اقبال الشباب الاكراد على رياضة كمال الاجسام
رجال حملوا السلاح ضد نظام حسين في الماضي يمارسون رياضة كمال الاجسام كاعلان عن رجولتهم
اقبال الشباب الاكراد على رياضة كمال الاجسام
رجال حملوا السلاح ضد نظام حسين في الماضي يمارسون رياضة كمال الاجسام كاعلان عن رجولتهم
زكريا محمد- العراق (تقرير الازمة العراقية رقم. 340، 10-حزيران-2010)
يغذي هوس الشباب الاكراد باللياقة البدنية وبناء الاجسام انتشار القاعات الرياضية في اقليم كردستان العراق، حيث تتراوح هذه القاعات بين مراكز رياضية راقية معدة باجهزة حديثة الى غرف فقيرة لرفع الاثقال في حارات ضيقة.
ويتفق الكثير من الخبراء على ان تأثيرات الرياضة والثقافة الغربيتين، بالاضافة الى البطالة المتنامية بين الشباب، الذين كانوا ربما ينخرطون في صفوف قوات البيشمركه الكردية في الماضي، هي العوامل التي تكمن وراء انتشار هوس اللياقة البدنية في كردستان العراق.
وقبل عقدين فقط ،لم يكن هناك سوى ثلاث قاعات رياضية. أما اليوم فيشير معظم التقديرات الى وجود ما لايقل عن 200 قاعة رياضية. ويقول مدراء القاعات الكبيرة في اربيل والسليمانية بان عدد الاعضاء المسجلين قد ارتفع بنسبة 70 بالمئة خلال السنوات الثلاثة الاخيرة.
ويقول برهان جمعه، رئيس اتحاد كمال الاجسام في كردستان، الذي افتتح نادي اربيل الرياضي في 1970 ، وهو اول مركز لرفع الاثقال في الاقليم "يرى الشباب الاكراد القاعات الرياضية كبديل عن التدريبات العسكرية. انني اقوم بتعليم هذا الجيل الجديد اشياء جيدة كثيرة تعلمتها من خلال تدريباتي العسكرية ومنها رفع الاثقال والتمرينات الجسدية. وفي نهاية الدورة سترى نفسك بشكل مختلف. وهذا منتشر في اقليم كردستان كله".
وتمتلئ تقاطع الشوارع وواجهات البنايات في اربيل والسليمانية بالاعلانات والدعايات المتنافسة لمراكز اللياقة البدنية. وتختلف المراكز عن بعضها البعض بشكل كبير، لكن القاعات الكبيرة تمتلك روعة فنية بمراياها التي تغطي الارضية حتى السقف، ومزودة بالتجهيزات الرياضية الالمانية المنشأ.
ويضيف جمعه " يتردد الناس على القاعات لاجراء التمرينات الرياضية لانها مفيدة للصحة. حيث يريد قسم منهم ان يحافظ على قوامه، وهناك من هو مريض وتم تشجيعه على ممارسة الرياضة للمحافظة على صحته، وآخرون يريدون بناء عضلاتهم. والكثير من الاعضاء الجدد هم من طلاب الجامعات الذين يرغبون في ان يكونوا أقوياء وأكثر جاذبية".
ولم تغب الثقافة الجديدة للقاعات الرياضية عن تفكير الحكومة او المرأة الكردستانية. يقول شيردل تحسين، وهو رئيس اللجنة الرياضية في البرلمان، والمكونة من عشرة اعضاء، بان الميزانية الجديدة لسلطات الاقليم تتضمن تخصيص مبلغ 10 مليارات دينار عراقي (4.8 مليون دولار أمريكي) لتطوير المؤسسات الرياضية. وقال ان الحكومة تاخذ شعبية هذه المراكز الرياضية بنظر الاعتبار اثناء توزيع اللجنة لمواردها.
كما ويزداد تدريجياً عدد القاعات المخصصة للنساء فقط، كما وتخصص قاعات اخرى ساعات معينة للنساء فقط.
تقول سروين أحمد،42 عاما، بانها فقدت خمسة كيلوغرامات منذ ان بدأت قبل شهرين بممارسة التمارين الرياضية في قاعة رياضية نسوية تقع في حي آزادي في اربيل.
وتقول أحمد " اذا اراد المرء ان يفقد بعضاً من وزنه، فان الشيء الأكثر أهمية لفعل ذلك هو التحلي بارادة قوية، ولكن الشيء الآخر الاكثر اهمية أيضا هو وجود مكان للتدريب. وبالنسبة لي كامراة فان وجود نساء اخريات هناك شيء مهم ايضاً، فمعهن لا اشعر بعدم الارتياح. فقداني لخمسة كيلوغرامات جعلني أشعر بانني انسانة جديدة، واعتقد اذا استمريت في التمارين فسافقد المزيد من وزني".
