كورد الفلوجة يهربون

ان المجتمع الذي أجبر على الهرب في السابق, يجبر اليوم على الهرب مرة أخرى لتجنب

كورد الفلوجة يهربون

ان المجتمع الذي أجبر على الهرب في السابق, يجبر اليوم على الهرب مرة أخرى لتجنب

Tuesday, 22 February, 2005

بقلم: *تلار نادر ـ كالار


ان مئات العوائل التي رفضت المشاركة في القتال ضد الجيش الأمريكي قد وجدت الملجأ في المنطقة الكوردية من العراق.


وقال المسؤولون الكورد ان (300) عائلة كوردية في الأقل ـ قد يصل مجموع أفرادها الى (1800) شخص ـ تمكنت من الهرب من المدينة وهي الآن مع الأصدقاء او العوائل في السليمانية, أربيل, كركوك, كالار وخانقين.


لقد تعرض بعض هؤلاء اللاجئين الى الضغوط لاتهامهم بوقوفهم الى جانب الأمريكان, بينما خشي آخرون ان يجبرهم البعثيون السابقون, الاسلاميون العراقيون والمقاتلون الأجانب على التورط في الصراع.


وقالت ثريا عثمان, وهي كوردية ولدت في الفلوجة وعمرها (25) سنة "ان معظم حيراننا من البعثيين وقد طلبوا من رجالنا مقاومة الأمريكان".


وكانت ثريا تعيش مع عائلتها في حي الجولان الذي كان ميداناً لقتال عنيف. وقد دمرت غارة جوية أمريكية منزلهم, مما اضطرهم الى الانتقال الى منزل أهل زوجها في حي آخر.


وقالت ثريا "لاحظت ان جميع المنازل المحيطة بنا فيها مدافع رشاشة ثقيلة, وقاذفات صواريخ منصوبة على السطوح".


لقد فرت من المدينة مع زوجها وأطفالها الثلاثة, وهم يعيشون الآن مع أحد أقاربهم في كالار, التي تقع على مسافة (150) كلم شمال شرقي الفلوجة.


ان موقف ثريا المؤيد للأمريكان لم يهتز بسبب تدميرهم لمنزلها, وتساءلت "كيف يمكن ان نقف ضد الأمريكان؟ لقد حررونا من صدام".


ان عائلة ثريا هي فقط واحدة من الآلاف الذين طردوا من بيوتهم في كوردستان الى المناطق الوسطى والجنوبية من العراق أثناء حكم النظام البعثي السابق عام 1975 بعد انهيار التمرد الكوردي. وكانت تلك أول موجة من موجات عديدة لترحيل الكورد المشكوك في ارتباطاتهم بالحركة الانفصالية.


وعلى وفق ما ذكره أريان رؤوف مدير في وزارة حقوق الانسان, قسم (المهجرين داخلياً وضحايا الأنفال), ان (140) عائلة سجلت مؤخراً مع الوزارة في كالار وحدها. وقال ان هناك المزيد من العوائل في السليمانية وكركوك وخانقين, يبلغ مجموعها (300) عائلة.


وكما ذكر أريان فان معظم اللاجئين قد اسكنوا مؤقتاً مع عوائل, لكن الوزارة تعمل مع الصليب الأحمر و(ملجأ أطفال كوردستان), وهي منظمة غبر حكومية, لتجهيزهم بالخيم والبطانيات.


ان عثمان رحمن البالغ من العمر (61) سنة هو في الأصل من قرية شيروانا خارج كركوك, لكنه ظل يعمل سائق أجرة في الفلوجة منذ عام 1975. وقال عثمان "ان جميع جيراننا من البعثيين ومن أتباع النظام السابق, وكانوا يجبروننا على مساعدتهم ومقاتلة الجيش الأمريكي".


ويقول رحمن انه لن يعود الى الفلوجة بغض النظر عما سيحصل "انهم يكرهوننا, لأنهم يعتقدون اننا أتينا بالأمريكان الى داخل العراق. انهم لا يدركون ان الولايات المتحدة قد أعادت الينا بلدنا مرة أخرى".


أما رعد محمود, فقد أمضى أربع سنوات من عمره البالغ (25) سنة متخفياً من النظام السابق لتجنب سوقه الى الخدمة العسكرية. ومنذ سقوط النظام أخذ رعد يدرس اللغة الانكليزية في الفلوجة, لكنه مختبئ الآن في كالار خوفاً من مجموعات مختلفة تريد منه ان يقاتل ضد الأمريكان. وقد لاحظ ان مجموعات اسلامية مختلفة مثل أعضاء الطائفة الوهابية كانوا نشطين في المدينة. وقال "انهم يحثون الناس العاديين والعشائر على مقاتلة الولايات المتحدة, قائلين ان الأمريكان كفرة ضد الاسلام".


وراى رعد "ان عناصر النظام السابق الذين فقدوا كل شيء كان لديهم, لكنهم حافظوا على علاقاتهم الشخصية مع بعض الناس", يعملون على تعبئة أهالي الفلوجة. ويقول رعد "ان لديهم كميات غير محدودة من الذخيرة".


ومينا سعيد, امرأة عجوز هربت من الفلوجة في الاسبوع الماضي مع عائلة ابنها, تقول انها شاهدت مقاتلين يقتلون رمياً بالرصاص الطفل الصغير لجارها لأنه حيا الطائرات الأمريكية التي تحلق فوق الرؤوس, "عندما شاهدت ذلك, أدركت انه لا توجد لنا هنا أية حياة".


وعندما قرر صاحب الدكان علي حسن وعمره (45) سنة مغادرة الفلوجة نهائياً اثر بدء القتال, فقد وجد عربياً وافق على شراء قطعة الأرض التي يملكها, إلا ان أحد أصدقاء ذلك العربي تحدث معه وجعله يغير رأيه. وقال علي "أخبره انهم سوف يطردوننا خارج المدينة او يقتلوننا في كل الأحوال, وبالتالي لا داعي لشراء الأرض التي يمكن الحصول عليها مجاناً. وهذا ما حدث فعلاً".


ويجمع الكورد الذين هربوا من الفلوجة ان العنف قد بلغ حداً شديداً وبات يهدد حياتهم ان استمروا في البقاء.


وقالت ثريا عثمان "أخذت الحياة في الفلوجة تصبح خطرة جداً, وقد اعتاد البعثيون على تهديدنا بالموت, حتى عندما يتشاجر أطفالنا في الشارع, والله وحده يعلم ماذا كانوا سيفعلون بنا لو أخبرناهم باننا لن نقاتل الأمريكان".


*تلار نادر ـ محررة في صحيفة "ريوان" النسائية نصف الاسبوعية.


Iraq
Frontline Updates
Support local journalists