الاقتصاد في الشمال يخلف نتائج متناقضة

كردستان تشهد ارتفاعاً في مستويات المعيشة، لكن الشركات تعاني من الخسائر

الاقتصاد في الشمال يخلف نتائج متناقضة

كردستان تشهد ارتفاعاً في مستويات المعيشة، لكن الشركات تعاني من الخسائر

Friday, 18 November, 2005

ان عزيز، مالك للشركة الدولية للمشاريع العامة وهي واحدة من (70) شركة في كردستان العراق تعاني من توقف أعمالها في الأشهر الأخيرة، وللمفارقة، فان سبب التوقف يعود الى الأمن المستقر نسبياً والارتفاع في مستويات المعيشة.


وظلت الشركات تكافح لتلبي متطلبات الأجور الباهضة، والتكاليف المتزايدة للمواد الأولية اضافة الى المنافسة التي يفرضها تدفق الشركات الأجنبية التي وجدت المنطقة آمنة بشكل يكفيها للاستثمار.


وقال عزيز الذي بلغت الخسائر في عمله مؤخراً (230) ألف دولار أمريكي "ان لم تقم الحكومة بنجدتنا ، فلن تكون لشركاتنا القدرة على الاستمرار في أعمالها."


وقد دفعت خطورة هذا الوضع بنقابة المقاولين في كردستان الى دعوة السلطات الكردية المختصة لتعليق مشاريع معينة بسبب التكاليف المتزايدة.


وقال توانا حمه صالح، صاحب شركة سيغرام للعقود العامة والنقل لقد تضاعفت الأجور وأسعار المواد ثلاث مرات منذ صيف عام/ 2003، مما أوجد المصاعب في طريق تنفيذ المشاريع. وطالبت التقابة كذلك بضرورة استثناء الشركات المحلية من الغرامات التأخيرية في العمل.


وقال نوروز جمال خفاف، رئيس النقابة "لقد وصل المقاولون الأكراد الى درجة الافلاس. في لالوقت استمرت فيه السلطات باعلان المشاريع الواحد تلو الآخر دون ان تأخذ الوضع في نظر الاعتبار."


وقد أصدرت المؤسسة الحكومية لمشاريع إعادة الاعمار (750) عقداً لمشاريع البناء وتعبيد الطرق في الجزء الشرقي من كردستان العراق. وقد حصلت الشركات الأجنبية على (30%) من هذه العقود.


وقال هيرش محرم، مدير مؤسسة مشاريع اعادة الاعمار ان اختيار المتعاقدين كان عادلاً لأنه يعتمد على العطاءات المتنافسة. وأضاف ان الشركات الأجنبية غالباً ما يجري اختيارها لتنفيذ المشاريع الأكثر تعقيداً لأنها تمتلك الخبرة للتعامل معها.


وقال هيرش "ان المشاريع تحتاج الى التقنية الحديثة وتمتلك الشركات الأجنبية هذه القابلية."


ومع ان كردستان قد فتحت أبوابها للاستثمار الأجنبي منذ عام 1991 عندما أصبحت تتمتع بالحكم شبه الذاتي، إلا ان الشركات الأجنبية لم تبدأ بالتوافد الى هنا إلا بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003.


ومن أجل تشجيعها أصدرت السلطات مرسوماً خاصاً استثنى الوافدين الجدد من رسوم الكمارك والضرائب لمدة خمس سنوات. وكذلك منحهم أرضاً مجانية مقابل الاستثمار محلياً.


كذلك أسست السلطات كجزء من المرسوم مجلساً لتنمية الاستثمار، الذي كلف بمسؤولية تنسيق المشاريع الأجنبية للاستثمار. وتوجد لدى المجلس حتى الآن ما يقارب (100) مشروع تحت التنفيذ.


وقد أثارت هذه الحوافز المقدمة للمستثمرين الأجانب حفيظة أصحاب الشركات المحلية، حيث اتهم عدد منهم المسؤولين بانهم يفضلون الشركات الأجنبية بشكل غير عادل. ويقول رجال الأعمال المحليين ان هذا هو أحد الأسباب التي أدت ببعضهم الى الافلاس.


وقال أحد أصحاب الشركات الذي رغب في بقاء اسمه مجهولاً "لقد أعطيت الكثير من التسهيلات للشركات الأجنبية. حتى ان بعض المشاريع لم تعلن في عطاءات وسلمت مباشرة الى شركة أجنبية، لأن أحد المسؤولين الحزبيين وعد بان الأمر سيحدث بهذه الطريقة."


وقال مسؤول في الأشغال العامة واعادة البناء والذي فضل هو الآخر عدم ذكر اسمه بان خمسة عقود قد منحت الى المقاولين المحليين فقط من أجل ان تنتزع منهم بعد مدة لكي تمنح الى شركات تركية.


وقال المسؤول "ان مشكلتنا تكمن في الخلط بين السياسة وأعمال اعادة الاعمار. ان المسؤولين الرسميين في كردستان لديهم علاقات ودية مع الدول المجاورة على حساب تلك المشاريع."


ولكن شيلان خانقا، رئيسة العلاقات الاعلامية في مجلس تنمية الاستثمار قالت ان جميع المقاولين يعاملون سواسية "نحن لا نميز ضد الأكراد او المستثمرين الأجانب. القضية لها علاقة بخلفية الشركات ومدى جديتها."


وقال علي عز الدين محمد، مالك شركة "بالمبو" ان من الأفضل لو نفذت المشاريع بشكل مشترك بين الشركات المحلية والأجنبية، لأن ذلك يوفر الفائدة للمحليين في ميدان اكتساب المهارات والخبرة.


وقال "نحن قادرون على تنفيذ معظم المشاريع التي تعطى للشركات الأجنبية ما عدا أعمال تشييد الأنفاق،التي تتجاوز قابلياتنا."


حتى الشركات الأجنبية قد واجهت المصاعب بسبب ارتفاع تكاليف المواد والعمل.


ان مطاليب زيادة الأجور قد جاءت نتيجة للنقص في عدد العمال، وتتخذ الآن خطوات لتشجيع العرب لسد النقص.


ومع ذلك، فان العمال العرب لم يجدوا الأمر سهلاً حتى الآن للعثور على عمل هنا بسبب المخاوف من احتمالات نقلهم للعنف السائد في وسط العراق. وفعلاً فقد طلب منهم في نهاية السنة الماضية ان مغادرة الاقليم بسبب المخاوف الأمنية.


وقال عبد الواحد عبد الفرج، الموظف المسؤول عن الأشغال العامة وعقود اعادة الاعمار ان جزءاً من المشكلة يكمن في ان زملاءه يريدون ان يشهدوا اعادة بناء كردستان في غضون عدة أشهر.


وقال "لقد أصدرنا خلال أسابيع معينة، عقوداً لعشرين مشروعاً. ولكننا نريد أن ندخل تغييرات عديدة على برامجنا في السنة الجديدة، ونصر على ان تجلب الشركات الأجنبية ملاكاتها الخاصة بها مع المواد حتى لن تحدث لنا هذه المشاكل بعد الآن."


*تالار نادر ـ صحفية تحت التدريب في معهد صحافة الحرب والسلام في السليمانية


Iraqi Kurdistan, Iraq
Frontline Updates
Support local journalists