جدل حول قانون الاستثمار الأجنبي
يتساءل العديد من العراقيين عن حق الإدارة التي تقودها أميركا في إعطاء الشركات الأجنبية حقوق واسعة لشراء الموجودات الوطنية.
جدل حول قانون الاستثمار الأجنبي
يتساءل العديد من العراقيين عن حق الإدارة التي تقودها أميركا في إعطاء الشركات الأجنبية حقوق واسعة لشراء الموجودات الوطنية.
يحتدم الجدل في محافل التخطيط والأعمال حول التأثير المحتمل للإصلاحات الاقتصادية التي قدمتها منذ شهرين سلطة التحالف المؤقتة التي تقودها الولايات المتحدة.
يتركز الجدل على قانون الاستثمار الأجنبي الجديد الذي سُن بتاريخ التاسع عشر من أيلول من قبل سلطة التحالف المؤقتة والحاكم المدني في العراق السفير بول بريمر، بالإضافة إلى التخطيط لخصخصة الشركات الحكومية العراقية.
يمنح القانون للمستثمرين الأجانب الحق بتملك الشركات بنسبة 100% وبإرسال الأرباح خارج البلاد بدون ضرائب وتأجير الأراضي لمدة تصل إلى 40 عاما.
لن يسمح للشركات الأجنبية بأن تمتلك مقاليد صناعة النفط المؤممة في العراق لأن القانون يستبعد بصراحة الملكية الأجنبية "لقطاع الموارد الطبيعية الذي يشتمل على الاستخراج والتصفية الأوليين."
اختلفت الآراء بحدة حول تأثير الضوابط الجديدة وحتى حول إذا ما كان لسلطة التحالف المؤقتة الحق باقتراحها.
قال وزير المالية كامل الكيلاني في مؤتمر عُقد مؤخرا أن القانون الليبرالي ضروري لسحب الاستثمار من الدول الأخرى في الخليج العربي. ونفى الكيلاني بأنه " تخلى" عن البلاد قائلا أن مثل هذا الانتقاد يظهر عدم فهم القوانين الجديدة.
مايكل فليشر, المسؤول عن سلطة الائتلاف المؤقتة عن تشجيع تنمية القطاع الخاص، اعترف أن المنافسة الشريفة ربما تكون سببا في إخفاق بعض الأعمال العراقية لكنه حاول طمأنة رجال الأعمال العراقيين قائلا " أن أفضلكم سيبقى".
أما الخبراء الآخرون فانهم لا يتفقون مع هذا الرأي. إذ تعتقد سناء العمري أستاذة الاقتصاد في جامعة بغداد أن القانون سوف لن يترك دورا للقطاع الخاص العراقي. وهي تدعي أن الشركات الخاصة كانت "معوقة" تحت حكم النظام السابق وسوف لن تتمكن من التنافس مع المستثمرين الأجانب.
تعتقد العمري أن القانون يجب أن يتماشى مع تشريعات الاستثمار في الدول العربية الأخرى حيث أن المستثمرين الأجانب يجب أن يكون لهم شركاء محليين. وهذا سيمكن العراقيين من تطوير مهارات الأعمال التي يحتاجونها للمنافسة على المستوى الدولي ولن يتركوا تحت رحمة السوق بعد سنين العزلة.
في مناطق بغداد التجارية يشكو بعض التجار من أن القانون الجديد سوف يسمح للشركات الأجنبية بالمجيء إلى هنا ودفعهم بعيدا عن الأعمال. أما البعض الأخر منهم فيخشى من أن المصالح الاقتصادية الأجنبية تشكل خطرا على الأمن الوطني.
قال عضو مجلس الحكم سمير الصميدعي في جريدة الصباح الصادرة في بغداد بتاريخ الحادي عشر من تشرين الثاني, " بسبب غسل دماغ الذي قام به البعثيون, يعتبر الناس الاستثمار الأجنبي سرقة لثرواتنا".
يتفق أبو حسن الذي يدير محل مواد تجميل في شارع الرشيد مع وجهة النظر هذه قائلا سيفتح القانون السوق العراقية أمام " المضاربين" الذين سيرفعون الأسعار كما يشاءون.
يقول أبو حسين, أما بالنسبة لعائدية الأرباح " فيجب أن يكون هناك إشراف أو مراقبة حكومية وألا فسوف يسرقون ثروتنا ويأخذونها إلى بلادهم".
