المحكمة الجنائية الدولية تدعو إلى قطع المعونات عن جيش الرب للمقاومة
مع التعطل الواضح لمحادثات السلام يتحول القبض على زعيم المتمردين ومحاكمته إلى أولوية على جدول الأعمال.
المحكمة الجنائية الدولية تدعو إلى قطع المعونات عن جيش الرب للمقاومة
مع التعطل الواضح لمحادثات السلام يتحول القبض على زعيم المتمردين ومحاكمته إلى أولوية على جدول الأعمال.
وصرحت ـ في مقابلة حصرية لها مع معهد صحافة الحرب والسلم ـ مستشارة المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية بياتريس لي فرابر دو هيلن، بأن على الجهود الدولية أن تركز على اعتقال كوني خاصة وأن محادثات السلام بين جيش الرب للمقاومة والحكومة الأوغندية قد انهارت عملياً.
بقولها :"لابد من أن يشكل قطع [المعونات] أولوية" مضيفة " نحن جميعاً وكذلك المحكمة الجنائية الدولية نعمل على قطع جميع المساعدات والأموال الموجهة إلى كوني."
وحسبما ورد عن معهد صحافة الحرب و السلم في تشرين الأول الماضي، فإن جنوب السودان ـ الذي يلعب دور الوسيط بين الأمم المتحدة التي تمول محادثات السلام وبين ممثلي الحكومة الأوغندية المتمردة في جوبا ـ وافق على ضرورة توفير المعونات الغذائية لجيش الرب للمقاومة مع بدء االمحادثات في عام 2006 ولكن شرط أن يبقى المتمردون في حديقة غارامبا الوطنية في جمهورية الكونغو الديمقراطية خلال سير المفاوضات.
ويمول المحادثات صندوق مبادرة جوبا الذي يشرف عليه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الذي يوزع الأموال على المشاركين.
وتعاقدت وكالة الإغاثة الكاثوليكية الدولية كاريتاس على حدة مع جنوب السودان لتنظيم وإيصال المعونات التي تمولها النمسا والدانمرك والسويد وسويسرا إلى المتمردين.
ولكن انهارت المحادثات تماماً في الأسابيع الأخيرة على ما يبدو، مما أثار تساؤلات حول الحاجة إلى مواصلة تقديم المعونات. ومن المحتمل عدم التمكن من الحصول على تعليق كبير الوسطاء في المحادثات نائب رئيس جنوب السودان ريك ماشار بهذا الشأن.
كما يقدر أن تكون شحنات المعونات الأولى إلى جيش الرب كافية لنحو خمسة آلا ف شخص حيث يشير معظم المراقبين إلى أنها تقدر بخمسة إلى عشرة أضعاف العدد الحقيقي لأعضاء الجماعة المتمردة.
ومن الجدير بالذكر أن أحد مراسلي معهد صحافة الحرب والسلم الذي كان متواجداً على الحدود بين جنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية لاحظ في تموز 2006، أن إحدى أولى شحنات المعونات كانت تتألف من حوالي ثمانية شاحنات كبيرة مليئة بكميات هائلة من المواد الغذائية غير القابلة للتلف بما في ذلك أرز وفول وذرة وزيت ودقيق ومعلبات.
ويبرر الذين ينتقدون هذه المعونات الغذائية ما يذهبون إليه بقولهم إنها معونات مبالغ فيها وبإن المتمردين يخزنونها وقد يستخدمونها لشراء الأسلحة.
ومن الواضح أن لقلقهم هذا أسباب حقيقية تبرره إذ أفاد المعهد في شهر نيسان أن جيش الرب للمقاومة قام بموجة من عمليات الاختطاف فى جمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وأخضع المختطفين للتدريب العسكري وذلك إضافة إلى أنه يبقى في حالة تأهب واضح للصراع من جديد.
وبالإضافة إلى الدعوة إلى قطع المعونات المالية والغذائية فإن المحكمة الجنائية الدولية تشجع على الهروب من بين صفوف جيش الرب للمقاومة حيث قام المدعي العام لويس مورينو أوكامبو بحثِّ المختطفين على الفرار من الميليشيا في الإذاعة.
