المنافسة الشيعية من أجل السيطرة على الجنوب

يأمل حزب رئيس الوزراء و المستقلون إقصاء الحزب الشيعي المسيطر في المنطقة الجنوبية

المنافسة الشيعية من أجل السيطرة على الجنوب

يأمل حزب رئيس الوزراء و المستقلون إقصاء الحزب الشيعي المسيطر في المنطقة الجنوبية

.



فقد وضعت انتخابات مجالس المحافظات تحالف رئيس الوزراء نوري المالكي المعروف بائتلاف دولة القانون ضد المجلس الأعلى الإسلامي العراقي و المعروف سابقا بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق.



وبرزت الفجوة بين الأحزاب والأطراف الشيعية كدراما سياسية كبيرة قبيل انتخابات مجالس المحافظات و ذلك بعد ما جوبهوا بتحديات من ائتلافات شيعية أخرى والجماهير الناخبة الساخطة.



يعد المجلس الأعلى الإسلامي العراقي اللاعب المهيمن في السياسة الشيعية العراقية، فبالإضافة الى سيطرته على المحافظات التسع ذات الغالبية الشيعية، يحتل المجلس أكبر عدد من المقاعد من أي ائتلاف آخر في البرلمان العراقي وله مؤيدين مسلحين تم دمجهم ضمن وزارتي الدفاع والداخلية وهو يتمتع بنفوذ واسع في المساجد وبين رجال الدين الشيعة.



ولكن المسؤولين الحاليين في الحكومة انهم يحظون بشعبية في الإنتخابات المحلية، وعزز حزب الدعوة الذي يرأسه المالكي موقفه من خلال التشديد على الحاجة الى حكومة مركزية أقوى وخدمات عامة أفضل – وهما رسالتان لقيتا صدى من قبل بعض الناخبين الذين يشعرون بالإستياء من السياسة المحلية.



إحدى المسائل التي أدت الى تقسيم الأحزاب الشيعة هي خلافهم حول الفيدرالية ودور الحكومة المحلية في عملية الحكم.



لدى المجلس الإسلامي الأعلى خلفية دينية، وهو يعارض إقامة حكومة مركزية قوية ويدفع باتجاه فيدرالية شيعية كبيرة في الجنوب تحظى بنفس استقلالية إقليم كردستان في الشمال.



وتتناقض هذه السياسات مع أجندة المالكي التي تبدو أنها أقل دينية، وإيمانه بتقوية سلطة المركز، بغداد، على المحافظات. يقلل كل من الدعوة وإئتلاف دولة القانون من أهمية جذورهما الإسلامية. فحزب الدعوة الذي يقوم بحملته الإنتخابية مستخدما رسالة "التغيير" التي تتمتع بشعبية كبيرة في السياسة المحلية، يسيطر على مجلس محافظة كربلاء فقط.



الا أن المالكي وسع من سلطته خلال الأشهر الأخيرة. فقد حظي بتأييد العشائر له من خلال إدخالهم في "مجالس الإسناد" المثيرة للجدل والتي إستحدثها المالكي. ويتم تمويلها من قبل الحكومة المركزية.



يشكو زعماء الشيعة الموجودين الآن في مجالس المحافظات بأن مجالس الإسناد الجديدة ستحد من سلطتهم.



يقول علي الأديب، هو مسؤول بارز في حزب الدعوة، أن المجلس الإسلامي ألأعلى "يخشى من أن سياسة المالكي بتقوية دور الحكومة المركزية ستقلل من سلطتهم في الوسط والجنوب".



" أنهم يحاولون خلق حكومة ضعيفة في بغداد، وهذا أمر غير مقبول إطلاقاً".



الا أن الزعماء المحليين والموالين للمجلس الأعلى الإسلامي يقولون أنه هناك قدر كبير من سيطرة المركز، ويتهمون بغداد بأنها وضعت الأموال تحت قبضتها القوية وتحبط جهود المحافظات لتعزيز الإقتصاد و توفير الخدمات.



جلال الدين الصغير، قيادي بارز في المجلس الأعلى وعضو البرلمان، يقول "لم تشهد المحافظات الجنوبية تطورا خلال السنوات الخمس الماضية بسبب القوانين الصارمة للحكومة المركزية".



ويضيف "نريد نظاما فدراليا موسعا يتيح لإقامة نظام حكم ذاتي في الوسط و الجنوب، لا نريد حكومة تسيطر على السلطة في العراق وتجر العراق الى نظام دكتاتوري مجددا".



