ماذا يعني أوباما للعراق
يقول صحفي عراقي قام بتغطية الحرب أن العراقيين يتوقعون من الرئيس الجديد أن يساعدهم على الخروج من النفق المظلم.
ماذا يعني أوباما للعراق
يقول صحفي عراقي قام بتغطية الحرب أن العراقيين يتوقعون من الرئيس الجديد أن يساعدهم على الخروج من النفق المظلم.
حين تم انتخاب أوباما، شعرت بالفرح و السعادة والأهم من كل شيء، كنت مفعما بالأمل. نعم، كان "الأمل" هو شعار أوباما، لكن هذه الكلمة كانت تعني لي الكثير كعراقي و كمواطن أمريكي.
في العراق، كان حالي كحال الملايين من أبناء بلدي. فقد عانيت كثيرا بسبب الحرب التي لم يخطط لها بشكل جيد وشنتها إدارة بوش للإطاحة بنظام صدام حسين.
في العام 2003، شعرت بالراحة وإنا أرى زوال صدام حسين وكان كلي أمل في إننا نستطيع أن نعيش أخيرا بسلام.
كنت أحلم، لكن كانت لدي شكوكي أيضا. فقد كنت أدرك أنه على الرغم من تحرير بلادي، فإنها محتلة من قبل قوات أجنبية.
تلاشت أحلامي مع تدهور الوضع الأمني وبعد ما رأيت التعاطي السيئ لإدارة بوش لتلك الأزمة. فقد أدى غياب خطة مناسبة لما بعد الحرب إلى انزلاق بلدي إلى هاوية حرب أهلية قتل فيها مئات الآلاف من الناس.
ولكن تم إعادة انتخاب بوش، شعرت بخيبة أمل إذ رأيت الأمريكيين يختارون شخصا كان قد كذب عليهم وجرهم للحرب بذريعة خاطئة.
غدت إراقة الدماء في العراق تنتقل من سيء إلى أسوأ وتأزمت حالة الرعب والخوف التي ألقت بظلالها على كافة مناحي الحياة اليومية. لم يكن بوسع بوش معرفة ماذا عليه أن يفعل، ولكنه أستمر في إعطاء وعود لم يكن بالإمكان تحقيقها.
كنت حينها أقوم بتغطية الحرب والمجازر التي تسببها لجريدة "واشنطن بوست،" وشعرت بأنني أشهد آلاماً ومعاناة وأسى أكثر مما يتحمله أي إنسان على الإطلاق.
وفي العام 2006، و بعد فوزي بزمالة دراسية في جامعة "السينت جوزيف" في فيلادلفيا، قررت أن أغادر البلاد.
في الولايات المتحدة، أصابتني خيبة أمل أخرى كبيرة حين عرفت أن الأمريكيين يعرفون القدر القليل جدا حول الحرب التي يدور رحاها في العراق.
كانت التغطية التلفزيونية سيئة جداً، ولم يبدو إن الأمريكيين كانوا يعيرون الحرب اهتماما إلا حين أثرت على عوائلهم هم.
وبدت كل هذه السنوات التي قضيتها في تغطية الحرب لهم والمخاطر التي واجهتها، بدت وكأنها لا تعني شيء. و الأسوأ من ذلك كله والذي آذاني بشكل كبير أنني رأيت بأنهم لا يفهمون كيف نعاني نحن العراقيين.
ولكن شيئا فشيئا أصبح الأمريكيون أكثر وعيا بكيفية إدارة الحرب. ومع ازدياد خيبة أملهم حول العراق وتدهور الاقتصاد الأمريكي، قام الأمريكيون بالسعي وراء التغيير. وأنا أيدتهم في مسعاهم ذلك، رغم أنني لم يكن لدي حق التصويت.
أيدت أوباما حين أعلن ترشحه للإنتخابات في كانون الثاني 2007، والسبب الرئيس وراء تأييدي له كان اعترافه وإدراكه لما فعلته إدارة بوش للعراق ولسمعة أمريكا في كافة أنحاء العالم.
