الهجمات في العراق تبين هشاشة الوضع الامني
توقعات باستمرار اعمال العنف مع انسحاب القوات الامريكية، وطالما بقي الجمود السياسي بدون حل
الهجمات في العراق تبين هشاشة الوضع الامني
توقعات باستمرار اعمال العنف مع انسحاب القوات الامريكية، وطالما بقي الجمود السياسي بدون حل
مجموعة من المراسلين المتدربين في معهد صحافة الحرب والسلام
(تقرير الازمة العراقية رقم 351، 27 آب –أغسطس 2010)
اثارت موجة من الهجمات في عموم البلاد المخاوف والخيبة بين العراقيين، حيث يتهم الكثير منهم الحكومة في بغداد و الادارة الامريكية بتركهم عرضة لهجمات المتمردين، كما وانهم يخشون حدوث الاسوأ.
وقد قتل ما لايقل عن 55 شخصاً وأصيب المئات يوم 25 آب في عشرات الهجمات، التي كانت على ما يبدو منسقة، وفي عمليات اطلاق النيران، وهجمات انتحارية استهدفت مراكز الشرطة والاجهزة الامنية في ما لايقل عن 14 بلدة ومدينة .
وجاءت الهجمات بعد وقت قصير من انسحاب واشنطن لآخر قواتها القتالية من العراق، ووسط فراغ سياسي مستمر عقب توقف الجهود الرامية الى اقامة ائتلاف حكومي، وذلك بعد قرابة 6 أشهر من اجراء الانتخابات البرلمانية العراقية.
"سدد الارهابيون ضربة كبيرة للحكومة" يقول عبدالله المسلاوي الذي يسكن قريباً من مركز للشرطة في بغداد، سوي بالارض نتيجة انفجار ضخم بسيارة مفخخة في 25 آب. وأدى الانفجار الى مقتل 15 شخصاُ ومن ضمنهم 6 من أفراد الشرطة، وجرح عشرات الآخرين.
" انهم يجعلون الجميع يدرك مدى هشاشة الوضع الامني في كافة أنحاء البلاد، وليس هناك من مكان آمن. أتساءل ترى ما الذي سيحدث في الاشهر القادمة، اذا ما أخذنا بنظر الاعتبار اتساع شقة الخلافات بين السياسيين وخروج القوات الامريكية. ليحفظ الله جميع العراقيين".
وابلغ اللواء قاسم عطا الموسوي ، الناطق الرسمي باسم القوى الامنية في بغداد، بان الهجمات نفذت من قبل " تنظيم القاعدة وخلايا البعث". ويقصد بالاخير الحزب السياسي المحظور الذي كان يترأسه الديكتاتور السابق صدام حسين.
ويقول الموسوي بان الحكومة تحصن نفسها ضد مزيد من الهجمات.
"نحن نعتقد بأنهم سيواصلون بذل قصار جهدهم للتأثير على الأمن، خصوصاً في هذه المرحلة مع انسحاب القوات الامريكية. فمن جهة يستهدفون القوى الامنية، ومن جهة اخرى يحاولون التأثير على العملية السياسية". يقول الموسوي.
وتزامن اندلاع العنف مع انخفاض عديد القوات العسكرية الامريكية في العراق الى أقل من 50 ألف، خطوة تم تسليط الكثير من الضوء عليها، والتي تريد واشنطن اعتبارها علامة بارزة على طريق فك الارتباط العسكري الكامل بعد أكثر من 7 سنوات في العراق. وقد غادرت آخر وحدة قتالية أميركية العراق يوم 19 آب.
واشار المنتقدون الى وجود شرطين مسبقين أساسيين في وعد بارك أوباما بتخفيض القوات العسكرية، وهما تحول آمن ومستقر الى حكومة جديدة ديمقراطية منتخبة، وقدرة القوات الامنية العراقية في الدفاع عن البلاد ضد هجمات المتمردين. لكن لم يتحقق أي من هذين الامرين.
وبعد يوم واحد من الهجمات، أدان المتحدث الرسمي باسم الادارة الامريكية هذه الهجمات، لكنه قال بانها لن تؤثر على جدول انسحاب القوات.
وقال الناطق الرسمي بأسم البيت الابيض، بيل بيرتن بان الرئيس اوباما ظل "واثقاً" من ان القوات العراقية " قادرة على تولي الامن".
