العنف في كركوك... هاجس المستقبل
السكان متوجسون من الاحزاب المتنازعة والهجمات المتزايدة بعد الانسحاب الاميركي.
العنف في كركوك... هاجس المستقبل
السكان متوجسون من الاحزاب المتنازعة والهجمات المتزايدة بعد الانسحاب الاميركي.
بددت الانفجارات كل الآمال بتحسن الوضع الامني في المدينة بعد رحيل الاميركان من المدن في الثلاثين من حزيران، الذين وصفوا بانهم محتلين من قبل البعض، بينما اعتبرهم البعض الاخر محررين بعد اسقاط صدام حسين في العام 2003.
وقع الانفجار الأول في منطقة تازة الواقعة الى الجنوب من كركوك، ويقطنها اغلبية من الشيعة التركمان، حيث حصل الانفجار قبل بضعة ايام من من موعد الانسحاب، بينما وقع الانفجار الثاني في شورجة وهي منطقة واقعة الى الشمال الشرقي من المدينة، حيث تعيش اغلبية كردية، والذي صادف يوم الإنسحاب الاميركي. وقد قتل الانفجاران ما لا يقل عن 300 شخص بالاضافة الى جرح العديدين.
أمير عباس، وهو تركماني، نجا بأعجوبة من تحت انقاض منزله الذي تدمر في انفجار تازة. يرقد الآن في المستشفى بعد ان تكسرت اطرافه واصيب بنزف في الرأس والبطن. اضافة الى تعرصه الى صدمة نفسية بعد مقتل ثمانية من افراد عائلته في الإنفجار.
يقول امير "استهدفت منطقتنا لانها شيعية صرفة، وهناك العديد من الجهات التي تعمل ضد المواطنين الشيعة. الا ان ما حصل لن يزعزع ايماننا ومبادئنا".
هذا وكانت محافظة كركوك الغنية بالنفط محط نزاع بين الكتل السياسية في المدينة والحكومة المركزية في بغداد منذ عام 2003. حيث شهدت عددا من الهجمات الدامية من قبل المتطرفين خلال تلك الفترة تاركة مئات الضحايا.
وغالبية السكان في كركوك هم من الاكراد، العرب، التركمان والآشوريين بالاضافة الى عدد اصغر من الاقليات الاخرى.
مدير شرطة كركوك اللواء جمال طاهر، يرى بان كركوك كانت مستقرة بشكل ملحوظ الى حين وقوع الانفجارين. وهو يعلق "يوم الإنسحاب كان سببا للإحتفال حيث تسلمت القوات العراقية المهام الامنية من القوات الحليفة. واثبت هذا اليوم ان القوات المحلية محل ثقة لحفظ الامن وحماية المواطنين".
وأضاف طاهر بان القوات الاميركية في كركوك لعبت دورا مهما في مساندة القوات الامنية المحلية من خلال التدريب والامور اللوجستية بالاضافة الى العمليات المشتركة.
كما يرى المراقبون المحليون بان الاستقرار في كركوك يعتمد على توصل المكونات المختلفة الى حالة من التوافق فيما بينهم. حيث يريد الكرد جعل كركوك جزءا من اقليم كردستان، بينما تواجه هذه الفكرة رفضا من قبل التركمان والعرب والتي هي قلب الصراع في المدينة.
ان حالة عدم التوافق هذه تجعل الكثيرين من السكان هنا ينتابهم القلق بشان مستقبل مدينتهم، والأحياء ذات الاغلبية العرقية تخشى من هجمات المتطرفين.
قائد الفرقة 12 في الجيش العراقي اللواء عبد الامير رضا، يرى بان الأمن في كركوك سيتحسن بعد الانسحاب الاميركي، وان "ثقة المواطنين العالية بالقوات الامنية العراقية كان واضحة من طريقة احتفالهم بمناسبة الانسحاب في الثلاثين من حزيران".
قائد الفرقة المسؤولة عن حماية الحدود في كركوك والبنى التحتية مثل أنابيب النفط و أبراج الكهرباء، يضيف بان التحسن الامني لن يكتمل من دون تعاون المواطنيين ومشاركتهم".
ويتابع "ما نحتاجه الان هو وعي الناس لكيفية حفظ الامن من خلال التعاون مع (قواتنا) واعلامهم عن أي شيء يشتبهون به".
الا ان بعض القادة المحليين غير متفائلين بتحسن الامن بسبب التكوين القومي للقوات الامنية.
نائب عن الجبهة التركمانية في مجلس محافظة كركوك، حسن تورهان، يشدد بان "ادارة وقيادة القوات الامنية في كركوك هي حكر للعناصر الكردية"، وهو يعتقد بان "ذلك يشكل ثغرة كبيرة في قدرة العناصر الامنية في المدينة لأداء عملهم".
يضاف الى هذا المشهد، بان ثمة اضطرابات في بعض اجزاء المدينة بسبب وجود القوات الكردية المعروفة بـ"الآسايش"، والتي قال عنها تورهان بانها تثير كلا من حالتي "القلق والاستنكار من قبل العرب والتركمان".
وهو ما يذهب اليه عضو المجلس العربي الإستشاري كركوك، محمد خليل، حيث يتهم الكرد بالهيمنة على القوات الامنية في المدينة، ويرى "ان ارتباط القوات الامنية بـ(جهة) واحدة في المدينة يشكل خطرا تهميش بقية الجهات، والذي يخلق حالة من عدم التوازن الامني في المنطقة.
ويتابع "من المفروض ان تاتي قوات نظامية امنية عراقية بدل هذه القوات في المدينة بعد ان فشلوا في حفظ النظام".
الكرد من جهتهم، يعتبرون الفرقة 12 في الجيش، مصدر للخطر لانها تتكون من عناصر من جنوب ووسط العراق والذين يُعتقد بأنهم يكرهون كرد كركوك.
تورهان يقول "هذه (الفرقة) تذكر الاكراد بالنظام السابق والذي كان مصدرا للخطر والقلق لعدة سنوات... هذا النوع من الاشياء خلق الانقسامات في المدينة".
في ضوء الاختلافات حول الامن، قامت جبهة كركوك العراقية، وهي تحالف أحزاب عربية، بدعوة مجلس محافظة كركوك في حزيران الماضي لعقد مؤتمر يهدف الى التوصل الى توافق بخصوص المحاصصة لجميع مكونات كروك في القوات الامن المحلية –بواقع 32% لكل من العرب والاكراد والتركمان و4% للكلدو اشوريين– للحلول بدل القوات الاجنبية بعد الانسحاب من مراكز المدن. لكن لم يكن هناك توافق ازاء المبادرة.
سماح صمد متدربة في معهد صحافة الحرب والسلام من كركوك.