وماذا الآن أمام حكام العراق الجدد؟

ان مصير الحكومة التي تسلمت السلطة مؤخراً يعتمد على يد قوية تسيطر على الأمن, و يد لينة مع الفئات السياسية المتنوعة

وماذا الآن أمام حكام العراق الجدد؟

ان مصير الحكومة التي تسلمت السلطة مؤخراً يعتمد على يد قوية تسيطر على الأمن, و يد لينة مع الفئات السياسية المتنوعة

Tuesday, 22 February, 2005

في الساعة (10,26) من صباح يوم 28 حزيران, سلم بول بريمر, حاكم التحالف في العراق لأكثر من سنة, مجموعة من الوثائق الى مدحت محمود رئيس القضاة. وبهذا نقل السلطة رسمياً الى حكومة عراقية.

وجاء هذا الاجراء قبل يومين من الوقت المحدد, بقصد تفويت الفرصة على المجموعات المناهضة للتحالف والتي ذكر انها كانت تخطط لتنفيذ سلسلة من عمليات السيارات المفخخة وغيرها من الأعمال لعرقلة عملية النقل.

ومع انتشار الخبر, عبر العراقيون عن تأييدهم, إلا ان القليل منهم عبر عن فرحه, ولم يكن هناك اطلاق نار احتفالي, ولا احتفالات في الشوارع, وربما يعود السبب في هذا جزئياً الى طبيعة المناسبة. ولكن العراقيين أنفسهم يرتابون أيضاً في النقل نفسه. وكان العديد منهم قد دعوا منذ زمن طويل لأن يسمح لهم بتصريف أمورهم بأنفسهم, وقد أصابتهم الخيبة بسبب فشل التحالف في حل مشاكل البلاد, وكذلك في ما لمسوه من عناد في رفض الاعتراف بالأخطاء التي ارتكبت.

ومع ذلك, لابد من القول ان الكثير من جعجعة عملية نقل السيادة قد تسرب في الشهر الماضي من خلال تعيين رئيس ورئيس وزراء, وكانت تلك أخبار جيدة للعراقيين الذين تعبوا من الملكية.

وعلى الرغم من ان رئيس الوزراء أياد علاوي لا يتمتع بتأييد شعبي كبير, فانه نجح في كسب فترة شهر عسل بسبب تعهده باتخاذ "الاجراءات الضرورية" لتحسين الوضع الأمني.

وقد يكون الأكثر شعبية هو الرئيس الزعيم العشائري السني الشيخ غازي عجيل الياور, فهو لم يكسب الثقة بسبب انتقاده العلني للتحالف فقط, بل لسلوكه وزيه العشائريين, الأمر الذي لفت انتباه العديد كعلامة بانه رجل سيكون قادراً على معرفة كيفية التعامل مع المجتمع التقليدي, وكيف سيمارس سلطته بالطريقة التي يحترمها الناس.

ومع ذلك, فان ثمة الكثير من العراقيين الآخرين الذين ليست لديهم ثقة بزعمائهم الجدد.

وأعلن ناطق باسم هيئة علماء المسلمين, وهي مجموعة متنفذة من علماء الدين السنة, ان السيادة دون انسحاب القوات الأجنبية, تبقى مسألة "شكلية" لن "تخدع شعب العراق والعالم."

وعلى الرغم من ان هؤلاء السياسيين ليسوا هم بالضرورة خيار واشنطن, إلا انهم في النهاية نالوا موافقة التحالف. وأكثر من ذلك, فان السيادة التي منحت لحكومتهم ليست كاملة. القوات الأجنبية ستبقى في البلاد تحت قيادة أمريكية, كما انها, الى جانب العديد من المدنيين الأجانب, ستكون متمتعة بحصانة من المحاكم العراقية, وذلك بفضل المرسوم الأخير الذي أصدره بريمر.

في غضون ذلك, فان العديد من العراقيين على الجانب الآخر من الطيف السياسي, يؤمنون ان الأمريكان, مهما كانت أخطاؤهم, فهم معبئون بشكل أفضل للحفاظ على الأمن من أية حكومة وطنية مختلطة, وخائفة من السقوط في الفوضى.

