اللصوص يدمرون الكنوز القديمة

يقول علماء الآثار إن بقايا أثرية غير محمية تعود للحضارة التاريخية للبلاد، عرضة للنهب على نطاق واسع.

اللصوص يدمرون الكنوز القديمة

يقول علماء الآثار إن بقايا أثرية غير محمية تعود للحضارة التاريخية للبلاد، عرضة للنهب على نطاق واسع.

.



وبحسب الحكومة العراقية، فإن البلاد - التي كانت يوم ما موطنا للأشوريين، البابليين، السومريين وغيرها من الإمبراطوريات القديمة – تحتوي على نحو 10000 موقع اثري.



معظم هذه المواقع يقع وسط العراق، في منطقة تعرضت أيما تعرض الى الفوضى وانعدام القانون اللذان اجتاحا البلاد على مدى السنوات الماضية. وفي حين أن بعض مواقع البلاد الأثرية الأكثر صيتا و العائدة الى حضارة بلاد ما بين النهرين، التي تشمل أور بالقرب مما يعرف في العصر الحديث بالناصرية، محمية بشكل جيد، إلا أن الكثير من المواقع الأخرى تفتقر إلى الأمن.



وقال قيس رشيد حسين، وهو مدير عام التنقيب والتفتيش في وزارة السياحة والآثار إن لدى الحكومة العراقية 1200 حارس فقط لمراقبة كل مواقعها الأثرية. وقال أيضا إن الافتقار لوجود حماية هو "مشكلة كبيرة"، حيث تركت الآثار عرضة للعصابات والمهربين.



يجرى صائدو الكنوز أعمال تنقيب بشكل غيرقانوني للمواقع بهدف الحصول على قطع ثمينة يمكن المتاجرة بها في السوق السوداء، وكثيرا ما يتم تهريبها إلى خارج العراق.



و قدرت ماركريت فان إيس، مديرة العلوم الشرقية في معهد الآثار الألماني في برلين، قيمة الأضرار الناجمة عن عمليات التنقيب غيرالقانونية في العراق بعشرة مليارات دولار.



و قالت إن "الكثير من هذه المواقع تقع في أماكن بعيدة عن مراكز المدن و القصبات وهي خاضعة لسيطرة القبائل"، مما جعلها عرضة للسرقة.



وفي حين إن نظام صدام حسين قد أمّن معظم المواقع الأثرية في البلاد، وطبق إجراءات صارمة ضد السرقة، فإن الذين كان يتم مسكهم وهم يسرقون تحفا أثرية كانوا يواجهون حكما بالسجن لمدة 15 عاما، وفي بعض القضايا يحكم عليهم بعقوبة الإعدام. فإن هذه الأحكام و على الرغم من كونها ما زالت موجودة في كتب القانون إلا أنها نادرا ما يتم تنفيذها اليوم.



ففي السوق السوداء العراقية، يمكن شراء القطع النقدية القديمة، والأختام وغيرها من القطع الأثرية المصنوعة من ذهب وفضة وبرونز بعشرة دولارات فقط، ولكن نفس القطع الأثرية يمكن أن تعود بمبلغ أكبر بكثير خارج البلد. و إن الآلاف من المصنوعات اليدوية القديمة التي تم استخراجها من المواقع العراقية إنتهى بها الأمر في سوريا والأردن المجاورتين للعراق.



وقال سعيد محمود، 52، وهو أحد جامعي الآثار من العاصمة، "إن الختم الأسطواني [السومري] يمكن ان يباع بأقل من 100 دولار، وإن القطع النقدية الذهبية يمكن أن تباع حتى بأقل من ذلك [في بغداد]". وقال أيضا "[ولكن] الختم الأسطواني يمكن أن يباع بأكثر من 2000 دولار خارج العراق."



ورغم أن الحكومة تقدم مكافآت تبدأ من نحو عشرة دولارات لاسترجاع الآثار، فإن الأسعار في السوق السوداء الدولية مرتفعة الى درجة بحيث لا يوجد ثمة حافز كبير بالنسبة للعراقيين للامتثال لذلك.



وقال وزير الآثار محمد العريبي في مؤتمر صحفي الشهر الماضي، إن العراق يحاول الآن استعادة قطعه الأثرية القديمة، التي سرق منها نحو 15000 قطعة أثناء عمليات النهب الذي تعرض لها متحف بغداد بعد فترة وجيزة من الإطاحة بنظام صدام حسين بقيادة الولايات المتحدة عام 2003.



وفي حزيران، أعاد الأردن 2000 قطعة أثرية يعود تاريخها إلى 7000 سنة قبل الميلاد والتي سرقت من المتحف والمواقع الأثرية العراقية. كما أعادت سوريا، أواخر نيسان، حوالي 700 قطعة ، بما فيها قطع نقود ذهبية ومجوهرات،التي تمت مصادرتها من قبل مسؤولى الجمارك السورية.



وفي الوقت نفسه، يشكو الحراس الذين تم تعيينهم لغرض حماية المواقع من نقص عدد الحراس، ويقولون أنه في كثير من الحالات، فإن غياب التيار الكهربائي يجعل من الصعب عليهم الحراسة في الليل.



وفقا لرشيد، فإن البناء على المواقع و التجاوز عليها هو أيضا مشكلة واسعة الانتشار يصعب السيطرة عليها.



وفي عام 2007، اكتشفت الوزارة أن مشاريع إسكانية تجاوزت على موقع قديم في كربلاء، في حين أن واحدا من هذه المواقع في بغداد كان يستخدم كمكب للنفايات، حتى تدخل موظفيه. وفي محافظة النجف الواقعة جنوب شرق العراق، أوقفت الوزارة الحكومة المحلية من توسيع مطارعلى موقع دون علمهم أنه موقع أثري.



وقال خالد سلطان، وهو خبير في علم الآثار ببغداد ، ان الحكومة العراقية والمجتمع الدولي بحاجة الى بذل المزيد من الجهود لحماية هذه المواقع.



وأكد أهمية الكنوز الأثرية العراقية، مشيرا الى ان السومريين اخترعوا أول شكل للكتابة منذ أكثر من 5000 سنة مضت، في حين أن الملك البابلي حمورابي وضع واحدة من أولى قواعد القانون المكتوب في التاريخ المدون.



و قال سلطان "إن تدمير الآثار العراقية بعد حرب عام 2003 كان هائلا." و قال أيضا "نحن في حاجة إلى بذل المجتمع الدولي جهودا ضخمة لإعادة القطع المسروقة ولمساعدتنا في حماية ما تبقى من المواقع الأثرية. على الحكومة أن تسن قوانين تفرض عقوبات شديدة لتضع حداً لأعمال التنقيب غير القانونية."



و قال العميد محمد العسكري، وهو المتحدث باسم وزارة الدفاع، إن وزارته على استعداد للمساعدة في تعزيز حماية المواقع. و أضاف "[انها] تعود للعراقيين والى بقية العالم."



داود سلمان - صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام في بغداد.
Frontline Updates
Support local journalists