شكوك حول خطة بناء الجيش

بقلم: عدنان.ق.كريم في بغداد(تقرير الازمة العراقية المرقم)

شكوك حول خطة بناء الجيش

بقلم: عدنان.ق.كريم في بغداد(تقرير الازمة العراقية المرقم)

Tuesday, 22 February, 2005

إن من يهتم بالوحدة الوطنية العراقية وتطور الديمقراطية سيرحب دون ادنى شك بإعلان بول بريمر الحاكم المدني لسلطة التحالف المؤقتة في 5/12/2003 والذي يؤكد على عدم وجود مكان للميليشيات في العراق الجديد.


يصر بريمر على أن المسالة الأمنية يجب أن تناط إلى مؤسسات وطنية مثل الجيش العراقي, الشرطة,وقوة الدفاع المدني مما يعزز الآمال بان التحالف أضاف أخيرا أهمية جديدة لبناء الجيش العراقي- وهي المسالة التي تم التعامل معها بشكل خاطئ سابقا-.


يبدوا إن التحالف قد سمح لسياساته تجاه الجيش العراقي أن تتأثر بآراء بعض أعضاء مجلس الحكم.الذين جاءوا من الخارج, وهم ببساطة دون دراية بتجربة الجيش في ظل نظام صدام و معاناته, وهم يرفضون ويمتعضون من تقريب الرتب العالية من الضباط. بينما يرى أعضاء آخرين في المجلس إن الجيش ينافس سلطتهم وسلطة الميليشيات التابعة لهم.


مشكلة الميليشيات الأساسية هي علاقتها بالأحزاب السياسية وانحيازها لها. ذلك يعني ان الميليشيات سيكون ولائها للحزب أولا ثم بعد ذلك يأتي اهتمامها بالأمن الوطني.


قد تلعب الميليشيات دورا إيجابيا.أحد الإفكار المطروحة هي إنشاء فوج مرتب لمكافحة الإرهاب قوامه 500 مقاتل يتم تجنيدهم من ميليشيات خمسة أحزاب.في حال نجاح هذه التجربة,فقد يشجع رجال الميليشيات على ضمهم إلى الجيش كا شخاص يستخدمون هويتهم السياسية في خدمة البلد.


بسطت الميليشيات الكردية(البيشمركة) النظام في عدة مدن في الشمال.لكن من المهم ملاحظة إن البيشمركة ساندت الشرطة في قضايا الأمن الداخلي,على أن أولويات عمل الشرطة هو توفير الأمن في المدن.


أفرزت تجربة الميليشيات في مدينة النجف الجنوبية نتائج مختلفة. فهي تعود للأحزاب الدينية التي حققت نجاحا في حفظ النظام بعد حادثة التفجير التي أودت بحياة آية الله محمد باقر الحكيم في اب الماضي.


لكن النظام جاء على حساب الديمقراطية,حيث إن الحضور القوي للميليشيات- مثل تنظيمات بدر التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق التي منعت بقية الأحزاب من الحصول على موطء قدم لها في الساحة السياسية للمدينة.


من الواضح إن استخدام الميليشيات قد يسهم في نشوب نزاع مدني. بوسعنا أن نتصور ما قد يحدث في حال استفاد الائتلاف من الميليشيات في إحياء بغداد المختلفة- قد يقود ذلك الى لبننة العراق .


وبالمقارنة مع الميليشيات, فان القاعدة الأساسية الأولى للقوات العسكرية الوطنية هي أنها يجب أن لا تتورط في السياسة الحزبية.


وطبعا فان هذه القاعدة غالبا ما تخرق- مثلما كانت في العراق في ظل حكم صدام حسين أو في أي مكان آخر في العالم. و مع ذلك إذا ما أُتبعت هذه القاعدة فباستطاعة الجيش الوطني أن يساعد في لم شمل العراقيين من المناطق والمجموعات العرقية المختلفة في أمة واحدة موحدة.


بالإضافة إلى ذلك, سيؤدي الجيش القوي دوره الاعتيادي في التصدي لأي عدوان محتمل وحماية حدود البلد والتعبئة الجماهيرية عند حدوث الكوارث وبناء الروابط الدبلوماسية من خلال تبادل وإرسال الوفود والبعثات وتوقيع المعاهدات والأحلاف مع الدول المختلفة.


لسوء الحظ, لم يدرك الائتلاف في السابق أهمية إعادة بناء الجيش العراقي.