ان حكومة علاوي الآن في سباق مع الزمن, ومن أجل التعامل مع الوضع الأمني, فان على حكام العراق الجدد ان يكونوا قادرين على مد سلطتهم الى المناطق المتمردة, وان يقودوا القوات العراقية والشرطة التي ما تزال حتى الآن مترددة في مقاتلة المخربين.

واذا لم يستطع الزعماء الجدد تحسين الوضع الأمني, فانهم سيواجهون صعوبة كبيرة جداً في عقد الانتخابات في موعدها المقرر في كانون الثاني/ 2005, وما دام مفجرو القنابل قد ضربوا مراكز الشرطة وأهدافاً مدنية أخرى في الأسابيع الأخيرة, فان بامكانهم كذلك ان يضربوا بسهولة طوابير الناخبين. واذا ما تم تأجيل الانتخابات الى اشعار آخر, فان هذا يعني, مع الأخذ بنظر الاعتبار الأهمية التي يوليها معظم العراقيين للانتخابات بما في ذلك آية الله العظمى علي السيستاني الذي ارتبط بها, ان الحكومة ستواجه أزمة مستمرة قد تجعلها غير قادرة في النهاية حتى على ممارسة سلطاتها.

ويعتقد ان المنفذين الرئيسين للانفجارات هم المتطرفون الاسلاميون ـ بما في ذلك منظمة المتطرف الأردني أبو مصعب الزرقاوي "التوحيد والجهاد", وبقايا أنصار الاسلام التي كان مقرها في السابق في كوردستان, الى جانب بعض البعثيين السابقين.

ويعتقد معظم المراقبين ان الهجمات تهدف الى اثارة الرعب وعرقلة قدرة الحكومة المؤقتة على ممارسة سلطاتها. وجاء في رسالة يعتقد ان الزرقاوي كتبها ان الاسلاميين المتطرفين يهدفون الى عرقلة تشكيل حكومة فعالة, والى اشغال الأمريكان في معركة الجهاد المستمرة الى ما لا نهاية.

وقد تتناقض هذه الأهداف مع أهداف المتمردين العراقيين الرئيسيين في مناطق السنة العرب, الذين يقولون ان هدفهم هو طرد الأجانب الى الخارج. إلا ان أهداف جميع تلك المجموعات قد تلتقي مع بعضها على المدى القصير, ومن أجل تجنب الملاحقة والاعتقال فان المتطرفين يعتمدون في الغالب وبشكل أكيد على المرونة فيما بينهم اذا لم يكن التعاون المباشر ضمن تيار المتمردين العام.

قد يكون علاوي قد وعد باتخاذ "اجراءات ضرورية", مثل اعلان حالة الطوارئ لاستعادة الأمن, ولكن على أساس ان جيش البلاد والقوات شبه العسكرية ما تزال تعمل حقاً بتقدم, فانه قد يجد صعوبة في التصدي بقوة للتمرد أكثر مما فعلت قوات التحالف.

وقد يكون العراقيون قادرون بشكل أفضل على استخدام المخابرات, فان أحزاباً مثل الأحزاب الكوردية غالباً ما تشكوا انها تضع في العادة ما لديها من معلومات تحت تصرف التحالف لتجد ان الأمريكان يفشلون في التصرف بالتقارير, وينكرون عليهم في الوقت نفسه الوصول الى مصادر المعلومات ـ مثل نتائج التحقيقات مع المعتقلين التي تكون ضرورية ليبنوا على نجاحاتهم في هذه القضايا.

ويقول العراقيون أيضاً انهم سيتجنبون تلك الأخطاء (التي ارتكبها التحالف) مثل المداهمات الاقتحامية المكثفة التي أثارت الكثير جداً من الغضب ضده. وعمليات الاقتحام في المناطق السكنية التي لابد ان تنتج عنها خسائر مدنية, كما انها قد تبدو أقل عدوانية اذا ما نفذتها قوات محلية.

ومع ذلك, فان على الحكومة العراقية على المدى القصير ان تعتمد على القوات الأجنبية في البلاد والبالغ عددها (160) ألف جندي. وحتى لو حاولت تلك القوات ان تقلص من ظهورها ونشاطها, فان المتمردين قد يحاولون الحفاظ على مستوى ثابت من الهجمات لتجبر تلك القوات على العودة الى الاجراءات الوقائية الفعالة التي لا مناص من ان تثير ردود فعل المدنيين.

