البطالة تغذي موجة الجريمة

ان الجريمة المتنامية تعتم على بريق التحسن في مستويات المعيشة

البطالة تغذي موجة الجريمة

ان الجريمة المتنامية تعتم على بريق التحسن في مستويات المعيشة

Tuesday, 22 February, 2005

ان الكثير من التناقضات انطلقت فجأة في العراق بعد رحيل نظام صدام حسين. وأحدها هو النمو الخطير في العنف الاجرامي الذي تزامن مع التحسن الكبير في مستوى معيشة الكثير من الناس.


وقد يكون موظفو الحكومة أكثر الناس الذين استفادوا من تغير النظام، فقد ارتفعت مداخيلهم عالياً مقارنة بعهد صدام، مع ان معظم الموظفين خلال هذا الوقت يضيفون مكاسبهم الضئيلة الى ما يكسبونه من أجور العمل الجزئي في القطاع الخاص.


ان الحد الأدنى لراتب الموظف المتقاعد قد قفز من دولاراً أمريكياً واحداً الى (75) دولاراً شهرياً.


ان معدل الراتب الشهري لموظفي الادارة المحلية والبلدية كان يقارب الدولار الواحد شهرياً لأولئك الذي أكملوا (20) سنة في الخدمة، أما الآن فقد ارتفع هذا الرقم مائة مرة.


ان المستويات ذاتها من الزيادات قد شملت القطاع الخاص، حيث ارتفع أجر البناء الى ثلاثة أضعاف ما كان عليه سابقاً وأصبح (9) دولارات يومياً.


لكن الارتفاع في المداخيل قد اقترن لسوء الحظ بازدياد في الجريمة والعنف في الشارع العراقي، الأمر الذي يثير نوعأ من التناقض حيث يعتقد الكثير من الناس ان تحسن مستويات المعيشة في المجتمع يؤدي بالضرورة الى انخفاض نسبة الجريمة.


ويقول المحللون ان لهذا الأمر جذوره في قرار النظام السابق باطلاق سراح مئات من المجرمين قبل سقوطه. والكثير من اولئك المحكومين نهبوا المصارف وحصلوا على ملايين الدولارات واستولوا على معدات وسيارات الحكومة. وجندت العصابات أعضاء من بين صفوف العاطلين. وأظهرت استطلاعات أجرتها مؤخراً وزارتا العمل والتخطيط ان نسبة البطالة ـ باستثناء كردستان ـ قد بلغت 28 بالمائة.


ويقول أصحاب المحلات ان العصابات الاجرامية قد وجدت عائدات كبيرة في مناطق الباب الشرقي والبتاويين من مركز بغداد وهي مسيطرة على الأسواق هناك حتى انها تفرض الأسعار التي تريدها.


وتقول مصادر الادارة المحلية والبلدية ان اللصوص قد سرقوا معظم سيارات تنظيف المجاري وهربوها الى الخارج او انهم فككوها وباعوها خردة على الأرصفة.


وقد تفجرت الكثير من الصراعات بين العصابات، صراع بين المجاميع المتنافسة او يخطفون أفراد عوائل بعضهم البعض ويطالبون بالفدية.


وقد تطورت عمليات الاختطاف هذه الى عمليات منظمة، بعصابات تحتجز أفرادأ من العوائل الموسرة ثم تطالبها بالفدية التي تتراوح ما بين (10 ـ 100) ألف دولار.


وتقع عمليات الاختطاف خارج بغداد أيضاً، كمدينة مثل اللطيفية التي تقع جنوب العاصمة والتي تحولت بشكل خاص الى نقطة سوداء.


وينفق العديد من هؤلاء الآشرار أموالهم على المقامرة، ويعملون ما هو أكثر حيث أصبح بمقدورهم شراء البيوت في المناطق الراقية من بغداد مما أدى الى ارتفاع كبير في أسعار العقارات في هذه المناطق وغيرها.


وحتى في بعض الأحياء الفقيرة، مثل مدينة الصدر_ الثورة في بغداد، فان سعر بيت مساحته (150) متراً مربعاً قد تضاعف ثلاث مرات، فأصبح (50) مليون دينار تقريباً. وفي منطقة الجدّيدة التي تعد أفضل قليلاً من مدينة الصدر، فان سعر بيت بمساحة (200) متر مربع قفز الى (100) مليون دينار.


وبالنظر الى البطالة كمصدر للكثير من الجرائم، فقد بدأت الأسئلة تثار فيما اذا كان لدى الحكومة أية خطط لمعالجة هذه المصيبة.


وقد أعلنت وزارة العمل مؤخراً انها تدفع دعماً مالياً لأكثر من (300) ألف عائلة وأرامل فقيرات. وقال الوزارة انها تسعى أيضاً لفتح (20) مركزاً في أرجاء البلاد لتدريب أفراد ما يقارب (700) ألف عائلة لمساعدتهم على الحصول على أعمال في القطاع العام.


في غضون ذلك، تعتقد وزارة التخطيط ان الاستثمار الأجنبي في العراق يمكن ان يؤدي دوراً هاماً في حل مشكلة البطالة لأن المستثمرين سوف يستخدمون العراقيين ولا يستوردون عمالاً أجانب.


*فلاح حسن ـ مراسل تلفاز "الحرة" ـ بغداد


Iraq
Frontline Updates
Support local journalists