الخروقات الحدودية من قبل ايران تكشف عن انقسامات سياسية عراقية.

التجاوزات الايرانية للحدود العراقية بهدف ملاحقة المهربين تظهر صراعات سياسية وهشاشة الجيو-السياسي العراقي.

الخروقات الحدودية من قبل ايران تكشف عن انقسامات سياسية عراقية.

التجاوزات الايرانية للحدود العراقية بهدف ملاحقة المهربين تظهر صراعات سياسية وهشاشة الجيو-السياسي العراقي.

Monday, 15 February, 2010
.



وانقسم مسؤولون عراقيون تم الاتصال بهم في تحقيق لمعهد صحافة الحرب والسلام IWPR حول الموضوع، واختلفوا بحدة حول دلالات الحملة الايرانية الأخيرة التي استهدفت المهربين في المناطق الحدودية البعيدة في الأقليم الكردي.



وتركزت الانقسامات في الرأي حول اذا ما يجب اعتبار ما قامت به ايران بانه اعتداء صارخ على سيادة الحدود العراقية أو مجرد خرق بسيط لحدود غير واضحة الرسم في تلك المناطق.



كما وأنقسم المسؤولون حول ما اذا كانت مسؤولية حراسة الحدود تعود للحكومة المركزية في بغداد او هي من مهام الحكومة الأقليمية الكردية. وقال بعض مسؤولون كبار بانهم على غير علم بالموضوع الى ان تمت مقابلتهم من قبل IWPR.



وتشير المعلومات التي حصل عليها مراسلو IWPR بان ايران قد صعدت من حربها ضد المهربين وتجاوزها الى ماوراء حدودها.



وغالباً ما تعبر القوات الأمنية الأيرانية مئات الأمتار الى داخل الأراضي العراقية في المناطق الحدودية الواقعة الى شمال وشرق محافظة السليمانية.



وفي ناحية بنجوين ، أغارت القوات الايرانية على مخازن مؤقتة ودمرت كما هائلاً من البضائع غير الشرعية ومن ضمنها الوقود والكحول و مواد تجميلية. ويقول المهربون في المنطقة بأنهم يواجهون مخاطر اطلاق الرصاص عليهم، والقبض عليهم وضربهم من قبل القوات الايرانية داخل الاراضي العراقية.



وناقش IWPR التقارير الواردة حول الخروقات الايرانية مع كل من الحكومة وقياديين في المعارضة في بغداد وأربيل، عاصمة أقليم كردستان.



وقد تمت مقابلة مسؤولين عن الحدود في كردستان وفي العراق بشكل عام، كما وتمت مقابلة ديبلوماسيين ايرانيين في كل من أربيل والسليمانية أيضاً.



ولم يستطع أي من هؤلاء المسؤولين ان يؤكد وجود اتفاقية- رسمية أو غير رسمية- تسمح لايران بملاحقة المهربين داخل العراق.



ولم ينف المسؤولون الايرانيون الذين تمت مقابلتهم من قبل IWPR التقارير التي تحدثت عن الخروقات، ولكنهم وفي الوقت نفسه لم يتحدثوا عنها بشكل مباشر. وقال كل المسؤولون العراقيون الذين تمت مقابلتهم بانهم لن يوافقوا مبدئياً على أي تجاوز ايراني للحدود.



ولكن المسؤولون العراقيون أنقسموا حول مَن عليه، في نهاية الأمر، ان يتخذ الاجراءات ضد الاختراقات. فكل من الحكومة الكردية والحكومة العراقية المركزية تقول بانه تقع على الطرف الآخر المسؤولية.



ومن جهة أخرى برزت انقسامات حادة بين مسؤولين حكوميين وقياديين في المعارضة في بغداد حول ما اذا مثلت هذه الاختراقات تهديدا لسيادة العراق.



انقسام حول ايران



يأتي عدم وجود موقف واضح ومتفق عليه بشأن الخروقات الحدودية في مرحلة دقيقة من العلاقات الايرانية العراقية تتصف في الوقت الراهن بالتعاون المشترك الشديد وجدال حاد.



تعيش التجارة بين البلدين حالة ازدهار وفي الوقت ذاته هناك محادثات حول القضايا الأمنية. فقد صعدت طهران من هجماتها عبر حدودها مع العراق، مستهدفة ما تقول بانه قواعد تابعة لمقاتلي PJAK. وبالرغم من ان العراق ابدى عدم رضاه على هذه الهجمات، فانه استبعد الرد العسكري، وطالب المقاتلين الاكراد بعدم أستخدم اراضيه.



