حالات الانتحار الفاشل تخلق الطلب على الجراحة التجميل

بقلم: امانج خليل في السليمانية (تقرير الازمة العراقية المرقم 219 في 27-4-2007)

حالات الانتحار الفاشل تخلق الطلب على الجراحة التجميل

بقلم: امانج خليل في السليمانية (تقرير الازمة العراقية المرقم 219 في 27-4-2007)

Thursday, 14 June, 2007
IWPR

IWPR

Institute for War & Peace Reporting

. كانت في يوما ما مغرورة بجمالها، والان هي تخجل من اظهار التشوهات على وجهها والتي نتجت من محاولتها الموت بحرق نفسها.



في السنة الماضية، وبعد مجادلات مريرة مع زوجها، قررت المرأة الشابة وضع نهاية لحياتها وذلك بحرق نفسها. كانت تلك هي الطريقة الوحيدة التي فكرت بها للخلاص من حياة الاهانة التي تتعرض لها على يد زوجها.



اصبحت الان رقما يضاف الى العدد المتزايد للنساء الراغبات باجراء عمليات تجميلية لازالة الحروق الناتجة عن محاولة الانتحار الفاشلة.



قبل ان تشعل النار بنفسها، قالت غفور انها فكرت بما سيحل لولديها دون وجودها، لكن حتى ذلك لم يوقفها عن محاولتها.



وقالت "اعرف انها كانت نهاية حياتي. فقط اردت التخلص من حياتي ومن اهانات زوجتي".



حملت معها 5 لترات من البنزين وقداحة، واختفت في الحمام حيث لا احد يمكن ان يراها. بعدها بلحظات، خرجت راكضة واللهب يغطيها صارخة في طلب النجدة.



جاء الجيران ولفوها ببطانيات مبللة قبل نقلها الى المستشفى التي امضت فيها عدة اسابيع للاستشفاء قبل ان تعود الى حياتها السابقة في البيت.



لكنها في كل صباح وعند النظر في المرأة، عرفت انها لايمكن ان تعود كما كانت- لذلك عولت على الجراحة التجميلية لاستعادة ما يمكن استعادته مما كانت عليه قبلا.



"انا نادمة لما فعلته بنفسي" قالت بالم وهي تعي صعوبة اخفاء اثار عملها.



وغفور، المرأة السمراء الواسعة العينين، كانت مغرورة بجمالها قبل محاولتها الانتحار. وقالت "تقدم لي خطاب كثيرون حين رغبت بالزواج".



ولم تكن غفور الوحيدة. ففي كردستان العراق، حرق النفس او اشعال المرأة النار بنفسها هو اكثر الطرق شيوعا لانتحار النساء.



يقول الخبراء ان النساء يلجأن الى هذه الطريقة اليائسة في محاولة منهن للتخلص من العنف المنزلي. نقص الاستشارة النفسية والزوجية والقانون – العرف - الاجتماعي المتصلب الذي يمنع الناس من مناقشة قضاياهم الخاصة خارج نطاق العائلة يعني عدم وجود مكان للمساعدة تلجأ النساء اليه.



في عام 2006، حاولت حوالي 1500 امرأة انهاء حياتهن بهذه الطريقة، وذلك بحسب احصائية اعدتها مستشفى طواريء السليمانية. مات ثلثهن متأثرات بجروحهن.



الكثير من الناجيات يلجأن الى الجراحة التجميلية للتخلص من تشوهاتهن.



المعالجة الاولىلضحايا الحروق في المستشفيات العامة تكون مجانية خاصة بالنسبة للعوائل قليلة الدخل.



حين يتم جلب الضحايا الى المستشفى، يقوم الاطباء باجراء عملية مستعجلة مثل اعادة زرع الجلد. وعلى الضحايا دفع المصاريف التي تتطلبها الاسباب التجميلية للعملية.



لم تعد مثل تلك العمليات رخيصة- يكلف ازالة الحجم المعتاد من الحرق 500 دولارا- وهو ما يعادل ضعفي معدل الدخل الشهري- ولكن رغم التكاليف، فان الطلب على الجراحة التصحيحية مستمر في الارتفاع .



اري رحيم يعمل جراحا في واحد من ال 18 مستشفى في السليمانية التي تقوم باجراء عمليات تجميلية للناجيات من محاولة حرق النفس وكذلك للراغبات باجراء جراحات تجميلية روتينية.



يقول انه في العام الماضي تم اجراء 600 عملية جراحة تجميلية في المدينة التي يبلغ عدد سكانها ما يقارب 600،000 نسمة. لديه زبائن اكثر من اي وقت مضى، ويقول ان معظم النساء ترغب بزراعة الجلد بعد محاولة الانتحار بهذه الطريقة.



واضاف ان ازدياد الرفاهة في السليمانية يعني ان الكثير الكثير من النساء في مثل تلك الاوضاع يستطعن دفع الاجور لاجراء الجراحة التجميلية لمعالجة حروقهن. واضاف ان تطور التكنولوجيا الذي جعل الجراحة اكثر تأثيرا قد زاد من الطلب على اجراء مثل تلك الجراحة.



