الاغتصاب 'سلاح حرب' في شرق الكونغو

يجتاح وباء عنف جنسي وحشي المنطقة ، حيث تغتصب النساء وتنتهك الأعراض دون أن يتعرض الآثمون لأي عقاب.

الاغتصاب 'سلاح حرب' في شرق الكونغو

يجتاح وباء عنف جنسي وحشي المنطقة ، حيث تغتصب النساء وتنتهك الأعراض دون أن يتعرض الآثمون لأي عقاب.

Monday, 4 February, 2008
.



لقد اغتصبها قبل ثلاثة أسابيع في منطقة روتشورو شرق مقاطعة شمال كيفو أربعة جنود من الجيش الكونغولي، أعلنت ماري البالغة من العمر تسعة عشر عاماً من المشفى الذي تعالج فيه في غوما: "لقد خسرت عذريتي، ولا أدري إذا كنت مصابة بالإيدز، وتساءلت من سيتزوجني؟."



إلا أن ماري جين لاتزال تحظى بدعم عائلتها، بخلاف جانيت البالغة من العمر عشرين عاماً والتي اغتصبها أحد أعضاء الميليشيا المحلية في قريتها، فتخلت عنها أسرتها مدعية أنها سلمت نفسها له.



يجتاح وباء العنف الجنسي الوحشي شرق الكونغو بشكل عنيف ، حيث تقوم كل أطراف النزاع من الجنرالات المتمردين والميليشيات المتنافسة والجيش الكونغولي، باغتصاب النساء من أمثال ماري وجانيت دون أن يتعرضوا لأي نوع من أنواع العقاب.



قالت آنيك فانوودنبيرج وهي باحثة من الكونغو تعمل في منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان "ترتكب كل الجماعات المسلحة أعمال العنف الجنسي ." وأضافت : "من الواضح أن النساء لا ينعمن بأي حماية حالياً، لا يمكن لأحد ان يدعي جهله بحقيقة أن الاغتصاب يستخدم كسلاح من أسلحة الحرب في شرق الكونغو. "



جستين ماسيكا التي تعمل في منظمة غير حكومية مقرها في غوما وتقوم بتقديم المساعدة لضحايا العنف الجنسي في شمال كيفو، التحقت بمجموعة ـ مساعدة ضحايا العنف الجنسي SFVSـ بعد أن دعيت لمساعدة امرأة تبلغ من العمر ثمانين عاماً كانت قد تعرضت للاغتصاب، وقد توفيت إثر ما تعرضب له من إصابات.



وتقدر ماسيكا حالات الاغتصاب في كيفو منذ عام 2004 بأربع عشرة حالة تقريباً، ألف وأربعمائة منها تمت خلال الأشهر الست الماضية فقط، وقد ساعدت الـ SFVS التي تقوم بالمرافقة النفسية للضحايا وتعطي العلاج اللازم بعد العمليات الجراحية (مثلاً النواسير، أو تمزقات المهبل الناجمة عن الاغتصاب) الآلاف من ضحايا الاغتصاب بمن فيهم طفلة تبلغ من العمر عشرة أشهر.



معظم الضحايا من سكان الريف الذين تعرضوا للهجوم وهم يعملون في الحقول أو في جلب الماء، ويقع الصبيان الصغار أيضاً ضحية للاعتداءات الجنسية، فقد وثقت جماعة ماسيكا قرابة أربعين حالة اغتصاب لصبيان في شمال كيفو هذا العام.



وتشير ماسيكا إلى أن المغتصبين يحاولون إضعاف و تدمير المجتمعات باللجوء إلى العنف الجنسي لإرهاب الناس أو لتنفيذ جداول أعمالهم ومخططاتهم وتقول :"إنها استراتيجية حربية."



