هزمت القاعدة في العراق - ولكنها لم تخرج

يمكن لهذه الجماعة المتطرفة أن تستغل الفوضى الناجمة عن انسحاب القوات الأمريكية للعودة الى الساحة.

هزمت القاعدة في العراق - ولكنها لم تخرج

يمكن لهذه الجماعة المتطرفة أن تستغل الفوضى الناجمة عن انسحاب القوات الأمريكية للعودة الى الساحة.

.



ولكن يجب توخي بعض الحذر من أنه من السابق لأوانه شطب تنظيم القاعدة من القائمة في العراق، فهو موجود نظرا لاستمرار الانقسامات السياسية بين معارضي ومؤيدي وجود القوات الأجنبية، وبين القوى العربية السنية والشيعية.



وفي خطاب نيسان 2007، قال الجنرال ديفيد بترايوس، وهو القائد العام للقوات الأميركية في العراق، إن تنظيم القاعدة في العراق كان "على الأرجح العدو رقم واحد المعلن" في البلد.



ووفقا لايفان كولمان، وهو خبير في الإرهاب الدولي، فان الحالة لم تعد كذلك، وذلك إلى حد كبير لكون عنف هذه المجموعة المتزايد واعتداءاتها العشوائية على المدنيين وزعماء القبائل في المناطق السنية، التي كانت تحتضنها أو تتغاضى عنها سابقاً، دفع بالقادة تلك المناطق على البدء في العمل مع القوات الأمريكية.



وقال كولمان "في البداية ، كان من السهل على القاعدة في العراق أن تمتزج مع التمرد لأن الجميع كان لهم شعور ثوري إلى حد ما في تلك المرحلة تجاه الاحتلال الأميركي."



"ولكن ما إن حاولت القاعدة في العراق الحصول على السلطة والهيمنة، بدأت بفرض أجندتها الثورية بالقوة على المواطنين العراقيين،" أضاف كولمان.



وجاء التغيير الجذري في عام 2006، عندما رفضت العشائر السنية على نطاق واسع، الفرض المفاجئ لفتاوى الأصوليين الإسلاميين و التي شملت الحظر على التدخين ومعظم أنواع الموسيقى وإجبار الفتيات ممن هن في سن المراهقة على الزواج من المقاتلين الأجانب كوسيلة لربط القاعدة في العراق مع المجتمعات السنية.



وأوضح كولمان أن التوتر وصل إلى نقطة الغليان عندما حولت القاعدة في العراق تركيز حملتها في العنف ضد زعماء العشائر السنية الذين رفضوا قراراتها التي إتسمت بمنتهى القسوة.



وقال كولمان، "يعني عندما تبدأ برؤية الصراع، إنه ليس مجرد مسألة عدم اتفاق أناس مع أجندة القاعدة- بل إذا لم تعبر عن موافقتك عليها، فعندها ستكون عدوا."



ورغم أن الأحزاب السياسية التي تمثل العرب السنة كانت موجودة في الحكومة، فإن التحول الجذري في الولاءات بين الجزء الأساسي (الغالبية) من المجتمع السني حدث في العام 2006 مع ظهور مجالس الصحوة في الانبار كائتلاف من شيوخ العشائر وأتباعهم في محافظة الانبار الغربية، والتي كانت في صلب المقاومة من جانب القوى الإسلامية والوطنية ضد الوجود العسكري الأمريكي، والتي شهدت معارك ضارية منذ العام 2003.



وبعد مقتل والده وثلاثة من أشقائه في أيلول 2006على أيدي متمردين ينتمون إلى تنظيم القاعدة في العراق، قدم الشيخ عبد الستار أبو ريشة، وهو شيخ عشيرة في الانبار، اقتراحا على المسؤولين العسكريين الأمريكيين بشأن توحيد القوة. وأدى ذلك إلى تشكيل مجلس صحوة الانبار، الذي عمل فيه الآلاف من أهل السنة مع القوات الأميركية لطرد تنظيم القاعدة من المحافظة.



وسرعان ما انتشرت الحركة خارج الانبار، عن طريق مجالس أنشئت في معاقل القاعدة ببغداد، وأخيرا إلى الشمال في الموصل. ويعتقد المحللون أن بعض أعضاء هذه المجالس كانوا في السابق مع القوات المتمردة التي تقاتل الأميركيين.



وقال الناطق باسم القوات الأميركية المقدم رودولف بيرول في نيسان 2008 إن أكثر من 95000 شخص، غالبيتهم من السنة، قد انضموا إلى "الحركة المناهضة لتنظيم القاعدة".



وهذا الأمر اضعف إلى حد كبير قدرة التنظيم على التنقل بحرية واختيار المعارك.



وقال جوست هلترمان، وهو نائب مدير برنامج مجموعة الأزمات الدولية (ICG) لمشروع الشرق الاوسط في اسطنبول "في البداية، واجهت قوات تنظيم القاعدة في العراق القوات الأمريكية في بغداد والانبار وأماكن أخرى، ولكن بعد تشكيل مجالس الصحوة، تجنب مقاتلو القاعدة وبشكل أساسي الحرب مع القوات الأمريكية لأنهم يعرفون أنهم سوف يسحقون."

