النفط الخام المتدفق في كردستان يثير الصراع

تندلع معركة سياسية للسيطرة على الاحتياطي النفطي الهائل في الشمال.

النفط الخام المتدفق في كردستان يثير الصراع

تندلع معركة سياسية للسيطرة على الاحتياطي النفطي الهائل في الشمال.

. ولكن بعد ان امضى ما يقارب ثلاثة شهور في مخيم منعزل قرب حقول نفط طق طق، لم يعد بامكانه تصديق واحتمال نفسه.



وقال "بامكانك الحفر اين ما تريد ليتدفق النفط الخام".



على مدى اكثر من سنتين، قامت الشركات الاجنبية بالبحث واكتشاف النفط في اقليم كردستان. قد لا يكونوا اكتشفوا حقول عملاقة مثل حقول بابا كركر المعروفة قرب كركوك، الا ان شركات النفط و الاكراد كانوا سعداء بذلك.



يمتلك العراق 115 مليار برميل من الاحتياطي النفطي، لكن يعتقد بأن ثروته النفطية الحقيقية هي اعلى من ذلك بكثير. تعتبر كردستان العراق ومنطقة كركوك الغنية بالنفط من المناطق الرئيسية بالنسبة للمهتمين بسبب الاحتياطي الكبير والمؤكد من النفط الذي يحتويانه.



تعتبر محافظات كردستان العراق الثلاثة من المناطق الاكثر امانا في العراق وهو ما شكل دافعا اضافيا للمستثمرين والمنقبين. قامت حكومة اقليم كردستان بالاستكشافات في الشمال من خلال التعاقد مع شركات استكشاف النفط العالمية.



اثار ذلك المسؤولين عن النفط في حكومة بغداد المركزية مما سوف لا يجعل قطف ثمار حكومة اقليم كردستان يتمتع بالامان. حيث صار قانون النفط الوطني حول الاحتياطي النفطي الذي لم يتم اقراره بعد يشكل تهديدا لها، اضافة الى القلق التركي من تنامي القوة الكردية وكذلك الضغط من الاقليات العرقية المنافسة التي لا تنعم اراضيها بمثل تلك الخيرات الطبيعية.



في اوائل العام 2006، بدأت اول شركة نفط اجنبية بانتاج نفط جديد من كردستان العراق. وقعت الشركة النرويجية وايلد كتر دت نورسكه اولجيسيسكاب اتفاقتي شراكة مع حكومة الاقليم في العام 2004 تحصل بموجبهما على 55% من الترخيصين. ستحصل الشركة النرويجية على 10 – 30 % من الارباح والباقي يذهب الى حكومة الاقليم.



قدرت الشركة ان حقل طاوقه قرب مدينة دهوك يحتوي على 100 مليون برميل وسيصل قمة الانتاج فيه في السنة القادمة الى 50.000 برميل يوميا. لكن اتضح الان ان الحقل يحتوي اكثر من ذلك بكثير.



تشير اخر العمليات في طاوقة الى معدل تدفق 12.000 برميل يوميا وهو مايشكل نسبة 40% زيادة عن تدفق الحقل الاخر في نفس المنطقة. تنقل الشركة النرويجية 80 شاحنة يوميا تحمل 10.000 برميل من الموقع. قد يصل معدل التدفق الى 20.000 أو 25.000 برميل يوميا، الا ان نقل مثل هذه الكمية على الطرق قد يكون صعبا ومكلفا.



بدات المرحلة الثانية من الحفر في ايار 2006 في منطقة طق طق جنوب السليمانية، وقامت بالحفريات شركة طقطق المعروفة ب تي تي اوبكوTTopco ، وشركة اداكس بتروليوم Addax Petroleum وهي شركة سويسرية كندية. تقوم تي تي اوبكو التي لها عقد شراكة مع شركة جينيل انرجي اوف توركي Genel Energi of Turkey بحفر بئرها الرابع وتتوقع ان تقوم بحفر بئرين اخرين بنهاية 2007.



قال كمال افاراكي احد المسؤولين في الشركة انه يتوقع ان يكون انتاج الابار الثلاثة التي حفرتها تي تي اوبكو بما يقرب من 75.000 برميل يوميا. يقدر الاحتياطي في طق طق بنحو 1.2 مليار برميل. تقوم شركات اخرى بالاستكشاف في المنطقة مثل ويسترن اويل ساندس وهيريتج اويل كورب الكندية Canada’s Western Oil Sands and Heritage Oil Corp وكذلك الشركة البريطانية سترلنك انرجي Sterling Energy .



ترغب كردستان بانتاج 200.000 برميل يوميا من النفط بنهاية العام القادم وزيادته الى مليون برميل في اليوم خلال خمس سنوات.



رغم ان الاحتياطي النفطي في شمال العراق ليس بالكمية الكبيرة التي تحتويها الحقول الجنوبية حول البصرة، الا ان وزير الموارد الطبيعية اشتي هورامي قال بان المنطقة "تحتوي على مصادر جيده"، مقدرا الاحتياطي بحدود 25 مليار برميل من النفط 100 ترليون قدم مربع من الغاز الطبيعي.



