الامن في البصرة ينهار
في الوقت الذي تتنافس فيه الاحزاب الشيعية على السلطة فان وتيرة العنف تتصاعد.
الامن في البصرة ينهار
في الوقت الذي تتنافس فيه الاحزاب الشيعية على السلطة فان وتيرة العنف تتصاعد.
ثاني اكبر المدن العراقية والغنية بالموارد النفطية والهيمنة السياسية والمتوفرة لمن يريد الحصول عليها, فان الصراع على السلطة ادى الى تهور الوضع الامني وانهيار الحكومة المحلية طبقا لاقوال محللين سياسيين وناس عاديين التقاهم مراسل معهدنا.
اساتذة جامعيين وضباط جيش ورجال دين وقياديين في المجتمع كانوا قد استهدفوا في الشهور الاخيرة عن طريق الاغتيالات. في حين تركزت بعض الهجمات الاخرى على السنة العرب والاعضاء السابقين في حزب البعث, اما الاخرين فقد انظموا الى النزاع المميت بين الميليشيات واصطفوا مع الفئات المتنافسة والمجموعات السياسية.
وكنتيجة لهذا العنف فان الحالة الامنية قد بقيت تحت الركام, وعلى الرغم من وجود ما يقارب 8000 الاف جندي بريطاني الا انها لم تستطيع ايقاف العنف.
العنف في ازدياد, وليس في تناقص بعد اعلان رئيس الوزراء العراقي الجديد نوري المالكي حالة الطوارئ لمدة شهر اعتبارا من الحادي والثلاثين من شهر مايو/ايار. فخلال ايام من هذا الاعلان فقد قتل على الاقل 35 شخصا وعشرات الجرحى في هجمات دامية في هجوم على سوق شعبي داخل المدينة واطلاق نار على مساجد سنية.
الموظف الحكومي ابراهيم عريبي البالغ من العمر 30 عاما قال "ان الاجراءات الامنية التي اعلنتها الحكومة حولت البصرة الى قنبلة موقوتة قد تنفجر في اية لحظة." واضاف "نحن الان نعيش تحت ضروف صعبة جدا والاجراءات الجديدة لم تفلح في بسط الامن."
البعض من سكان البصرة ظلوا على حافة الهاوية لعدة شهور. في حين ان هذه المدينة ذات الغالبية الشيعية كانت هدئة نسبيا اذا ما قورنت بالكثير من المدن العراقية الاخرى التي انغمست في العنف الطائفي. العديد من رجال الدين الشيعة قد قتلو كما هو الحال لبعض وجهاء المدينة من السنة العرب الذين هرب العديد منهم.
سلام راضي، مدير تحرير مجلةِ الناس في البصرة، قالَ المشاكل الداخليةَ السياسيةَ الحاليةَ متجذّرة بعمق بسبب التنافساتِ بين الأطرافِ الشيعة المُخْتَلِفةِ.
المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وحزب الفضيلة اللذان يعتبران من اقوى الأطرافَ الشيعة في هذا الجزءِ من العراق، تعتبر من القوى الرئيسية التي تَتنافسُ على السلطة السياسيةِ والسيطرةِ على نفطِ البصرة.
على الرغم من ان البصرة غنية بالموارد النفطية بالاضافة الى اكبر ميناء عراقي الا ان معظم سكانها هم من الطبقة الفقيرة بسبب سنوات من الظلم سببها النظام البعثي التي كَانتْ معاديةَ إلى التطلّعاتِ السياسيةِ للشيعة. في الوقت الذي لايزال تهريب النفط فيه يشل الاقتصاد العراقي الهش.
كلا هذين الحزبين متهمين بحصد الوظائف الحكومية الى مناصريهما خصوصا فيما يتعلق بقطاع الصناعات النفطية. وكان حزب الفضيلة قد انسحب من المفاوضات التي اجراها نواب البرلمان بسبب رفض مطالبه بالسيطرة على وزارة النفط.
واضاف راضي بان "المصالح الحزبية والفردية لعبت دور رئيسي في تعقيد هذه الازمة. والتي تعمقت على شكل اتهامات ولوم والمتاجرة بها مع الاخذ بنظر الاعتبار الحالة الامنية المتدهورة, والتدخل في الامور الامنية.
