تعاني بغداد اسوأ الانقطاعات الكهربائية

يترك الفساد والعنف وسوء الادارة العاصمة تعاني من تجهيز الكهرباء بشكل محدد وقاسي.

تعاني بغداد اسوأ الانقطاعات الكهربائية

يترك الفساد والعنف وسوء الادارة العاصمة تعاني من تجهيز الكهرباء بشكل محدد وقاسي.

Wednesday, 31 October, 2007
.



كانت بغداد تحصل على معدل 6 ساعات كهرباء يوميا في الاسبوع الاول من اوكتوبر، وهو ما يشكل نصف الساعات التي تحصل عليها بقية مناطق العراق، وذلك بحسب وزارة الخارجية الامريكية. اضطر اهالي بغداد للاعتماد على مولداتهم الخاصة لانارة بيوتهم وتشغيل الاجهزة الاساسية مثل الثلاجات.



انهارت الشبكة الكهربائية العراقية هذا الصيف وكانت الانقطاعات هي الاسوأ منذ صيف 2003، كما اشارت لذلك وزارة الكهرباء، وهناك بعض المناطق في بغداد لا تحصل على الكهرباء الا لساعات قليلة في اليوم. اخبر السفير الامريكي في العراق رايان كروكر النواب الامريكان في ايلول بأن تجهيز الكهرباء في العاصمة" غير كافي بشكل مخيف".



كانت بغداد تحصل على مابين 16-24 ساعة من الكهرباء يوميا في اذار 2003. حيث كان الرئيس السابق صدام حسين يولي العاصمة حصة الاسد من الكهرباء على حساب بقية المحافظات.



حاولت السلطات الامريكية والعراقية اصلاح المنظومة الكهربائية وتوزيع الكهرباء بالتساوي في العراق. لكن زيادة الطلب على الكهرباء والعنف والفساد وسوء الادارة ادى الى عرقلة سنوات من الجهود لتحسين الطاقة الكهربائية – وخاصة في العاصمة- مما اضعف ثقة العراقيين بحكومتهم.



قال زياد محمود احمد، 35، من منطقة الدورة ببغداد "تعلن الوزارة كل سنة عن خطط ومشاريع استثنائية، لكن شيئا لم يتحسن، بل على العكس فان الكهرباء زادت سوءا في شتاء هذا العام. هناك مناطق في بغداد يصل انقطاع الكهرباء فيها الى اكثر من عشرة ايام".



ورث الامريكان منظومة كهرباء اكثر سوءا مما توقعوه بعد الاطاحة بالرئيس السابق صدام حسين في نيسان 2003.. فقد دمرت القاصفات الجوية الامريكية محطات الكهرباء بشكل كبير في العام 1991، ومما زاد الامر سوءا هو تردي البنى التحتية للكهرباء وعجزها اثناء فترة الحصار الذي فرضته الامم المتحدة على العراق.



خصصت واشنطن ما يزيد على 4.6 مليار دولار امريكي - اي ما يعادل ربع الميزانية المخصصة لاعادة اعمار العراق - لمشاريع الكهرباء منذ عام 2003. الا انها لم تستطع انجاز سوى 57% من حاجة العراق للكهرباء ويحصل البلد بشكل عام على ساعات قليلة من الكهرباء مقارنة بما كان يحصل عليه في ربيع 2004. تقدر وزارة الكهرباء ان بناء واصلاح البنى التحتية للكهرباء سيكلف 27 مليار دولار ويستمر حتى العام 2015.



تم انتاج اقل من 5000 ميكا وات في اليوم في شهر ايلول بينما كان المعدل قبل الحرب حوالي 4300 ميكا وات. كانت سلطة الائتلاف المؤقتة تسعى للحصول على 6000 ميكا وات في اليوم في تموز 2004 ، لكن الهدف لم يتحقق ابدا. اشارت الوزارة الى ان العراق يحتاج الى 8250 ميكا وات في اليوم لان الحاجة الى الكهرباء ازدادت بشكل ملحوظ منذ 2003 حيث كان العراق حينها فقيرا وتحت الحصار.



يستهدف المسلحون بشكل منتظم منظومة الكهرباء وبناها التحتية التي تجهزها بالوقود مما يؤدي الى تعطيل كليهما. تتسبب الهجمات على ابراج نقل الطاقة ومحطات التوزيع بفقدان حوالي 2500 ميكا وات في اليوم اضافة الى تسببها في شحة الوقود والماء، وذلك بحسب التقرير الصادر في ايلول عن دائرة معلومات الطاقة في الحكومة الامريكية.



وبحسب دائرة معلومات الطاقة، فان 78% من محطات الكهرباء العراقية تدار بواسطة النفط والغاز، بينما 22% تدار بواسطة الطاقة الهيدروجينية. قال عبد الاله صادق احد المستشارين في وزارة النفط بأن المحطات التي تدار بواسطة النفط تعاني من الكثير من المشاكل بسبب الشحة في الوقود.



واضاف " تعمل المصافي بواسطة الكهرباء، وتعمل محطات الكهرباء بواسطة المنتجات النفطية، انهما مشكلتان متداخلتان".



اصبح تهريب النفط من الاعمال الكبيرة في العراق والذي يتسبب بالشحة التي تجبر الحكومة على استيراد النفط والبنزين من الدول المجاورة مثل ايران وتركيا. تقدر مجموعة دراسات العراق الامريكية ان العراق يخسر ما بين 150.000-200.000 من مجموع ال 2.3 مليون برميل التي ينتجها يوميا بسبب التهريب.



