زوال مأوى الكتب الذي يفضله البغداديون المهتمون بالكتب

بعد ان كان يوما مركز الحياة الثقافية في المدينة، اصبح شارع المتنبي الان مهجورا فعليا.

زوال مأوى الكتب الذي يفضله البغداديون المهتمون بالكتب

بعد ان كان يوما مركز الحياة الثقافية في المدينة، اصبح شارع المتنبي الان مهجورا فعليا.

. من الصباح ولغاية ما بعد الظهر، يتحول الزقاق الضيق، الذي يضم المكتبات القديمة في المدينة، الى معرض مفتوح ومزدحم للكتاب.



تغطي الكتب ذات العناوين المشهورة من كل انحاء العالم جانبي الرصيف، الكتب العربية، الانكليزية، الالمانية، الفارسية، وباللغات الاخرى، جنبا الى جنب مع القواميس، الكتب العلمية، والروايات الطويلة والقصيرة. وللحصول على الكتب القيمة او الممنوعة- في زمن صدام- فان على الزبائن اللحاق باصحاب المكتبات الى المخازن القديمة الشبيهة بالمتاهة و القابعة في احدى الساحات القريبة، حيث عادة ما تخزن قرب السقف مع الكتب الضخمة.



تم افتتاح المكتبة العربية التي تعد اقدم مكتبة في الشارع في العام 1904، في وقت كانت شهية بغداد للثقافة حادة بشكل خاص. و كما يقول المثل القديم "القاهرة تكتب، وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ".



لكن ايام الجمع في بغداد لم تعد كما كانت . منع التجوال الذي اعقب العنف الطائفي الذي تفجر بعد تفجير القبة الذهبية في سامراء في شباط الماضي ، جعل الناس تلزم بيوتها من الصباح الى ما بعد الظهر، وهو اجراء يهدف الى منع اثارة القلاقل الدينية والسياسية التي عادة ما ترافق صلاة الجمعة.



مع سريان منع التجوال، لا يأتي رواد شارع المتنبي اليه- ولا خيار امام باعة الكتب هناك الا ان يعرضوا ممتلكاتهم للبيع. بعضهم غير مهنته. يمكن إيجاد كتب الجيب الرخيصة مطروحة في المكتبات جنب المخطوطات القديمة حيث تجد الادوات والعدد الكهربائية أيضا.



الضحية الاخرى للعنف الطائفي هي مقهى الشابندر الواقعة في نهاية الشارع ، حيث ينهي عندها المتجولون في السوق مشوار بحثهم عن الكتب. في كل جمعة، يجلس الشعراء، الرسامون، والقصاصون على الارائك الخشبية يرتشفون الشاي الحلو ويدخنون الناركيله، بينما يلعبون الدومينو او يناقشون اخر القضايا الثقافية والسياسية في البلاد.



بعد توقف رواده التقليديون عن المجيء، اقفل صاحب المقهى الحاج محمد الخشالي مقهاه –تاركا اياها للذكريات فقط.



بينما الاوضاع صعبة الان، يتذكر كيف عانى العراقيون خلال فترة الحصار الاقتصادي في التسعينات، حين كان زبائنه يضطرون لبيع ممتلكاتهم من اجل توفير لقمة العيش.



وقال"بات لكل واحد ذكرياته المريرة التي يتداولونها على هذا الشارع. احيانا يهمسون، واحيانا اخرى يصرخون بغضب."



يحب الخشالي الحديث عن الذكريات الغنية لمقهاه، خاصة في القرن الماضي حين كان زبائنه من اعضاء مجلس النواب، شيوخ العشائر، والمشاهير من الموسيقيين الذين تصدروا في المقدمة.



اولئك الذين ارتادوا على المتنبي يوما، يستذكرون ذكرياته وياسفون على زواله.



اعتاد ماجد محمد سليم،50، معلم، على المجيء الى المقهى صبيحة كل يوم جمعة و قضاء الساعات فيه. هو الان يقبع في البيت، ويحس انه قد جرد من " الذقاشات البغدادية القديمة التي تذكرنا بالماضي."



يريد رضا الشمري ،35، صحفي، و هو احد رواد الجمعة ، من السلطات ادراك مساهمة هذا الشارع في التعليم. واضاف" كانت المكتبات في شارع المتنبي هي السبيل الوحيد لنا لتلقي المعرفة".



الا ان الذين يعتاشون من شارع المتنبي هم اكثر الناس حزنا على قدره الحزين. لا يدري نعيم الشطري،67، الاكثر شهرة بين أصحاب مزادات الكتب، مالذي يخبأه له المستقبل. واضاف "المزادات هي مهنتي الوحيدة- لكن الشارع الذي مارست فيه عملي قد هجر الان، وتحول الى مكان يمارس الاطفال فيه لعبة كرة القدم."



ياسين الربيعي مراسل معهد صحافة الحرب والسلام في بغداد
Frontline Updates
Support local journalists