سلطة الحكومة والنظام واستمرار تقسيم العراق قد جعل من الصعب السيطرة على اشخاص مثل الصرخي ومحاسبتهم وجلبهم للمثول امام العدالة. ليس هناك احد يمكنه ايقافهم".
Frontline Updates
Support local journalists