السعي وراء الأمن

فشل أمريكا بتوفير الحماية الأساسية يستفز/ يثير المظاهرات ويبذر/ يزرع عدم الثفة.

السعي وراء الأمن

فشل أمريكا بتوفير الحماية الأساسية يستفز/ يثير المظاهرات ويبذر/ يزرع عدم الثفة.

احتلال العراق، الذي احتل قبل ثلاث أسابيع على يد القوات البريطانية والأمريكية، أثار أسئلة جدّية – وللعراقيين، مخاوف حقيقية – عن الديمقراطية السياسية، الإستقرار الأخلاقي والإزدهار للشعب العراقي والذي كان قد تم وعدهم به بعد تحريرهم من صدام حسين.


كما ينظر اليه في العالم العربي، فإن المحتلون أنفسهم يبدون في فوضى، والجانب المفروض ان يجلب " الاستقرار " يبدو أنه بحاجة الى استقرار. عوضاً عن السعي لتقرير الإتجاه السياسي للعراق، فإن الموقف العربي يدعو الأمريكيين إلى اتمام التزاماتهم الدولية لحماية المدنيين العراقيين وخلق بيئة رؤوفة تستطيع الديمقراطية النمو فيها.


انتشار عمليات النهب والحرق والتي أصابت بغداد، كيركوك والموصل، البصرة ومدن أخرى مباشرة بعد دخول قوات الحلفاء اليها لم تكن الدليل الوحيد لعدم استقرار النظام الذي يشاهد في الأيام الاولى من " السلام الأمريكاني ". التنصيب الذاتي للإدارات المدنية ظهرت تقريباً في كل المدن العراقية الرئيسية واحياناً كانت مدعومة من قبل امريكا، وأحيانا اخرى حتى بدون معرفتهم – وأعداد كبيرة من مجموعات مسلحة خرجت الى الشوارع مسلحة للدفاع عن بيوتهم وعائلاتهم تحت أنظار القوات الأمريكية.


بدون وجود سلطات معينة حتى هذه اللحظة لفرض القانون والنظام وتدّخل ضئيل من قبل القوات الأمريكية ادى إلى نشوء قلق متزايد لاحتمال بأن هذه المجموعات المسلحة ستتحد لتشكل ميليشيات دائمة، أو الاحتمال الأسوأ ستصبح فرق مسلحة تستأجر لتصفية الحسابات في فترة ما بعد صدام.


سواء- العودة من المنفى وتنصيب أنفسهم حكام – مثل محمد الزبيدي في بغداد ومشعن الجبوري في الموصل – أو الخروج من الأزقة واستخدام أسلحتهم للثأر "لظلم ماضي"، فإن اللاعبون الجددعلى الساحة العراقية ينظر اليها في العالم العربي ومن قبل العراقيون بالتحديد، كأسياد حرب في الوقت الذي انتهت فيه الحرب. ربما لم يتم انتاجهم في الولايات المتحدة الأمريكية ولكن مجرد الحقيقة أنهم يعملون جنباً الى جنب مع قوات المارينز الأمريكية ودباباتها أعطى الإنطباع بأنهم كذلك.


الأسوأ من ذلك، من وجهة النظر العربية: نفس الأمريكيون الذين كان من المفروض أن يفرضوا النظام هم أنفسهم كانوا جزءاً من عدم النظام. لقد قاموا بسرقة لوحات زيتية، أحجار ثمينة ووثائق من مؤسسات بغداد الثقافية وحسب مصادر مركز القيادة في قطر، نهبوا ما يقدر بمليون دولار نقداً.


و من جانب آخر، في خطاب وجهه في مؤتمر أمام 350 ممثل عن أحزاب سياسية ومنظمات أهلية عقد في بيروت والذي استمر لثلاثة أيام في الاسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء اللبناني السابق سليم الحص بأن " فشل الولايات المتحدة لملئ التزامات الواقعة أمام "القوة المحتلة " لحماية المدنيين كان بمثابة "خرق جديد" لحقوق الإنسان ويجب أن يتم استنكاره مثلما تم استنكار الهجوم الأمريكي " أحادي الجانب " على العراق.


انتهى المؤتمر بدعوة العراقيين الى مقاومة "المعتدين" وعلى مطلب بإنسحاب مباشر لكل القوات الاجنبية من العراق.


الغضب المتزايد حول ما ينظر اليه "بعدم اكتراث أمريكي للمواطن العراقي العادي" تفجّر في الشوارع في نهاية الأسبوع بعد انفجار مخزن الأسلحة في الزعفرانية، والتي تقع في جنوب شرق بغداد، مما أدى الى مقتل 4 عراقيين مدنيين وجرح أكثر من 10. أثناء إرتفاع حصيلة القتلى، تدفق مئات المتظاهرين الى الشوارع مطالبين القوات الأمريكية بترك العراق اذا لا يستطيعوا حماية الشعب العراقي.


فقد قال رجل والذي فقد زوجته، ابنه، أخيه في حادث التفجير لقناة أبو ظبي الإخبارية " لقد طلبنا منهم عدة مرات إزالة الذخائر من المناطق السكنية ،ولكن بدون أي جدوى". سبب التفجير لم يكن واضحاً. وفي مقابلة مع قناة أبو ظبي الإخبارية قال ضابط أمريكي بأن ما سبّب التفجير كان قيام مسلحين باطلاق النار على المزبلة، ولكن السكان المحليين يقولون بأن سبب التفجير يعود الى قيام الأمريكيين بتفجير أكوام ذخيرة قديمة. من وجهة النظر العربية، على كل الأحوال المسبب هو غير مهم، القوات المحتله هي المسئولة عن أي اصابة او كل الاصابات.


العرب لا يوجد لديهم اي شك ان المتظاهرون في الغرب كانوا محقين عندما وقفوا ضد الحرب بحجة انها " حرب من أجل النفط " هذا ما يقولون هو السبب وراء حماية الجنود الأمريكيين لوزارة النفط وعدم مراعاتهم اي اهتمام لحماية الوزارات والمكاتب الإدارية الأخرى التي تقدم الخدمات للسكان. اذا كان هناك اي شك حول هذه النقطة فإنها الآن بمثابة بند في "العقيدة" في العالم العربي. إن أمريكا دخلت الحرب في العراق للسيطرة على النفط وليس لبناء الديمقراطية.


قليل من العرب يعتقدون بأن الجيش العراقي، او حتى النخبة من الجيش الجمهوري يستطيعون الصمود لفترة طويلة ضد اقوى ،والأكثر تعقيداً ، قوة في التاريخ. ولكن عدد قليل مساوي اعتقدوا أن هذا الشكل من الفوضى سيحصل بعد انهيار النظام العراقي. المظاهرات ضد امريكا والتي شوهدت تقريباً في كل أنحاء العراق دوافعها ليست عدائية إسلامية إتجاه أمريكا والغرب، انها ردة فعل لفوضوية ما بعد الحرب من قبل شعب بحاجة ماسة الى النظام والإستقرار والذي حتى الآن لم تستطيع الولايات المتحدة على توفيره.


محمد المشموشي، محلل سياسي مقيم في بيروت، يكتب للصحيفة اليومية التي تصدر في الخليج البيان.


Iraqi Kurdistan, Iraq
Frontline Updates
Support local journalists