العراقيون يخشون تجدد اندلاع العنف الطائفي
عمليات قتل وحشية وإنقسامات سياسية حادة تنمي المخاوف لدى الكثير من العراقيين من عودة الصدامات الأهلية
العراقيون يخشون تجدد اندلاع العنف الطائفي
عمليات قتل وحشية وإنقسامات سياسية حادة تنمي المخاوف لدى الكثير من العراقيين من عودة الصدامات الأهلية
وقد خلفت الانفجارت والهجمات هذا الاسبوع قرابة 23 قتيلاً في أنحاء العراق. فخلال هجوم دموي في حي الوحدة ذات الأغلبية الشيعية التي تقع جنوب بغداد، قتل أفراد عائلة شيعية مكونة من ثمانية، من ضمنهم ستة أطفال. وقد أفاد الاعلام المحلي بان رؤوس بعض الضحايا قد قطعت، وقطع الرؤوس يعتبر طريقة إعدام اشتهرت بها القاعدة في العراق في الماضي.
وتحدثت تقارير أخرى عن قتل أم وأطفالها الثلاثة في منطقة شيعية في بغداد، بالاضافة الى اكتشاف جثتين وعليهما آثار الرصاص في حي سني. وظهرت معلومات متضاربة حول الدوافع وراء هذه الهجمات، لكن المراقبون يرون ان أساليب القتل تشبه تلك التي استخدمت بشكل شائع أثناء القتال السني- الشيعي الذي انتهى في 2007.
ويقول نورالدين الحيالي، النائب السني في البرلمان والمرشح في قائمة ائتلاف وحدة العراق الذي يقوده وزير الداخلية الشيعي جواد البولاني " ان كل هذه الأحداث – القنابل، قطع الرؤوس والإغتيالات هي إشارات واضحة لعودة العنف الطائفي. هذه علامات بان العنف الطائفي لا يزل موجوداً في البلد".
" لا تزال هناك نيران تحت الرماد، هناك أحقاد طائفية خفية و نحن نتوقع المزيد من العنف الطائفي قبل الانتخابات بل و حتى بعدها" أضاف الحيالي.
وتأتي أعمال العنف الطائفي هذه في وقت تهيمن على المناقشات السياسية في بغداد، حملة لمنع و إبعاد سياسيين ذوي الارتباطات بحزب البعث، وذلك قبيل الانتخابات البرلمانية في السابع من آذار. وقد أدى إبعاد عدد من سياسيين سنيين وعلمانيين بارزين من القوائم الانتخابية الى إتهام الحكومة التي تهيمن عليها الاغلبية الشيعية، بالانحياز الطائفي.
ويقول حيدر الملا وهو أحد الأعضاء الكبار في جبهة الحوار الوطني السنية " نخشى من ان يشعر الشارع السني بأن المنع لم يكن يستهدف شخصاً غير مؤهلاً، بل يستهدفهم – المنع- بإعتبارهم جماعة و جزءا مهماً من المجتمع العراقي".
وقد منعت هيئة المساءلة والعدالة ، وهي الهيئة البديلة عن هيئة إجتثاث البعث، رئيس جبهة الحوار صالح المطلك الذي يعتبر من أكثر السياسيين شهرة بين الذين تم منعهم من قبل الهيئة. و أرادت الجبهة في البداية ان تقاطع الإنتخابات، لكنها أعلنت في الخامس والعشرين من شباط بانها ستشارك في العملية بالرغم من الحظر المفروض على رئيسها. وقد يؤدي القرار هذا الى التقليل من مخاوف ان بعض السنة سيقاطعون الإنتخابات.
"يخشى السنة بان تكون الحكومة المقبلة على أساس الحصص الطائفية، وستجبرالناس على العيش داخل خطوطهم الطائفية" قال الملا.
و من جهته عبر رئيس الجبهة صالح المطلك لـمعهد صحافة الحرب والسلم IWPR عن مخاوفه من " ان تعم الفوضى الشارع العراقي."
و أوضح المطلك "منع الناس من خوض الإنتخابات قد يؤدي الى إشعال الأزمات،" و أضاف قائلاً " قد تخرج الأمور عن السيطرة حين ينفذ صبر الناس."
وكان رئيس الوزراء العراقي السابق ورئيس القائمة العراقية، والتي تتضمن جبهة الحوار، أياد علاوي قد أبلغ وكالة رويترز للأنباء في الثامن من شباط بان منع المطلك وعدد من سياسيين آخرين "سيضع العراق في صندوق الطائفية وعلى طريق الحرب الأهلية."