وأكثر من ذلك, فان على الحكومة الجديدة ان يكون بمقدورها أمر القوات العراقية للدخول في القتال. وقد أدلى وزير الداخلية السابق نوري البدران بملاحظة ساخرة قال فيها انه فرض سلطته على موجات راديو طولها (4) كلم فقط, لأن ذلك كان أقصى مدى لمذياعه. ويرفض العديد من رجال الشرطة تطبيق القوانين في مناطق عملهم, إما بسبب الخوف من انتقام أقارب المشبوهين او رفاقهم, او لأنهم مأجورون.

لقد ورثت الحكومة الجديدة دولة ممزقة الأوصال بسبب (12) سنة من الحصار التي انتهت بالحرب. ومنذ بداية التسعينات, التفت العراقيون بشكل متزايد الى عشائرهم ومساجدهم لتوفير الممساعدة والحماية, بدلاً من حكومتهم.

وأكثر القضايا تطرفاً في الادارة المحلية هي حالة الفلوجة, المدينة التي تقع على بعد أقل من ساعة بالسيارة من بغداد. والسبب في ذلك يعود الى المشبوه الزرقاوي وبقية المتطرفين, وبذلك باتت المشكلة الأكثر ضغطاً على الحكومة.

ثمة تحالف قتالي بين الاسلاميين ورجال الحرس الجمهوري السابقين للدفاع عن "مدينتهم الحرة", كما انهم يفرضون على السكان رؤيتهم المتشددة للشريعة الاسلامية, بل ان المتمردين استوعبوا حتى وحدات الأمن العراقية ذاتها التي شكلت وجندت من المنطقة ضدهم.

ويتنزه ضباط الحرس الجمهوري بأزيائهم العسكرية القديمة, ويتلقون التحيات من جنود قوة حماية الفلوجة بملابسهم وعددهم المجهزة أمريكياً, فيما شوهد رجال الشرطة يوجهون اطلاق القذائف الصاروخية على دوريات مشاة البحرية الأمريكية.

لقد كان الجيش الأمريكي غير راغب في دفع الثمن السياسي لإخضاع الفلوجة, وسبب ذلك يعود جزئياً الى ارتباطات العراقيين العشائرية بالمدينة, او, في حلات أخرى, الى الغضب الذي تثيره صور الأجانب وهم يوقعون الدمار بمدينة عراقية, وقد شن العراقيون هجمات تضامنية على أعلى وأسفل الطرق السريعة التي تشكل الخطوط الرئيس لتموين التحالف.

قد يكون بمقدور الحكومة الجديدة اخضاع الفلوجة بالقوة, اذا ما تصرفت القوات العراقية في الشوارع بطريقة أقل عدوانية من الأجانب. وعلى الأرجح, فان عليها ان تقنع حكام الفلوجة والشخصيات المتنفذة في المدن الأخرى الواقعة في المثلث السني ان ايواء الانتحاريين الذين يضربون في أنحاء البلاد ليس في مصلحتهم.

ان وضع أية حكومة عراقية قد يكون أفضل من الأجانب في عقد اتفاق مع هيئة علماء المسلمين التي يدعي العديد من المتمردين الارتباط بها والتي قد تعارض وجود القوات الأجنبية, إلا انها دانت, في الوقت نفسه, العديد من أساليب الزرقاوي.

وتشكل الأحياء الفقيرة لمدينة الصدر شمال شرقي بغداد منطقة أخرى تقع خارج سلطة الدولة المركزية. هنا, فان جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي المتطرف مقتدى الصدر, ابن عالم الدين الكبير الذي سميت المدينة باسمه, ينظم دوريات في الشوارع حتى وقت قريب جداً, وهدد باعدام فوري لكل (جاسوس) للتحالف.

ان الصدر, مثل العديد من قادة ما بعد الحرب, ارتفع الى القوة من خلال تقديم الخدمات لأبناء طائفته أثناء الفوضى التي سادت بعد الغزو الأمريكي مباشرة.