تولي الحكومة الاولوية لتصدير نفطها الخام بدلا من الاحتفاظ به في البلد لانها بحاجة لدفع الديون المتراكمة عليها اثناء فترة نظام صدام حسين وكذلك لانعاش الاقتصاد.



نقص الكاز ادى الى تعطيل نصب اكثر من 220 مولدة في بغداد. قال رعد الحارس وكيل وزارة الكهرباء ان تلك المولدات التي جلبتها الحكومة في 2004 لا تزال مخزونة في مستودعات الوزارة.



قال صادق ان اختطاف شاحنات الوقود يزيد من تفاقم الشحة فيه.



مضيفا "يرفض الكثير من السواق نقل الوقود من الحدود الايرانية والتركية، ويرفضون ايضا نقله داخل البلد بسبب خوفهم على حياتهم".



يرغب وزير الكهرباء كريم وحيد بخصخصة المنظومة الكهربائية وتهدف وزارته الى تجهيز المواطنين بالكهرباء على مدار ال 24 ساعة بحلول العام 2009 لحين احداث زيادة مهمة في القدرة من الميكاوات بحلول العام 2015. لكن الحكومة الامريكية تلفت الانتباه الى ان الوزارة لا يمكنها تحقيق اهدافها دون ان يكون لها حماية قوية وتجهيز منتظم من النفط لتشغيل المحطات وكذلك وجود ادارة جيدة- وكل ذلك كان من ضمن المشاكل.



اثر الفساد وسوء الادارة بشكل قوي على اعادة تأهيل الشبكات الكهربائية.



حققت المفوضية العامة للنزاهة مع وزير الكهرباء السابق محسن شلاش الذي تسلم الوزارة في 2005 و2006 لامور تتعلق بالفساد. الا انه لم تتم ادانته. وكذلك استطاع الوزير الامريكي العراقي ايهم السامرائي الذي اتهمته المفوضية بالفساد الهروب من السجن في كانون الاول عام 2006 بمساعدة شركة امنية اجنبية خاصة، حسب ما اعلنت السلطات العراقية. الا انه انكر التهم الموجهة ضده.



قال مثال الالوسي عضو البرلمان ورئيس حزب الامة العراقي الديمقراطي المستقل ان "الفساد الاكبر حصل في وزارتي الكهرباء والدفاع، تم دفع ملايين الدولارات من ميزانية الدولة لكنها ذهبت الى جيوب المقاولين والارهابيين".



هيأت وزارة الكهرباء الكثير من الاعمال للمقاولين لكنهم لم يكملوا العمل في العديد من الحالات. يقولون ان ذلك بسبب العنف، لكن الحقيقة هي انهم يريدون ابتزاز وسلب الوزارة.



يتفق كاظم محمد، صحفي ومهندس ذو خبرة في قطاع الطاقة، اذ يقول "لا توجد قوانين صارمة لمحاسبة المقصرين، لم يطبق حكم جيد للقضاء على الفساد في وزارة الكهرباء".



هناك مشاكل مهمة في تخصيصات الميزانية. تم اعطاء وزارة الكهرباء 2 مليار دولار للعام 2007 بينما كانت حصتها 800 مليون دولار في عام 2006. لكن الحكومة والوزارة ترفض صرف المبلغ بسبب المخاوف الامنية. استغلت الوزارة في العام الماضي فقط 35% من ميزانيتها، وبحلول منتصف 2007، صرفت الحكومة فقط ربع ميزانيتها.



واشنطن هي المستثمر الاكبر في اعادة اعمار العراق وبنى الكهرباء التحتية. اكتشف المحققون الحكوميون الامريكان تلاعب كبير في الحسابات. ففي احدى الحالات اكتشفوا ان 10 مليارات دولار من اصل 57 مليار دولار لدعم الجيش واعادة الاعمار في العراق قد تم تبديدها من قبل المقاولين وصرفها من غير ما يثبت اوجه صرفها، وذلك بحسب دائرة المحاسبة الحكومية الامريكية.



تم تجفيف تخصيصات الحكومة الامريكية لاعادة اعمار العراق، ورأت السلطات الامريكية ان على بغداد تحمل مسؤولية تطوير البلاد.



اشار البنتاغون في تقريره المقدم في حزيران الى الكونغرس الامريكي "بما انه قد تم اكمال مشاريع اعادة الاعمار الامريكية، فان على وزارة الكهرباء اخذ المبادرة لتمويل متطلباتها لتجهيز الكثير من الكهرباء".



اشارت وزارة الكهرباء الى وجود العديد من المجطات الكهربائية الجديدة في بغداد، ودعا وحيد المستثمرين العرب والاجانب للاستثمار في مجال الكهرباء. عرضت ايران ان تحل مكان الامريكان بتمويل مشاريع الكهرباء لغاية مليار دولار.



تقوم الحكومة حاليا بشراء الكهرباء من الدول المجاورة مثل تركيا وايران وسوريا، لكن الالوسي اعرب عن قلقه من ان اي خلاف سياسي مع تلك البلدان سينعكس سلبا على توزيع الكهرباء.



حاليا، تجتاح بغداد المولدات الخاصة التي تعمل بالوقود، لكنها اصبحت مكلفة بسبب الزيادة في اسعار الوقود.



يقول الحارس ان الوقود والامن والكهرباء هي امور متداخلة لا يمكن لاحدها الاستمرار دون الاخر، "اذا تمكنا من تحقيق الامن وتوفير الوقود، سوف تتحسن الكهرباء. واذا لم يحدث ذلك التغيير، فلن يحصل اي تغيير في الكهرباء ايضا".



ساهمت تياري راث محررة المعهد لشؤون الشرق الاوسط في اعداد هذا المقال
Iraq
Frontline Updates
Support local journalists