الانترنت يتطلب الأساليب الملتوية

لا يستطيع العراقيون الانتظار أكثر ليدخلوا الى الشبكة بعد ان انتهى عهد الرقابة

الانترنت يتطلب الأساليب الملتوية

لا يستطيع العراقيون الانتظار أكثر ليدخلوا الى الشبكة بعد ان انتهى عهد الرقابة

Tuesday, 22 February, 2005

انتعشت مقاهي الانترنت في العراق، سواء في مركز بغداد او في أية مدينة من المحافظات، منذ سقوط نظام صدام حسين، وقد تنفس الناس المولعين به الصعداء، فقد أصبحوا دون أية رقابة.


ويقدر عدد مقاهي الانترنيت في بغداد لوحدها بأكثر من (150) مقهى.


وليس ثمة معاناة كالتقييد الذي فرض على الشبكة في أيام العهد السابق.


وبلا غرابة، فان المقاهي مكتظة الآن من الشروق وحتى الغروب. ونماذج الرواد تتراوح من متوسطي الأعمار الذين يرسلون رسائلهم الألكترونية الى أقاربهم في المدن العراقية الأخرى، ورجال أعمال يبحثون عن شركاء او مجهزين في المنطقة، الى شباب يغازلون النساء حول العالم الكترونياً.


ويعتقد طالب الهندسة علي عبد الحسين الذي يبحث عن مواقع هندسية في احدى مقاهي العاصمة ان الانترنيت سيساعد على "رفع المستوى الثقافي لشعب العراق."


وقال "انه سيوفر للطلبة الكثير من الوقت والمال في البحث عن المعلومات والمصادر الدراسية. انه خطوة جوهرية في التنمية."


ان الدخول الى الانترنيت لم يكن ممنوعاً أبداً من النظام السابق، كما هو الحال مع الأطباق الفضائية، إلا انه كان مقيداً ومتوافراً في مايقارب (60) مركزاً حكومياً.


ويفترض المستعملون بطبيعة الحال ان عاداتهم في التنقل بين المواقع وبريدهم الألكتروني تخضع للرقابة الصارمة.


كانت كل آلة تجهيز في مقاهي الأنترنيت مبرمجة لاغلاق مواقع معينة، وكانت المحاولات للدخول الى مواقع غير مسموح بدخولها من الحكومة ـ مثل مواقع أحزاب المعارضة العراقية او حتى موقع المغني العراقي كاظم الساهر ـ تؤدي الى ظهور شاشة سوداء مع حروف حمراء تحذر المستعمل انه غير مسموح له بالتقدم أكثر.


لكن الأحوال يمكن ان تتغير، ويقترن هذا بان الذين يوفرون الدخول الى الانترنيت يعملون في فراغ سياسي خارج نطاق الشركة العامة لخدمات الانترنيت.


ويقول أصحاب المقاهي ان الشركة ترفض منح أية اجازة للمواقع الجديدة.


مع ذلك، يعتمد أصحاب المقاهي في مجازفتهم لتجاهل الاجازة على افتقار الحكومة الكامل لأية سيطرة أو قدرة على تطبيق القوانين.


ويقول بعض أصحاب المقاهي الخاصة انهم حاولوا الحصول على اجازة رسمية، لكنهم لم يتسلموا أية اجابة من الشركة، وفي أحسن الأحوال تكون ردودً مبهمة.


وقال أحد المالكين "أبلغتني وزارة المواصلات ان أراجع الشركة العامة، ثم أخبرتني الشركة العامة أن أتصل بالأمريكان."


ويصف مالك آخر يدير مقهى في سوق المنصور، المواجة التي حصلت لة مع الشركة العامة لخدمات الانترنت.


ان الطلب الذي قدمه للحصول على الاجازة قد رفض في البداية بحجة انه لا يمتلك جهاز استقبال مناسب. وان المخزن الذي تحفظ الحكومة فيه المعدات الرسمية قد سرق بالكامل.


ولكنه عندما اقترح ان يقوم هو بشراء الجهاز من السوق المفتوحة, هدده الموظف المسؤول بمصادرة الجهاز بحجة استعادة المواد المسروقة الى مخازن الحكومة.


إلا ان الموظف عرض أخيراً صفقة بشأن الجهاز ـ شرط ان يقوم المالك بشراء الجهاز من أحد أصدقاء الموظف.


في النهاية، نجح المالك في فتح مقهاه مستخدماً جهازاً حصل عليه بطريقته الخاصة، وهو غير قلق من ان تصبح الشركة العامة لخدمات الانترنت منظمة بما فيه الكفاية لكي تدقق معه.


وقد رفضت الشركة العامة طلبات عديدة تقدم بها معهد صحافة الحرب والسلام للتعليق على هذا الموضوع.


في غضون ذلك، وبسبب العمل الجزئي لشبكة الهاتف في بغداد، فان المقاهي تعمل كلها بدون أجهزة استقبال فضائية.


ومن جانب آخر، تحركت شركات الاتصال الأجنبية مثل شركة (هيوز) الأمريكية و(سيوز) الروسية بسرعة للبدء بعملياتها، فنصبت أطباقاً فضائية قوية، وتبيع الدخول الى الانترنيت الىسوق المقاهي المزدهر.


وكانت الأجور كمعدل اقل من 4.5 الف دولار أمريكي لقاء البرامجيات، مع (500) دولار لقاء الاشتراك الشهري.


وهذا يصل الى أكثر بكثير من الأجرة السنوية البالغة (6) مليون دينار التي تدفعها مقاهي الانترنيت الحكومية. لكن المالكين من القطاع الخاص يحصلون على أجهزة أفضل وصيانة جيدة.


ان الأجرة في المقاهي الأهلية تبلغ (1500 ـ 3000) دينار للساعة، وهي ليست أكثر ارتفاعاً من المقاهي الحكومية.


وبدأ الرواد يلمسون الفرق الكبير بين خدمات الأثنين، حيث يقول الطالب أحمد حارث "ان الشيء نفسه الذي كان يستغرق مني ساعتين لإنجازه في المقهى الحكومي، يأخذ مني الآن نصف ساعة فقط في المقهى الأهلي."


ومن المتوقع أيضاً ان يتصاعد استخدام الانترنت في البيوت في العراق الجديد. وبينما كان مسموحاً فتح الحاسوب في البيوت في ظل النظام السابق، فانها كانت تكلف الملايين الستة كلها ـ كما لو ان المتقدم سيفتح مقهى عامة.


وبدأت خدمات الانترنيت المنزلية تتوافر بأسعار منخفضة مثل سعر السلك (الكيبل) والنصب، زائداً اشتراكاً شهرياً قدره (20) دولاراً.


نتيجة لذلك، فان الأمة التي انقطعت عن العالم مرة، بدأت الآن تجد نفسها على عتبة الاكتشاف.


وقال كمال علي أحد رواد المقاهي "ان انتشار مقاهي الانترنيت قد جعلت من السهولة بمكان الاتصال بالعالم الخارجي. ولم يكن أبداً بوسعنا فعل ذلك بالماضي."


*هشام كريم علوان ـ مراسل معهد صحافة الحرب والسلام ـ بغداد


Iraq
Frontline Updates
Support local journalists