يعتقد راضي ان تدخل بغداد في حل هذه الازمة السياسية هو امر "غير مجدي" حيث تسببت في زيادة العنف وقطع العلاقات بين الاحزاب في البصرة.
وقال "يجب طرد بعض السياسيين الغير كفوئين, وكذلك ابدال اللجان الامنية الفاشلة باخرى جديدة قادرة على التعامل مع الوضع, كما يجب ان تتولى الرموز الوطنية العراقية المسؤولية في ادارة امور هذه المحافظة."
قوات من الجيش العراقي انتشرت في البصرة كما تم زيادة عدد نقاط التفتيش فيها الا ان سيارة مفخخة انفجرت في السوق الرئيسية في البصرة قتلت ما يقارب 28 شخصا وجرحت حوالي 70 آخرين.
احمد رياض البالغ من العمر 18 بائع عصير كان موجودا عندما وقع الحادث حيث قال "كانت الضجة تملئ المكان لكن فجاة غطى التراب جميع انحاء المكان حيث شعرت حينها ان شيء ما قد اصاب رجلي, العديد من الناس قتلوا. واستشهد صديقي حيث اصيب في راسه. في الوقت الذي لم استطع ان افعل اي شيئ من اجله."
احد اعضاء مجلس المحافظة تحدث في ظروف سرية وذكر بان الحكومة حصلت وبفترة قصيرة بعد الانفجار الذي هز سوق المدينة على معلومات استخباراتية بان جماعة مسلحة تختبئ في مسجد العرب السني.
وحدات من الجيش والشرطة قامت بمداهمة الجامع حيث تم اطلاق النار عليهم واوضح بان القوات الامنية قتلت سبعة رجال داخل البناية فيما فقد شخصين آخرين. قال احد المسئولين بأنه تم العثور على ملابس رسمية للحرس الوطني العراقي كما وجدت متفجرات واجهزة اتصالات.
وقال هذا المسؤول بان احد الاشخاص الذي تم القاء القبض عليه اعترف بانه كان يحضر لتفجير سيارة في سوق المدينة في اليوم التالي.
لكن ابو محمد البالغ من العمر 45 عاما وهو رجل سني كبير السن يسكن بالقرب من هذا الجامع رفض ذكر اسمه الكامل ذكر بان تلاميذ كانوا يدرسون في الجامع عندما حدثت عملية المداهمة "بسبب انقطاع التيار الكهربائي في منازلهم."
في الصباح الباكر من يوم السادس من حزيران/يناير اندلع شتباك بين القوات البريطانية ومسلحين في منطقة كرمة علي احدى ضواحي البصرة ذات الغالبية الشيعية على اثر استهداف دورية بريطانية كانت مارة في هذه المنطقة.
ان اعلان الحكومة المركزية لحالة الطوارئ في مدينة البصرة تزامن مع اللهجة العدائية من بعض السياسيين المحليين. حيث ذكر بيان صدر من المحافظ محمد الوائلي والذي يتزعم ايضا حزب الفضيلة ذكر بان التحرّكُ كَانَ مَدْفوع سياسياً وذريعة لصَرْف الإنتباهِ عن حالةِ الأمنِ المتدهورةِ في بغداد والمحافظات أخرى.
لكن عضو مجلس المحافظة عبد الحسن ناصر من حزب الله قد رحّب بهذا التدخل وقال "بانه سيساعد باستتباب الهدوء النسبي وان كان غير كامل."
سكان البصرة شاركوه في وجهة نضره المتفائلة الحذرة.
الطالب الجامعي سعد عيدان والبالغ من العمر 20 عاما ذكر بالرغم من أنَّ الأمن كَانَ محصورا في نقاط التفتيش العسكريةِ العراقيةِ. "نحن نشعر بامان في ظل وجود الجيش هنا, ونأمل بان لايترك المالكي البصرة تحت رحمة الاحزاب الذين سيرمون بنا في الهاوية."
ربة البيت وسماء الحساني البالغة من العمر 27 ذكرت بان التدخل الحكومي قد جاء بعد فوات الاوان. وقالت "نحن خائفين من الذهاب الى التسوق بسبب الوضع الامني المتقلب. وكان على الحكومة التدخل منذ زمن بعيد وليس بعد توتر الاوضاع."
اسير السعدي هو الاسم المستعار لصحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام من البصرة.