جنوب السودان يقع في خلاف مع أوغندة

يبدو أن التوتر يشوب علاقة التحالف التي تربط بين البلدين الجارين منذ ما لا يقل عن عشرين عاماً، هذا إن لم تكن على وشك الانهيار تماماً.

جنوب السودان يقع في خلاف مع أوغندة

يبدو أن التوتر يشوب علاقة التحالف التي تربط بين البلدين الجارين منذ ما لا يقل عن عشرين عاماً، هذا إن لم تكن على وشك الانهيار تماماً.

.



وقد تم في الاجتماع الذي عقدته لجنة الأمن في جنوب السودان نهاية الشهر الماضي بمشاركة رئيس جنوب السودان سالفا كيير الطلب من قوة الدفاع الشعبية الأوغندية التي تعمل في المنطقة المغادرة.



"بهدف تفادي أخطاء الماضي لن تسمح حكومة جنوب السودان لقوات الدفاع الشعبية الأوغندية بالقيام بعمليات عسكرية ضد جيش الرب للمقاومة داخل جنوب السودان المحتلة"

"اقرأ قرار اللجنة الذي ينص على وضع الجيش الشعبي لتحرير السودان وغيره من القوى المنظمة على أهبة الاستعداد لحماية المواطنين السودانيين من هجمات جيش الرب للمقاومة العشوائية وعمليات الاختطاف."



كانت القوات الأوغندية قد قامت بعمليات في جنوب السودان منذ عام 2002 عندما سمحت لها حكومة الخرطوم بمهاجمة جيش الرب للمقاومة، الذي كان يستخدم جنوب السودان كقاعدة له لأكثر من عقد من الزمان.



إلا أن هذا الاتفاق الذي كان قد تم عقده قبل الاعتراف بجنوب السودان كمنطقة شبه مستقلة انتهى على ما يبدو في عام 2006 ولم يتم تجديده رسمياً مع الحكومة الإقليمية.



وقد قامت مؤخراً في الأسبوع الماضي قوات الدفاع الشعبية الأوغندية بملاحقة متمردي جيش الرب للمقاومة في جنوب السودان، الذي أفيد بأنهم كانوا يختبؤون في شمال أوغندة بعد الإغاره على مقر الجيش الشعبي لتحرير السودان في منطقة نابانغا.



وقد كان الجنوب السوداني ـ خلافاً لحكومة الخرطوم ـ على علاقة طيبة مع كمبالا لمدة لا تقل عن عشرين عاماً، ولكن يبدو أن التعاون بينهما متوتر حالياً ـ إن أردنا أن نكون متفائلين ولم نذهب إلى حد القول بإنه على وشك الانهيار تماماًـ بعد أن تغيب قائد المتمردين جوزيف كوني مرتين عن اجتماع التوقيع على اتفاق السلام الذي تم التحضير له على مدى عامين كاملين.



وقد طالبت أوغندا بالتحرك العسكري ضد المتمردين إثر تغيب كوني في أيار، إلا أن نائب رئيس جنوب السودان ريك ماشار كبير الوسطاء في المحادثات مع جيش الرب للمقاومة دعا إلى الصبر والتريث بعد أن طلب كوني استئناف محادثات السلام الأسبوع الماضي.



وقد يتسبب الانهيار في العلاقات بين جنوب السودان وأوغندا في هز الديناميات الإقليمية وبزرع بذور الشك في أي خطط لعمليات عسكرية مشتركة ضد جيش الرب للمقاومة، من مثل التي تتم حالياً في شمال شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.



هذا ومن الجدير بالذكر أن كوني وكبار قادته مطلوبون من قبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي،لارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال عشرين عاماً من الصراع في شمال أوغندة.



وقد نشأ هذا الخلاف بين الحليفين السابقين بعد المزاعم القائلة بأن القوات الأوغندية قامت بقتل وخطف المدنيين السودانيين في حزيران منتحلة شخصية متمردي جيش الرب للمقاومة.



إلا أن ماشار الذي كان قد حمل في البداية جيش الرب للمقاومة مسؤولية اعتداء الرابع عشر من حزيران على منطقة نابانغا، عاد واتهم الجيش الأوغندي بالقيام بهذا الاعتداء.



وقد جاء هذا الحادث بعد اعتداء سابق لجيش الرب للمقاومة على مخفر حدودي لقوات جنوب السودان، حيث قتل ما لا يقل عن عشرين شخصاً نصفهم تقريباً من الجنود، ويبرر الجيش الأوغندي تواجده في المنطقة بأنه كان يلاحق المتمردين بعد ذلك الهجوم إلا أن ناطقاً رسمياً أصر على أن ليس للجيش أي يد في هجوم الرابع عشر من حزيران وأنه ما كان لينتحل شخصية جيش الرب للمقاومة.



إلا أن ماشار قال أمام البرلمان في جنوب السودان في الثلاثين من حزيران" جيش الرب للمقاومة كان هو المتهم بالقيام باعتداء الرابع عشر من حزيران، وقد أرسلت لجنة للتحقيق بهذا الزعم وبقية الأدلة موجودة وقد تبين بشكل واضح بأن المسؤول عن الاعتداء كان قوات الدفاع الشعبي الأوغندية وليس جيش الرب للمقاومة."



