مشاكل العملة
كلما يقترب موعد تبديل العملة القديمة بالجديدة، كلما يجد العراقيون الامساك بالنقود الجديدة مسألة صعبة ومكلفة.
مشاكل العملة
كلما يقترب موعد تبديل العملة القديمة بالجديدة، كلما يجد العراقيون الامساك بالنقود الجديدة مسألة صعبة ومكلفة.
قليل من العراقيين سيفتقدون العملة التي تعودوا على استخدامها أيام صدام حسين، لكن التبديل الذي يحدث الآن ما يزال يسبب الكثير من الصداع، بغض النظر عن المشاكل الصغيرة الخاصة به.
ان التضخم الذي حصل اثر فرض عقوبات الأمم المتحدة على العراق، كان يعني ان الورقة القديمة من فئة (250) ديناراً تساوي (15) سنتاً أمريكياً فقط.
وهذه القيمة المتدنية تجعل من أبسط الصفقات تمريناً مؤلماً عند حساب النقود.
لكن عملة العراق الجديدة، مع انها طبعت على ورق عال الجودة وبفئات نقدية مفيدة، قد سببت حتى الآن الكثير من المشاكل لتجعل العراقيين يحنون للأوراق المالية القديمة البالية للعملة ذات اللون الأزرق الفاتح.
وكان مجلس الحكم العراقي المؤقت قد أصدر العملة الجديدة يوم 15/ تشرين الأول من العام الماضي، مانحاً العراقيين مهلة حتى 15/ كانون الثاني/ 2004 لكي يبدلوا أوراقهم النقدية القديمة بأخرى جديدة تتراوح أقيامها من (50) ديناراً الى (25) ألف دينار.
ان التحويل، مثل العديد من التغييرات في عراق ما بعد الحرب، يغذي الفوضى والخيبة و واتهامات بالربح الحرام والمحاباة.
حيث ادى تغيير العملة الى وقوع حادث سيارة مميت، فقد خرجت سيارة أجرة عن الطريق بين الموصل وبغداد، مما أدى الى مقتل (4) ركاب.
وقع الحادث عندما تشاجر السائق مع أحد الركاب بسبب تحويل العملة.
وقال السائق أحمد كمال "تشاجرت مع أحد الركاب الجالسين خلفي في السيارة لأني رفضت تسلم عملة قديمة منه."
وبدء التجار أيضاً، يطلبون عملة جديدة لبضائعهم، بالرغم من أنهم يدفعون ما يتبقى من الحساب بالعملة القديمة الى الزبائن الذين لا حول لهم ولا قوة.
ودافع صاحب محل البقالة عماد محمد من مدينة الدجيل،عن هذه الممارسة قائلاً انه لا يملك أي خيار سوى اجبار زبائنه على الدفع بالعملة الجديدة مادام الذين يجهزوه بالجملة يرفضون الأوراق القديمة البالية.
ويقول عماد ان العمل نفسه قد تأثر جراء ذلك، "قبل اسبوع لم أستطع بيع أي شيء، كنت عادة أبيع ما قيمته (200) ألف دينار يومياً ،لكني الآن لا أستطيع حتى بيع ما قيمته (10) آلاف دينار من البضائع."
في مكان آخر ومع اقتراب موعد التبديل، امتلأت البنوك في أنحاء البلاد بالمواطنين الذين نفد صبرهم وهم يحملون أكياس مليئة بالعملة القديمة، يتدافعون حول أماكنهم في الطابور.
وبعدما يؤمنون مكاناً في الطابور، يقول العراقيون انهم في الغالب ينتظرون لساعات طويلة، فقط ليأتي بعدها الصراف ويخبرهم ان البنك قد خلا من العملة الجديدة.
وقال رجل الأعمال حيدر مهدي "أمضيت يومي كله في البنوك، مع ذلك، فان الموظفين بدلوا العملة لعدد قليل من الناس، ثم تركوا الباقين ينتظرون. انهم يبدلون فقط لأقاربهم وأصدقائهم."
والغريب ان ثمة الكثير من الناس يظهرون مع كميات من العملة الجديدة، يرغبون في مبادلتها بالعملة القديمة مع فرق بسيط بطبيعة الحال.
وتتغير نسبة الفائدة في هذه المبادلة مع اقتراب موعد النهائي للتبديل.
وبينما كانت الورقة الجديدة من فئة (25) ألف دينار تساوي (25) ألف دينار من العملة القديمة، فقد رفعتها الفائدة الى (28) ألف دينار مع اقتراب الموعد.
وما يزال العراقيون مستعدين لرؤية الجانب المضحك من أي وضع جديد. ويقارنون وضع العملة اليوم بوضع النقص السابق في الوقود.
فقد كان على السائقين في العام الماضي الانتظار لساعات من أجل التزود بالوقود بأسعار مدعومة. بينما انتشر أصحاب السوق السوداء على جوانب الطرق خارج محطات التعبئة يبيعون الوقود بأسعار تزيد عشرة أضعاف او اكثر عن السعر الرسمي.
والنكتة الجديدة التي تدور بين الناس هي ان تلك التجربة كانت مفيدة، فالناس الذين تعودوا على الانتظار في الطوابير لساعات في سياراتهم عند محطات الوقود، يستطيعون ان يمضوا الوقت حالياً، ينتظرون أيضاً في الطوابير، ولكن أمام البنوك هذة المرة.
*ناصر كاظم ـ صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام ـ بغداد