الوطن الاخر في سوريا

لاحقت الطائفية والعنف الكثير من العراقيين عبر الحدود

الوطن الاخر في سوريا

لاحقت الطائفية والعنف الكثير من العراقيين عبر الحدود

Wednesday, 28 March, 2007
10، تعيش في سوريا كلاجئة مع اهلها. تصرخ وتبكي كل صباح، حين يحين وقت الذهاب الى المدرسة، متوسلة ان تعود الى العراق.



صعق والديها عندما اخبرتهم انها غير سعيدة لان زميلاتها السوريات في المدرسة يناكدن العراقيين ويطلبون منهم العودة الى وطنهم لتحريره من الامريكان.



سجلت رفقة تعليقاتهم بغضب، "لماذا لا تعودون الى العراق؟ لماذا انتم هنا؟ هل انتم سنة ام شيعة؟ هل انتم بعثيون؟ هل تحبون صدام؟ لماذا لا تقاتلون الاعداء مثلما يفعل اللبنانيون والفلسطينيون؟ لماذا تركتم بلدكم؟ متى تغادرون سوريا الى العراق؟"



تصمت وتمسح دموعها وتقول بصوت عالي "ماذا فعلت انا؟ ماذا فعل العراقيون؟ احس بالاحتقار من قبل زميلات صفي. اكره المدرسة واريد العودة للعراق. يقول الطلبة السوريون اننا لم نحمي صدام".



رفقة واحدة من اطفال كثيرين هربوا مع اهلهم من العراق الذي تمزقه الحرب بحثا عن حياة امنة. وبحسب السلطات السورية، يعيش اكثر من مليون عراقي في سوريا، ربعهم حصلوا على اقامة رسمية.



هناك تشابه في العادات، التقاليد، وظروف المعيشة بين المجتمع العراقي والسوري، وفي البداية استمتع بعض اللاجئين بحياة جيدة.



لكن مشاكلهم زادت بعد تزايد اعدادهم.



يعيش العراقي سمير برهان في منطقة ريف دمشق في دمشق. اعتقد انه صار في منجى من مخاطر شوارع بغداد، لكن ابنه قد اختطف من امام منزله في العاصمة السورية. طلب الخاطفون من برهان دفع فدية مقدارها 10,000 دولارا ووافقوا اخيرا على اطلاق سراحه مقابل 4,000 دولار.



الخطف يتكرر في المناطق الملتهبة والقلقة من العراق لكنه غير طبيعي في سوريا.



في العراق، تخاف العوائل من تعريض حياة الرهينة الى الخطر ان هم اتصلوا بالسلطات عند اختطاف احد ما. ولكن حتى في سوريا يبقى الضحايا ساكتون لانهم يخافون من ترحيل السلطات لهم هناك. وكذلك يخشون ان يسبب الخاطفون مشاكل لاقربائهم الذين ما زالوا في العراق.



الجريمة منتشرة ايضا وسط مجموعة اللاجئين، وكذلك شيوع وجود المحتالين.



سأل احد اللاجئين العراقيين جار له عن كيفية تسجيل ابنائه في المدرسة. فقال الرجل وهوعراقي ايضا انه سيقوم بالمساعدة لكن ذلك سيكلف 400 دولارا. " اعطيته المبلغ، لكنني كنت في شك ، لذلك ذهبت الى وزارة التربية واكتشفت انها لا تكلف سوى دولارين".



محنة اليأس التي يعيشها الكثير من اللاجئين اغرت الكثير من اهل البلد للاستفادة من هذا الوضع.



كان على العراقي ماهر سالم ان يجدد اقامته فذهب الى الدائرة المعنية في حي البرامكة ليجد حوالي 600 من مواطنيه بانتظار عمل نفس الشيء. في النهاية، وضع 50 دولارا رشوة في جوازه ليستعجل انجاز المعاملة.



انتعشت البيروقراطية بسبب ازدياد طلبات اللاجئين. يتجمع المئات من العراقيين عند دائرة الهجرة كل يوم، منتظرين بيأس انجاز معاملات اقامتهم او تجديد اوراقهم ووثائقهم الاخرى .



قالت نادية عارف،37، وهي ام لثلاثة " احضر الى هنا كل يوم ومنذ اسبوعين، اقف في الطابور، ولا شيء يحدث لان الازدحام شديد. انهم فقط يخبروننا ان الاجراءات قد تستغرق وقتا طويلا، وان علينا الصير والانتظار الى ان يحين دورنا للتقديم على الاقامة الطويلة الامد –الدائمية-".



بقي زوجها في العراق ويعمل مع شركة في الشمال، متدبرا ارسال النقود لها من وقت لاخر. قالت عارف "يقول لي دائما ان ابقى شجاعة الى ان يستطيع اللحاق بنا. لكنني احس انني على وشك ان يغمى علي في اي لحظة من شدة التعب ".



قرار الحكومة السورية بتغيير تعليمات منح التأشيرة للعراقيين، وتقليص فترة بقائهم الى 15 يوما، جعل العراقيين يتظاهرون امام وكالة غوث اللاجئين UNCHR التابعة للامم المتحدة في سوريا.



