نساء كركوك يعوضن ما فاتهن من سنين الدراسة

بعد ان أضعن فرصة التعلم خلال ما يعرف بفترة "التعريب"، العديد من النساء الكرد والتركمان يعدن الى مقاعد الدراسة أملا في الحصول على وظائف محترمة.

نساء كركوك يعوضن ما فاتهن من سنين الدراسة

بعد ان أضعن فرصة التعلم خلال ما يعرف بفترة "التعريب"، العديد من النساء الكرد والتركمان يعدن الى مقاعد الدراسة أملا في الحصول على وظائف محترمة.

Monday, 20 April, 2009
, تجثو أم سارة على الارض وتنهمك بمادتها المفضلة خلال الايام الخوالي، الا وهي: الواجبات المدرسية.



ام سارة التي تناثرت كتبها حولها على الارض, تحاول ان تقوي مهاراتها التعليمية وتنميها، فالتعليم بالنسبة لها, هو خطوة نحو مستقبل أفضل, وأحدى الوسائل التي تسكن آلامها الماضية. حيث قام النظام السابق بإجبار عائلتها لترك منزلهم والذهاب الى جنوب العراق عندما كانت لا تزال طفلة في الصف الثالث الابتدائي, فلم تستطع حينئذ ان تكمل دراستها.



وتوضح ام سارة "رفض والدي في ذلك الوقت ان اذهب الى المدرسة في مدينة ينظر الينا فيها كغرباء".



وتضيف ام سارة التي طلبت عدم الافصاح عن اسمها لأسباب امنية "لقد كنا وقتئذ عائلة كردية مرحلة تثير الكثير من الفضول والشكوك".



عادت أم سارة مع عائلتها إلى كركوك بعد سقوط نظام صدام حسين العام 2003. فهي, مثل أكثر من 2000 امرأة أخرى في تلك المحافظة, تهدف الى تطوير مهاراتها في القراءة والكتابة، لكي تتمكن من الحصول على وظيفة مدنية.



وكانت وزارة التربية قد قامت باطلاق حملات محو الأمية للمواطنين ممن يملكون النزر اليسير من التعليم، وحتى اولئك الذين لا يملكون أي تعليم على الإطلاق. وهي تسعى من هذه البرامج، وعلى وجه الخصوص، لتقوية مهارات النساء والفتيات ولاعطائهن الفرصة المناسبة لكسب معيشتهن بطريقة محترمة.



وفي السياق ذاته، فقد اعلن ممثلون عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشوؤن الانسانية في البلاد خلال شهر اذار بان نسبة 24% من النساء والفتيات فوق سن العاشرة أميات.



وطبق للمكتب, فان واحد بالعشرة من العائلات العراقية تقودها النساء, الا انهم يشكلون 17% فقط من القوى العاملة. وقد حذرت الأمم المتحدة من ان "الأمية ساهمت في إضعاف مشاركة النساء في القوى العاملة".



ويذكر بان نظام البعث السابق قد قام بتبني نظام محو الامية الالزامي في سبعينات القرن الماضي. وقد تعرض بعض البالغين ممن وقع عليهم حتمية المشاركة، ومعظمهم من النساء، لعقوبة السجن في حال عدم المشاركة.



الا ان القليل منهم تمكن من الاستفادة من حملة محو الامية في مدينة كركوك حيث كانت المدينة تعاني من اضطرابات في ذلك الوقت.



وقد تعرضت تلك المدينة التي تعتبر احدى اكثر المدن تنوعا في العراق الى تغييرات ديموغرافية هائلة حين قام النظام السابق بطرد الكرد والتركمان واستبدالهم بالعرب القادمون من الجنوب في اغلب الاحيان في محاولة منه لـ"تعريب" المنطقة.



وكما هو الحال مع ام سارة, فان العديد من اطفال العوائل المرحّلة كانوا غير قادرين على مواصلة تعليمهم.



المدير العام في تربية محافظة كركوك محمد زكي عبد الله, قدر عدد السكان الأميين بنسبة 40%. وهو يعتقد بان النقص في مثل هذه المهارات أدى الى ضعف فهم السكان للصراع الطائفي الذي اجتاح مدينتهم في السنين الاخيرة.



ويتنافس كل من الكرد, التركمان والعرب على السلطة، وغالبا ما كانت التوترات تؤدي في النهاية الى العنف.



وشدد عبدالله "بما ان كركوك هي مدينة متنوعة تضم مختلف القوميات في البلاد, فأن سكانها بحاجة الى مستوى جيد من الوعي والتعليم لكي يتمكنوا من تجاوز... الطائفية".



وقد قامت محافظة كركوك باطلاق برنامج محو الامية في العام 2006 بفتح ستة مراكز تدريبية خلال العام ذاته، فيما ارتفعت اعداد هذه المراكز الى 13 خلال العام 2007، ووصلت الان 61 مركزا. معظم الفصول الدراسية تتراوح بين ستة اشهر الى سنة كاملة.



عبدالله اشار بدوره بأن "معظم المتحمسين لحضور صفوف محو الامية هم مواطنون متأثرون بصورة مباشرة بسياسات النظام السابق, وهم بصورة رئيسية من الكرد والتركمان".



ويدرس الان في صفوف محور الامية 4000 طالبا حاليا، حيث ان اكثر من نصفهم هم من النساء. وان العديد من الذين اتمو الفصول الدراسية يتم تعيينهم كموظفين مدنيين, حيث تعتبر مهنة جيدة في زمن يندر معه الحصول على وظيفة.



وقد قال عبدالله بهذا الشان " انهم واعون لدرجة كبيرة بأن الحصول على مؤهلات تعليمية هي المفتاح الرئيسي لكسب راتب اعلى".



وتتلى المناهج التدريبية باللغة العربية فقط، الا ان الجهود مازالت حثيثة لإقامة فصول باللغة الكردية ايضا. ومن الجدير بالذكر بان الطلب على الانضمام لهذه الصفوف مرتفع جدا لدرجة ان عبدالله يخطط لتوظيف 200 معلما آخرين.



وفي الوقت الذي يشكل البالغون الاغلبية ضمن المشاركين في برامج محو الامية, فهناك قلق متزايد حول مهارات القراءة والكتابة للمراهقين, خصوصا وأن العديد من هؤلاء قد توقفوا عن الذهاب الى المدرسة بسبب التوترات السياسية و أعمال العنف المتفرقة.



صباح رشيد، مدير مدرسة التحدي, ومدير احدى برامج محو الامية التي تركز على الفئات العمرية من 15-20 عام، يرى بان "المراهقين اضطروا بسبب الوضع السيء في المدينة، لترك المدرسة وبعدها الكفاح من اجل كسب لقمة العيش لأنفسهم ولعوائلهم".



و تقول ام سارة انها ستشجع زوجها للانضمام الى صفوف محو الامية لتحسين مستقبل العائلة الاقتصادية.



"بهذه الطريقة نستطيع كلانا الحصول على درجات تؤهلنا للحصول على وظائف جيدة،" تعلق ام سارة. وهي تشدد "نستطيع تعويض ما فاتنا, والانتقال الى حال افضل لمساعدة اطفالنا خلال تعليمهم".
Frontline Updates
Support local journalists