فوق القانون

تزايدت حالات حل قضاياالاجرام في الشمال الكردي من العراق من خلال الوساطة العشائرية

فوق القانون

تزايدت حالات حل قضاياالاجرام في الشمال الكردي من العراق من خلال الوساطة العشائرية

2006، رفع محمد امين عبد الله من اهالي السليمانية، دعوى قانونية ضد الرئيس العراقي جلال طلباني، الذي كان يقود انذاك الاتحاد الوطني الكردستاني في الثمانينات.



يطالب عبد الله بـ 25 مليون دينار عراقي كتعويض عن المواد الغذائية التي ادعى تجهيزها للاتحاد الوطني الكردستاني عام 1983 ولم يسددوا له قيمتها.



مباشرة بعد نشر الخبر في جريدة هاولاتي، الصحيفة المستقلة: سارع المكتب المالي التابع للاتحاد الوطني الكردستاني بالاتصال بعبد الله لسحب الدعوى وحل القضية عشائريا.



وافق عبد الله على ذلك و أخيرا سحب دعواه مقابل الدفع المالي.



هذه الانواع من التصالحات العشائرية تحل محل المحاكم، حيث تجتمع الناس مع بعضها لحل الخلافات التي عادةً ما يتم حسمها بالمحاكم.



يبقى التأثير العشائري قويا في اجزاء كبيرة من المجتمع الكردي. ضمن القبيلة، هناك عدد من العشائر وهناك المئات من العوائل ضمن العشيرة.



يتمتع رؤساء العشائر بسلطة مهمة. وعلى افراد العشيرة طاعتهم في كل مايقولوه، وخاصة في المناطق الاكثر ريفية. بامكانهم إتخاذ قرار الذهاب الى الحرب و إتخاذ القرار لمن يجب ان يصوت أفرادهم في الإنتخابات.



يبحث الكثير من الذين اقترفوا جرائم عن حلول عشائرية اكثر من البحث عن حلول قضائية. تقوم عائلة واصدقاء الجاني غالبا بلقاء اقارب الضحية بحضور رجال الدين، الوجهاء، والشخصيات السياسية المحلية في احد الجوامع لانهاء خلافهم- والذي غالبا ما ينتهي بدفع تعويض.



يوقع الطرفان وثيقة يؤكدون فيها ان خلافهم قد تم تسويته و تقوم عائلة الضحية بسحب الدعوى من المحكمة.



هذه الاتفاقيات، تسمى عادة بالمصالحة العشائرية، شائعة الى حد ان الحزبين الكرديين الرئيسين وهما الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني قد شكلا مكاتب إجتماعية تهتم بمثل تلك القضايا يوميا.



ما بين العام 2003 و 2005، قام المكتب الإجتماعي التابع للإتحاد الوطني الكردستاني بحل أكثر من 1800 حالة نزاع، كان من بينها 184 حالة قتل. فقط في العام 2005، قام بحل اكثر من 600 حالة نزاع. لا تتوفر ارقام عن عدد النزاعات التي قام مكتب الحزب الديمقراطي الكردستاني بحلها.



قال مولود تلاني، مدير المكتب الاجتماعي للاتحاد الوطني الكردستاني "اننا قمنا بالتوسط بنجاح لانهاء خلاف مسلح استمربين عامي 1999 و 2000 بين عشيرتين في بيرةمكرون، 15 كم غرب السليمانية والذي اودى بحياة 17 شخصا.



في الكثير من مناطق الاقليم، يشك الناس في المحاكم، ويتسائلون عن استقلاليتها ونزاهتها. انهم يعتقدون بأن الكثير من القضاة معرضون للتأثير عليهم من قبل الاحزاب السياسية و الاصدقاء، والعلاقات الاجتماعية الاخرى.



و في نفس الوقت، تدعي المكاتب الاجتماعية بان الاسلام، وهو دين الاكثرية من الكرد، والقانون العراقي يساند ما يقومون به من عمل.



وبحسب القانون الاسلامي، مثلا، هناك ثلاث طرق لحل مشكلة القتل: شنق القاتل، دفع الدية، او العفو عنه من قبل عائلة الضحية.



هناك عدة مواد حول الاتفاقات العشائرية في القانون العراقي. فمثلا، المادة 198 من القانون رقم 111 الصادر في العام 1969 والذي لا يزال نافذا لحد الان، فأن الاتفاق العشائري يعتبر مساويا لقرارات المحكمة بالنسبة للجرائم التي تكون العقوبات فيها السجن سنة واحدة.



في مثل تلك الحالات، فان عائلة الجاني بامكانها الوصول الى شكل من الأتفاق مع عائلة الضحية ، ويكون الاتفاق ملزم قانونا حتى وان لم يتم اشعار المحكمة. اما بالنسبة للجرائم التي عقوبتها اكثر من سنة سجن، فعليهم الرجوع الى المحكمة لمعرفة ما اذا كانت ستوافق اتفاقهم .



قال تلاني ان الحالات التي لا يتدخل فيها مكتبه هي الحالات التي تتعلق بالنساء، التجسس، السرقة. ويقول انه يفضل ان تتدخل المحكمة في النوع الاول من القضايا لما لها من تاثير اجتماعي كبير، وكذلك النوعين الاخرين لانهما يتعلقان بالمصلحة العامة.



ويقول ان احد الاسباب التي تدفع الناس لانتهاج المصالحة العشائرية هي بسبب ان القوانين الحالية لا تحمي المتهم المجرم الذي يطلق سراحه من السجن بعد اتمام فترة محكوميته. واضاف " قد يكون هدفا للانتقام من قبل الضحية او من قبل عائلة الضحية."



يستذكر تلاني حالة احد المجرمين الذي امضى محكوميته عن قيامه بجريمة قتل والذي اضطر الى الاختباء لمدة سنتين خوفا من انتقام اقارب الضحية منه. وقال تلاني ان المكتب الإجتماعي توسط وقام الجاني بدفع 30,000 دولارا امريكيا للعائلة المنكوبه، وهو الان حر بالذهاب الى اي مكان يريد.



لكن القضاة والمحامين يقولون ان هذه الاتفاقات تقوض النظام القانوني. قال المحامي سوران قره داغي " على الحزبين الرئسيين ان يحلوا تلك المكاتب ان ارادوا عدم الاساءة للمحاكم والقانون واحتقارهما. يريد الحزبان زيادة قوة العشائر."



مع ذلك، قال عمر احمد الذي عمل كقاضي لمدة 6 سنوات في محكمة جنايات السليمانية انه من الصعب تغيير نظام العدالة المتجذر في العادات والتقاليد. واضاف "ليس هناك ثقافة قانونية. طبيعة المجتمع الكردي هي طبيعة عشائرية."



ريباز محمود مراسل معهد صحافة الحرب والسلام (IWPR) في كردستان العراق
Iraqi Kurdistan, Iraq
Frontline Updates
Support local journalists