سعدي احمد،60، شيعي من بغداد كان يملك محلا للملابس، ترك العراق يعد ان تسلم رسالة تهديد من الحزب الاسلامي. طالب الحكومتين العراقية والسورية بالاهتمام ورعاية اللاجئين العراقيين. واضاف " يتم محو العراقيين في الداخل، لذلك يجب عدم اجبارهم على العودة الى العراق".



تتجمع طوابير من العراقيين كل صباح امام السفارات الغربية بحثا عن اللجوء. فتحت السويد ابوابها مؤخرا لبعض المهاجرين العراقيين، لكن الحصول على فيزا ليس بالامر السهل. وكالعادة، هناك الكثير ممن يريد تقديم المساعدة لقاء ثمن. وصف المحامي سرمد طارق كيف ان احدهم وعده بالحصول على فيزا له لقاء 11,000 دولار.



يرغب عثمان عبد الواحد الذهاب الى السويد لكنه بحاجة الى جواز جديد بدلا عن الجواز الذي فقده. تم اخباره ان عليه الذهاب الى العراق للحصول على واحد جديد او دفع رشوة مقدارها 400 دولار.



قال "اريد ان اقدم على لجوء الى السويد باقرب وقت ممكن وهذا يعني ان اقبل بالعرض وان ادفع الرشوة".



قدم ماجد غانم طلبا للجوء الى احدى السفارات الاوربية في سوريا لكنه وبرغم تجهيزه صور عن موت اخيه وبيته المفجر، الا ان طلبه رفض. تقدم منه احد سماسرة الفيزا العراقيين عارضا ان يبعه صورة لجسد عليه اثارتعذيب، وشهادة وفاة ووثيقة تصف كيفية اغتيال عائلة غانم.



حتى في سوريا، هناك توترات طائفية بين الوافدين. يعيش المسيحيون العراقيون في منطقة سدنايا في شمال دمشق، ربما لوجود الكنائس هناك، بينما يعيش الاخرين في منطقة برزا. العوائل الغنية تعيش في المناطق الراقية مثل حي المزة غرب دمشق.



جاء اغلبية السنة الى منطقة القادسية، بينما استقر الشيعة قرب ضريح السيدة زينب وجرمانه.



اخبر ايمن عبد الله معهدنا انه خلال الموكب الاخير لاحياء ذكرى عاشوراء، اليوم المقدس لدى الشيعة، عبر احد المراهقين بدراجته خلال الموكب وهو يرفع صوت مسجله عاليا باغنية عربية راقصة لعرقلة الحدث. وقد تسبب ذلك في احداث معركة قام بعض المشاركين بالموكب بتكسير الزجاج الامامي للسيارات المتوقفة قريبا منهم والتي تحمل لوحات تسجيل بعض المحافظات السنية العراقية.



الخلافات السياسيه بين العراقيين وبعد تخلصها من الحكم الفردي لصدام حسين، والسوريون الذين لا زالوا غير سعيدين بتغيير النظام اضاف مشكله اخرى للمشاكل القائمة.



اجبر صاحب الشقة التي يقيم فيها مؤيد جواد على ترك الشقة التي كان قد دفع ايجار سنة مقدم لايجارها وذلك لان جواد انتقد صدام. قل جواد ان صاحب الشقة لم يكن راضيا عن اعدام صدام، يعتقد الكثير من العرب ان صدام بطلا قوميا وينظرون اليه كشخصية مؤثرة في النضال ضد المحتليين الغربيين.



جلب القادمون الجدد الكثير من العادات والتقاليد العراقية الى بلدهم الجديد. فمع وجود حوالي مليون لاجيء عراقي، تنتشر المطاعم في المناطق التي يتركزون فيها والتي تبيع كباب الفلوجة، لبن اربيل، قيمر الحلة، وطرشي الموصل.



وجد عمر عبد المالك من الفلوجة عملا في مخبز متخصص في الخبز العراقي. وبالكاد تكفيه النقود القليلة التي يحصل عليها لسد نفقاته ونفقات اثنين اخرين من اقربائه يقوم بمساعدتهم.



يحس بالامان في سوريا لكنه بعيدا عن الفرح. وقال "الاحساس بالحنين الى الوطن يكاد يقتلنا كل يوم وكل ساعة. احلم باليوم الذي يمكن به ان نعود الى الفلوجة ونرى اقربائنا وجيراننا واصدقائنا الاعزاء ثانية".



في مدينته الام، كان يعمل في مطعم صغير تم احراقه خلال احدى الهجمات الامريكية. واضاف "ان كان ذلك ما تعنيه الديمقراطيه، فانا افضل ان اعيش كل حياتي في جهل".



يبدو محمد عبد الحليم، رجل الاعمال العراقي الذي يملك مطاعم في سوريا والعراق، اكثر تفائلا. " تأقلمنا مع حياتنا الجديدة هنا، ورغم اننا نستعمل نفس اسمائنا .. الا اننا تركنا العداءات الطائفية على الجانب الاخر من الحدود".



ياسمين احمد و نسمة محمد هي اسماء مستعارة لمراسلتي معهد صحافة الحرب والسلام
Iraq
Frontline Updates
Support local journalists