وقد نظم رجال الدين من أتباع والده مجموعات أمنية مسلحة لوقف النهب, وقاموا بتوزيع المياه والنفط والطعام على السكان المحليين. وثبت الصدر نفسه كرمز وطني بقيادة انتفاضة نيسان/ 2004.

ويعتقد ان الزعيم الشاب المتطرف يطرح نفسه كرجل سياسي, معلقاً اطلاق النار من جانب واحد مع التحالف, كما أمر أتباعه بالتعاون مع رجال الشرطة. ويرى البعض انه يستكشف الآن امكانية عقد تحالف مع الكورد والشيعة العلمانيين وزعماء السنة لتشكيل كتلة انتخابية.

هذا النموذج من القادة الذين يستندون الى آليات سياسية في الأحياء والمناطق السكنية, مصمم لقيادة مجموعة عرقية او طائفية معينة, يعمل شريكاً مع الزعماء السياسيين المشابهين له من المجموعات الأخرى, ويتنافسون مع الكتل السياسية الداخلية الأخرى المتحالفة. ان هذا واحد من النماذج القيادية المحتملة للكيفية التي ستعمل بها السياسة الوطنية في السنوات المقبلة.

ان الشمال الذي يديره الحزبان الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني كدولة داحل الدولة, يقع هو الآخر خارج سلطة بغداد. وفي هذا الصدد فقد ضمن الدستور المؤقت حكمها الذاتي الجغرافي.

ونجح علاوي في عقد صفقة تدعو الى اعادة تعبئة المليشيا المسلحة والقوات الأخرى بما في ذلك مقاتلي البيشمركة التابعين للحزبين الكورديين. ومع ذلك, فان الكورد ما يزالون مترددين في التخلي عن هذا الضامن الأخير للحكم الذاتي. ومن المرجح ان الجنود سيمنحون بكل بساطة وضعية أخرى كقوات شبه عسكرية.

والكورد في الشمال غاضبون أيضاً لأن قرار مجلس الأمن الدولي (1546) عن حالة العراق المستقل, لم يتضمن أية اشارة الى منطقة الحكم الذاتي لهم. ويخشى الكثيرون ان العراقيين الآخرين ليس لديهم إلا فهماً قليلاً لتأريخهم الدموي, وتطلعاتهم نحو الاستقلال, وعدم ثقتهم في الحكم من بغداد.

ومنذ الخلافات حول الدستور المؤقت, عندما قاوم زعماء الشيعة الأحكام التي تمنح المحافظات الكوردية حق النقض عندما تصل الأمور الى مرحلة تبني الدستور الدائم, فان تلك المخاوف ظلت موجودة تحوم في الجو.

والكورد وبشكل متزايد ليست لديهم أوهام بشأن قياداتهم, فقد تمتعت منطقة الحكم الذاتي بالأمن والرخاء (في الأقل مقارنة مع بقية أنحاء البلاد) طول العقد الماضي, والمجتمع المدني في المخاض.

مع ذلك, فان التطور الديمقراطي لم يستمر بالمستوى نفسه, والمنطقة ما تزال بشكل قوي تحت سيطرة الحزبين. ويساور حالياً الكثير من الكورد القلق من ان هذا الافتقار الى الديمقراطية سيؤدي بالنتيجة الى التفريط بمصالحهم القومية. وفيما يمكن قراءته كعلامة على تفشي عدم الثقة بالقيادة الكوردية, فان احدىالحركات الجماهيرية تدعي انها جمعت (1,7) مليون توقيع على عريضة تدعو للاستفتاء على الاستقلال الكوردي.

ويضغط الكورد أيضاً لإعادة عشرات الآلاف من اللاجئين الى كركوك المتنازع عليها والمناطق الأخرى التي طهروا عرقياً منها في ظل حكم صدام. ويدعي الكورد أيضاً ان المدينة الغنية بالنفط يجب ان تكون جزءاً من منطقة كوردية فدرالية في منطقة كوردستان المستقبلية. وهذه فكرة يعارضها كثير من عرب ونركمان المدينة. ولهذا باتت الاغتيالات والصدامات مسالتان عاديتان, إلا انها لم تتصاعد الى درجة الاحتراب بين الطوائف.

ان العراق حالياً ممزق بشكل سيء, يسقط تحت السلطات الذاتية غير الرسمية للعديد من الطوائف, وفي بعض الحالات حتى ضمن الأحياء السكنية.

