المراقبون المعوقون يحصلون على الضوء الأخضر

لقد يدأ المعوقون المتطوعون في مساعدة شرطة مرور بغداد لمواجهة الازدحام المتزايد

المراقبون المعوقون يحصلون على الضوء الأخضر

لقد يدأ المعوقون المتطوعون في مساعدة شرطة مرور بغداد لمواجهة الازدحام المتزايد

Tuesday, 22 February, 2005

في تقاطع مروري مزدحم في حي البياع في العاصمة، يرفع أكرم عليوي يداً واحدة لايقاف السيارات، بينما يوجه بيده الأخرى خطاً أخر من السيارات للتحرك الى الأمام، وقد وضع في فمه صافرة مهيئة لكي يستخدمها ضد السواق الذين يخالفون حركة السير.


وقد يبدو هذا كمشهد يومي متكرر، لكن ثمة فرقاً واحداً طفيفاً وهو ان أكرم محدد بالكرسي المتحرك منذ عام 1986 عندما فقد ساقيه في الحرب الايرانية ـ العراقية.


ان المتطوع البالغ من العمر (40) سنة هو واحد من عدد متزايد من المتطوعين المستمرين على مساعدة قسم المرور في المجلس البلدي منذ نهاية الحرب في نيسان عام 2003.


وقال أكرم "قبل سقوط النظام، كنت أعمل في التقاطع نفسه، أبيع السجائر لأضيف الى راتبي التقاعدي كمعوق. كان راتبي يبلغ (27) ألف دينار فقط كل ثلاثة أشهر، ولدي (5) أطفال، لذلك لم يكن الراتب يكفي أبداً. وبدأت بمساعدة رجال شرطة المرور الشباب بعد سقوط بغداد عندما كانت الفوضى تعم كل شيء وكان بالكاد يوجد أي ضابط، وحتى عندما يكون هناك واحد منهم، فان الناس لا يلقون بالاُ اليه."


ويعيش أكرم في مجمع مجاور صمم وشيد في عهد النظام السابق لاسكان جرحى الحرب، لذلك فانه يقطع مسافة قصيرة للوصول الى مكان العمل، ويقول ان في نيته الاستمرار في تقديم المساعدة. وقال "سأظل أقوم بذلك، لأنني أتمتع بهذا العمل أكثر بكثير من العمل السابق، وحتى لوكان المردود المالي ليس جيداً. ان غالبية السواق يتعاونون معي، بعضهم يعطيني (500) دينار او حلويات او فواكه ليعبروا عن تقديرهم لعملي."


مع ان السياقة في بغداد ماتزال مضطربة في أحسن الأحوال، فان تمضية النهار كله في تقاطع مروري مزدحم لا يخلو من مخاطر أيضاً. وقد تعرض أكر لصدمات السيارات عدة مرات، إلا انه لم يصب بأذى كبير أبداً. وعندما تضرر كرسيه المتحرك جراء اصطدام احدى السيارات به، اشترى له السائق كرسياً آخر.


وليس هذا هو الحادث الوحيد الذي يقول انه قد وقع له، فقد "انفجرت سيارة مفخخة في التقاطع قبل بضعة شهور، وقتل الكثير من الناس. لقد انفجرت السيارة قبل نصف ساعة من موعد وصولي، وبعد ساعنين، فتحوا الطريق وعدت لتنظيم المرور في المكان نفسه."


ويعمل حسن كاظم، زميل أكرم، والذي فقد يده اليمنى بسبب السرطان، يعمل في تقاطع حي العامل، ويقول "اخترت العمل هنا لأنه بالكاد يوجد شرطي مرور في المكان. أسكن في مكان مجاور وأشاهد بانه يجب عمل شيء ما لانهاء الاختناقات المرورية التي تحدث هنا."


وقبل بتر ذراع حسن، كان يعمل في احدى المقاهي، وهو عمل لم يكن بمقدوره الاستمرار فيه بعد عملية بتر ذراعه. وقد عرف حسن ان عليه ان يجد طريقة أخرى لكسب عيشه نظراً لعدم وجود أية خدمات اجتماعية أو مساعدات حكومية محددة. ولكن ما دام أكثر رجال الأعمال لا يرغبون في استخدام شخص معوق، فانه يعتمد الآن على الورقة النقدية من فئة (250) ديناراً التي يقدمها له السواق. ويقول "انا أعمل هنا منذ سنة، بدأت لأن لدي الوقت الكافي، ولا بد من وجود أحد لمعالجة مشاكل المرور هنا."


ويقول ضابط المرور المسؤول عن هذه المنطقة من بغداد، انه يشجع فريقه الجديد من المتطوعين "انهم يقومون بعمل جيد في تنظيم المرور. ويبدو ان الناس يحترمونهم. ويحتاج المتطوعون بصورة عامة الى النقود، لذلك فانني أرجو ان يحصلوا على النقود من السواق، ولكني في الوقت نفسه أخشى ان يحدث لهم مكروه."


لكن السائق محمد حامد أحد المعجبين بأكرم قال "ان أكرم شخص عظيم، لأنه أخذ الأمور بيديه فعلاً بعد انهيار النظام وبات كل شيء مجنوناً. الناس هنا يحترمونه أكثر مما يحترمون رجال الشرطة. أعتقد ان ذلك يحدث لأنهم أكثر تعاطفاً معه من الشرطة، وانهم على الأرجح يتوقفون عندما يطلب منهم ذلك."


*غسان علي ـ متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام ـ بغداد


Frontline Updates
Support local journalists