الخوف يجتاح الناخبين المحتملين

بينما يتصاعد العنف في أنحاء البلاد, فان المزيد من العراقيين لا يرغبون في المجازفة بحياتهم من أجل ان يشاركوا في الانتخابات المقبلة

الخوف يجتاح الناخبين المحتملين

بينما يتصاعد العنف في أنحاء البلاد, فان المزيد من العراقيين لا يرغبون في المجازفة بحياتهم من أجل ان يشاركوا في الانتخابات المقبلة

Tuesday, 22 February, 2005

كان الرجال يلعبون (الدومنة) في احدى مقاهي مدينة كركوك المضطربة, ويستمعون في الوقت نفسه الى الأخبار, عندما قطع المذيع الأخبار ليعلن عن انفجار سيارة مفخخة في موكب محافظ المدينة مما أدى الى اصابة خمسة من حراسه و(13) مدنياً من المارة.


وتبع ذلك خبر هام عن البيان الصحفي الصادر عن المفوضية العليا للانتخابات في العراق, الذي يطلب من الناس التوجه الى مراكز التسجيل واضافة أسمائهم الى سجل الناخبين للمشاركة في التصويت في كانون الثاني لانتخاب أعضاء المجلس الوطني.


وتعليقاً على ذلك, شخر عبد الله خضير صاحب مطعم عربي بازدراء وهو يقول "اذا كانت الحكومة غير قادرة على حماية نفسها, لماذا يتوجب علي ان أجازف بالذهاب الى المركز الانتخابي. لن أضحي بنفسي من أجل الديمقراطية. اذا ما فجر أحدهم سيارة مفخخة وسط حشد من الناخبين الواقفين في الانتظار في الطابور, فان مثل هذه الديمقراطية لن تتحول الى والد لأطفالي."


وبالنسبة لعبد الله, فان الخبر الخاص بالهجوم على موكب المحافظ يبين استحالة اجراء انتخابات نزيهة خلال الأشهر القليلة المقبلة.


وقال "الناس يخافون من الاصطفاف أمام الدوائر الحكومية. أنظر ماذا حدث للأشخاص الذين كانوا ينتظرون للانخراط في الحرس الوطني هنا ـ لقد فجر أحدهم سيارة مفخخة وسط الحشد."


واستمر عبد الله في التشكيك بمقدرة الحكومة على حماية مواطنيها قائلاً "اذا لم يكن أياد علاوي قادراً على حماية أقاربه, فمن الذي يحمي أحداً مثلي؟"


ومع استمرار القتال في الفلوجة, وانتشار الهجمات العنيفة في الموصل والمدن الأخرى, يبدو ان عقد انتخابات حرة ونزيهة على مستوى الوطن أمر تكتنفه الصعوبات الجمة.


وبينما تؤكد حكومة علاوي أهمية الانتخابات في أقرب موعد ممكن لنهاية شهر كانون الثاني, فان الكثير من العراقيين يقولون أنهم لا يرغبون في التوجه للتسجيل, ناهيك عن التوجه الى التصويت, وذلك خوفاً من هجمات المتمردين الذين يعارضون العملية.


ويعتقد آخرون انه حتى لو كان بالامكان عقد الانتخابات, فانها في ظل هذا المناخ من عدم الاستقرار ستفشل في كسب الشرعية أمام الشعب, بذلك سوف يكون الفشل هو النتيجة في الأحوال كلها.


وتقول احدى الطالبات في مدرسة متوسطة في مدينة الموصل شمال العراق والتي فضلت عدم ذكر اسمها ان أباها يرافقها يومياً الى المدرسة لأنه يخشى ان تتعرض للاختطاف لو خرجت لوحدها.


وأضافت "لن أشارك في الانتخابات. انظر ماذا يجري هنا في الموصل, انظر الى الفوضى. ان الوحيدين الذين ما يزالون يتحدثون عن الانتخابات والديمقراطية هم المسؤولون الذين تحيط ببيوتهم الحواجز الاسمنتية والحرس الذين يحرسون أطفالهم ليل نهار."


