تهديدات المتمردين تغلق المدارس في المدن السنية
المدارس في المثلث السني تغلق بعد تلقيها سلسلة من التهديدات بالقتل ضد التلاميذ والمعلمين
تهديدات المتمردين تغلق المدارس في المدن السنية
المدارس في المثلث السني تغلق بعد تلقيها سلسلة من التهديدات بالقتل ضد التلاميذ والمعلمين
ما يزال هجوم تشرين الثاني لقوات التحالف على مدينة الفلوجة المضطربة يترك آثاراً سلبية خطيرة على المدن المجاورة، فقد أغلقت الكثير من المدارس في المنطقة بعد تهديدات المتمردين بقتل أي شخص يعمل مع السلطات بما في ذلك المعلمين.
عندما بدأ القتال في الفلوجة في بداية تشرين الثاني، فان المدارس في ثلاث مدن مجاورة هي اللطيفية واليوسفية والمحمودية والتي تقع في المثلث السني المعروف، تسلمت منشورات تبلغهم باغلاق المدارس او مواجهة العواقب الوخيمة. وفعلاً، أغلقت الصفوف في اليوم التالي.
وأوضح أنور اسماعيل، مدير احدى المدارس الابتدائية في المنطقة قائلاً "لقد هددنا المجاهدون، وقالوا ان علينا ان نغلق المدارس لنظهر تضامننا مع المقاتلين في الفلوجة. وبما ان المنطقة خاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة، لذلك فاننا لا نأخذ هذا التهديد إلا على محمل الجد. ولا تتوافر لمدارسنا أية حماية او أمن."
ويروي لنا أمين عبد الهادي، مدير مدرسة ابتدائية أخرى في المنطقة قصة مشابهة من التخويف، وقال "أقام المجاهدون قبل اسبوع نقطة تفتيش بالقرب من مدرستنا، وكانوا يضربون أي سائق يستمع الى الأغاني في سيارته، وطلبوا من السواق ان يستمعوا الى المحاضرات الدينية بدلاً من الأغاني، وذلك لكي يتعلموا كيف يعارضون المحتلين. وقد أرعبوا الطلبة مما جعلني أضطر لاغلاق المدرسة، واعتقدت ان ذلك هو أفضل طريقة لحماية الصغار والعاملين معي في المدرسة."
وبينما شعر الكثير من المعلمين والتلاميذ بالغضب من التهديدات، قالوا انهم لا يمتلكون أي خيار عدا الامتثال للتهديدات. ويشعر العديد انهم يصبحون بشكل متزايد جزءاً من الصراع الذي لم يكونوا يريدون تأدية أي دور فيه.
وقال مدير المدرسة أنور "يوجد الآن ما يقارب (400) طالب دون دراسة، و(15) معلماً جالسون في بيوتهم لا يعملون شيئاً بسبب المجاهدين. فما هو الخير في ذلك؟ ويقول المجاهدون في منطقتنا بان كل من يعمل مع الحكومة او مع الأمريكان مجرم ويجب ان يقتل. وللمحافظة على حياتك، عليك ان توقع على "ورقة براءة" تنص على انك قد توقفت عن العمل مع الحكومة. اذا فعلت ذلك، فان من الواضح انك قد تخليت عن عملك."
ومع سيطرة المقاتلين المتمردين على معظم المناطق داخل المثلث السني، فان قنوط العراقيين في هذا الوضع يتعمق.
وقالت أميمة محمود، معلمة مدرسة ابتدائية "ان على الحكومة وقوات التحالف ان يضعوا حداً لذلك. اننا نعيش في خطر دائم من التعرض للقصف والموت في كل الأحوال. والآن فقد أصبح أمامنا خطر تهديد إضافي مباشر ضدنا. المجاهدون يقفون خارج مدرستي لاجبارنا على اغلاقها، ويطلقون الرصاص في الهواء ليظهروا لنا جديتهم في التهديد."
ويعتقد المزارع خلف محمود من اللطيفية ان على الناس ان يتخذوا موقفاً حاسماً ضد الترهيب. وقال "ان اغلاق المدارس خطوة سلبية. ان التعليم لابد من أن يستمر. نحن بذلك نستسلم لدعاية المجاهدين بانهم قادرون على التأثير في الحياة الاعتيادية في العراق. أخيراً، فان على بوش وبلير ان يعالجا هذا الوضع. ان أطفالنا بحاجة الى التعليم."
وحتى في حالة قبول مدراء المدارس بالمجازفة عن طريق الاستمرار في فتح المدارس، فان بعض التلاميذ والمعلمين يخافون لدرجة الامتناع عن الحضور.
وقالت المعلمة ميساء جاسم "عندما سمعت عائلتي ان أتباع (الاردني المتطرف ابو مصعب) الزرقاوي يقتلون المعلمين، قرروا منعي من الخروج من البيت حتى تنتهي هذه المسألة. وتوقفت عن الذهاب الى العمل منذ نهاية تشرين الثاني."
وقرر المقاول المحلي لطيف كريم ان يبقي ولده في البيت، قائلاً "لقد منعت ولدي من الذهاب الى المدرسة عندما سمعت بالخطر، لأني أعرف ان هؤلاء الأشخاص بمقدورهم ان ينفذوا تهديداتهم. لقد شاهدتهم الاسبوع الماضي في المحمودية يرتدون الزي الأسود ويقتحمون أحد محلات الهواتف النقالة. أمسكوا بثلاثة أشخاص ثم سمحوا لأثنين بالذهاب فيما أخذوا الثالث معهم. انطلقوا بسيارتهم وهم يطلقون الرصاص في الهواء. ومنذ ذلك الحين لم يشاهد أحد ذلك الشخص."
ومثل العديد من الناس الذين تحدث معهم مندوب صحافة الحرب والسلام، فان لدى كريم المزيد من الروايات عن هجمات المتمردين على المواطنين العراقيين العاديين، وقال "وجدنا في اليوم التالي، جثة رجل ملقاة في الشارع مع ورقة محشورة في فمه كتب عليها "هذا مصير كل جاسوس او عميل يعمل مع الحرس الوطني."
ومع مثل هذه الروايات تنتشر بين التاس في المنطقة، فان اعادة التلاميذ والمعلمين الى المدارس مرة أخرى تعد مهمة شبه مستحيلة دون حدوث تحسن حقيقي في الوضع الأمني.
أما وزارة التربية، فانها، من جانبها، تبدو بلا حول ولا قوة. وصرح احد المسؤولين الذي رفض ذكر اسمه قائلاً "نحن نعرف الوضع. ونتحدث مع الوزير، ونحاول ان نجد حلاً."
*حيدر راضي الموسوي وعلي مرزوق ـ متدربان في معهد صحافة الحرب والسلام ـ بغداد