وتظل هناك نقاط الانقسام بين الجانبين. فقد أشعلت الخلافات الحدودية حرباً طويلة بين البلدين في الثمانينيات، ولم يزل بعض منها ينتظر حلولاً. واحتلت القوات الايرانية في كانون الاول الماضي بئر فكه النفطي داخل العراق لمدة قصيرة، وانسحبت القوات الايرانية بعد سلسلة محادثات ديبلوماسية وضمان الطرفين على ايجاد حل سلمي للخلافات التاريخية بينهما.



في بغداد هناك استقطاب سياسي في المواقف تجاه ايران بالطريقة نفسها التي كانت العلاقات في الماضي مع واشنطن ذات مرة.



وتملك الاحزاب الشيعية والكردية الرئيسية علاقات تاريخية مع ايران تكونت في سنوات المعارضة ضد نظام صدام حسين. ويعتبر بعض من القياديين في هذه الاحزاب ايران على انها حليفة طبيعية لبلدهم.



لكن قياديين عراقيين آخرين- خصوصاً السنة و الشيعة العلمانيين- يبدون قلقهم من الثيوقرطية الشيعية المجاورة، ويخشون من ان تأثيراتها ستزداد هذه السنة مع انسحاب الجزء الأكبر من القوات الأمريكية.



" لا تحترم ايران سيادة و ارادة الشعب العراقي،" يقول سلام الجميلي وهو برلماني عراقي من الحركة العراقية الوطنية، وهي قائمة علمانية معارضة تنافس الحكومة في انتخابات شهر آذار المقبل.



" هناك مخاطر مستقبلية كبيرة على العراق من جارته،" وأضاف الجميلي " ايران ليست بحاجة الى اتفاقية، رسمية كانت أو غيرها، للتصعيد من هجماتها لانه يتم التغطية على افعالها من قبل أطراف أقوياء في الحكومة."



كما وتؤمن حركة كردية معارضة بان حلفاء ايران في العراق قللوا من أهمية الخروقات الحدودية " هناك قوى عراقية ممن لديهم علاقات جيدة مع ايران لا تريد حساسيات مع ايران بسبب مسألة الحدود،" يقول سردار عبدالله وهو مرشح في قائمة التغيير التي تخطط لتحدي الأحزاب الكردية الحاكمة في انتخابات آذار المقبل.



ويقول عبدالله " ان الخروقات اصبحت عادية بالرغم من التصريحات التي أصدرتها الحكومتان الكردية والعراقية. ان ايران تشكل تهديدا لسيادة البلد."



وفي بغداد رفض مسؤول بارز في أحد أقوى الأحزاب الشيعية، مخاوف مستقبلية من تهديد بعيد المدى من الخروقات الايرانية.



وقال رضا جواد تقي، وهو من المسؤولين البارزين في المجلس الأعلى الأسلامي في العراق، بانه ربما هناك خروقات ايرانية "محدودة" ولكن هذه الخروقات على الأغلب هي من أعمال " أفراد ضباط أو جنود".



ويسيطر المجلس الأعلى الأسلامي على وزارة الداخلية التي تقع على عاتقها مسؤولية القوات الحدودية. و الجدير ذكره بان المجلس ينافس ائتلاف رئيس الوزراء في انتخابات شهر آذار المقبل.



وقال تقي بانه لم يستلم اية تقارير محددة حول خروقات ايرانية في منطقة بنجوين، ولن يوافق عليها في حال انها حدثت. وقال " بأننا نعتقد بان ايران تحترم السيادة العراقية."



وقال تقي أيضاً " لا أعتقد بان ايران تشكل تهديدا للعراق في الآن او في المستقبل، لانها قالت مراراً وتكراراً بانها تريد ان تبني علاقات مبنية على مصالح مشتركة والتعاون الاقتصادي."



وفي الوقت نفسه أصر مسؤول بارز من ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي، بان الحكومة لم تهمل الخروقات.



حيث قال حيدر العبادي لـ IWPR "نحن لا ننكر بان ايران ترتكب في بعض الحالات، خروقات على الحدود. ولسنا سعداء بذلك"



كما وقال بان الخلافات الحدودية مع ايران معقدة وقديمة تعود الى أيام صدام حسين. وقال مقربون من مالكي بانهم يريدون لجان حدودية مشتركة لحل الخلافات.