و أدت توقعاته هذه الى تنامي مخاوف شعبية عميقة، كما ودشنت مناقشات سياسية مريرة بين السياسيين.
وتجاهل سياسيون منافسون كالنائب رضا جواد طارق من المجلس الأعلى الاسلامي، تصريحات علاوي و اعتبروها عملاً دعائياً يهدف الى اثارة شفقة المجتمع الدولي. وقد نفت الحكومة الإتهامات بان هيئة المساءلة والعدالة أبعدت مرشحين بسبب إرتباطاتهم الدينية أو السياسية.
وقال طارق " لا نعتقد ان هذا الاسلوب الخطير الذي يتبناه علاوي مبرر،" و أوضح قائلاً " القول بحرب أهلية يعتبر قولاً غير مسؤولاً بالكامل. هذه حركة لخلق مخاوف لدى أحزاب على حافة الانهيار. انهم يوجهون الشارع الى الطريق الخطأ، وهذا يعتبر خطيرا للكل".
لكن سارع أعضاء من قائمة علاوي الى الدفاع عنه. حيث قال جمال البطيخ ، وهو أحد قادة القائمة العراقية، بان المخاوف من ردود فعل من قبل السنة أمر واقعي بسبب التحول الذي حدث في السلطة بعد 2003 والذي أدى الى تقليل دورهم السياسي.
" لقد تحمل السنة الكثير من التمييز والتهميش،" قال البطيخ. " ولهذا كان تصريح علاوي واقعي ومبني على حقائق بان الوضع الأمني لا يزال هشاً، والطائفية لازالت سائدة. وبالاضافة الى ذلك، لازالت هناك ميليشيات شيعية وسنية مسلحة التي قد تشعل حرباً في أي وقت".
و أضاف البطيخ قائلاً " كل هذه العوامل دفعت بعلاوي ان يكون خائفاً من إندلاع حرب أهلية قد تكون من الصعب السيطرة عليها".
وقد نفى سامي العسكري، العضو البرلماني في تحالف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي، المزاعم بان إجتثاث البعث له أية علاقة بالطائفية، مشيراً الى ان 145 من الذين تم منعهم هم من الشيعة.
" لقد لعب بعض السياسيون الذين تم منعهم، ومن ضمنهم المطلك، ورقة الطائفية بعد خسرانهم كل شيء. ان قضيتهم طائفية، ليست هناك حاجة لهذه العقدة. ان الشعب العراقي متحد في وحدته وأصبحوا واعيين بانه من غير الممكن ان يعود العنف الطائفي". قال العسكري.
و أبلغ فاضل العامري أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد IWPR، بان الضغط يقع على الحكومة لتطمئن السكان السنة بان الحكومة المقبلة ستكون ممثلة للجميع.
" هناك عقد ومخاوف من العنف الطائفي، وهي شرعية. ان الاعتداءات الجديدة والمظاهرات في المحافظات الجنوبية هي تحذيرات خطيرة بعودة الاحتقان الطائفي". قال العامري.
" ينظر الشارع السني الى منع المرشحين كقضية طائفية تستهدفهم لان الكثير منهم لا يثقون بالدستور وهيئة المساءلة والعدالة. هكذا يقال، على القادة السياسيين ان يقدموا على القرار الصحيح للتأكيد بأن كل مكونات المجتمع ستشارك في هذه الانتخابات، وبهذا ستكون هناك مشاركة واسعة التي ستجعل النتائج شرعية"
وقد أدت النقاشات السياسية مترافقة مع الهجمات الأخيرة الى خلق اضطراب وخوف لدى الناس من عودة العواصف السياسية و أعمال العنف الطائفي.
ويقول محمد علي حمزة البالغ من العمر 24 عاما، وهو تاجر يعيش في منطقة الحرية ذات الأغلبية الشيعية، في بغداد " ما نراه ونشهده في الاعلام من سياسيين عديدين يشير الى احتمال عودة العنف الطائفي. وهذا شيء مرعب، سيدمر كل شيء."
" و لن ينجو أحد منه. و هل استفاد أي شخص أي شيء منه في الماضي؟ هل انتصر حزب على الآخر؟ كلا. كان الكل خاسراً، وسيحدث نفس الشيء مرة اخرى."
علي كريم صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلمIWPR في بغداد.