كانت مدافعته وتأييده لإنسحاب سريع وتام للقوات الأمريكية, أصابني ببعض القلق في البداية. لو حدث ذلك، لشنت الجماعات العراقية التي يحافظ الوجود الأمريكي أساسا على تماسكها الآن، حربا أخرى للسيطرة على البلد وموارده.
الا أنني أكننت احتراما كبيرا لأوباما بعد ذلك في حملته الإنتخابية، حين تعهد بإنهاء الحرب بطريقة مسؤولة.
قرأت مذكراته "أحلام والدي"، واستلهمتني لهجته وعزيمته, فقد منحتني خلفيته كمنظم للمجتمع, الثقة بأنه يستطيع مساعدة أمريكا، العراق والعالم بأسره, أنها لمسؤولية كبيرة ولن يكون طريقه سهلا أبدا. ولكن رسالته: "الأمل" ستبقى دوما.
تابعت جميع خطب أوباما تقريباً وقرأت مقالاته حول العراق. أن اعتقاده بأنه يجب الضغط على القادة العراقيين للمصالحة وإعادة بناء بلدهم يفتح الباب أمام البلدين للوصول الى وضع نهاية لهذه للحرب.
في الحقيقة، أنا كعراقي اعتقد أن الساسة العراقيين – والذين، ولسوء الحظ، خيبوا آمال الناس الذين صوتوا لهم – يجب أن يعوا بأن معين التأييد الأمريكي سينضب ولن يستمر إلى ما لا نهاية.
عليهم بأن يطرحوا بخلافاتهم بينهم جانبا ويقوموا ببناء مؤسسات شاملة تضمهم جميعا والتي من شأنها التئام الجروح التي خلفتها الحرب الأهلية. وأنه أيضا لمن مسؤولية العراقيين أن يبنوا بلدهم.
صرح أوباما على موقعه على الإنترنيت بأن إدارته "ستقوم بإشراك ممثلين عراقيين من كافة مسالك المجتمع العراقي- داخل و خارج الحكومة- لإيجاد حل وسط بشأن تقاسم الثروات النفطية، توفير خدمات متساوية، الفيدرالية، وضع المناطق المتنازع عليها، الإنتخابات الجديدة، توفير الدعم للمهجرين العراقيين والقيام بإصلاحات ضمن القوات الأمنية العراقية".
أشعر بالاطمئنان حين اعلم أن أوباما لا يريد أن يكون إنهاء الحرب في العراق يتسبب في إنهاء المساعدة لبلدي. اليوم، ينظر العراقيون إلى أوباما كشخص يستطيع أن يساعدهم على الخروج من النفق المظلم.
آمل أن يفي بوعوده، وآمل أن تعّلم قيادته الساسة العراقيين أن يسمحوا للشعب العراقي كي يعيشوا بسلام. إذا فشلوا في فعل ذلك، آمل أن يرفضهم العراقيون- ليس بإنقلاب دموي، ولكن من خلال التصويت للتغيير كما فعل الأمريكيون.
كوني على خلاف مع ما فعلته إدارة بوش لا يجعلني أن أكره هذا البلد لعظيم. سيكون يوم تولي أوباما الرئاسة يوما عظيما، وأن إنتخابه يذكرني بأنني أعيش بعض من الحرية التي ليست متوفرة في بلدي العراق.
يذكرني أوباما بأن هناك "أمل" وأن يوما ما أستطيع أن أعود الى بلدي دون الخوف من المتطرفين.
آمل أن يقف العراق يوما ما على قدميه مجددا، وفي ذلك اليوم، نستطيع أن نشكر أوباما والعراقيين على حد سواء.
بسام سبتي، كان مراسلا خاصا لصحيفة واشنطن بوست في العراق من 2003 الى 2006، وهو الآن المحرر العربي لـ(IJNet) وهو موقع المركز العالمي للصحفيين الذي يأخذ من واشنطن مقرا له. ويمكن الإتصال به عن طريق البريد الإلكتروني التالي:
bsebti@icfj.org