واشار كذلك الى انشاء خط انابيب التصدير الثاني من كركوك الى ميناء جيهان التركي والذي سيمر عبر المنطقة الكردية المسيطر عليها مما سيوفر له حماية اكبر ضد الهجمات التخريبية التي اجتاحت انابيب النفط في مناطق اخرى من البلاد.



يوجد في كركوك فقط 10 مليارات برميل اكيدة، بينما قدر هورامي ان هناك 20 مليار برميل في مناطق اخرى من الشمال. واستنادا الى هذه التقديرات، فان سيطرة الاكراد على الشمال بما في ذلك اجزاء من محافظة نينوى التي يوجد لحكومة اقليم كردستان وجود امني وسياسي قوي فيها، يعني ان الاحتياطي سيبلغ 55 مليار برميل او ما يقدر بنصف الاحتياطي العراقي المعلن من النفط.



وهذا يعني ان اكراد العراق سيمتلكون اكثر من نفط نيجيريا التي تعتبر المنتج الاكبر للنفط في افريقيا.



ان هذا الامر لا يثير كل شخص.



سيقرر الاستفتاء ما اذا كانت كركوك والمناطق الاخرى مثار الجدل سيتم اخضاعها للحكومة الاقليمية الكردية ام للحكومة المركزية. الا ان المناقشات والجدل بين القادة العرب والاكراد حول زمن اجراء الاستفتاء قد يؤخر التصويت حتى عام 2008 او بعد ذلك .



تعارض تركيا ايضا ضم كركوك الى الاكراد لانها تخشى من وجود منطقة كردية قوية قد تشجع مواطنيها من الاكراد على المطالبة بحقوقهم السياسية. اغضاب تركيا قد يضعف عمود الستراتيجية النفطية الكردية وذلك بحرمان الاقليم من منفذ التصدير.



قال سونر كاكابتي مدير برنامج البحث التركي حول الشرق الادنى في معهد واشنطن "سوف لن يمتلك الاكراد شيئا اذا لم يكن باستطاعتهم تصدير نفطهم".



هناك عقبة كبيرة تقلق كل الاستكشافات النفطية في كردستان العراق – قانون النفط الجديد الذي سيقرر من يسيطر على حقول النفط وكيفية تقاسم العائدات. يصر الاكراد على حق السلطات المحلية مثل حكومة الاقليم الكردية بادارة المشاريع النفطية وابرام العقود وهي نقطة مثار خلاف مع بعض المسؤولين العراقيين.



في اوائل تموز، قال رئيس الوزراء نوري المالكي ان مجلس الوزراء اقر قانون النفط واحاله الى البرلمان. وفي مؤتمر صحفي، وصف المالكي القانون بانه اهم تشريع في العراق.



ولكن بعد مضي ايام قليلة، ورغم التاكيدات من قبل المالكي بان القانون سيناقش في البرلمان، قام القادة الاكراد وكل الفئات السنية اضافة الى الثلاثين برلمانيا من انصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بالكلام بالضد من القانون. ورغم ان الاكراد هم اعضاء في حكومة المالكي، الا ان حكومة الاقليم الكردية تقول انها لم تطلع على مسودة القانون ولم تؤيده.



قال بيان لحكومة الاقليم الكردية " نأمل ان لا يقر مجلس الوزراء قوانين لا توافق عليها حكومة الاقليم الكردية لان ذلك يعتبر خرقا للحقوق الدستورية لاقليم كردستان".



القضية الاساسية للاكراد تتعلق بالسيطرة وادارة الحقول النفطية مستقبلا. رغم ان المادة 180 من الدستور تنص على ان " النفط والغاز هي ملك لجميع العراقيين" وتتم ادارتها من قبل الحكومة الفدرالية وبمشاركة اقاليم المحافظات، وقد تم ذكر الحقول المكتشفة فقط التي تسيطر عليها الحكومة المركزية، وليس التي ستكتشف في المستقبل. معظم النقاشات حول القانون تتعلق بدستور عام 2005 الذي كتب بعبارات غير واضحة من اجل كسب تاييد واسع.



اعلنت حكومة الاقليم الكردي برغبتها بمناقشة عقودها ومعارضة الملاحق التي تضمنها القانون الحالي الذي يعطي حق السيطرة على 93% من حقول النفط الى شركة تملكها الدولة وهي شركة النفط الوطنية التي سيتم انشائها بعد تمرير القانون.



لم تتم مناقشة القانون المثير للجدل بعد لان اعضاء البرلمان يتمتعون بعطلتهم الصيفية.



صرح وزير الموارد الطبيعية في حكومة الاقليم الكردي قبل عدة شهور بان الادارة الكردية ستمضي قدما بقانون النفط الخاص بها ولن تنتظر بغداد للموافقة على القانون الوطني. وافق برلمان الاقليم الكردي على ذلك في اوائل شهر اب عندما صادق على قانونه لتنظيم ادارة النفط في المنطقة الشمالية.