ويعتبر أحمد مجيد، المعروف باحمد رامبو، الاكثر شهرة في كردستان في رياضة كمال الاجسام. وشهرته تعطي مثالاً واضحاً على كيفية تجاوز هذه الرياضة سمعتها السيئة خلال حياته.
فقد بدأ مجيد، 37 عاما، بممارسة رياضة رفع الاثقال في 1988. ولم يخبر والديه اللذين لم يستحسنا هذه الرياضة واعتبراها غريبة عن الثقافة والتقاليد الكردية. وفي غضون عامين فاز مجيد بالميدالية الذهبية في بطولة العراق في كمال الاجسام في وزن 75 كغم.
وفي غضون ذلك حصل على لقب رامبو لشبهه بسيلفستر ستالون، وارتدائه شريطاً حول راسه تشبهاً بدور ستالون في شخصية رامبو.
ويقول مجيد " لم يكن بمقدوري، بعد ان اصبحت مشهوراً، اخفاء ترددي على المركز الرياضي يومياً. وغضب ابي مني قائلاً بانني فقدت رجولتي لانني حلقت شاربي مثل رامبو. وسألته ان كان يعتقد بان جميع الغربيين يفقدون رجولتهم بعد حلاقتهم للحاهم وشواربهم".
وفي 1995 غادر مجيد كردستان هرباً من الحرب الاهلية الكردية المريرة، إلا انه واصل المنافسة بنجاح في المانيا. وعاد في 2004 ليقود مجموعة من رياضيين الاكراد للمشاركة في بطولة كمال اجسام آسيا التي اقيمت في تايلاند عام 2009.
وقد أبلى الفريق العراقي بلاءا حسنا في البطولة، حيث فاز احمد مجيد بالميدالية الفضية وحصل نزار احمد على الذهبية في وزن 85 كلغم. واحرز كل من سردار اسماعيل وعادل كمال ميداليتين فضيتين في وزني 85 كغم و75 كغم على التوالي.
ويقول مجيد " هذا وقت جيد لكردستان. لدينا لاعبين جيدين في رياضة كمال الاجسام الذين بامكانهم، وانا على ثقة من ذلك، ان يتحولوا الى نجوم كبار لو حصلوا على الدعم المالي الذي يقدر على ابعادهم عن العمل في مهن عادية للحصول على رزقهم. واذا قامت الحكومة الكردية ببناء وتوسيع قاعات رياضية ، فان هذه الرياضة ستغدو أكثر شعبية".
لكن الانتشار السريع لصناعة اللياقة البدنية جعل بعض الخبراء قلقين من اساءة الناس لاجسامهم.
ويقول نوزين بختيار صالح، 33 عاما، الذي افتتح اربع قاعات رياضية في السليمانية، كانت أحدثها قاعة (بك زون)، بانه قام بتسجيل حوالي 4000 عضو خلال اربع سنوات، لكنه يرى بان القليل جدا من مدربي رفع الاثقال و اصحاب القاعات الرياضية يمتلكون خلفية مناسبة في التربية الصحية.
ويقول صالح، الحائز على درجة ماجستير في التربية البدنية ، والاستاذ في جامعة السليمانية "يأتي الناس الى القاعة الرياضية وهم يعتقدون بان امتلاك عضلات ضخمة يعني انهم يتمتعون باللياقة البدنية المناسبة. لا يتبعون نظاما غذائياً، والبعض منهم يدخن ويشرب الكحول، كما انهم لا يفهمون التقنيات الصحيحة في ممارسة التمرين الرياضي".
اضافة الى ذلك يتفق كل من صالح وجمعة على ان المنشطات غير القانونية متوفرة على نطاق واسع في السوق السوداء. وفي مقابلات مع الاعلام المحلي، تحدث جمعه عن مشاجراته مع متعاطي المنشطات غير القانونية بعد اضطراره الى طردهم خارج قاعته الرياضية في اربيل.
ويقول صالح بان هوس القاعات الرياضية هنا سيبقى، ومن السهولة فهم شعبيتها الواسعة " انه لأمر طبيعي ان يرغب الشباب في الحصول على عضلات ضخمة وارتداء ملابس تبين تمتعهم بلياقة بدنية جيدة". واضاف صالح "فهم يريدون اثارة اعجاب الفتيات"
زكريا محمد صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلم في اربيل. وقام جارلز مكديرمد، المحرر في مكتب المعهد في العراق بتنقيح هذا المقال.