على صعيد آخر فقد ترك أسد حسين علي وظيفته كمدير قسم في وزارة الزراعة في مركز مدينة بعقوبة ليتفرغ كلياً للانتخابات والدعاية لصالح الحزب الشيوعي العراقي, إلا انه ذكر ان التهديدات قد صدرت فعلاً ضد كل من في نيته الترشيح في الانتخابات البلدية التي من المقرر ان تجري في الوقت نفسه المحدد لانتخابات المجلس الوطني.


وقال "بعد تفجيرات السيارات المفخخة في بعقوبة, فقد نسي الناس الانتخابات وأخذ القلق يساورهم بشأن أوضاعهم الأمنية. ولذلك لا أعتقد ان الناس العاديين سيشاركون كثيراً بالتصويت. انهم خائفون جداً."


وبينما لا يبدو ان من المرجح اشتراك الناس في مدن وسط العراق بالتصويت مالم يحدث تغيير جوهري في الوضع الأمني خلال الشهرين المقبلين, فان الصورة تبدو مختلفة في منطقة كوردستان في الشمال والتي ظلت خالية من العنف حتى الآن.


وفي المناطق التي ظلت تحت السيطرة الكوردية منذ انتخاب أعضاء البرلمانين الكورديين عام 1992, فان التحضير للانتخابات هي أكثر تقدماً, والمزاج أكثر تفاؤلاً.


ان الحزبين الكورديين الرئيسين: الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة مسعود البرزاني. وحزب الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي يقوده جلال الطالباني, قد بدآ فعلاً بعقد اجتماعات ما قبل الانتخابات وتشكيل تحالفات.


وعقد الدكتور نوري الطالباني رئيس المفوضية العليا للانتخابات مؤخراً مؤتمراً صحفياً في أربيل تحدث فيه عن أهمية الانتخابات المقبلة لشعب هذه المنطقة.


وأوضح قائلاً "ان أهمية هذه الانتخابات تكمن في حقيقة انها ستقرر كيفية تنظيم الدولة العراقية, وكيف ستكون العلاقة بين اقليم كوردستان وبقية البلاد."


وقال الطالب رانج شكري توفيق "أنا متأكد بان أية هجمات ارهابية لن تقع هنا. وسأذهب برغبتي وأصوت."


وعلى الصعيد نفسه فقد أخذت وسائل الاعلام تبدي اهتماماً متصاعداً بالانتخابات, مع صحيفة هولاتي الاسبوعية, أكثر صحف الاقليم انتشاراً, التي ستنشر قريباً نتائج استطلاع للرأي سيشير الى ان ثلاثة أرباع الكورد مستعدون للمشاركة في الانتخابات مع وجود الخيار, حيث تقول الغالبية انها ستعطي أصواتها للمرشحين المستقلين.


ولكن الكثيرين في بقية أرجاء البلاد يشعرون ان عقد الانتخابات في الوقت الحاضر لا يصب في مصلحة شعب العراق, ويخشون ان المنافسة بين الأحزاب في الترشيح للانتخابات قد تؤدي الى المزيد من العنف, وربما الى حرب أهلية.


ويعتقد صلاح سعيد الكوردي من كركوك ان الانتخابات قد تكون ذات جدوى فقط في الأقسام الكوردية من المدينة, لأنها تتمتع بهدوء أكبر من الأقسام العربية والتركمانية.


ولاحظ وجود تردد واسع النطاق بين أوساط العرب بشأن الانتخابات, لكنه أضاف بان ذلك يمكن تفهمه "من يستطيع ان يلومهم؟ لقد كان هناك الكثير من السيارات المفخخة التي انفجرت في المناطق العربية, ولهم الحق ان يخافوا من المجازفة بحياتهم أثناء التصويت."


*سيروان غريب – كركوك


Iraq
Frontline Updates
Support local journalists