وأضاف العبادي " ان الحكومة تريد ان تبني علاقات طيبة مع ايران مبنية على مصالح مشتركة قوية ولكن ليست على حساب السيادة العراقية."



امتعاض المهربين



يعبر المهربون الذين يلعبون لعبة القط والفأر مع حراس الحدود، منذ عقود طويلة الحدود الواقعة في منطقة بينجوين وهم يجلبون وقوداً رخيصاً الى العراق ويأخذون الكحول وبضائع اخرى الى داخل ايران.



وبالرغم من ان القوات الأمنية الايرانية لاحقت المهربين داخل العراق منذ فترات طويلة ، إلا ان تقارير من بينجوين تفيد بان أساليب القوات الأمنية أصبحت أكثر قسوة.



فقد قال عدد من المهربين بان الحملات الايرانية أبطأت من دخول البضائع عند نقاط العبور، في بعض الحالات الى حد 90 في المائة في السنوات الأخيرة. والحمالون الذين كانوا يتنقلون بحرية تامة طوال النهار ، الآن يعملون تحت جنح الظلام فقط.



أحمد فرج وهو صاحب مكان استراحة يتوقف عنده المهربون في كردستان العراق، قال بان الحرس الايراني قد عبروا الحدود في قرية (بليكدار) في كانون الاول الماضي وأحرقوا ما يعادل حمولة 80 حصاناً من البضائع كانت من المقررة ان تذهب الى ايران.



وأضاف فرج " وقتلوا حصانين كانا يعودان الى أحد أقربائي، اذا كانت لدينا حكومة كيف نظل صامتين حين تتجاوز ايران على اراضينا؟"



وأكدت مديرية شرطة الحدود في محافظة السليمانية بان الحرس الايراني أحرق بضائع في (بلكدار) في الثالث من كانون الأول الماضي. وأظهرت سجلات المكتب لسنة 2009 ، وتم الاطلاع عليها من قبل IWPR، 22 اختراقاً ايرانياً في ناحية بينجوين والنواحي المجاورة.



وقامت القوات الايرانية ، أحياناً ضمن جماعات يصل عدد أفرادها الى عشرين جندياً، بغارات داخل الاراضي العراقية بعمق 200 متر الى كيلومترين. وتستغرق عملية الاختراق عادة حوالي ساعة ويُرى الحرس الايراني وهم يصوبون بنادقهم الى المهربين ويقومون بتدمير وحرق ممتلكاتهم.



وفي السادس والعشرين من كانون الأول الماضي أعتقلت القوات الايرانية قروياً في عمق 300 متر داخل الاراضي العراقية وأخذته الى خارج الحدود. وتم اطلاق سراحه بعد اسبوع وعاد الى العراق.



وقال ديبلوماسي ايراني في اربيل، عاصمة اقليم كردستان، لـ IWPR بان حملات بلاده ضد المهربين شرعية وتحظى بدعم واسع من السلطات العراقية.



" نحن نتعامل مع كلا الطرفين: الحكومة العراقية والأقليم الكردي،" قال أعزم حسيني رئيس القنصلية الايرانية في اربيل. وأضاف بان " التعاون ديبلوماسي وسياسي وعسكري. وبدون التعاون بين الطرفين لا يمكن حماية الحدود."



وبالرغم من ان الحسيني لم يتكلم بشكل مباشر عن التقارير التي تفيد بدخول الحرس الايراني الى الاراضي العراقية، فقد أشار بان قوات بلاده لم تخرق اية قوانين. وأتهم المهربين بأهمال الحدود الرسمية وبالقاء المسؤولية على عاتقهم لشرح اية تجاوزات.



وقال الحسيني " العبور الرسمي للحدود يعني وجود دولتين، ويتصرف المهربون وكانهم في داخل دولة واحدة." كما وأضاف " لا ينبغي سؤال الشرطة لماذا أُرتكبت الجريمة. بل بدلا من ذلك ينبغي علينا ان نسأل المجرم."



وأفاد مسؤول بارز عن حماية الحدود في كردستان العراق بان قواته لن تتخذ اية اجراءات ضد القوات الايرانية إلا اذا كانت هناك حالة حرب.



فقد قال رائد شوكت محمد قائد قوات الحدود في اقليم كردستان لـ IWPR " تمثل نقاط المعابر الحدودية سيادة البلد وليست النقاط هذه للمعارك."



وجواباً على سيناريو مفترضة حول اذا ما هاجم الحراس الايرانيون النقاط الحدودية بالأحجار او بالرصاص، قال محمد بان خروقات بسيطة لا تعني بانه سيكون هناك افعالاً مماثلة من الجانب العراقي.



