مسؤولية التحالف عن تدهور الأمن

يقول المنتقدون ان سبب الاعتداءات الأخيرة يعود في جانب منه الى فشل القوات الدولية في تطبيق النظام الكافي والسيطرة على الحدود

مسؤولية التحالف عن تدهور الأمن

يقول المنتقدون ان سبب الاعتداءات الأخيرة يعود في جانب منه الى فشل القوات الدولية في تطبيق النظام الكافي والسيطرة على الحدود

Tuesday, 22 February, 2005

في أعقاب الإنفجارات التي وقعت في كربلاء وبغداد والتي راح ضحيتها ما يقارب (200) قتيل, انحى بعض العراقيين باللوم على قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة بسبب ما وصفوه انه فشلها في توفير الأمن الكافي للحيلولة دون وقوع مثل هذه الهجمات.


يقول المنتقدون ان الولايات المتحدة, كقوة احتلال, قد أهملت التزاماتها في اغلاق حدود العراق لمنع تسلل المقاتلين الأجانب الى داخل البلاد, كما يذكرون ان الأمريكان لم يمنحوا العراقيين الوسائل الكفيلة بتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم.


وذكر عبد العزيز الحكيم, رئيس المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق, وهو يتحدث بعد هجمات الثاني من آذار, "ان قوات الاحتلال تتحمل المسؤولية لأنها لم تقم بواجبها في حماية شعب العراق, ولم تسمح له بحماية نفسه"


من هنا, يعتقد العديد من العراقيين ان التحالف مذنب لفشله في تأمين حدود البلاد. وفي ضوء ذلك, يقول مؤيد جعفر البالغ من العمر (27) سنة, وهو من أهالي منطقة الكاظمية في بغداد التي تعرضت للهجوم "ان الولايات المتحدة هي المسؤولة ـ فهي لا تستطيع السيطرة على الحدود, مما يسمح للارهابيين بالدخول الى العراق بكل سهولة".


وتابع جعفر قائلاً "لا يوجد تفتيش جدي عند حدود العراق, لقد رأيت ذلك بنفسي عندما سافرت الى الأردن لغرض شراء سيارة, وعدت الى العراق دون ان يدقق أحد في أوراقي, حتى دون جواز او وثيقة سفر".


واعترض الناطقون باسم التحالف على ذلك قائلين انه غالباً ما يكون من المستحيل ايقاف تسلل المهاجمين الملتزمين من الذين يتمتعون بالدهاء.


وفي أعقاب الانفجارات التي استهدفت العتبات الشيعية المقدسة في كربلاء والكاظمية أثناء أحد أكثر أيام السنة قدسية لدى المسلمين الشيعة, قال العميد مارك كيميت, نائب مدير العمليات في قوات التحالف ان القوات الأمريكية عادة ما تكون بعيدة عن مثل هذه الأماكن المقدسة, وأضاف بان قوات تابعة للمرجعية الدينية الشيعية هي المسؤولة عن الأمن في العتبات المقدسة بدلاً من قوات التحالف, بينما تقوم قوات من الشرطة العراقية بوضع عناصرها في نقاط التفتيش على مداخل المدينة وبالتعاون مع الحراس المحليين في الغالب.


ولكن العديد من رجال الشرطة العراقيين يذكرون ان التحالف قد أخفق في تزويدهم بالتجهيزات المناسبة, ولا ينسق معهم. بل ان البعض قد زعم ان القوات الأمريكية تقوم باطلاق سراح الارهابيين, حتى اولئك الذين يلقي العراقيون القبض عليهم.


وقال حسام الراشدي, احد رجال شرطة منطقة البياع في غربي بغداد "ليست لدينا وسائل اتصال, ومع ذلك, تتركنا القوات الأمريكية لحالنا, ولهذا نكون غير قادرين على السيطرة على الانفجارات او منع وقوعها".


ويتذكر الراشدي حادثة وقعت لثلاثة من ضباط الأمن العراقيين كانوا يحققون في موقع حصل فيه انفجار, وفجأة قامت القوات الأمريكية باطلاق النار عليهم تحت الاعتقاد بانهم المجرمون الذين ارتكبوا التفجير. وعلى الرغم من ان قوات التحالف قدمت الاعتذار وعوضت عوائل الضحايا, لكن هذه الحادثة تكشف عن مدى الافتقار الى التنسيق.


وفي هذا الصدد, لابد من اشارة الى ان هذه الاتهامات تفرزها الشائعات في حالات عديدة. وعلى سبيل المثال, انتشرت اثر الهجمات في الكاظمية, شائعات تقول ان قوات التحالف قد اطلقت سراح المواطنين السعوديين الذين القى القبض عليهم حراس أمن الفيلق التابع للمجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق متلبسين بالجرم المشهود بعد وقوع الانفجار مباشرة.


وذكر سالم العريبي وهو صائغ في منطقة الكاظمية "لقد القت قوات بدر القبض على احد الارهابيين بعد ان فشل في تفجير الحزام الناسف, ثم وصلت قوات التحالف وأخذتهم". وسمع عريبي لاحقاً ان الرجال قد اطلق سراحهم.


وعن هذا الموضوع أكد العميد كيميت في مقابلة أجراها معه معهد صحافة الحرب والسلام ان اثنين من السعوديين قد اعتقلا فعلاً اثر التفجيرات, ولكن التحالف لم يعثر على أي دليل ضدهما, كما تأكد انهما دخلا البلاد بشكل شرعي.


أما عن مسألة الدفاع عن الحدود, فقد قال كيميت ان القوات الأمريكية اعتقلت بعض المهاجرين غير الشرعيين, إلا ان مهمة القوات اصبحت أكثر صعوبة بسبب قيام العشائر الموجودة على امتداد الحدود بمساعدة هؤلاء المتسللين بشكل فعال. وقال "ان العشائر تساعدهم على التسلل الى داخل منطقة غربي العراق, في مدينتي حصيبة والقائم".


وتعهد رئيس سلطة التحالف المؤقتة بول بريمر يوم 13/ آذار, بتعزيز الأمن على حدود العراق المليئة بالثغرات من خلال: "زيادة عدد القوات, استخدام التقنية الحديثة مع اجراءات مشددة".


وقال بريمر في بيان له أن التحالف سوف يضاعف ضباط الأمن المنتشرين على الحدود حالياً والبالغ عددهم (8) آلاف عنصر. كما سيجري تقليص المنافذ الحدودية, وتشغيل نظام يرصد بشكل دقيق أي شخص يدخل الى العراق او يغادره.


لكن كيميت ذكر في مؤتمر صحفي عقده في اليوم التالي للانفجار, ان من المستحيل فرض السيطرة الكاملة على حدود العراق. وقال "ان مشكلة الارهاب ليست من تلك المشاكل التي يمكن حلها فقط من خلال بناء جدار ارتفاعه ميل ويحيط بالحدود التي تمتد لمسافة (1700) كم. اذا كان الارهابيون أذكياء بما فيه الكفاية لزرع هذا النوع من المتفجرات التي نشهدها, فانهم بالتأكيد أذكياء بما يكفي للتسلل عبر الحدود".


*عقيل جبار ـ صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام ـ بغداد


Frontline Updates
Support local journalists