نائبة برلمانية بارزة تثير الجدل

الاخت مها، من بين النساء السياسيات الاكثر شعبية في العراق، ليست بمأمن من الانتقادات

نائبة برلمانية بارزة تثير الجدل

الاخت مها، من بين النساء السياسيات الاكثر شعبية في العراق، ليست بمأمن من الانتقادات

 

علي كريم (تقرير الازمة العراقية رقم 344، 13 تموز- يوليو 2010)

 تنتظر مها الدوري دورتها الثانية في البرلمان وهي أسيرة تصورات شعبية متناقضة، بطلة الفقراء والمظلموين عند البعض، ومعارضة شيعية متشددة للوجود الامريكي عند آخرين.

واستناداً على نتائج انتخابات هذا العام، قد تكون الدوري المرأة الاكثر شعبية وقوة على الساحة السياسية العراقية اليوم. كما وهي من أشد المؤيدين لرجل الدين المثير للجدل مقتدى الصدر. وتعترف الدوري صراحة بان بعضاً من آرائها تعتبر "متطرفة" لكنها لا ترى فيها اي تعارضاً مع مثلها التقدمية والانسانية. غير ان الآخرين لا يوافقونها الرأي.

وقد حصلت الدوري، والمعروفة باسم الاخت مها، في معقل قوتها في مدينة الصدر ببغداد، على 32 ألف صوت تقريباً في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 7 آذار الماضي، الشيء الذي جعلها المراة الأفضل أداءاً، والاكثر حصولاً على اصوات الناخبين بين مرشحي التيار الصدري. وقد أهلها الدعم القوي من السكان الشيعة للمدينة في صعودها السياسي بعد التزامها بالتعليم وبالقيم الدينية، وتعهدها بدعم النساء والارامل والايتام.

ومع ذلك تتحدث دوري علانية ضد الدور الامريكي في العراق قائلة بان الاحتلال الامريكي " لم يخلف سوى الدمار والعوائل المنكوبة والسجناء". كما وطالبت الدوري الحكومة في الماضي بفرض الشريعة الاسلامية في كافة انحاء البلاد.

وينظر منتقدوها الى الدور الرئيسي الذي تلعبه الدوري داخل التيار الصدري باعتباره خدعة في العلاقات العامة، كواجهة عرض للحركة الشيعية المتشددة، ومدافعة عن الصدر، رجل الدين المثير للجدل، والذي تورط جيش المهدي التابع له في اعمال العنف الطائفي التي وقعت بين عامي 2006 و 2007.

وتقول جنان مبارك، رئيسة المركز الوطني العراقي لاعادة التاهيل، احدى منظمات المجتمع المدني " حتى لو كان أداء مها الدوري جيداً في الانتخابات، فان هذا لا يعني بانها ستناصر قضايا المراة. فلقد رأينا مدى الدعم الذي قدمه التيار الصدري لها، وماستفعله في البرلمان سيصب في مصلحة حزبها وكتلتها وليس في مصلحة المراة العراقية".

ولا تعتقد مبارك بان النوعية الراديكالية التي تؤمن بها الدوري ستساعد على حماية حقوق الانسان "وبالطبع لا يمكن مطلقاً لهذين التوجهين ان يجتمعا في شخصية واحدة ". قالت مبارك لمعهد صحافة الحرب والسلام.

لكن الدوري لا ترى اي تعارض بين موقفها القوي المناهض للاحتلال الامريكي و عملها في مجال القضايا الاجتماعية.

وتقول الدوري " اذا كان ارتباطي بمقتدى الصدر ورفضي للاحتلال يعتبران تطرفاً، فاذن علي ان اعترف بانني متطرفة. فأنا أؤمن بوطني وسأظل أعاني طالما بقي المحتل على ارضنا".

وتضيف الدوري " لا تتعارض معتقداتي مع عملي كمدافعة عن حقوق الانسان. وقد كان مقتدى الصدر من أوائل الزعماء العراقيين الذين بدأوا برامج للأرامل والايتام، بالاضافة الى المطالبة بمدارس أفضل. ونحن سياسيون نعمل من أجل شعبنا، ولهذا فانا لا اعتقد بانه يمكن وصفنا بالراديكاليين لمجرد اننا ضد الاحتلال".

والدوري البالغة من العمر 38 عامة شخصية شعبية ذات ابعاد متعددة. فقد ولدت من عائلة سنية وتحولت الى المذهب الشيعي عندما كانت طالبة  في التسعينيات من القرن الماضي، وذلك حين تأثرت بتعاليم محمد صادق الصدر، والد مقتدى الصدر، الذي كان ولا يزال يحظى بالاحترام. وقد ذكرت في مقابلات لها، بان عائلتها تبرأت منها عندما تحولت الى المذهب الشيعي. ولاحقاً، عندما تزوجت رجلاً شيعياً هددتها عائلتها بالقتل.

وقد درست الدوري الطب البيطري في جامعة المستنصرية  واصبحت استاذة مساعدة في العام 2000، وطردت بعد عامين بسبب رفضها الانضمام الى حزب البعث بقيادة الطاغية السابق صدام حسين. بدلاً من ذلك انضمت الى الحركة الصدرية وهربت الى سوريا.