وقد اضطلع بالتحقيق فريق وقف الأعمال العدائية الذي يراقب تطبيق قرار وقف إطلاق النار الساري المفعول لمدة سنتين بين متمردي جيش الرب للمقاومة وحكومة أوغندة.



كما أسند المحققون كذلك إلى قوات الدفاع الشعبي الأوغندية تهمة الهجوم على عدد من المنازل في قرية حدودية حيث قام المهاجمون بنهب الغذاء والسلع المنزلية واختطاف رجل يبلغ من العمر إحدى وثلاثين سنة وجد قتيلاً بعد ثلاثة أيام على بعد ثلاثة كيلومترات تقريباً من منزله على طول طريق خط انسحاب المهاجمين، ووفقاً للتقرير كان قد تعرض لإصابة في رأسه وطعنة في ظهره ويفترض أنه من البحرية.



"وعلى ما يبدو كانت الفرضية تقول بإن المنفذين كانوا من جيش الرب للمقاومة، ولكن حسب ما جاء في التقرير فإن فرقة من قوات الدفاع الشعبي الأوغندية تنكرت منتحلة شخصية جيش الرب للمقاومة وقامت بذلك". وقد وجه ماشار إلى روهاكانا روغوندا وزير الداخلية الأوغندي وكبير المفاوضين رسالة يدعوه فيها إلى المشاركة في المحادثات.



إن طلب مغادرة القوات الأوغندية هو أوضح دليل على محاولات كمبالا تشجيع جنوب السودان على نشر قواته للتصدي لجيش الرب للمقاومة.



وقد صرحت بياتريس شمشون ـ وهي عضو في برلمان جنوب السودان وممثلة عن المنطقة التي شهدت أسوأ معركة بين قوات الدفاع الشعبي الأوغندية وجيش الرب للمقاومة في الحرب بينهما على مدى السنوات الست الأخيرة ـ قائلة إنه:" قد غدا واضحاً أن وجود قوات الدفاع الشعبية الأوغندية لم يعد قادراً على حل مشكلة جيش الرب للمقاومة في جنوب السودان بعد الآن"، مضيفة "ويعود ذلك أيضاً إلى أن قوات الدفاع الشعبية الأوغندية لجأت إلى انتحال شخصية جيش الرب للمقاومة لقتل الأبرياء، وأكدت على أن الكيان الوحيد والمؤسسة التي تستطيع حماية شعب جنوب السودان تتمثل في جنودنا الشجعان في الجيش الشعبي لتحرير السودان".



إلا أن المسؤولون الأوغنديون يحاولون في الوقت نفسه التقليل من شأن هذا الانشقاق والخلاف مدعين بأن الوضع هو حالة سوء تفاهم ليس إلا.



أعلن وزير الخارجية الأوغندي سام كوتيسا أمام وكالات الأنباء في كمبالا:" لا يمكن أن يكون جيشنا [هو المسؤول عن قتل المدنيين] فإن جيشنا منظم ومنضبط".



كما صرح الناطق العسكري النقيب كريس ماغيزي: "إن قوات الدفاع الشعبية الأوغندية غير متورطة بأي شكل من الأشكال في مثل هذه الهجمات" مضيفاً "إن ذلك ليس أسلوبنا في العمل".



وبينما يشوب التوتر العلاقات بين الجارين صرحت مجموعة من المسؤولين الأوغنديين رفيعي المستوى بان جنوب السودان وأوغندا لا يزالان بحاجة أحدهما إلى الآخر.



وأبلغ اللواء أيوين أليير صحيفة رؤية جديدة في كمبالا بأن أوغندا هي التى ساعدت جنوب السودان في الحصول على الحكم الذاتي وأن المنطقة ما زالت في حاجة إلى الدعم للحصول على الاستقلال التام الذي تحلم به، هذا ومن المخطط إجراء تصويت على الاستقلال في عام 2011.



قائلاً:" أود أن أؤكد لكم بأنه لا توجد مشكلة خطيرة بين قوات الدفاع الشعبي الأوغندية والجيش الشعبي لتحرير السودان".



وصرح قائد الجيش العام لقوات الدفاع الشعبية الأوغندية آروندا نياكايريما بأن الوجود العسكري الأوغندي في جنوب السودان يمنع الخرطوم من دعم المتمردين الأوغنديين كما اعتادت أن تفعل.



كما أضاف أروندا مؤكداً "أود أن اؤكد لكم بأن العلاقة مع جارتنا طبيعية، لن يكون هناك مزيد من الأعمال من قبل (الرئيس السوداني عمر البشير) لدعم جيش الرب للمقاومة ولن يتم إرسال طائرات لضرب مناطقنا الحدودية من مثل آدجوماني".



ولكن على الرغم من كل هذه التأكيدات بأنه من الممكن حل هذه المشاكل، فإن من المتوقع إجراء محادثات بشأن سحب القوات الأوغندية من جنوب السودان في الأسابيع المقبلة.



بادرو مولومبا، متدرب ـ معهد صحافة الحرب و السلم.
Frontline Updates
Support local journalists