اغلاق مطار النجف يثير التوترات مع العاصمة بغداد
مؤامرة مزعومة للقاعدة ترجئ الرحلات الجوية الدولية من والى مطار النجف منذ مطلع نيسان/ابريل.
اغلاق مطار النجف يثير التوترات مع العاصمة بغداد
مؤامرة مزعومة للقاعدة ترجئ الرحلات الجوية الدولية من والى مطار النجف منذ مطلع نيسان/ابريل.
22 نيسان/ابريل 2010
حسين العبيدي من النجف وعلي كريم من بغداد.
هدد الموظفون المحليون في مدينة النجف الاشرف بمقاطعة اعمالهم وتنظيم التظاهرات بسبب تكبدهم خسائر مالية من جراء تمديد اغلاق المطار الحيوي للمدينة.
وكانت الحكومة قد علقت الرحلات الخارجية في مطار النجف الدولي في السابع من شهر نيسان/ابريل الحالي بسبب استمرار التحقيقات التي تجريها السلطات الامنية في مزاعم بوجود مؤامرة ارهابية من قبل خلية محلية تابعة لتنظيم القاعدة. وقد اعتقل عاملان في المطار، احدهما طيار، على خلفية علاقتهما بالقضية. وتفيد التقارير بان المخطط كان يرمي الى مهاجمة الضريح المقدس لامام علي بطائرات مخطوفة.
غير ان الموظفين المحليين يشكون الان من طول فترة الاغلاق وعدم الشفافية في عملية التحقيقات وخسارة سلطات محافظة النجف للعائدات المالية من حركة المطار.
وبحسب مدير المطار، صادق اللبان، فان الاعتصام الذي نظمه مجلس المدينة الاسبوع الماضي تم الغائه في اللحظة الاخيرة بسبب زيارة وفد حكومي من بغداد. ولكن المحادثات مستمرة بشأن مقاطعة الاعمال وتنظيم التظاهرت.
وفي حين اعيد افتتاح المطار امام الرحلات الداخلية، إلا ان الموظفين يقولون بان هذه الرحلات لا تدر اموالا كافية لتغطية التكاليف. وقال عضو مجلس محافظة النجف، جواد الكرعاوي، بانه من المتوقع القيام بالتظاهرات اذا استمر اغلاق المطار بوجه الرحلات الدولية. وقد تم السماح لرحلة واحدة فقط قادمة من ايران بالهبوط في المطار هذا الاسبوع.
" ان الاضرار الناجمة عن اغلاق المطار لا تؤثر على النجف فحسب بل تؤثر على عموم العراق والمنطقة". قال الكرعاوي.
" وان الاسباب وراء اغلاق المطار غير واضحة منذ بدء الموضوع. ففي البداية أدعت السلطات بانها مشاكل تقنية، ثم عادت وقالت بان هناك اسباب امنية وراء اغلاقه. اننا غير مقتنعين بهذا كله. ونعتقد بان هناك دوافع خفية ".
ويقول الكرعاوي بان وزير النقل، عامر عبدالجبار، ربما بالغ كثيرا في موضوع التهديد الامني بهدف بسط سيطرته على مطار النجف المربح.
ومن جهته نفى وزير النقل هذه الاتهامات، مؤكدا على ان اغلاق مطاري النجف وبغداد جاء بناءا على اوامر من رئيس الوزراء نوري المالكي، بعد تلقي السلطات تقارير استخبارية ترجح احتمال شن هجوم ارهابي. واستأنف مطار بغداد رحلاته خلال 48 ساعة بحسب أقوال الوزير.
وقال الوزير " فيما يتعلق بمطار النجف فان القرار كان بابقاء المطار مغلقاً لقربه من ضريح الامام علي". وأضاف بان المالكي قرر لاحقا تشكيل لجنة للتحقيق في الحالة الامنية في المطار.
وزار عبدالجبار مع كل من وزير الأمن الوطني ووزير الدفاع مطار النجف، وعقد اجتماعا مع مجلس المحافظة، واصفاً اياه "باجتماع مثمر".
"لقد طمأننا وجود الشركات الأجنبية بشكل كبير، خاصة وانهم يستخدمون تقنيات متطورة في عملهم الامني. أنني لا أقلل من كفاءة القوات العراقية، لكن الوضع خطير ولا يمكننا تحمل ارتكاب أي خطأ".
ويأتي هذا الاغلاق في وقت يتوقع ان يشهد المطار المزدهر في حركته توسعا مهما في اعماله.
وكان المطار قاعدة عسكرية في الاصل وتم تطويره الى مطار دولي في عام 2003 في مشروع مشترك مع دولة الكويت.