كما تؤكد ماسيكا أنه رغم أن الاغتصاب يشكل منذ وقت طويل خطة تعتمدها الأطراف المتحاربه في الكونغو، فإن المشكلة الآن تفاقمت وغدت أسوأ مما كانت عليه في الماضي فبالرغم من أن الغالبية العظمى من عمليات الاغتصاب يرتكبها أفراد من القوات المسلحة، فإن مسؤولية المدنيين عن أعمال العنف الجنسي تتزايد خاصة وأن بعضهم من أفراد الميليشيا.



كما أشارت إلى أنه:"خلال حروب التسعينات كان هناك عمليات اغتصاب إلا أن الجناة كانوا يعاقبون بشدة ويطردون من مجتمعاتهم، لكن مع وجود مناطق بلغ فيها الصراع هذا الحد بدأ المجرمون يفلتون من العقاب، وبذلك أخذ المدنيون يعتبرونها جرائم بإمكانهم الإفلات من عقابها."



ويشير عمال الإغاثة في المنظمات غير الحكومية، إلى أنه بدل طرد مرتكبي هذه الجرائم من المجتمعات كما كان يحدث في الماضي أصبح عقد صفقات يعوض فيها مرتكبو الجرائم لأهالي الضحايا شائعاً قالت ماسيكا: "يقوم المغتصبون بإعطاء أسر الضحايا اثنين من الماعز كتعويض."



لقد قام تسعة جنود باغتصاب شانتال البالغة من العمر 28 عاماً وهي أم لستة أطفال في أحد الحقول في منطقة ماسيسي. وتقول إن ولاء هؤلاء الجنود كان لقائد التوتسي العام لوران نكوندا، الذي يسيطر على المنطقة ويقاتل الجيش الكونغولي في المقاطعة.



لقد نقلت إلى المستشفى في غوما إلا أنها تعاني من آلام شديدة وقد هجرتها عائلتها، وتقول إن من اعتدوا عليها لا يزالون أحراراً وإنها تخشى أن يعتدوا على نساء أخريات وتتساءل بمرارة: "ماذا فعلت لأستحق كل هذا الألم؟."



شانتال شأنها شأن معظم ضحايا الاغتصاب في الكونغو لا ترى نفعاً في التوجه للمحاكم طلباً لتحقيق العدالة، وتفسر ماسيكا ذلك بأن شانتال لا تثق بنظام من عادته تحقيق العدالة لمن يدفع أكثر وتشير إلى أن مئتي امرأة فقط من بين الآلاف من النساء اللواتي ساعدتهن تجرأن على ملاحقة المعتدين عليهم قانونياً.



هذا وهناك مشكلة رئيسية أخرى وهي عدم التمكن من الوصول الى النظام القانوني، فهناك محاكم في شمال كيفو وفي مدن غوما بيني وبوتيمبو ولكن تتعرض معظم النساء للاعتداء في المناطق الريفية التي تبعد أميالاً عن أقرب مركز للشرطة أو محكمة أومحام.



وقدرت منطمة ريجوسكو (وهي منظمة تمولها أوروبة للمساعدة في إعادة إحياء نظام العدالة المريض في شرق الكونغو) نسبة اللاتي يحصلن على المساعدة القانونية من ضحايا العنف الجنسي باثنين بالمائة فقط.

ويقول السيد ديرك ديبريز المنسق في منظمة ريجيسكو في غوما: إن القانون الجديد بشأن العنف الجنسي والذي صادق عليه البرلمان في عام 2006 بهدف تسريع محاكمة حالات الاغتصاب و تشديد العقوبات لم يكن له أثر يذكر.



قال ديبريز :"لقد كان قانوناً طموحاً في ظل نظام فيه نقص في العاملين وفي الإمكانيات، كان انتصاراً رمزياً لأولئك الذين يعملون على مكافحة العنف الجنسي، ولكننا لم نلحظ حدوث تغيير في هذا الميدان منذ صدور هذا القانون."



