تحليل اخباري:جيرة صعبة

لأسباب مختلفة تجد دول الخليج مبررات لقلقها من المخططات الضخمة لصدّام حسين و جورج بوش

تحليل اخباري:جيرة صعبة

لأسباب مختلفة تجد دول الخليج مبررات لقلقها من المخططات الضخمة لصدّام حسين و جورج بوش

Tuesday, 22 February, 2005

منذ بداية المواجهة الضخمة الأخيرة بين العراق و الولايات المتحدة، عبّرت دول الخليج عن مشاعر متناقضة اتجاه الشخصيتين الرئيسيتين—الرئيس صدّام حسين الذي اجتاح الكويت عام 1990 و هدّد المملكة العربية السعودية و دول خليج أخرى، و الولايات الأمريكية المتحدة التي رئيسها جورج بوش وضّح بأنه يطمح الى اعادة تشكيل هيكيلية العالم العربي بأسره، بطريقة أو بأخرى، بعد أن ينتهي من صدّام.


لا يوجد الكثير من أمثال صدّام في منطقة الخليج أو حكم حزبه البعثي أو اضطهاده. في المنطقة يتهمونه أيضا لوجود القواعد العسكرية الأمريكية التي ضربت جذورها في المنطقة منذ حرب الخليج 1990 كنتيجة وخيمة لاحتلاله الكويت. و لكن من جانب آخر هناك القليل من أمثال جورج بوش في المنطقة—ليس فقط لسياسته الصقرية اتجاه العراق ولكن أيضاً بسبب اليد الحرّة التي أطلقها لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون للاستمرار في حملته العسكرية الحقودة اتجاه الشعب الفلسطيني خلال العاميين الماضيين. من وجهة نظر الخليج شارون و أتباعه من أحزاب اليمين المتطرف لم يكونوا ليحققوا انتصاراً في الانتخابات الاسرائيلية الأخيرة لولا دعم بوش لهم لسياسة البطش بالفلسطينين.


الكويت، و بدرجة أقل السعودية، تعترفان علناً بأن التحالف الدولي الذي اسسه جورج الأب هو الذي أنقذهم من أن يتم ابتلاعهم على يد طموحات صدّام عام 1990. و بالرغم من ذلك فانهم يفضلون الخيار السلمي الذي سينجيهم من الشرّين. من جانب واحد العيش جانباً الى صدّام و من الجانب الآخر مواجهة احتلال أجنبي لدولة عربية.


الأسبوع الماضي, في مبادرة قدّمت الى القمة العربية التي عقدت في المنطقة السياحية المصرية شرم الشيخ، اتخذت الامارات العربية المتحدّة خطوة لم يسبق لها مثيل في العالم العربي لمحاولة تجنب الحرب و أصداء عواقبها في كل منطقة الخليج.


المبادرة الاماراتية طرحت بأن يقوم صدّام حسين و عائلته و معاونييه المقربين و رؤساء الجيش بمغادرة بغداد و وضع العراق تحت حماية دوليّة من قبل الامم المتحدة و الجامعة العربية.


المبادرة وحدّت دول الخليج في عرضهم لمواقفهم المتضادة اتجاه صدّام و لكن لم تناقش بشكل رسمي بسبب التخوفات من قبل بعض الدول العربية التي تتمثل بكون المسألة تدّخل في الشئون الداخلية للعراق الذي من شأنه اعطاء الآخرين ذريعة للتدخل في شئونهم. في نهاية الاجتماع اقتصرت القمة على دعوة العرب "الى عدم المشاركة في أي هجمة عسكرية على العراق".


ولكن دول الخليج لم يرتدعوا. وزير الاعلام الاماراتي الشيخ عبد الله بن زايد قال للمراسلين بعد القمة بأن المبادرة تبقى "الخيار الأخير للعرب ان أرادوا حقاً أن ينقذوا العراق و الوطن العربي من حرب مدمرة". وزراء الخارجية لمجلس التعاون الخليج الذين التقوا في قطر شملوا المبادرة على جدول أعمالهم، الكويت، المملكة العربية السعودية و البحرين صادقت عليها علناً.


باستثناء المملكة العربية السعودية التي تأخذ بعين الاعتبار الرأي العام لديها و الذي يدعم اراء اسامة بن لادن المتطرفة اتجاه الولايات الامريكية المتحدة, المجلس الخليجي كمجموعة يرى بتعاطف التحضيرات الأمريكية للحرب. ليس أملاً بالحرب و لكن كوسيلة ضغط مستمرّة على صدّام للتنازل عن القوة، الأخذ بعين الاعتبار رفض صدام التنازل عن القوة طوعا. هذه المحاور ضد الحرب و ضد صدام مع ترتيباتها الامنية ما بعد 1991، مع الولايات الأمريكية المتحدة، بريطانيا و فرنسا قد تضطر في النهاية الى المشاركة بشكل محدد في حرب بقيادة أمريكا على العراق بالاستمرار بمدّها بمعونات للعسكرية الحربية.


لدول الخليج كما هو لكل الدول العربية هناك نتيجة سعيدة وحيدة لهذه الأزمة، أن يتعاون صدام بشكل كامل مع مفتشي الأسلحة و أن يتخلى الرئيس بوش عما يراه العرب كطموح استراتيجي للسيطرة على كامل النفط ما بين البحر الأسود و الخليج العربي.


في أبعد الاحتمالات، ان ذلك يلائم المهمة التي وضعتها بعض الدول الاوروبية مثل فرنسا، بلجيكا و المانيا من أجل منع الحرب ضد العراق عن طريق اقناع الادارة الأمريكية بالحاجة الى اصدار قرار ثان لمجلس الأمن و لكن ذلك بعد اعطاء مفتشي الأسلحة وقت أطول لإنهاء المهمة.


للخليج العربي كما هو للقارة الاوروبية المشكلة المباشرة هي ليست فقط تكبّر صدّام و لكن أيضاً تكبّر رئيس الدولة العظمى الوحيدة الرئيس بوش. اليوم بينما يدّمر صدام حسين الصواريخ، الاستراتيجية الامبريالية للادارة الأمريكية وضحت بصوت الصقور في واشنطن، تحسب أكثر من مجرد أنظمة نصّابة كتلك للعراق.


محمد مشموشي محلل سياسي يعيش حالياً في بيروت، رئيس تحرير جريدة السفير اللبنانية، و كاتب في جريدة البيان الخليجية.


Iraq
Frontline Updates
Support local journalists