وبحسب مدير المطار، اللبان، فان نائب المحافظ السابق، عبدالحسين عبطان، عقد اتفاقا مع شركة العقيق الكويتية التي استثمرت 50 مليون دولار لتطوير الموقع وتدريب الطاقم العراقي والتعاقد مع الشركات الاجنبية لتوفير الحماية الامنية للمطار. وفي المقابل تحصل الشركة الكويتية على 50 بالمئة من عائدات المطار السنوية.
وقال اللبان بان المطار قد حقق ارباحا بلغت 12 مليون دولار سنوياً وان النمو الاخير في الارباح كان كبيراً. وقال بان المعدل اليومي للعائدات يترواح بين 60 الف و80 الف دولار، ويتوقع ان يصل الى 100 الف دولار هذه السنة.
واضاف بان المطار يستقبل حوالي 50 الف مسافر شهرياً، والجزء الاكبر في ذلك يعود الى قربه من المواقع المقدسة لمدينة النجف التي يرتادها زوار الشيعة.
" معظم الخطوط الجوية تريد زيادة رحلاتها الى المطار" قال اللبان. " فمثلا كانت شركة طيران الخليج تقوم برحلة واحدة يومياً أما الآن فلها ثلاث رحلات في اليوم. كما ان شركة أجنحة الشام السورية للطيران تريد زيادة رحلاتها من اثنتين في الاسبوع الى رحلتين يومياً".
وفي حين تحظى المواقع الشيعية المقدسة بمكانة عالية، إلا انها كانت مبعث قلق للكثيرين بسبب تهديدات الجماعات المتطرفة ذات أغلبية سنية كتنظيم القاعدة بضربها بهدف تصعيد وتيرة العنف الطائفي في البلاد.
ويقول الخبير الامني توفيق الياسري، وهو ضابط متقاعد في الجيش العراقي" انه من المرجح جدا ان يكون ما اعلنته القوات الامنية عن وجود مخطط ارهابي حقيقياً".
وعلاوة على ذلك، فقد أكد مسؤولون امريكيون رفضوا الافصاح عن اسمائهم، لوكالات الانباء الاجنبية وجود مؤامرة من قبل القاعدة، لكنهم رفضوا الافصاح عن المزيد من التفاصيل. ووفقا للتقارير، فان المسؤولين الامريكين قالوا بانه من غير المؤكد فيما اذا كان الارهابيون قادرون على تنفيذ الهجوم.
كما وقال رئيس اللجنة الامنية في محافظة النجف، لؤي الياسري، " كان هناك تهديد أمني مؤكد باحتمال شن القاعدة هجوما ارهابياً على ضريح الامام علي بواسطة الطائرات".
وأضاف الياسري " ان تفاصيل هذا الهجوم سرية. هناك العديد من الاجراءات والخطوات التي يمكن اتخاذها لمنع حدوث هذه الهجمات، ولكن غلق المطار ليس هو الحل الامثل".
وقال الياسري بانه تم تعزيز التدابير الامنية قبل وبعد اغلاق المطار بالتعاون مع شركة (سايبر) الامنية البريطانية والتي تملك 200 حارسا امنياً في المطار. والجدير ذكره ان هناك 4000 موظف يعمل في مطار النجف الدولي.
وبعد زيارة وزير النقل مع وزراء آخرين أعيد افتتاح المطار جزئيا في الاسبوع الماضي امام الرحلات الداخلية. إلا ان العاملين في المطار عبروا عن عدم رضاهم عن هذه الخطوة.
ويقول اللبان " اذا كان فتح المطار محصورا على الرحلات الداخلية، فاننا نعتقد بان اغلاقه هو أفضل بكثير لانه لا يمكن تحقيق اي ارباح. حيث ان معظم الاموال ستصرف على الملاك والاعمال التي يتطلبها المطار".
ودافع عدنان بليبل، المدير العام للطيران المدني العراقي، عن اغلاق المطار وأبلغ معهد صحافة الحرب والسلم بان الاغلاق "كان اجراءا وقائياً والذي يمكن حدوثه حتى في البلاد المستقرة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا". لكن بليبل لم يعط موعدا محددا لاعادة فتح المطار امام الرحلات الدولية.
وفي الوقت ذاته عبر بعض المسؤولين في النجف عن نفاذ صبرهم. اذ قال الكرعاوي " اذا كان امر الاغلاق حصل بسبب تهديد امني، فان التهديدات كانت موجودة منذ مجيئ اميركا والقاعدة الى بلادنا".
" ومن مسؤوليات الحكومة اتخاذ الخطوات الضرورية لمنع حدوث هذه التهديدات ولكن ليس ان تغلق المطار. واذا ما تعاملت الحكومة مع كل تهديد بغلق الموقع المهدد، فانه ينبغي عليها ان تغلق جميع المطارات والعتبات المقدسة والمنطقة الخضراء، لان جميع هذه المواقع معرضة للتهديد. فهل يعتبر هذا اجراءا منطقياً؟"
علي كريم وحسين العبيدي صحفيان متدربان في معهد صحافة الحرب والسلم.