ويبدو أن الرسالة التي ترغب المحكمة الجنائية الدولية في توجيهها أنها في المقام الأول تلاحق كوني ومتهمين آخرين، في حين أن المنشقين وخاصة المختطفين من جمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب السودان قد يكون لهم الحق في الحصول على العفو.
وكانت أوامر الاعتقال الأولى التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق كوني وأربعة من قادته، إلا أن اثنين منهما قتلا فى وقت لاحق وكان أحدهما الرجل الثاني في القيادة بعد كوني فنسنت أوتي إلا أن موته لم يتأكد بشكل مستقل حتى الآن.
وأشارت لي فرابر دو هيلن إلى أن "من الممكن عزل [كوني] بعد مدة بسيطة" مضيفة " لابد من مواصلة الجهد لإضعاف قوتهم فكوننا لا نستطيع أن نفعل كل شيء لا يعني أنه لا ينبغي أن نقوم بأي شيء ".
وأشارت أنه عندما تغيب كوني عن الاجتماع مع مفاوضي السلام فى وقت سابق من هذا الشهر للمرة الثانية في غضون شهرين، بدا جلياً الحالة الحقيقية وراء المحادثات.
وقالت: "لقد كان كوني يستفيد من الوقت " مضيفة " إن هذه الموارد أي (المعونات الدولية) تسمح له بإعادة بناء جيش الرب للمقاومة".
ورغم ما يبدو من انهيار محادثات السلام والأدلة المتزايدة على إعادة تسليح جيش الرب للمقاومة، خطط وفد من الزعماء الدينيين من شمال أوغندا للسفر إلى بريطانيا الأسبوع المقبل وذلك للقاء أنصار جيش الرب للمقاومة من الأشوليين الذين يعيشون في أمريكا الشمالية وغيرها من البلدان لمناقشة سبل المضي قدماً في المفاوضات.
وتفيد التقارير بأن مجموعة أوغندا تشمل المطران الكاثوليكي جون بابتيست أوداما ورئيس بارامونت أونين أوكانا ورجل الدين المسلم الشيخ موسى خليل والأسقف السابق مكليود اوتشولا بيكر.
وقد لقيت هذه الزيارة انتقادات من بعض الأوساط في شمال أوغندا.
وأشار المقيم المفوض في منطقة غولو والتر أوشورا إلى أن اجتماع الزعماء الدينيين مع المغتربين من أنصار كوني وجماعته من الأشولينن ـ الذين تعتبرهم الولايات المتحدة منظمة إرهابية ـ يعد تعاوناً مع إرهابيين.
وصرح أوشورا بأنه يقوم مع آخرين بجمع معلومات مفصلة عن أنصار جيش الرب للمقاومة، وأنهم سيرسلونها إلى المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من الأطراف المعنية.
كما أضاف أوشورا "نحن نعرف كل المتعاونين مع جيش الرب للمقاومة في الشتات وسنعمل على إرسال أسمائهم التي بدأنا بجمعها فعلياً إلى السفارات" وأضاف " كما سنعطي هذه القائمة إلى المحكمة الجنائية الدولية إذ ينبغي أن يتم إدراجهم على قائمة الإرهابيين ليتم القبض عليهم".
كما أضاف مؤكداً " لسنا بحاجة لأن نركع أمام أي أشولي في الشتات لنتوسل السلام، ولن نكون جزءاً من هذه الجماعة بل عوضاً عن ذلك سنتخذ خطوات صارمة ضدهم. "
وذكر كينيث أوكوتا أحد أبرز ممثلي الأشوليين في شمال أوغندا أن الاجتماع المزمع عقده هو مجرد حوار وليس محاولة لإقناع كوني بتوقيع اتفاقيه سلام.
بقوله:"علينا السير في بداية عملية السلام وإيجاد طريقة للمضي قدماً فقط، سواء تم أم لم يتم توقيع الصفقة" مؤكداً "إن ما نسعى إليه هو السلام".
لقد بدأت محادثات السلام بين الحكومة الأوغندية وجيش الرب للمقاومة في جوبا منذ حزيران 2006 لإنهاء عشرين عاماً من الحرب في شمال أوغندا، هذه الحرب التي أودت بحياة ما يقدر ب 100000 شخص وشردت ما يقرب من مليونين آخرين.
وفي هذه الأثناء تشجع المحكمة الجنائية الدولية الجهود الرامية إلى القبض على كوني.