ستتمتع مجالس المحافظات الجديدة بسلطة أوسع مما كان لدى المجالس السابقة، من ضمنها صلاحية أكثر فيما يتعلق بالميزانية. ومن المحتمل أن تقوم هذه المجالس أيضا بمعالجة مسألة إنشاء إقليم جديد شبه- مستقل في الجنوب و فيما إذا كان الإقليم سيضم محافظاتهم أيضا. فبينما يحبذ المجلس الأعلى فكرة إقليم موسع، تدعو أطراف شيعية أخرى الى اقاليم أصغر.



حسب قول الشيخ جاسم المندلاوي، وهو مؤيد مقتدى الصدر في النجف، بالإضافة الى الحصول على سلطة أكبر على المستوى المحلي، فأي حزب يبرز على السطح في إنتخابات مجالس المحافظات سيكون له اليد العليا في الإنتخابات البرلمانية المقرر إجراءها هذا العام.



السباق الإنتخابي في المحافظات الشيعية كان أكثر حدة بسبب رفض آية الله العظمى السيد علي السيستاني منح تأييده لأي مرشح أو كيان في الإنتخابات.



إلا ان في إنتخايات 2005، نقل أن السيستاني أيد تحالفا من أطراف شيعية ضم حزب الدعوة بقيادة "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق" كما كان معروفا آنذاك.



بصفته الحزب الشيعي المهيمن في العراق، يتمتع المجلس الأعلى ومنذ فترة طويلة بتأييد غالبية رجال الدين، وعلى أي حزب آخر يأمل أن يمضي قدما في السياسة الشيعية في العراق أن يستعد لتحدي ومنافسة المجلس الأعلى.



قال احد الموالين لمقتدى الصدر الذي تمت مقابلته من قبل "مجموعة الأزمات الدولية" تعمل كافة الأحزاب، دون إستثناء، ضد المجلس الأعلى.



ربما تكون محافظة البصرة الغنية بالنفط المحافظة الشيعية الأكثر قوة وحيث الصراع عليها على أشده، حيث تنافست الأحزاب الموجودة فيها مستخدمة كافة أنواع المناورات للفوز بمقاعد مجلس المحافظة.



يتقاسم حزب الفضيلة، الحزب الحاكم في البصرة، النفوذ مع المجلس الأعلى والكتلة الصدرية في المحافظة، ولم يكن لمقتدى الصدر وجود في الحملة الإنتخابية ولكنه أيد المرشحين المستقلين.



يشتاط الناخبون في البصرة غضبا حيث يشكون من الميليشيات المسلحة، الإقتصاد الضعيف وشحة الخدمات إضافة الى "الفساد المستشري". ورغم أن البصرة فيها أكبر إحتياطي للنفط في العراق، فإنها تضم الميناء الوحيد في البلد أيضا – لكن رغم كل ذلك، فأن نسبة الفقر في المحافظة عالية، وقد قوّضت المعارك بين الميليشيات الشيعية والمتطرفين الأمن والتطور في المحافظة.



شن المالكي العام الماضي عملية عسكرية كبرى أدت بشكل أساسي الى إضعاف الصدر والميليشيا التابعة له في البصرة وبغداد. أتهم الصدريون المالكي، وقتئذ، بمهاجمة مقاتليهم سعيا منه لتعزيز سلطته قبيل إنتخابات مجالس المحافظات.



ويعتقد البعض بأن عدم فاعلية الحكومات المحلية أصابت الناس بخيبة أمل من الأحزاب الدينية التي تسيطر على زمام السلطة الآن.



كشف استطلاع للرأي أجراه المركز الوطني للإعلام التابع للحكومة العراقية بأن 42% من العراقيين أيدوا التصويت للمرشحين العلمانيين، مقارنة بـ 31% الذين أيدوا التحالفات او الائتلافات الدينية.



وحاول المرشحون المستقلون والعلمانيون أيضا تحدي المسؤولين الحاليين في السلطة في المناطق الشيعية، ولكنه كان من غير المؤكد فيما إذا كان الناخبون يعرفون بما فيه الكفاية عن المرشحين أو التحالفات الأصغر حجما كي يصوتوا لهم.



يقول جوست هيلترمان نائب المدير التنفيذي لبرنامج مجموعة الأزمة الدولية في الشرق الأوسط، أن الأحزاب الحاكمة تتمتع أيضا بـ"إمكانيات مسبقة وجاهزة". وحذر في تصريح له، "أنهم سيستفيدون من الثروة التي بحوزتهم وإمكانيتهم في التأثير على التصويت".



ولكن رغم عملية التسييس الشديدة، لا يتوقع المراقبون أن الأحزاب الشيعية – التي كانت لها ميليشيات قوية في الماضي – ستلجأ الى حمل السلاح لحل النزاعات على السلطة.



ورغم ذلك، الا ان المحلل السياسي عبد المنعم الأعسم، يرى بانه "ليست هناك أي خشية من أن هذه الإنتخابات سيسيطر عليها طابع العنف".
Frontline Updates
Support local journalists