" ان السبب وراء هذه الهجمات هو وجود اشخاص لا يريدون للعراق ان يزدهر ديمقراطياً" قال للصحفيين. " هناك أشخاص يحاولون استخدام الخوف والارهاب كوسائل لابطاء ما لا يمكن ايقافه في هذا البلد".
وأشاعت أعمال العنف مخاوف واسعة النطاق بين العراقيين.
وفي مدينة البصرة الجنوبية الاستراتيجية بموانئها، استهدف انفجار ضخم، في ساعات الصباح الاولى، مركزاً للشرطة يقع وسط سوق مزدحم، مما ادى الى جرح 11 شخصاً بينهم 5 من رجال الشرطة. وقد حدث الهجوم على بعد عدة أمتار فقط من موقع انفجار مزدوج لسيارتين مفخختين الاسبوع الماضي، والذي أدى الى مقتل 45 شخصاً وجرح 185 آخرين.
وقد دفع قرب موقع الهجومين من بعضهما البعض بالاهالي الى التشكيك في فعالية الاجهزة الامنية المحلية.
"لقد كان هذا انفجاراً ضخماً. الحمد لله انه وقع في هذا الوقت المبكر، لو كان وقع في ساعات الازدحام لكان قد قتل المئات من الناس" قال علي جاسم- 40 عاما- والذي يملك محلاً لمواد البناء بالقرب من موقع الانفجار.
واضاف جاسم " ان القوى الامنية غير قادرة على تولي الامن. وخروج القوات الاميركية خطأ فادح. لم يمر اسبوع على انسحابها ومشاكل كثيرة قد حدثت مسبقاً. لقد وعدتنا الحكومة بان البصرة مدينة آمنة، حسناً هذه هي الحقائق".
ويتقف رعد مساري -33 عاما- وهو صاحب متجر مع ما يقوله جاسم.
"تعتبر البصرة مدينة مهمة، وحمايتها تعني حماية ثروات العراق" يقول مساري. " ولكن أخفقت أجهزتنا الامنية في امتحانها الاول. ولم نكد ننتهي من الانفجار الاول حتى وقع الانفجار الثاني، وعلى الارجح سيستمر ذلك. اين القوى الامنية؟ اين الجيش؟".
ويقول الموسوي، الناطق الرسمي باسم القوى الامنية، بان الجولة الجديدة من الهجمات قد دفعت الى تحليل وتقييم الخطط الامنية.
"لقد قمنا باعادة تقييم خططنا الامنية، وقمنا بتقوية بعض النقاط فيها بهدف تعلم الدروس من الهجمات الارهابية" يقول الموسوي. ولم يعط الموسوي تفاصيل أكثر عن ماهية هذه التغييرات.
وينظر الى قدرات القوى الامنية للتعامل مع الاوضاع بعين الريبة والشك في مناطق مثل محافظة الانبار الغربية التي شهدت تصاعداً في أعمال العنف حتى قبل اعتداءات 25 آب.
"كانت هذه الهجمات متوقعة لاننا تعلمنا ان نتوقع الاسوء". يقول نبيل خالد -34 عاما- وهو موظف مدني في مدينة الفلوجة. "وما يجعلنا قلقين بشكل أكبر هو ضعف ردود افعال الاجهزة الامنية. فقد استخدمت أساليب تقليدية في هذه الاعتداءات، ومع ذلك لم تلتقطها القوى الامنية. لقد عدنا الى أجواء عام 2006، الى قمة اعمال العنف".
وفي مدينة كركوك الشمالية، حيث استهدفت سيارة مفخخة رتلا من الشرطة، مما أدى الى مقتل شرطي واصابة 9 آخرين، أعرب العميد سرحد قادر عن قلقه العميق ازاء المستقبل.
"ترك الانسحاب الامريكي فراغاً أمنيا في الحال. سيصبح الوضع أكثر توتراً وستقع أعمال ارهابية، كما يحدث الآن في جميع أرجاء العراق". قال قادر لمعهد صحافة الحرب والسلام.
"يعيش الناس حالة خوف، وهناك المزيد من الضحايا يومياً، والوضع يتدهور. والامل الوحيد هو ان يتم حل جميع المشاكل عندما يبدأ الساسة يقلقون على حياة المدنيين الابرياء".
كتب هذا التقرير الصحفيون المتدربون في معهد صحافة الحرب والسلام، علي ابو عراق من البصرة، وخالد الانصاري من بغداد، وسماح صمد من كركوك، وعثمان المختار من الانبار.