وأشارت لي فرابر دو هيلن إلى أن بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية في وضع يمكنها من تقديم الدعم، إلا أنها أضافت بأن القوة لن تأخذ زمام المبادرة للقبض كوني.
قائلة :"إن لدى بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام إمكانية مساعدة السلطات في جمهورية الكونغو الديمقراطية في القيام بعملية ما" ولكنها أضافت بأن "التخطيط للعملية وتنفيذ ها سيكون في أيدي الدول المعنية".
وقد ذكرت مصادر لمعهد صحافة الحرب والسلم أن بعضاً مما خُطِّط له في أيار قد تم تنفيذه فعلاً، وأنه تم مؤخراً في أوائل الشهرالجاري اللقاء بين الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني ونظيره رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية جوزيف كابيلا في تنزانيا حيث أجريا بشكل رئيسي محادثات حول مشكلة كوني في شهر أيلول من العام الماضي.
وعندما سئلت لي فرابر دو هيلن عن هوية المسؤول الأول عن القبض على كوني أجابت : "على أوغندا القيام بذلك كما أن عليها أن تقود كل الجهود".
إلا أنها أضافت بأن ذلك لا يعني أن على أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية العمل بمفردهما، وأعربت عن أملها في "أن تنهج البلدان المهتمة نهج أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأن تتعرف على كيفية تنظيم عملية اعتقال".
وكانت أوغندا قد توجهت إلى المحكمة الجنائية الدولية في أواخر عام 2003 طالبة المساعدة في التحقيق مع كوني وتقديمه للمحاكمة في لاهاي وبذلك وافقت على القبض عليه.
وقد ذكرت لي فرابر في حديثها عن السلطات الأوغندية :" لم تبد أمام المحكمة أبداً ضعفاً في تصميمها القبض على كوني وغيره من القادة."
كما تساءلت لى فرابر دو هيلن عن قوانين اتفاق السلام المقترح عقده، والذي من شأنه إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة كوني وكبار المسؤولين والقادة المطلوب القبض عليهم.
بقولها:"لا يمكن التوقيع على اتفاقية ثم إخبار المجرم بعد ذلك بأنه ستجري محاكمته على المستوى الوطني" مؤكدة "المحكمة الجنائية الدولية وحدها لها الحق في إقرار شرعية ومقبولية الإجراءات الوطنية، وكوني يعرف ذلك جيداً".
" قضاة المحكمة الجنائية الدولية وحدهم سيقررون، القراريعود إليهم و ليست هناك أي طريقة تمكن أي شخص من أن يضمن لكوني ألا تتم محاكمته هنا".
وأشارت لى فرابر دو هيلن إلى أن همها الأول كان أن يحاكم كوني أمام محكمة مختصة وألا يبدو كما لو أنه يُعامَل معاملة خاصة.
وتساءلت:"إذا كان هذا الشخص من هذا البلد أو ذاك… ماذا يعني ذلك بالنسبة لجمهورية الكونغو الديمقراطية؟" و "ماذا يعني لجمهورية إفريقيا الوسطى؟" ثلاثة من زعماء الميليشيات السابقين في جمهورية الكونغو الديمقراطية تتم محاكمتهم الآن في لاهاي وأصدر أمر للقبض على رابع.
كما من المتوقع كذلك صدور أوامر اعتقال بحق أفراد من جمهورية إفريقيا الوسطى.
وأشارت لى فرابر دو هيلن إلى أنها كغيرها ممن كانوا يتابعون قضية كوني عن كثب، كانوا يعانون من القلق الشديد إزاء اتنقال القضية ضد قائد المتمردين إلى مرحلة المحاكمة في حال لم يتم توقيع اتفاق سلام.
وأكدت "نحن نريد كوني هنا [في لاهاي] ،" مضيفة "نحن نريد كوني هنا غداً وذلك من أجل الضحايا حقاً، وإن لم نتمكن من إحضاره هذا الشهر سنتمكن من ذلك خلال سنة. "
كارولين أيوغي مراسلة متدربة، معهد صحافة الحرب والسلم في لاهاي.
وبيتر ايشستيدت محرر، معهد صحافة الحرب والسلم في إفريقيا.