مومسات بغداد يواجهن أوقاتاً عصيبة

بعد عقود من التسامح شبه الرسمي، تصبح المومسات تحت هجوم السكان المحليين والمتطرفين الدينيين

مومسات بغداد يواجهن أوقاتاً عصيبة

بعد عقود من التسامح شبه الرسمي، تصبح المومسات تحت هجوم السكان المحليين والمتطرفين الدينيين

Tuesday, 22 February, 2005

ان اختفاء الحماية التي تمتعت بها المومسات مرة في ظل نظام صدام حسين أدت الىقيام حملة أهلية ضد أقدم مهنة في العالم.


وفي الفراغ الأمني الناجم عن غياب خدمات الشرطة العراقية الناشئة, فان الأهالي المحليين واللجان الاسلامية قد أخذوا القانون على عاتقهم لاغلاق منازل البغاء وطرد المومسات خارج الأحياء السكنية.


وكان البغاء قد ازدهر بشكل عام دون رقابة في عهد صدام، ولم يغلق المسؤولون أعينهم على ذلك فقط، بل كانوا هم أنفسهم يشكلون جزءاً كبيراً من الزبائن. ومع وجود أعضاء من الحكومة البعثية والأجهزة الأمنية كزبائن دائميين، فان المومسات في بغداد قد ضمن الحماية، اضافة الى دفع ثمن خدماتهن.


وبعد سقوط النظام عام 2003، تلاشت تلك الحماية، وأخذ السكان المحليون الغاضبون في أنحاء بغداد الأمر على عاتقهم، فأجبروا العاهرات على ترك أحيائهم.


وقد دمر سكان منطقة أبو غريب غربي بغداد في العام الماضي بيوت الغجر في أحد تجمعاتهم حيث كان البغاء منتشراً في عهد البعثيين، كما يذكر الأهالي.


وقال كريم سعد، سائق سيارة أجرة من أبو غريب "لقد استطعنا أخيراً التخلص منهم، لقد أزعجونا لسنوات طويلة في عهد صدام بحفلاتهم الصاخبة التي تستمر طول الليل. نحن مجتمع مسلم ونريد ان نحمي عوائلنا."


وبالنسبة لحمزة عمر، صاحب محل للألبسة الجاهزة في منطقة الكرادة، فان عمله قد بدأ يزدهر منذ ان أجبرت المومسات اللاتي كن يعملن في منطقته على المغادرة. وقال "كانت النساء في عهد صدام يقفن خارج المحل لاجتذاب الزبائن، ثم يمارسن الجنس معهم في سياراتهم. وكان ذلك الوضع يسبب احراجاً شديداً للعوائل التي تتسوق من محلي، يؤدي الى عدم عودتهم مرة أخرى. والآن فقد رحلن، ولم تعد توجد حتى عاهرة واحدة في المناطق السكنية لأن الأهالي قد طردوهن."


وبينما يشعر السكان انهم يتصرفون على أساس مصالح مجتمعاتهم، فان الأساليب النمطية التي استخدموها للتعامل مع القضية كانت قاسية.


وقال موظف البريد أزهر أنور "كانت هناك مومس تعمل في منطقتنا، وكانت سابقاً تحت حماية البعثيين. أرسل المسجد مجموعة مسلحة للتخلص منها. والآن فقد رحلت."


ان الحكايات عن العاهرات اللاتي تعرضن للضرب والتهديد باستخدام العنف لكي يجبرن على الرحيل هي حكايات شائعة.


وفي احدى الحالات المتطرفة جداً، والتي سمع عنها مندوب معهد صحافة الحرب والسلام، قامت مجموعة من أهالي حي الخليج في بغداد بالاستنجاد بجيش المهدي الموالي لرجل الدين المتشدد مقتدى الصدر، لطرد عائلة ذكر انها تستخدم صغارها في البغاء.


ويتذكر حيدر جبار صاحب أسواق محلية ما حدث قائلاً "لقد توجهنا الى مسجد الزهراء وطلبنا من أفراد جيش المهدي مساعدتنا للتخلص من تلك العائلة. وبعد ثلاثة أيام، رحلت العائلة وأصبحت منطقتنا نظيفة."


ولكن حتى مع هذه المواقف السلبية ضد البغاء، فان المبادئ الأساسية للعرض والطلب، تعني ان تلك التجارة ما تزال رائجة. وبعد ان تم طردهن، فان معظم عاهرات المدينة قد تجمعن في المناطق التي ماتزال تستطيع التسامح معهن.


وبينما يحط الاسلاميون من قدرهن لكونهن فاسقات وعديمات الأخلاق، فان غالبية مومسات بغداد قد دفعن الى ممارسة هذه المهنة بالاضطرار. وتذكر الكثير منهم أنهن منبوذات من عوائلهن لأنهن مارسن الجنس خارج اطار العلاقات الزوجية مما يعد جريمة اجتماعية أخرى. في حين أجبرت أخريات على فعل ذلك في محاولة لاعالة انفسهن وعوائلهن.


وعلى سبيل المثال يمكن الحديث عن ناديا محمود، وهي شقراء بالصبغ، أصلها من المنطقة الكردية، تعمل في منطقة الضوء الأحمر في البتاويين حيث ما تزال بيوت البغاء مفتوحة.


وقالت "لدي خمسة صغار وعلي ان اعيلهم بطرقة او بأخرى. أصبحت يائسة في زمن الحصار (الذي فرضته الأمم المتحدة على العراق)، وطلبت من أصحاب المحلات ان يقرضوني. ولكنهم بدلاً من ذلك عرضوا علي بضاعتهم مقابل الجنس. وأوضحت والدموع تملأ عينيها "لم يكن لدي خيار آخر، علي ان أدفع الايجار وأعيل أطفالي."


وزميلة نادية التي قدمت نفسها باسم "بطة" قالت انها تعودت على هذا العمل وهي مكرهة "كان علي ان أترك عائلتي بعد ان مارست الجنس مع الرجل الذي كنت أحبه، وقد رفض بعد ذلك الزواج مني. انا هنا منذ خمس سنوات، تعودت على هذا الوضع. وفي كل الأحوال فلا يوجد أحد يعطيني عملاً غير هذا."


وبينما كان العمل في ميدان الجنس محفوفاً دائماً بالمخاطر, فان العاملين منهم في البتاويين يواجهون حالياً تهديداً اضافياً.


وقالت نادية "انا مضطرة للمجيء الى هنا للحصول على النقود لاعالة أطفالي، إلا ان الوضع أصبح خطراً بشكل متزايد. نحن على وعي تام بان الاسلاميين المتطرفين قد يفجرون هذه المنطقة في أي وقت."


*حسين علي وعلي مرزوق ـ متدربان في معهد صحافة الحرب والسلام


Frontline Updates
Support local journalists