الحياة بعد صدام – خمس سنوات مضت

لاتزال حياة الناس يسودها الخوف والترقب رغم تضائل حدة العنف .

الحياة بعد صدام – خمس سنوات مضت

لاتزال حياة الناس يسودها الخوف والترقب رغم تضائل حدة العنف .

Thursday, 1 May, 2008
.



في الواقع، ليس هناك دلائل تطور. البنى التحتية محطمة كما هي نفسية وروحية البشر. هناك بصيص من الامل بالمستقبل. فنحن محاطين بالخوف والاحباط والعنف.



عدت الى بغداد اواخر العام الماضي وكنت متفائلا حينها. رغم انحسار العنف بسبب تحسن الوضع الامني، الا انني فقدت الجار والصديق.



وبعد تجوالي في مختلف مناطق بغداد، تلاشى تفاؤلي الاول. فالعاصمة تحيطها الكتل الاسمنتية التي احالتها الى ما يشبه السجن. لم تنفع معها الرسومات التي نقشت على تلك الكتل ولم تعيد للعاصمة جمالها الذي فقدته. تنتصب تلك الكتل وكانها مارد ابتلع جمال وعظمة ورموز العاصمة التاريخية.



لم يكن التغيير على المستوى البنيوي فقط، سيطر الخوف على كل الناس حيث صاروا يشكون حتى في من كا ن مصدر ثقة لهم. مزق الخوف النسيج الاجتماعي الذي كانت بغداد تشتهر به.

لا يجرؤ احد على البوح بكلمة امام صديق او جار لانه يخاف ان يشي به الى الحزب او الميليشيا التي ينتمي اليها.



حين وددت الجديث مع احد الاصدقاء عن الوضع العراقي، تدخل ابنه ذو ال19 عاما وقال "لا دخل لنا بالسياسة رجاء، نحن لا نعرفك ولا نعرف الحزب الذي تنتمي اليه".



حين اكدت له ان الحديث لا علاقة له بالسياسة، اجاب بان "كل شيء الان هو سياسة".



يبدو التعب على وجوه جميع العراقيين- التوتر والعصبية بادية على وجوه الجميع. الخوف يسكن في العيون ايضا. انهم يتوقعون الموت في اي لحظة وفي اي زاوية لان لا احد يعرف متى تنفجر سيارة مفخخة او عبوة ناسفة.



يحمد الناس الله على عودتهم من العمل سالمين الى بيوتهم وعوائلهم. ولكن الظلام يسكن النفوس كلما اقترب الليل وساد الظلام. يسهر الناس في ظل انقطاع الكهرباء والماء لحماية بيوتهم. انهم يخشون من هجمات الميليشيات التي تتخذ من الظلام ستارا للقيام بعمليات الخطف والقتل. سماع دوي الاطلاقات طول الليل، ومعظمها عشوائي، يزيد من مخاوف الناس بانهم قد يكونوا الضحية التالية.



الخطر الاكبر في بغداد هو التفكك العائلي خاصة ان كان الزوجان من مذهبين مختلفين. العائلة العراقية متعبة ومنهكة، والاطفال يدفعون الثمن بسبب الاهمال الذي يلقونه. بسبب الذي يجري خارج بيوتهم ، لا يستطيع الاباء التركيز والاهتمام داخل بيوتهم.



الفوضى وغياب الامن والنظام اجبرت العراقيين على التفكير في كيفية النجاة فقط، ولكن يبدو ان لا احد من المسؤولين يهتم بالفقراء الذين يعيشون على حافة الجوع حيث معظمهم ليس لديهم رواتب او تقاعد.



المرارة واضحة على وجوه الناس، والمسؤولون لا هم لهم سوى اطلاق الوعود والخطب التي كرهها الناس لانهم يعرفون ان اي وعد لا يمت الى الواقع على الارض بصلة. يرى الناس في السياسيين مجموعة من الكذابين وينظرون الى البرلمان على انه كيان ميت. انه لم يحقق شيئا لصالح الناس، سوى الاهتمام بزيادة رواتب الاعضاء وتحقيق المكاسب لهم.



يبدو ان البرلمان لا يمثل الناس ولا يدافع عن حقوقهم، يقوم التلفزيون بنقل وقائع جلسات البرلمان، يرى البعض ان التفرج على تلك الجلسات هو مضيعة للوقت، بينما يرى اخرون انه يشبه برامج الكاميرا الخفية وانهم يشاهدونه للترويح عن انفسهم.



علي المرزوق: صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام
Frontline Updates
Support local journalists