وتؤكد فان وودينبرغ على "أن حظ نجاح النساء اللواتي يرغبن في توجيه تهم الاغتصاب وملاحقة المعتدين عليهم قانونياً ضئيل جداً." كما تؤكد أن التحقيقات لا تتم بشكل صحيح، وأنه لا يكاد يكون هناك نساء قضاة أو محققين، وأن النساء تعاملن معاملة سيئة للغاية عندما تثرن هذه القضايا وعندما يتوجهن إلى المحاكم."



وقد أعلن المقرر الخاص للأمم المتحدة في تقرير صدر عنه مؤخراً، أن درجة وحشية العنف الجنسي ضد المراه في الكونغو تصل إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.



إن أعمال الاغتصاب الفردية والاستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء أو الحمل القسري والعقم القسري وأي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي التي تشكل خرقاً جسيماً أو انتهاكا خطيراً لاتفاقيات جنيف يمكن أن تحاكم على أنها جرائم حرب إذا ارتكبت خلال الصراعات المسلحة الدولية أو الداخلية على حد سواء.



في مثل هذه الحال يمكن للمحكمة الجنائية التدخل، خاصة بوجود نظام قانوني كونغولي غارق في الفوضى، ومن المرجح أن يكون مقرها في لاهاي وستعقد لمحاكمة بعض المتهمين بارتكاب العنف الجنسي في كيفو الشمالية وأماكن أخرى في البلاد.



وقد أرسلت ماسيكا الأدلة على الجرائم الجنسية المرتكبة في شمال كيفو إلى المحكمة، والمحكمة الآن بصدد اختيار التحقيق الثالث الذي ستجريه في الكونغو، إلا أنه غير المعروف بعد إن كان سيتم إجراؤه في كيفو الشمالية ومع ذلك فقد أعلنت المحكمة مؤحراً أنها بصدد جمع معلومات عن الجرائم التي ارتكبتها جميع الأطراف بما في ذلك الاغتصاب والتشريد القسري وعمليات القتل وتجنيد الأطفال.



وقد أبلغت السيدة بياتريس لو فرابر دو هيلين، رئيس شعبة العمل مع الحكومات لتأمين التعاون في المحكمة الجنائية الدولية، معهد صحافة الحرب والسلم أن المحكمه مدركة لثقافة العنف الجنسي السائدة في شرق الكونغو ووصفتها بأنها "هائلة ووحشية بشكل مروع".



وقالت: "العنف الجنسي يمارس بشكل روتيني تماماً وبكل وحشية حتى ضد الأطفال الصغار جداً، وأنه يجب أن يكون هناك موضوعية في مثل هذه الوحشية."



ومن الجدير بالذكر أن جيرمان كاتانغا أحد زعماء الميليشيا الكونغولية، في قبضة المحكمة الجنائية الدولية الآن ومن بين الاتهامات الموجهة إليه الاستعباد الجنسي .



وفي أوغندا، جوزيف كوني وفنسنت أوتي من جيش الرب للمقاومة متهمان بالاغتصاب والاستعباد الجنسي، في حين أن اثنين من المتهمين السودانيين أحمد هارون وعلي كوشيب متهمان بإحدى وخمسين جريمة ضد الإنسانية وجرائم حرب بما في ذلك الاغتصاب.

وفي التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية حالياً في جمهورية إفريقيا الوسطى ، يفوق عدد الجرائم الجنسية عدد جرائم القتل.



وقد صرحت فرابر:"في قضيتنا ضد كاتانغا أعلنا بكل وضوح أن العنف الجنسي جريمة تحاكم عليها المحكمة الجنائية الدولية، وإن كان أي شخص يظن أن العنف الجنسي جريمة لا يحاكم عليها فلينظر إلى كاتانغا، فلينظر إلى جمهورية إفريقيا الوسطى ، ولينظر إلى جوزيف كوني ولينظرإلى هارون".



ليزا كليفورد، مراسلة صحفية، معهد صحافة الحرب والسلم، لاهاي.

تشارلز نتيريسيا مساهم في معهد صحافة الحرب والسلم، غوما.
Frontline Updates
Support local journalists