وفي العام 2003 عادت برفقة زوجها وطفليها الى العراق، وانتقلت على عجل من مدينة الشعب الى قلب مدينة الصدر. وفتحت الدوري في هذه المدينة الفقيرة التي يقطنها قرابة 3 ملايين نسمة، مركز مها الدوري التعليمي، حيث بدات بالقاء محاضرات عن القضايا الدينية والاجتماعية، بالاضافة الى دروس في التعيلم الاساسي.

وتقول عواطف حسين، 30 عاما، العاملة في أحد المصانع بمدينة الصدر " تحظى الدوري بشعبية واسعة في مدينة الصدر لانها تساعد الناس، وخصوصاً الارامل والفقراء. وهي تفتح بيتها مرتين في الاسبوع لاستقبال الناس ومساعدتهم خلال المساعدات الخيرية. كما تحضر صلاة الجمعة اسبوعياً. وقد سمعت بان مقتدى طلب منها شخصياً المشاركة في الانتخابات بسبب شعبيتها".

وفي انتخابات 2005، اختيرت الدوري لتمثل مدينة الصدر. وربما كان نظام الكوتا العراقي، الذي يقضي بان يكون 25 بالمئة من نواب البرلمان العراقي، عاملاً آنذاك في ترشحها، لكن الامر لم يكن كذلك في الانتخابات الاخيرة. فقد فازت الدوري في هذه السنة بأصوات كافية لتكون نائبة في البرلمان بدون الركون الى نظام الكوتا، فقد جاءت في المرتبة الثالثة من حيث الحصول على الاصوات داخل الئتلاف الوطني العراقي الذي ينتمي اليه التيار الصدري.

وباعتبارها نائبة برلمانية، فقد دعت الدوري النساء الى لعب دور سياسي أكبر في العراق، كما وساعدت في صياغة مسودة قانون،لا يزال معلقاً، يمنع استخدام العنف ضد المراة والاطفال. وعملت في لجنة شكاوى المجتمع في البرلمان العراقي، حيث حثت على الخدمات العامة ومن ضمنها الكهرباء والنظام الصحي والمياه النظيفة. وقد وصفت الدوري دورها في الحكومة كـ"جسر بين الناس والمسؤولين".

وتصف صفية السهيل، النائبة من تحالف دولة القانون الذي يهيمن عليه الشيعة، مها الدوري والتي عملت معها خلال السنوات الخمس الماضية، بانها بطلة النساء والاطفال العراقيين. لكن ومع ذلك تعزو السهيل بعضاً من نجاح الدوري الى الدعم القوي الذي تتلقاه من التيار الصدري.

" أنا قريبة من مها الدوري، لكنني اريد الاشارة الى ان حصولها على عدد كبير من الاصوات وشعبيتها في مدينة الصدر لا يعنيان بانها أحسن امراة سياسية في البرلمان الجديد. فقد تحكمت الظروف السياسية والدعم الخارجي بحملتها الانتخابية". قالت السهيل.

وقد فاز التيار الصدري بـ 40 مقعداً من مجموع 325 مقعداً في البرلمان القادم، وينسب الى التيار، بشكل عام، الفضل في بذله أفضل ما بوسعه من أجل الترويج لمرشحيه من النساء.

ويقول ابراهيم الصميدعي، المحلل السياسي وكاتب العمود الصحفي من بغداد " في الواقع ليست مها الدوري هي التي فازت بغالبية أصوات النساء وكان أدائها جيداً في الانتخابات الاخيرة، بل الخطة الانتخابية المنظمة بشكل جيد التي رسمها الصدرييون، هي التي مكنت الدوري من احراز هذا الفوز الكبير. واراهن على ان الدوري لم تفز بصوت واحد خارج مدينة الصدر".

ومع ذلك يعترف الصميدعي بان أداء الدوري في البرلمان كان مؤثراً.

ويقول الصميدعي موضحاً " ان مناقشاتها في اروقة البرلمان جعلتها مشهورة بين اتباع الصدر والمواطنين الفقراء. يرون فيها امرأة لا يمكن اسكاتها على عكس عدد من الرجال في البرلمان. انهم ينظرون اليها كبطلة".

ومع المؤازرة القوية من نساء بغداد وفقراء مدن الضواحي، تركز الدوري على دور النائبات في البرلمان القادم وما بعده.

" ان حلمي هو ان يقدم هذا الجيل من النساء السياسيات على مساعدة الناس عبر اعمال تظل تُذكر في التاريخ العراقي. وواجبنا هو الاشراف على أداء الحكومة. كما وارغب ان اعمل مع زملائي في شفاء الجروح التي خلفها المحتل وذلك بعد انسحابه. سيتركنا الاحتلال بلاداً مدمرة وسيتطلب منا بذل كل الجهود لاصلاحها". قالت الدوري.

وتضيف الدوري " كامرأة سياسية ومواطنة عادية، فان مسؤوليتي هي عمل أي شيء لمساعدة العراق".

 

علي كريم، صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام من بغداد. ومساهمة الصحفية المتدربة في المعهد، زينب ناجي من بغداد.

 

Iraq
Women
Frontline Updates
Support local journalists