يعتقد عبد الحميد الراوي, مدير شركة النور التجارية, أن الشركات الأجنبية سوف " تخدم المصالح الأمريكية " من خلال استخدام عراقيين للتجسس لصالحهم.
تواجه خطط خصخصة قسم كبير من شركات القطاع العام العراقي اعتراضات مشابهة.
هذه السياسة لا تتطلب أي تشريع جديد طالما أن قانون الخصخصة كان قد سُن تحت حكم النظام السابق. لكن العراقيين يشككون لأن صدام حسين استخدم ذلك القانون لبيع شركات الدولة إلى أفراد عائلته.
في وقت سابق أعلن يعقوب شونيا, وهو مدير عام في وزارة الصناعة والمعادن التي تسيطر على أغلبية القطاع الحكومي, انه سيجري "تقييم" 52 شركة لرؤية فيما إذا تجب خصخصتها أو لا.
قال يعقوب شونيا أن جدول أعمال بيع شركات الدولة سوف يستمر لمدة عامين ولكن الشركات ستباع "فقط بعد التأكد من أن قواعد الخصخصة مقبولة لدى العراقيين".
يطمئن القليل من العراقيين لمثل هذه الادعاءات.
تتوقع هناء عبد الحسين, أستاذة الاقتصاد في جامعة بغداد, أن المستفيدين الأساسيين سيكونون هؤلاء الذين انتعشوا تحت حكم النظام السابق. وتقول سوف يستخدمون رأس المال [الذي حصلوا عليه] بصورة غير قانونية على حساب الشعب العراقي لشراء الأسهم أو سوف يستخدمون من قبل المستثمرين الأجانب من اجل الاستفادة من علاقاتهم.
تتوقع هناء عبد الحسين أيضا أنه سيُسيطر على عملية الخصخصة من قبل المستثمرين الأجانب الذين سيجلبون عمالا أجانب ليحلوا محل العراقيين في الشركات الحكومية السابقة.
ونتيجة لذلك تقول سناء عبد الحسين أن الخصخصة سوف تؤدي إلى تفاقم خطورة البطالة اكثر في بلد تُقدر نسبة العاطلين فيه عن العمل أصلا ما بين 60 - 70 %.
إن السؤال الحقيقي بالنسبة لبعض المراقبين هو ليس فيما إذا ستكون الإصلاحات مؤثرة ولكن فيما إذا يجوز قانونا لسلطة التحالف, باعتبارها سلطة مؤقتة لادارة الاحتلال, أن تسن هذه القوانين.
يعترف ثامر رزوقي, رئيس الهيئة الإدارية لجمعية رجال الأعمال العراقيين, بأن القانون "يلبي احتياجات العراق الاقتصادية"- ولكنه يقول أنه يجب أن لا يصدر عن سلطة التحالف. " يجب أن يصدر قانون بر يمر عن لجنة دستورية شرعية", وأضاف قائلا أن جمعيته ستفعل ما بوسعها لإلغاء هذا القانون.
يتفق المحامي محمد المهداوي مع الرأي القائل أن سلطة الائتلاف لم تكن في موقع يسمح لها بتقديم مثل هذا القانون، وقال "كان يجب أن يأخذ الأمر شكل قانون جديد عن الاستثمار صادر عن مجلس الحكم."
ومهما تكن الأسئلة القانونية التي تحيط الإصلاح, فان مؤيديه أيضا يخشون من أن وجودهم لن يكون كافيا لتشجيع الاستثمار طالما أنه يُحتمل أن المشترين المفترضين سيعوقهم عدم وجود ضمانات في عراق ما بعد الحرب.
تعترف أمل شلش, رئيسة قسم الدراسات الاقتصادية في مركز بحوث بيت الحكمة, أن متطلبات الملكية الحرة وانخفاض الضرائب والحوافز قد تؤدي "دورا مهدئا" على المستثمرين القلقين بشأن الفوضى الحالية في العراق.
ولكنها تعتقد أن القانون ببساطة سيفشل في النهاية بسبب " قضايا الاستقرار السياسي والإقليمي التي ستواجه المستثمر الأجنبي وخاصة غياب الأمن"
سلام جهاد وأسامة رياض صحفيان متدربان في معهد صحافة الحرب والسلام في بغداد.