هناك اتفاق واسع الآن على أن قرار حل الجيش العراقي في حزيران كان خطأ كارثيا. إن هذا الإجراء لم يستبعد قوة كان بالإمكان استخدامها في حفظ النظام ومنع التسلل عبر الحدود فحسب, بل ترك العديد من الضباط ذوي الخبرة في استخدام السلاح والتكتيكات بدون راتب أو عمل مجدي ليقوموا به. فليس من الغرابة حين يُقال إن عددا من هؤلاء الضباط العاطلين عن العمل قد تلقوا عروضا بـ 1000 دولار أميركي للاشتراك بشن هجمات ضد التحالف.


يقوم التحالف بإعادة بناء جيش جديد لكن يبدو إن الخطة عاجزة عن تلبية الحاجات الحقيقية للبلد. تقول أخر التقارير إن الحجم المقترح لسنة قادمة من الآن سيكون حوالي (40000) ضابط وجندي مع مدفعية خفيفة.


ومثل تلك القوة قد تكون كافية بالحد الأدنى للسيطرة على الحدود العراقية التي تمتد مع ستة بلدان مجاورة,حيث لا يبقى شيء لتنفيذ أي من مهماته الأخرى.


الجيش الجديد المقترح سوف لن يوفر مكانا كافيا لاستيعاب كل الضباط العراقيين السابقين .- سيتم استبعاد من كانت تربطهم علاقات مع السياسات البعثية والنظام السابق.معظم الضباط الآن مجبرون على إعادة تسجيل أنفسهم كجنود, وهذا ليس أمرا مهينا حسب بل انه خارج نطاق السياقات التي تدربوا عليها.الرواتب القليلة التي يتقاضونها تزيد الطين بلة.


يفضل إعادة بناء الجيش وفق مايلي : البدء بإقصاء الآمرين من ذوي الرتب العالية الذين كانوا تابعين مخلصين للنظام السابق- مثل الوزير, رئيس الأركان, وامراء الصنوف المختلفة مثل قادة الفيالق في الجيش, البحرية, القوة الجوية, صواريخ ارض ارض, والسمتيات.


أن تدفع لهم رواتب عالية طالما إن الضباط والجنود لا يستطيعون أيجاد فرص عمل ثانية, لانهم يجب أن يظمنوا عيشا جيدا لعوائلهم إضافة إلى انهم مضطرون للعيش بعيدا عن مناطق سكناهم.


سيكون الجيش الجديد كله من المطوعين, جيشا مؤهلا وبدوام كامل. كان تعداد الجيش خلال الحرب الأخيرة بين (400000 - 500000 ), أما الجيش الجديد – بدون الاحتياط, والمعادين إلى الخدمة قد يصل إلى( 250000).


افضل استبدال قوة الدروع الثقيلة والفيالق الخمسة التي كانت قبل الحرب بتشكيلات اصغر وهي قوة دفاعية يشكل المشاة الأغلبية فيها, مع ناقلات الأشخاص الخفيفة, وسمتيات الاستطلاع.وافضل بالخصوص أن بكون هناك فيلقين للجيش يتكون كل واحد منها من فرقتي مشاة , وفرقة مشاة آلية, ولواء مدرع إضافة إلى لواء قوات خاصة.


يجب أن يكون للعراق قوة بحرية وقوة جوية ودفاع جوي. يمكن إعادة بناء البحرية بسهولة حيث يمتلك العراق العشرات من السفن غير المستعملة والمحجوزة في ترسانة بناء السفن وفي القواعد البحرية الأجنبية في أنحاء متعددة من العالم, بعد غزو الكويت.


الاستخبارات العسكرية الجديدة يجب أن تكون مصدر معلومات للدفاع عن العراق ضد الأعداء الخارجيين وليس للتجسس على المواطنين. يجب أن ترتبط بوزارة الدفاع وان لا تكون تحت إمرة الرئاسة أو وزارة الداخلية.


ومن الطبيعي أن يكون ذلك كله مضمونا بموجب هرم دستوري واضح حيث يقوم الجيش بإسناد الرئيس المدني للدولة الذي تحدد صلاحيات استخدامه للجيش بموجب الدستور.


يجب أن يشكل الجيش العراقي الجديد بضباطه وجنوده من مختلف الأديان والأعراق ليكون مرآة تعكس كل الطيف العراقي.


إن إعادة بناء الجيش بشكل جيد سيقود إلى اختفاء جيش التحالف من الشوارع- وذلك عنصر مهم لانتقال السلطة من الأجانب إلى العراقيين.


وان تمت إعادة بناء الجيش بشكل جيد فان ذلك سيجعل منه مؤسسة لتوحيد وقوة العراقيين اكثر من كونه أداة لتفرقتهم واضطهادهم.


عدنان.ق. كريم : لواء سابق في البحرية العراقية


Iraq
Frontline Updates
Support local journalists