ومع نطاق أقل للتحرك و العمل، وغضبها من ما اعتبرته خيانة العرب السنة، فقد تحولت القاعدة بدلا من ذلك الى مهاجمة السنة ممن يتعاونون مع الولايات المتحدة. فقد أعلنت المجموعة مسؤوليتها عن انفجار سيارة مفخخة أسفر عن مقتل أبو ريشة خارج منزله في الرمادي في ايلول 2007، تلته هجمات مماثلة، لكن مجالس الصحوة ظلت مصطفة مع القوات الأمريكية والعراقية و سعت إلى الاضطلاع بدور اكبر في حكومة بغداد.



وقال فاروق أحمد، وهو محلل بحوث في معهد دراسة الحرب الذي مقره في أمريكا، "يمكن للقاعدة أن تدفع بدراجة نارية مفخخة للتخلص من زعيم لـ[الصحوة] ولكنها سوف لن تقتل الصحوة،" وقال أيضا "لا يمكنهم إيقاف الزخم بتفجير واحد. فحتى لو تمادوا في القتل، ستبقى الصحوة هناك."



بينما يقدر إحدى التقديرات التقريبية عدد أعضاء القاعدة بنحو 12000 عضو، يجادل مسؤولون عسكريون أمريكيون أن عدد مقاتلي القاعدة المتبقين هم اقل من 1200، وقال احمد إن التصميم الذي أبداه خصوم القاعدة الجدد من الصحوة جعل الأمر أكثر صعوبة على المجموعة لتجنيد مقاتلين جدد.



وتابع أحمد قائلا "في البداية، كانت القاعدة في العراق مكونة من نحو 90 في المائة من المجندين محليا وعشرة في المائة من المقاتلين الأجانب ولكن النسبة الآن أصبحت نسبتين متساويتين لكون أعضاءها إما هربوا، أو ارتدوا أو تم أسرهم أو قتلهم." و أضاف "لقد اعتاد المقاتلون الأجانب على توفير التمويل ولكن هناك قلة وقلة من المجندين ممن هم على استعداد لدفع كل ما يلزم من الأموال للمجيء إلى العراق عندما تكون هناك الكثير من الهزائم الكبيرة."



"إن شبكة تنظيم القاعدة في العراق قد تدهورت للغاية في هذه المرحلة، و ان لم تكن قد هزمت، وأنا لا اعتقد أنهم سيعودون قريباً، ما لم يكن هناك نوع من سوء إدارة هائلة من جانب الحكومة العراقية، " أضاف احمد.



ما زال الخبراء منقسمون بشأن التأثير المحتمل، للأمر الذي أخذ حيزا كبيرا من النقاش وهو انسحاب القوات الأمريكية - وخاصة توقيته – الذي سيلقي بضلاله على مستقبل القاعدة في العراق.



ويرى البعض أن ثمة خطرا في مغادرة القوات الأمريكية قبل أن يتحقق الاستقرار، مخمنين أن القوات السنية قد تستغل أي فوضى تعقب الانسحاب لتقاتل الحكومة التي تقودها الشيعة.



وقال هلترمان "إذا ما غادر الأمريكيون بشكل مبكر جداً، فإن مجالس الصحوة السنية قد تعود إلى مقاتلة الحكومة التي يعتبرونها أنها إيرانية بالوكالة."



إلا أن البعض الأخر يشير إلى أن رحيل القوات الأميركية يمكن أن يساعد في إستباب الأمن في البلد.



وقال كولمان "إذا كانت الحكومة العراقية قادرة على تحقيق الاستقرار في حد ذاته، واذا كانت انتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها هذا العام والانتخابات الوطنية في العام المقبل تجلب مزيدا من السنة إلى العملية [السياسية] ، فمن الممكن أن يكون لإنسحاب القوات الأمريكية اثر مفيد."



"وحتى ولو كانوا لا يحبون تنظيم القاعدة في العراق، فإن الكثير من الناس لا يريدون بقاء القوات الأمريكية هناك، وهذا من شأنه ان يظهر قدرة الحكومة على تحقيق ما وعدت به وتكون مكتفية ذاتيا."



لقد تم إضعاف تنظيم القاعدة في العراق، ولكن محللين يحذرون من أن هذا التقدم يمكن أن يجلب نتائج عكسية، إذا ما أدى رحيل القوات الأمريكية إلى مزيد من الفوضى.



وقال كينيث كاتزمان، وهو خبير في شؤون الشرق الأوسط في وكالة بحوث الكونغرس في واشنطن "إن التصدع السني - الشيعي لم يلتئم بعد. وقد تم إسكاته بعض الشيء بزيادة القوات وغيرها من الأحداث." وقال أيضا " إن تنظيم القاعدة في العراق لا يزال من الممكن أن يكون مفيدا للسنة عندما يدفعوا في نهاية المطاف بإتجاه الحصول على مزيد من السلطة."



ولكن في حال تلقى السنة صوتا اكبر في الشؤون السياسية والأمنية و لعبوا دورهم في العملية السياسية، فإن المحللين يرون أن القليل من التفجيرات الانتحارية يمكن أن تعكس اتجاه التقدم.



وقال كولمان "حالما ترون القوات الشيعية تذعن للعمل مع القوات السنية المعتدلة، فلا يهم ما تفعله القاعدة في العراق، لأنها انتهت."



جنيفر كونز مراسلة معهد صحافة الحرب و السلام في لندن.
Frontline Updates
Support local journalists