قال رئيس وزراء اقليم كردستان نيجرفان برزاني ان الموافقة على القانون تعتبر "خطوة تاريخية ستبقى في الذاكرة لسنين طويلة قادمة".



وبموجب ذلك القانون، تم انشاء شركة نفط في الاقليم لتشغيل الحقول في كردستان العراق حيث اصرت حكومة الاقليم على ان يكون لها دور مشترك مع شركة النفط الوطنية لادارة الحقول الحالية في المحافظات الكردية. وطالبت ايضا بعد م تمكين الحكومة العراقية المركزية لادارة العمليات في المناطق المختلف عليها مثل كركوك حتى يصار الى الاستفتاء الذي سوف يقرر من سيسيطر عليها.



نص الدستور العراقي على تقاسم عوائد النفط بالتساوي، وقانون حكومة الاقليم الكردي ينص على ارسال عوائد النفط الى الحكومة المركزية. الا انه يعطي حكومة الاقليم سيطرة اكبر من تلك التي يرغب بعض المسؤولين العراقيين اعطائها للحكومات المحلية.





في بيان اعقب المصادقة على قانون نفط حكومة الاقليم الكردي، قالت هيئة علماء المسلمين، وهي مؤسسة عربية سنية رائدة، في بيان لها ان السياسيين الاكراد " ليسوا ممثلين رسميين للعراقيين او للاكراد". وحذرت الهيئة الشركات الاجنبية من العمل مع ما يسمى الحكومة الكردية.



تخلو معظم المناطق السنية من النفط، ويساند القادة السنة السيطرة الفدرالية القوية على عوائد النفط وادارته.



بينما يرى الاكراد غير ذلك. اشار هورامي في بيان الى انه "في ظل الدستور العراقي، فان ادارة النفط والغاز هي من حق الاقليم وان نجاحنا يعتمد علينا في ممارسة ذلك الحق. وان قانون النفط الكردي هو تجسيد لذلك الحق".



هناك مشاكل بين الحكومة المركزية وحكومة الاقليم حول العقود الاخيرة. في نيسان الماضي، اشار وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني الى ان الاتفاق مع شركة DNO لن يكون ساريا لان الحكومة المركزية لم توافق عليه.



واضاف الشهرستاني في اجتماع الاوبك في فينا "كل العقود التي وقعها النظام السابق او حكومة الاقليم الشمالي يجب ان تتوافق مع شروط القانون الجديد".



وقال الشهرستاني في ايار الماضي في مؤتمر عقد في السعودية ان اي عقد وقع عليه الاكراد قبل المصادقة على القانون الفدرالي الجديد يعتبر لاغيا وغير قانوني، وذلك بحسب وكالات الاخبار.



يصر البرزاني على ان العقود قانونية، واصدر بيانا يقترح فيه انسحاب حكومته في حالة رفض العقود.



واضاف "اذا رفض الوزراء في بغداد العمل وفق الدستور، فان من حق شعب كردستان اتخاذ خياراته".



نقاط الخلاف الاخرى بالنسبة للقادة السنة والشيعة هي كيفية توزيع ارباح النفط وسط التدخل الاجنبي في سياسات وعقود النفط العراقي. ان قانون النفط العراقي لم يوضح هذه الامور.



لكن الوقت قصير. والبيت الابيض تزداد خيبة امله في تحقيق تقدم سياسي قبل ان يدلي قائد القوات الامريكية الجنرال ديفيد بترايوس والسفير رايان كروكر بتقريرهما الى واشنطن في الاسبوع المقبل حول التقدم المتحقق منذ ارسال القوات الامريكية في شباط . فاذا كان هناك تقدم قليل، فان الكونغرس والشعب الامريكي سوف يضغط على ادارة بوش بسحب ال 162.000 جندي من العراق.



مشاكل النفط لا تبشر بالخير بالنسبة للمهمات الاخرى التي تضغط ادارة بوش على حكومة المالكي لتحقيقها. ومن بينها اجراء انتخابات في المحافظات، واعادة النظر في القرار الذي اتخذته سلطة الائتلاف المؤقتة بعدم اعطاء البعثيين السابقين مسؤوليات في الحكومة والجيش، وكذلك اعادة النظر في الدستور العراقي. لكن يبدو ان البرلمانيين العراقيين يظهرون القليل من العلامات التي ترضي بوش حول الامور المهمة مثل النفط.



قال محمود عثمان العضو الكردي المعتدل في البرلمان العراقي في بغداد "لدينا ساعتان، واحدة في بغداد والاخرى في واشنطن- وهذا مثال جيد. تلك كانت المسالة على طول الخط،، تضغط واشنطن على العراقيين للعمل بما يتوافق مع اجندتها".
Africa
Frontline Updates
Support local journalists