المهاجرون العرب خائفون على مستقبلهم

قد يُلعن الرئيس العراقي السابق من قبل المجتمع الدولي، ولكنه كسب إعجاب الملايين من المهاجرين لأجل العمل.

المهاجرون العرب خائفون على مستقبلهم

قد يُلعن الرئيس العراقي السابق من قبل المجتمع الدولي، ولكنه كسب إعجاب الملايين من المهاجرين لأجل العمل.

Tuesday, 22 February, 2005

بالرغم من وحشيته مع مواطنيه، إلا أن صدام حسين غالبا ما عامل المواطنين العرب المقيمين في العراق معاملة افضل بكثير من تلك التي كانوا سيحصلون عليها في بلدانهم.


يتساءل قلة لماذا يجهد بعض الفلسطينيين والسودانيين والمصريين وغيرهم أنفسهم لفهم سبب كره العديد من العراقيين لقائدهم. و مما لا يثير الدهشة أن بعض هؤلاء العرب يتساءلون أيضا عن مستقبلهم في العراق الجديد.


يقول بائع السكائر عبد الرب شعبان, "لقد أحببنا صدام لأننا اعتقدنا أن غالبية الناس هنا يحبونه. كانت تُقام احتفالات كبيرة في عيد ميلاده وفي الذكرى السنوية لتأسيس حزب البعث".


ولكن عبد الرب يرى علامات مزعجة تدل على التغيير. " لم نشعر أبدا إننا غرباء هنا، ولكن الآن يُطلب منا مليء استمارات الإقامة".


عانى العراق من نقص هائل في اليد العاملة في الثمانينات نتيجة متطلبات حربه التي دامت عشر سنوات [الحرب استمرت ثمان سنوات] مع إيران. وقُدر عدد المواطنين العرب العاملين في العراق في حينها بـ 4 ملايين نصفهم تقريبا من المصريين.


استغل صدام حسين شعبية العراق باعتباره سوق عمل لتعزيز مصداقيته كقائداً للعرب، تماشيا مع أيدلوجيته البعثية.


و قد فرض العراق القليل من القيود على العمال المهاجرين- وهو بذلك يختلف عن الدول العربية الأخرى المستوردة لليد العاملة والتي تعتبر العمال الأجانب أحيانا تهديدا للأمن واستنزافا للخدمات الاجتماعية وبالمقابل فان العراق فتح مدارسه وبضمنها الأكاديمية العسكرية للمواطنين العرب.


من الناحية الفنية كان على المواطنين العرب أن يملئوا استمارات الإقامة لكن نادرا ما تمت متابعة هذه الضوابط.


بقي العديد من العرب يعتبرون العراق وطنهم حتى بعد غزو صدام للكويت في عام 1990 و فرض العقوبات الاقتصادية على العراق من قبل الأمم المتحدة التي أضعفت الاقتصاد العراقي.


أما اليوم فالمقيمون العرب في بغداد يدعون أن الجو قد تغير تماما.


بدأت الشرطة تذهب من بيت إلى آخر في أحياء مثل منطقة سوق السعدون التي تؤوي جالية كبيرة من المصريين والسودانيين.


تزامنا مع ارتفاع نسبة الجريمة وفقدان الأمن السياسي، زادت دوريات الشرطة من مخاوف المغتربين من انهم لن يُسمح لهم بعد الآن بالبقاء في العراق لأن العديد منهم لاجئين سياسيين من بلدانهم.


صاحب محل البقالة جمال الشريف جاء إلى العراق منذ 15 عشر عاما بعد أن واجه صعوبات مع السلطات في بلده السودان. يقول: "وجدت نفسي بين أهلي هنا. عملت وسافرت بحرية. ولكننا الآن نخشى على المستقبل".


قال عثمان قمر المواطن السوداني الذي يعمل مصلحا لمكيفات الهواء والذي يسكن في السعدون أيضا, "اعتدنا على البقاء خارج البيت حتى وقت متأخر من الليل وعلى إرسال أطفالنا إلى المدرسة بدون خوف".


أما الآن فانه يدعي أن "الشرطة تدخل وتخرج من المنازل والفنادق بحثا عمن ينفذ الهجمات" ضد قوات الاحتلال.


بالنسبة للكثير من الفلسطينيين المقيمين في العراق كان اعتقال الرئيس السابق أمرا يصعب تحمله لان أكثرهم - لا سيما العسكريين في الأحزاب الموالية للعراق - قدموا خدمات لصدام في مهمات مخابراتية أو في وحدات القوات الخاصة على الجبهة الإيرانية.


وبالمقابل منحهم الرئيس السابق منزلة رفيعة من خلال إسكانهم في شقق المجمعات السكنية الحديثة في شارع حيفا الواقع غرب بغداد وتلقيهم العلاج الطبي المجاني ورواتب التقاعد.


لكن بعد الحرب أدركوا صلتهم بصدام الذي تركهم بلا شعبية وعُرضة للانتقاد.


أما الجيران المتحمسون للفوز بما كان على الدوام يعتبر عقارا ممتازا فقد طردوا منذ ذلك الحين المئات من الفلسطينيين من منازلهم تحت تهديد السلاح. و بذلك أمضى الكثير منهم شهورا في معسكر للاجئين على طول الحدود الأردنية.


كما يشعر الفلسطينيون أيضا بأنهم فقدوا رجلا كان الكثيرون يعتبرونه القائد العربي الوحيد الذي يُعنى بقضيتهم.


قال مكي النصري الذي كان مقاتلا مع جماعة فلسطينية في السبعينيات, "اعتبر الشعب الفلسطيني العراق بمثابة قاعدتهم الرئيسية والفضل في ذلك يعود لصدام حسين الذي تجاوز القادة العرب الآخرين في حبه لنا. لقد أعطى هبات للجرحى وعالجنا في المستشفى. وليس بوسعي انتقاد حسن الضيافة الذي وفره صدام لنا حتى ولو قال الآخرون غير ذلك".


ومع ذلك فالقبض على صدام في النهاية غيّر وضعه السابق بصفته بطلا في عيون العديد من المواطنين العرب المقيمين في العراق كما فتح عيون العراقيين.


وصل العديد من المهاجرين الموجودين اليوم إلى العراق عندما كان صدام يُعتبر بطل العالم العربي الأوحد, وهو على الخط الأمامي في مواجهة الثورة الإيرانية.


قال المواطن المصري عبد الرحيم محمود, "لقد ساندنا الرئيس السابق لدرجة أننا تطوعنا للقتال ضد إيران. وآمنا بأنه كان يحظى بمساندة العالم بأسره".


لكن العديد من المؤيدين السابقين له يشعرون أن البطل أثبت في النهاية انه جبان باستسلامه خانعا لعدوه السابق الولايات المتحدة.


يقول محمود, "كنت متأكدا من أن الرئيس السابق لن يُأخذ أبدا إلا جثة هامدة". وأضاف أن ابني صدام عدي وقصي اللذين ماتا في قتال مع القوات الأميركية كانا "أشجع".


كريم الهاشمي صحفي متدرب في معهد صحافة الحرب والسلام في بغداد.


Iraq
Frontline Updates
Support local journalists