ويضيف ان النساء اللاتي عالجهن من الحروق بواسطة الجراحة كان محاولة منهن للعودة الى الحياة الطبيعية بعد محنتهن.



تعاني الضحايا من االقنوط، التوجس، والكوابيس، وكذلك غياب الناصح للمساعدة في عودتهن من خلال الخبرة الى الحياة الطبيعية. وبمجرد معالجة الحروق، تعود النساء مباشرة الى نفس الظروف التي دفعتهن لليأس.



اضافة الى التشوهات النفسية، على النساء ان يتأقلمن مع اثار تشوهاتهن. غالبا مايتم الاستهزاء بهن في الشارع، ويشار اليهن باحتقار لكونهن " المراة التي حرقت نفسها" او "المرأة المحروقة".



محاولة الانتحار تلك قد تدمر الزواج الذي يعاني من المشاكل لان الزوج سيكون محرجا من فعل زوجته او انه سيرفضها بسبب مظهرها وشكلها.



تقول الاخصائية النفسية سميرة حمه صالح "تلجأ النساء الى الجراحة التجميلية خوفا من تعليقات الناس المؤذية لهن حول شكلهن وكذلك خوفا من احتمال ان يقترن أزواجهن بأخريات".



وقالت حمه صالح التي تعد بحثا حول اسباب وتأثير حرق النفس انه في بعض الحالات تكون محاولة المراة احراق نفسها رادعا للزوج في تغيير طرق معاملته لزوجته.



واضافت انه وبعد محاولة الانتحار تجد المرأة نفسها في مشاكل ليس مع زوجها بل مع اهل زوجها. ارتفاع الايجارات في المنطقة يعني ان العائلة مهما اتسعت يجب ان تعيش سوية مما يعني ان لا يكون هناك خصوصية وان افراد العائلة يتدخلون في شؤون وحياة احدهم الاخر.



واضافت، لكن هناك الكثير من الازواج لديهم مشاكل وقد تصل الى الانفصال لان الزوج لا يكف عن اساءة معاملة زوجته او انه يرفضها لارتباطه باخرى، "اعرف سيدة عمرها 25 عاما نجت من محاولة حرق نفسها. بدلا من ان يساعدها زوجها، فانه تزوج باخرى واهملها".



وتابعت حمه صالح ان المرأة ليس لديها من تذهب اليه للوقوف بجانبها، لذلك لا خيار امامها سوى البقاء مع الزوج الذي يسيء معاملتها.



تقول غفور ان رفض زوجها لها هو من الاسباب التي قادتها الى ان تقرر التخلص من تشوهاتها.



واضافت بحزن "لم يقبلني زوجي منذ وقوع الحادثة".



لقد اجرت عمليتان لحد الان- بكلفة 250 دولار لكل عملية- وتشوهاتها صارت اقل وضوحا مما كانت عليه قبلا، لكن الحروق مازالت تغطي وجهها، رقبتها، وصدرها وجسدها، وهي مستعدة لدفع كل ماتملك من نقود لاجراء المزيد من العمليات.



وقالت "مستعدة لعمل اي شيء لزوجي كي يرغبني مرة ثانية".



تقول منيرة عبد الله ان ردود افعال الناس – وبالخصوص زوجها – هو الذي دفعها لاجراء العملية التجميلية.



لقد احرقت نفسها العام الماضي لتتخلص من تعاسة الزواج غير السعيد.



الان عندها تشوهات على يديها، صدرها، ورقبتها والتي كما تقول تثير اشمئزاز الناس مما دعاها الى عدم ارضاع طفلها امام الاخرين وحتى امام اقرب الاقرباء.



وقالت "زوجي يتقزز مني. ولا يقترب مني في الفراش ليلا".



ترغب سوز اكرم بأجراء عملية لازالة التشوهات في الوقت المحدد قبل يوم زواجها.



لم تكن تنوي الخلاص من زواج غير سعيد حين احرقت نفسها قبل ثلاث سنوات، لكنها كانت ردة فعل لمحاولات ابيها من تزويجها من صديق له دون رغبتها وارادتها.



وقالت "رغبت في جعل ابي ينصت لي ويتركني لشأني".



تركت تلك المحاولة حروقا على يدها والجزء العلوي من جسمها، وهي تخفي يدها اليمنى عن انظار الناس.



والان تعيش قصة حب مع رجل تنوي الزواج به واذعن ابوها للامر.



وقالت بسعادة"لا اريد ان اترك اي علامة من الحادثة في يوم زواجي. اريد ان البس اجمل بدلات الزفاف وابدأ حياة جديدة".



أمانج خليل: متدربة في معهد صحافة الحرب والسلام في السليمانية.
Iraqi Kurdistan
Frontline Updates
Support local journalists