الشمال الكردي يحصد فوائد العمل
تبدو المنطقة الشمالية مغرية للمستثمرين بعيداً عن بغداد البيروقراطية
الشمال الكردي يحصد فوائد العمل
تبدو المنطقة الشمالية مغرية للمستثمرين بعيداً عن بغداد البيروقراطية
ان الفرق في الاسلوب الذي تنتهجه كردستان العراق عن بقية أنحاء العراق في تنمية الاستثمار قد دفع الأعمال ان تهرب من بغداد وتتجه الى الاقليم الشمالي للبلاد.
وفي علامة على التفضيل الواضح للشمال، فان غرفة التجارة والصناعة العراقية ـ الأمريكية ستعقد مؤتمراً في تشرين الأول المقبل في كردستان العراق تشارك فيه (240) شركة مهتمة بالاستثمار هناك.
يقول المحللون ان ثمة عدداً من الأسباب وراء ابتعاد الشركات عن العاصمة العراقية.
وتوجد في ادارة السليمانية لكردستان العراق "هيئة تنمية الاستثمار" التي توجه وتسهل المشاريع للمستثمرين. ولكن في بغداد، لا توجد مثل هذه الجهة المتخصصة التي يمكن للمستثمرين ان يلجأوا اليها.
قال شيلان خانقاه، مدير الاعلام في هيئة تنمية الاستثمار، وأكثر من ذلك، فان قانون الاستثمار في كردستان العراق قد وضع بعد دراسة قوانين مشابهة في (23) بلداً عربياً وأجنبياً. ان القانون الذي طبق في آذار/ 2004، يستثني الشركات والمقاولين من دفع الرسوم الجمركية لخمس سنوات ويوفر أيضاً قطعة أرض مجانية للمشاريع التجارية.
وما تزال الحكومة في بغداد تستند الى القوانين التي وضعتها سلطة التحالف المؤقتة. وتسمح قوانين الاستثمار العراقية بمنح التخفيض على ضرائب الجمارك لمدة خمس سنوات، إلا ان المبلغ يعتمد على حجم كل مشروع استثماري واطاره الزمني. وعلى وفق ما جاء في احد الأوامر الصادرة عن سلطة التحالف المؤقتة لا يحق للمستثمر الأجنبي ان يتملك عقاراً، ومسموح له فقط ان يستأجر بعقود طويلة الأمد الى حد (40) سنة.
وقال رعد عمار، مدير غرفة التجارة والصناعة العراقية ـ الأمريكية "لا أحد يطبق قانون الاستثمار، بما في ذلك الوزراء العراقيون لأن سلطة التحالف المؤقتة قد وضعته. والمسألة الأكثر أهمية هي عدم وجود هيئة مختصة باستقبال وتوجيه الشركات. ان الحاجة ماسة لاحداث تغيير جذري في قانون الاستثمار العراقي حتى يمكن دعم المستثمرين."
ويؤدي الوضع الأمني المستقر نسبياً في كردستان العراق دوراً في جعل الاقليم مغرياً للمستثمرين، لكن أحد مدراء الشركات يقول ان الطريقة التي تستخدم للتعامل معهم تشكل عنصراً جوهرياً هاماً جداً عندما يضعون قرارات الاستثمار.
وقال ناصر العزاوي، صاحب شركة السياحة والاستثمار "أرض الأفراح" ان قانون الاستثمار في كردستان العراق أكثر اغراءاً من القانون العراقي لأنه يضمن للمستثمرين الحد الأعلى من الحقوق.
لقد استطاع في كردستان العراق الحصول على قطعة أرض مساحتها (100) ألف متر مربع لمشروع سياحي خلال ثلاث سنوات من التطبيق.
أما في بغداد، كما يقول العزاوي، فيبدو ان البيروقراطية تعمل ضد المستثمرين. فقد ظل لأكثر من سنة ينتظر عقد جلسة المحكمة للنظر في طلبه لاخلاء السكان غير المشروعين من أرضه في الفلوجة، حتى يتمكن من تطويرها الى مشروع سياحي هناك.
وقال "لم أحصل على أي شيء حتى الآن على الرغم من حقيقة أني قد أنفقت مليار دينار عراقي على هذا المشروع خلال حكم النظام السابق."
وقال عباس نوري، مدير التقويم الاقتصادي والفني للهيئة، في كردستان العراق، ثمة اجراء قياسي موحد لكل مشاريع الأعمال، والتي تديرها هيئة تنمية الاستثمار بشكل كامل. في البداية يصدر مرسوم للشركة فيما يتعلق بمشروعها، ثم تصدر بعد ذلك اجازة استثمار. ونتيجة لذلك يتم تخصيص قطعة أرض، وأخيراً يجري توقيع عقد الاستثمار.
وقالت لمياء سعد عبد الله، محامية لدى شركة بغداد للعقارات والتعاقد، ان الاجراءات في بغداد تعتمد على الشروط التي توضع بين المستثمر والوزارة الحكومية التي تم التعاقد معها.
وقالت لمياء "ان العراق بحاجة الى تجربة الاستثمار، وليس لأموال الاستثمار."
وقال طارق شاكر أحمد، عضو غرفة تجارة بغداد لا تقوم جميع الشركات الأجنبية بالتسجيل لدى وزارة التجارة، وذلك خوفاً من كشف المعلومات عنها للمتمردين من جانب، ومن جانب آخر من أجل تجنب دفع الضرائب. ونتيجة لذلك، ليس ثمة احصاءات متوافرة لمعرفة المجموع الكلي للاستثمار الأجنبي في بقية أنحاء العراق.
في كردستان العراق، وقعت الحكومة (70) عقداً مع الشركات الأجنبية وتعمل الآن على تنفيذ (25) مشروعاً قيمتها (75) مليون دولار. وأشارت الكثير من الشركات التي تعتزم حضور المؤتمر الذي سيعقد لاحقاً هذه السنة في كردستان العراق الى انها تفضل الاستثمار هناك على بقية أنحاء العراق بسبب البيروقراطية.
وبينما تفتح كردستان العراق أبوابها للمستمرين الأجانب، ما تزال بقية أنحاء العراق حذرة وحتى مليئة بالشكوك. وفي أي وقت يتحدث المسؤولون الحكوميون في بغداد عن الانفتاح للاستثمار الأجنبي فان بعض العراقيين يردون باتهامهم ببيع البلاد.
*نمير حسين الربيعي ـ صحفي تحت التدريب في معهد صحافة الحرب والسلام في السليمانية