" سيكون هناك فقط كتابة تقرير حول ما حدث ووقت حدوثه" قال محمد. وأضاف بان مسؤولين في وزارة الخارجية في بغداد حينذاك سيناقشون المشكلة مع نظرائهم الايرانيين.



القوات الحدودية



وقال نوري عثمان، مدير مكتب رئيس وزراء حكومة أقليم كردستان العراق، بان الحكومة المركزية في بغداد، هي في النهاية مسؤولة عن الرد على الخروقات الحدودية.



و أضاف " ينبغي طرح سؤال لماذا يسمح العراق بهكذا خروقات على الحكومة العراقية. يقع على عاتق الحكومة العراقية مسؤولية حماية الحدود من الجنوب الى أقليم كردستان."



وقال العبادي وهو مسؤول قريب من رئيس الوزراء العراقي في بغداد لـ IWPR بان السلطات الكردية تلعب دوراً رئيسياً في تأمين حدود أقليمهم.



وأعتبر العبادي بان " حماية الحدود هي مسؤولية مشتركة تتقاسمها حكومة أقليم كردستان وقوات الحدود العراقية". وأضاف " لكن تأمين بعض المناطق الجبلية البعيدة والوعرة قد يكون أفضل من قبل الأكراد، لانهم على الأرض ويعرفون أسرار هذه المناطق."



وقال العبادي أيضاً بان قوات حرس الحدود الكردية وقوات الحدود العراقية يتمتعون بالسلطات الكاملة لصد أي تجاوز على الاراضي العراقية مِن قبل أي طرف كان.



وقال مسؤولون بارزون من أربيل وبغداد بانهم ليسوا على علم بتقارير محددة حول خروقات ايرانية في منطقة بينجوين.



و قال عثمان بان اية خروقات ايرانية في كردستان تشكل تهديداً خطيراً لسيادة العراق. لكنه لم يملك " أية معلومات حول الى أي مدى دخل الحراس الايرانيون كردستان."



" ربما عبروا في بعض الأحيان حدود حكومة أقليم كردستان وربما أخذوا ممتلكات المهربين" قال عثمان.



وفي بغداد قال اللواء محسن الكعبي، قائد قوات الحدود، بانه لا يعلم باية خروقات ايرانية في بينجوين، بالرغم من ان مكتبه " يتعاون عن قرب" مع القوات الكردية حول حماية الحدود.



" ربما هناك بعض التجاوزات من قبل حرس الحدود الايراني ولكن ليس لدينا سجل رسمي بذلك أو بتخريب أية ممتلكات في المنطقة." قال الكعبي لـ IWPR .



وأضاف الكعبي بان القوات العراقية تعمل جاهدة على حماية الحدود ولكن ليست هناك أموال كافية أو المعدات اللازمة وخصوصاً للمناطق الحدودية الصعبة او تلك التي لم ترسم بشكل واضح.



ويقول المحللون بان دول الجوار تستغل ضعف العراق العسكري، وهي على معرفة بان بغداد ليست لديها الكثير من الخيارات باستثناء الخيار الديبلوماسي لمواجهة الخروقات الحدودية.



" لا يملك العراق الوسائل الضرورية ليقول لدول الجوار ان عليها تتعامل معه بحذر" يقول عبدالستار جبار، المعلق الصحفي في صحيفة المؤتمر التي كثيراً ما تنتقد الحكومة " روادعنا ليست عسكرية بل سياسية واقتصادية"



كريم حواس وهو معلق سياسي في مجلة يسارية في بغداد، يقول بان العراق غير قادر على حماية حدوده انه "يشعر بالضعف تجاه كل دول الجوار."



وقد أصر العبادي على ان بغداد تدافع عن سيادتها " يتعامل العراق مع ايران كما يتعامل مع دول الجوار الاخرى. لا أحد يغض الطرف عن خروقات القوات الايرانية." قال العبادي.



كتب نيل آرون وهو محرر العراق لمعهد صحافة الحرب والسلام و الصحفي المدرب شورش خالد هذا التقرير من أربيل والسليمانية. وشارك فيه الصحافيون المدربون من معهد صحافة الحرب والسلام، علي كريم وفالح حسن وباسم شرع من بغداد. كما وساهم كل من هوكر حسن وهو محرر محلي لمعهد صحافة الحرب والسلام والصحفي المدرب خالد محمود من أربيل والسليمانية.
Frontline Updates
Support local journalists