قد لا يكون هذا بالنتيجة شيئاً سيئاً. ان لدى الشيعة والكورد والعرب السنة في الغالب أفكار ومواقف تختلف كثيراً عن بعضها البعض حول ما يجب ان تكون عليه البلاد, ولهذا لن تحصل أية حكومة مركزية على الكثير من الشرعية.

وسيكون من الأفضل على المدى المتوسط, ان تقوم المناطق (المحافظات) ببناء روابط مع المركز على وفق حاجاتها بدلاً من ان يفرض المركز سلطته على المحافظات.

ان مثل هذه الدولة حتى لو كانت ضعيفة, سيكتنفها الفساد في المناطق التي ستخضع للمجموعات العشائرية والدينية, ولكنها قد تكون في الأقل أفضل من الطغيان البعثي.

أما على المدى الطويل, وفيما تبني الدولة نفسها وتبرز الطبقة المتوسطة المتطورة سياسياً, ستتعززأهمية الأنظمة القائمة على الرعاية العشائرية والدينية, وهذه ظاهرة يمكن رؤيتها حالياً في الشمال.

وفي التهاية, فان عراقاً فيدرالياً يمكن ان يكرس حيوية اقتصادية وسياسية أكثر من الدول المركزية مثل مصر حيث يكرس عدم الاستجابة للمشاغل المحلية الشلل في مؤسسات الدولة.

ولكي يستمر مثل هذا الترتيب, تحتاج حكومة الوطنية لكي تبرز بسرعة الى الحكم بالقواعد الديمقراطية شكلياً, مما يتيح للزعماء المحليين في المناطق التنافس فيما بينهم بطريقة سلمية للحصول على حصصهم من الكعكة الفيدرالية.

ان العديد من الأشياء قد تعرقل هذا الترتيب, وقد يلجأ علاوي وبقية القادة الى الإغراء لاستغلال الوضع الأمني المتدهور لإطالة أمد بقائهم في السلطة. ومع احتساب الضعف الحالي لحكومة العراق وحاجتها الماسة للشرعية, فان هذا الترتيب غير مرجح.

وثمة ترتيب تشاؤمي آخر سيكون بمثابة دائرة مفرغة وذلك عندما تحول الهجمات المستمرة دون عقد الانتخابات. و دون انتخابات تظل شرعية الحكومة الجديدة تتأرجح الى درجة تجعل المحافظات تتجاهلها بكل بساطة, وهذا يؤدي بنا الى رؤية العراق وهو يتجه ليكون دولة فاشلة. ويخشى العديد من العراقيين ان الدول المجاورة التي ترغب ان يبقى العراق ضعيفاً, ستفعل كل ما بوسعها لدفع هذه الترتيب الى الأمام.

مع ذلك, ثمة عدد من العناصر تعمل في صالح العراق. ان الفوضى السياسية في البلاد توجه ضغطاً عالياً لوحدة المسلمين الوطنية: وقد قامت هيئة علماء المسلمين, وآيات الله الشيعة الكبار, وحتى المتطرف مقتدى الصدر بأدوار ضمنت ان التوترات السنية الشيعية لم ينتج عنها إلا عنفاً طائفياً قليل نسبياً.

وتتفق معظم الشخصيات العامة مبدئياً على ان البلاد بحاجة الى انتهابات حرة ونزيهة. وعلى الرغم من النوبة الغريبة من الحنين الى الاسلوب البعثي في حفظ القانون والنظام, فان الحكم الشمولي قد سقط ولم يعد مقبولاً من خلال تجربة نظام صدام حسين.

اذا ما كان بمقدور علاوي وزملائه ان يثبتوا تأكيدهم ان اصبعاً عراقياً على الزناد يستطيع استعادة الأمن, فان العراق, بعد ذلك سيستطيع التقدم باتجاه حكومة, قد تكون بعيدة جداً عن الكمال, لكنها ستكون أكثر ديمقراطية وتمثيلاً للعراقيين من أي وقت مرت به البلاد في الماضي.

*ستيف نيكوس ـ محرر ومدرب في معهد صحافة الحرب والسلام ـ بغداد

Iraq
Frontline Updates
Support local journalists